تستعد الحكومة الإسرائيلية لطرح مشروع بناء في مستوطنة كيدار ‘ب’ جنوب شرق القدس والواقعة ضمن تجمع مستوطنات معاليه ادوميم. ويذكر أنه سيتم طرح الإعلان خلال الفترة القادمة خلال الأسبوع الأول من شهر آب او قبل ذلك حيث سيتضمن مشروع البناء أكثر من 6000 وحدة سكنية في المستوطنة المذكورة والتي يسعى مجلس المستوطنات الإسرائيلية إلى ربطها بالموقع الأساسي لمستوطنة كيدار وذلك بهدف استكمال الحزام الاستيطاني لتجمع معاليه ادوميم تمهيداً لضم ذلك التجمع بالكامل لحدود المدينة عقب استكمال عملية بناء الجدار الفاصل. انظر الخارطة.
لم يكن سعي إسرائيل لتكثيف البناء الاستيطاني داخل حدود مدينة القدس وحولها إلا ضمن مخطط أكبر يهدف إلى تحويلها إلى ميتروبولتين أو ما يطلق الإسرائيليون عليها ‘ القدس الكبرى’ فبعد أن قامت إسرائيل بإعادة تعريف حدود مدينة القدس الشرقية عقب احتلالها في العام 1967 وبشكل أحادي الجانب ومخالف للقوانين الدولية عمدت إسرائيل وإدارة بلدية القدس المحتلة إلى إطلاق عدة مشاريع استيطانية في قلب المدينة وفي محيطها حيث تغلغل الاستيطاني في داخل المدينة بداية ضمن مشاريع أحياء الوجود اليهودي هناك بدأت مباشرة عقب احتلال المدينة في العام 1967 بتدمير أكثر من 700 منزل فلسطيني في البلدة القديمة وإعادة بناءه بما يطلق عليه الإسرائيليون اليوم بالحي اليهودي هناك ويوجد اليوم ضمن حدود بلدية القدس الإسرائيلية في الجانب الشرقي منها في القدس المحتلة 16 تجمع استيطاني أما خارج نطاق بلدية القدس الإسرائيلية تبلغ عدد المستوطنات حول المدينة 18 وتضم عدة تجمعات استيطانية أكثر وأبرزها هو تجمع معاليه ادوميم والذي يقع شرقي مدينة القدس ويضم 8 مستوطنات والذي يعتبر نقطة تحول رئيسية في مسار المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية إذا ما أصرت إسرائيل على مضي قدما في بناء الجدار وضم ذلك التجمع إلى حدود مدينة القدس الجديدة والتي تضم بالإضافة إليها تجمع غوش عتصيون جنوب غرب القدس وجفعات زئيف شمال القدس، فان ذلك سيؤدي ذلك إلى قطع التواصل الجغرافي بين شمال الضفة الغربية وجنوبها ويعزل القدس الشرقية تماما عن باقي محافظات الضفة الغربية الأمر الذي يؤدي بدوره تقويض فرصة إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة متواصلة وعاصمتها القدس الشريف.
القدس ما بعد أنابوليس
وفي أعقاب مؤتمر أنابوليس الذي عقد في شهر تشرين الثاني من العام 2007 والذي التزمت فيه إسرائيل بعدم توسيع البناء الاستيطاني في الضفة الغربية قامت الأخير بإطلاق العديد من مخططات بناء وعطاءات لعشرات الآلاف من الوحدات السكنية في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية بلغ عددها في مجملها 25,483 وحدة سكنية وكانت منها 24,704 وحدة سكنية (97%) في محيط ما يطلق عليه الإسرائيليون ‘القدس الكبرى’.
إن ما تقوم به إسرائيل على الأرض هو استمرار لسياستها القديمة الجديدة إلا وهي فرض الأمر الواقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة بهدف الإخلال والتلاعب بمستقبل المفاوضات حيث تسعى إسرائيل إلى تغيير مفهوم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من صراع على الحقوق إلى تلبية احتياجات آنية لاستمرار الحياة فقط بدون التعاطي مع مفهوم الدولة الفلسطينية والقدس عاصمتها ومن هذا المنطلق أقامت إسرائيل معابر رئيسية حول مدينة القدس هي أشبه ما تكون بمعابر حدودية بين نطاقين جغرافيين مختلفين وتهدف من خلال تلك المعابر إلى التحكم بكل ما يسعى للدخول أو الخروج من وإلى القدس أو إسرائيل من الضفة الغربية سواء أشخاص أو بضائع وغير ذلك.
الرسالة الإسرائيلية
إن ما يحدث في مدينة القدس وفي محيطها من بناء استيطاني مكثف ومخطط جدار الفصل العنصري يضع الضوء على نية إسرائيل الحقيقة فيما يتعلق بمدينة القدس لإعادة صياغة جغرافية ديمغرافية المدينة بما يتناسب ومخطط الفصل العنصري وما قامت به إسرائيل عقب مؤتمر أنابوليس ما هو إلا رسالة إسرائيلية موجه في ثلاثة اتجاهات أولها للفلسطينيين بان القدس لن تكون ضمن أية صفقة تفاوضيه ما لم يتم الاعتراف بالوجود الاستيطاني الإسرائيلي فيها وثانيها إلى الشعب الإسرائيلي للتأكيد بأن ما يتم من مباحثات مع الفلسطينيين لن يؤثر على وجود والمخططات الإسرائيلية في مدينة القدس ثالثها إلى المجتمع الدولي بالإشارة إلى أن مدينة القدس لن تكون ضمن المفاوضات إلا بشروط الإسرائيليين وإن أي حديث او اتفاق على تجميد الاستيطان لن يشمل مدينة القدس أو محيطها إلا وهو مخطط ‘القدس الكبرى’.
القدس بين عروبتها و مخططات التهويد الإسرائيلية
إن ما قامت به إسرائيل و مازالت عبر سنوات احتلالها لمدينة القدس ينطوي تحت خطة التهويد الإسرائيلية للمدينة المقدسة حيث تبنت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة خطة تطويق مدينة القدس بالمستوطنات الإسرائيلية من كافة جوانبها و ذلك بهدف عزل المدينة المقدسة عن باقي الأراضي المحتلة و في نفس الوقت منع توسع الامتداد العمراني للأحياء الفلسطينية في المدينة فقامت بإعادة تعريف حدود المدينة المحتلة بما يعرف ببلدية القدس الإسرائيلية عقب سيطرتها على الجزء الشرقي في العام 1967 و إعلان توحيدها مع الجزء الغربي فغيرت تصنيفات و تقسيمات الأراضي داخل القدس الشرقية , حيث تم الإعلان عن 34% من مساحة القدس الشرقية مصادرة لأغراض عامة و 44 % مساحات خضراء و 9% تم تخصيصها لتوسيع البناء الاستيطاني في حين تم الإبقاء على 13% و هي الأحياء الفلسطينية على حالها بل و عكفت إسرائيل على ملاحقة ما تبقى من الأحياء الفلسطينية فهدمت البناء و فرضت الضرائب و حجبت الخدمات بهدف دفع المقدسيين إلى تغير مناطق سكناهم و التي على أثرها تم إلغاء إقامة أكثر من 16000 فلسطيني في داخل القدس الشرقية.
بالإضافة إلى ذلك قامت إسرائيل خلال الأربعين عاما من احتلالها للقدس ببناء 34 مستوطنة إسرائيلية في حدود محافظة القدس يبلغ عدد سكانها قرابة أل 260 ألف مستوطن منهم 16 مستوطنة إسرائيلية يقطنها قرابة أل 200,000 مستوطن في داخل ما يعرف بحدود بلدية القدس الإسرائيلية و التي تضم مدينة القدس الشرقية المحتلة.هذا و قد سعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على العمل و التركيز على موضوع الديموغرافيا للمدينة المحتلة فسعت و بشكل دائم و مطلق على التأكيد بان لا يتجاوز عدد سكان القدس من الفلسطينيين ربع العدد الإجمالي للمدينة بشقيها فكثفت البناء الاستيطاني في القدس الشرقية في الوقت الذي قامت فيه بتضييق الخناق على الفلسطينيين و دفعهم إلى الإقامة خارج المدينة , فتبنت سياسة ازدواجية المعايير في التعامل بين سكان المدينة اليهود و الفلسطينيين.
إن ما قامت به إسرائيل من خطوات مبرمجة للاستيلاء على مدينة القدس الشرقية من خلال خلق وقائع جغرافية و ديمغرافية عبر سنوات احتلالها كان بهدف إخراج القدس الفلسطينية من معادلة العملية السلمية و تكريس الفصل الجغرافي بين شمال الضفة و جنوبها بهدف تقويض حلم الفلسطينيين بإقامة دولتهم الشرعية و عاصمتها القدس.