شهدت مدينة بيت لحم في الاشهر القليلة الماضية توسعات استيطانية واسعة النطاق على حساب الاراضي الفلسطينية المجاورة. و كانت هذه التوسعات ظاهرة جدا في محيط مستوطنة أبو غنيم الواقعة شمال المدينة و جنوب مدينة القدس. ففي متابعة ميدانية لمعهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج) في الفترة الواقعة ما بين شهر كانون أول من العام 2007 و شهر أيار من العام 2008, قامت جرافات الاحتلال الاسرائيلي بتجريف مساحات شاسعة من الناحية الجنوبية للمستوطنة. وتزامن هذا التجريف مع الاعلانات العديدة لبلدية القدس و وزارة البناء و الاسكان الاسرائيلية لبناء وحدات استيطانية جديدة في مستوطنات القدس بلغت اجمالها قرابة 17680 وحدة استيطانية جديدة كان قد أعلن عن (8100 وحدة) في مستوطنة أبو غنيم حيث يعتبر كل ذلك تأكيد على استمرارية البناء في المستوطنة بالرغم من تعهد الحكومة الاسرائيلية في مؤتمر أنابوليس المنعقد في السادس العشرين من شهر تشرين ثاني من العام 2007 بالالتزام بخارطة الطريق و التي تنص على تجميد النشاطات الاستيطانية في المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية التي من شأنها أن تعيق تقدم عملية السلام. صورة رقم 1
و كانت محافظة بيت لحم قد خسرت جزءا من أراضيها عقب حرب عام 1967 عندما احتلت اسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية و قطاع غزة, حيث اقتطع ما مساحته 18000 دونما من أراضي المحافظة لحدود بلدية القدس التي أعادت اسرائيل ترسيمها و توسيعها بشكل غير قانوني بما يتناسب و أهدافها الاستعمارية. و كانت المنطقة التي أقيمت عليها مستوطنة أبو غنيم قد صنفت في اتفاقيات أوسلو في العام 1995 بمنطقة خضراء يمنع البناء فيها و تقع تحت السيطرة الاسرائيلية. و بحسب الاتفاقيات المبرمة, كان من المفروض أن تسلم اسرائيل هذه المناطق الخضراء لتصبح تحت السيطرة الفلسطينية المطلقة الا أن اسرائيل أعادت صياغة مصطلح منطقة خضراء لتصبح ‘مناطق يمنع البناء الفلسطيني فيها’ لتكون مناطق احتياط لبناء المستوطنات الاسرائيلية كما هو الحال في مستوطنة أبو غنيم التي أقيمت في العام 1997 و مستوطنة ريخيس شعفاط شمال مدينة القدس حيث تحويلها في العام 1990 من منطقة خضراء الى منطقة بناء اسرائيلية.
و تقع مستوطنة أبو غنيم ضمن ما يعرف بـمشروع ‘القدس الكبرى’ الذي تقوم اسرائيل بتنفيذه في خطوة لفرض واقع أليم على الأرض الفلسطينية. و كان المشروع قد بدأ العمل فيه بأوائل السبعينات عندما قامت الحكومة الإسرائيلية بتدشين الخطوة الأولى لمخططها بتوسيع مساحة المستوطنات الإسرائيلية الواقعة خارج حدود بلدية القدس لخلق نوع من التواصل بين المستوطنات الإسرائيلية في مدينة القدس في الوقت نفسه قطع أوصال التجمعات الفلسطينية الواقعة في محيط مدينة القدس عن المدينة نفسها و حرمانها من حقها في العيش في المدينة. و يشمل مخطط ‘القدس الكبرى’ ثلاثة تجمعات استيطانية إسرائيلية من أصل ستة تسعى إسرائيل إلى ضمها من خلال خططها اللامتناهية في الأراضي الفلسطينية المحتلة; و هي: تجمع مستوطنات معاليه أدوميم, تجمع مستوطنات جفعات زئيف و تجمع مستوطنات غوش عتصيون حيث يشكل عدد المستوطنيين حوالي 50% من المجموع الكلي للمستوطنيين الاسرائيليين في الضفة الغربية و البالغ عددهم نصف مليون مستوطن.
الخلاصة:-
تشكل المستوطنات الاسرائيلية ركناً أساسياً من أركان تهويد الارض الفلسطينية، و تحديدا في محافظة القدس, فالحكومة لا تعمل فقط على زيادة عدد المستوطنيين الاسرائيليين في الضفة الغربية بل تعمل أيضاً على تقويض النمو السكاني الفلسطيني و ذلك بالسيطرة على المزيد من الاراضي الفلسطينية و تحديدا في القدس الشرقية. فجائت مصادرة الأراضي الفلسطينية لصالح المستوطنات الاسرائيلية لتقلص من مجال التوسع العمراني في المناطق الفلسطينية، وشق الطرق الألتفافية بحجة ربط هذه المستوطنات بعضها ببعض بالرغم من تسببها بقطع أوصال المدن و القرى الفلسطينية وتحويلها إلى معازل غير متصلة، هذا بالاضافة الى مضايقات المستوطنيين الاسرائيليين واعتداءاتهم المستمرة التي جعلت من العيش كابوساً للسكان الفلسطينيين.
و بفضل سياستها القمعية في الاراضي الفلسطينية المحتلة, استطاعت اسرائيل خلال سنوات الاحتلال الاربعين بناء 199 مستوطنة اسرائيلية. وتحتل هذه المستوطنات مساحة عمرانية تبلغ 189 كم مربع أي ما نسبته 3.5%, غير أن هذه المساحات لا تشكل الحجم الحقيقية لهذه المستوطنات حيث شرعت الادارة المدنية الاسرائيلية في العام 1991على رسم مخططات هيكيلية للمستوطنات الاسرائيلية و التي على أثرها أضحت المساحة التي تحتلها المستوطنات من بناء عمراني و مخططات هيكلية 487 كم مربع أي ما نسبته 8.5% من مساحة الضفة الغربية المحتلة.
ولما كان تهويد مدينة القدس من أولويات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بغض النظر عن انتماءاتها السياسية، فإن الموارد المالية و الجهود التي بُذلت لبناء هذه المستوطنات في مدينة القدس, و داخل حدود البلدية وضواحي المدينة كانت استثنائية حيث يبلغ عدد المستوطنات الاسرائيلية في محافظة القدس 36 يقطنها ما يقارب 240000 مستوطن اسرائيلي و تحتل مساحة 39687 دونم, منها 14 مستوطنة اسرائيلية داخل حدود بلدية يقطنها ما يقارب 140000 مستوطن اسرائيلي, فيما تسعى اسرائيل لبناء أحياء استيطانية جديدة داخل و حول المدينة:
حي عطاروت, شمال مدينة القدس و الذي من المتوقع أن يضم 11000 وحدة استيطانية جديدة و أكثر من 40000 مستوطن اسرائيلي.
امتداد مستوطنة معاليه أدوميم (E1) و الذي من المتوقع أن يضم 3500 وحدة استيطانية جديدة و 15000 مستوطن اسرائيلي.
أحياء جديدة في محيط مستوطنة أبو غنيم, من جهاتها الجنوبية الشرقية و الشمالية الغربية لثضم 30000 مستوطن اسرائيلي
مستوطنة جفعات يائيل و الذي من المتوقع أن تضم 20000 وحدة استيطانية جديدة و 55000 مستوطن اسرائيلي.
حي معاليه دافيد في راس العمود و الذي سوف يضم 110 وحدة استيطانية جديدة و 500 مستوطن اسرائيلي.
حي كرم المفتي في الشيخ جراح في القدس و الذي سوف يضم 90 وحدة استيطانية جديدة و روضة أطفال و كنيس يهودي
مقالات ذات صلة
ما بعد مؤتمر أنابوليس … عطاءات اسرائيلية جديدة لاضافة وحدات سكنية جديدة في مستوطنة أبو غنيم
اسرائيل توسع البناء الاستيطاني في محيط مستوطنة أبو غنيم