المستوطنات والصراع الفلسطيني الإسرائيلي:
لا تزال قضية الاستيطان من ابرز قضايا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. حيث أن إسرائيل ومنذ قيامها باحتلال الأراضي الفلسطينية عام 1967, دأبت على إنشاء وبناء الكثير من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية و قطاع غزة في سياسة رامية إلى تعزيز وجودها في الأراضي الفلسطينية والقضاء على أي إمكانية لقيام دولة الفلسطينية مستقلة.
و بالرغم من قرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن الدولي قرار446 الصادر في 22 آذار من العام 1979 والرافض لسياسة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية باعتبار أن ‘ بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة عملا غير قانوني وخرقا فاضحا للأعراف والمواثيق الدولية‘ , إلا أن إسرائيل ومنذ احتلالها العسكري للضفة الغربية وقطاع غزة في عام 1967 شرعت في بناء المستوطنات الإسرائيلية ضمن نهج سياسي واضح من اجل السيطرة على الأرض الفلسطينية ومصادرها الطبيعية.
واقع المستوطنات قبيل الانسحاب:
وتبلغ المساحة الكلية لقطاع غزة 363 كيلومترا مربعا, تسيطر إسرائيل على 116.7 كيلومترا مربّع، أي ما نسبته 32.15% من مساحة قطاع غزة الكلية، وتشمل مناطق السيطرة الإسرائيلية عدة مساحات متداخلة بما فيها مساحة منطقة المستوطنات والتي تشمل مساحة المستوطنات (المنطقة العمرانية), المناطق التي تحيط بالمستوطنات و المناطق الصفراء.
ويبلغ عدد المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة 21 مستوطنة يقطنها ما يقارب 8700 مستوطن إسرائيلي ( مركز الإحصاء الإسرائيلي 2004) . وتحتل المستوطنات الاسرائيلية ما مساحته 28.40 كيلومترا مربعا أي ما يقارب 7.8% من مساحة قطاع غزة الكلية و ذلك كما يتبين من صور الأقمار الصناعية لدى معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج). وتتواجد معظم المستوطنات الإسرائيلية في الجزء الجنوبي الغربي و الجزء الشمالي لقطاع غزة والمجاور لساحل البحر الأبيض المتوسط. (انظر خريطة المستوطنات في قطاع غزة).
و تحتل المناطق المسماة بالمناطق الصفراء ما مساحته 15.8 كيلومترا مربعا أي ما نسبته 4.4 % من مساحة قطاع غزة الكلية, بينما تحتل المناطق الأمنية ما مساحته 58.04 كيلومترا مربعا, ما نسبته 16% من مساحة قطاع غزة الكلية. و تحتل المواقع و القواعد العسكرية الاسرائيلية ما مساحته 4.558 كيلومترا مربعا اي ما نسبته 1.3 % من مساحة قطاع غزة الكلية هذا بالإضافة الى الطرق التي تقع تحت السيطرة الإسرائيلية و تحتل ما مساحته 2.84 كيلومتر مربعا, 0.78% من مساحة قطاع غزة الكلية. انظر جول 1
جدول 1: المناطق التي تسيطر عليها اسرائيل من قطاع غزة – 2005 (كيلومترا مربعا) | |
15.81 | المناطق الصفراء |
53.70 | مساحة المستوطنات الكلية |
28.40 | المساحة العمرانية للمستوطنات |
58.04 | المنطقة الامنية (الحزام الامني) |
2.418 | منطقة المعدات العسكرية |
2.14 | القواعد العسكرية |
2.84 | الطرق العسكرية الاسرائيلية |
المصدر: وحدة النظم الجغرافية – أريج 2005
مستوطنات شمال قطاع غزة بؤر للتخريب والتدمير:
لا تزال قوات الاحتلال الاسرائيلي و منذ اندلاع الانتفاضة الثانية في أيلول عام 2000 تصعد من عدوانها على السكان المدنيين وممتلكاتهم في شمال قطاع غزة، حيث واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي بأعمال التدمير وتخريب الممتلكات الخاصة مسخّرة لذلك كل إمكانياتها من وسائل عسكرية. كما استهدفت الأراضي الزراعية والمزروعات بالتجريف والتخريب، وشبكات مياه الشرب والصرف الصحي وشبكة توصيل التيار الكهربائي، ما أدى إلى مضاعفة معاناة المواطنين الفلسطينيين.
و تعتبر مستوطنات شمال قطاع غزة المنطلق الرئيسي للأعمال العسكرية الاسرائيلية حيث قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باجتياح واقتحام أجزاء متفرقة من محافظة شمال غزة و بشكل متكرر منطلقة من مستوطنات شمال غزة و إلحاق الأضرار بالعديد من ممتلكات الفلسطينيين و تجريف المئات من الأراضي الزراعية القريبة من المستوطنات. ( انظر خريطة مستوطنات شمال غزة).
جدول 2: مستوطنات شمال غزة
نوع المستوطنة | التعداد السكاني | المساحة (دونم) | تاريخ الانشاء | المحافظة |
|
سكني | 79 | 346.5 | 1982 | جباليا | دوجيت |
سكني و زراعي | 407 | 557.9 | 1983 | جباليا | ايلي سيناي |
صناعي | 0 | 586.3 | 1968 | جباليا | ايريز |
سكني و زراعي | 1064 | 1010.6 | 1982 | جباليا | نيسانيت |
| 1550 | 2501.3 |
|
| المجموع |
المصدر: معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج) 2005
الآثار المدمرة لمستوطنات شمال غزة طالت جميع نواحي الحياة الفلسطينية!!
لقد تركت المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة آثاراً مدمرة طالت جميع نواحي الحياة الفلسطينية سياسياً واقتصادياً ودينياً على شمال قطاع غزة وتتمثل في التالي:
– مصادرة الأراضي الزراعية: فمنذ بدء عملية السلام لم تتوقف سياسة الاستيطان في قطاع غزة بل تسارعت وتيرته من خلال موافقة الحكومة الإسرائيلية على إقامة عشرات المستوطنات الإسرائيلية الجديدة و البؤر الاستيطانية وتوسيع القائم من المستوطنات بهدف فرض وقائع جديدة على الأرض. و طبقا لإحصائيات معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج) فقد بلغت مساحة الأراضي الفلسطينية المصادرة في العامين الماضين (أي في الفترة الواقعة ما بين كانون ثاني 2004 و أيلول 2005) 3429 دونما موزعة ما بين تجريف و تخريب لصالح بناء و توسيع المستوطنات الإسرائيلية.
استنزاف الموارد المائية: حيث تشكل المياه ثاني الموارد الطبيعية بعد الأرض والتي عملت (إسرائيل) على السيطرة عليها والتحكم فيها خلال سنوات احتلالها للقطاع. و إمعانا من الحكومة الإسرائيلية في الاستيلاء على المياه في قطاع غزة، أقامت المستوطنات الإسرائيلية في الجزء الأفضل مائياً من الناحيتين الكمية والنوعية في شمال قطاع غزة. و في تقرير لمركز المعلومات الوطني الفلسطيني أشار الى أن المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي قطاع غزة ( لا تقتصر على محافظات الشمال) تلعب دوراً رئيسياً في استنزاف الخزان الجوفي في قطاع غزة حيث تسحب هذه المستوطنات سنوياً ما يتراوح بين 4-10 مليون مترا ًمكعباً (5 مليون متر مكعب في المتوسط) من هذا الخزان.
– تقييد التنمية العمرانية وحصرها: فقد عملت (إسرائيل) طوال فترة احتلالها للأراضي الفلسطينية على تقليص الرقعة الجغرافية التي يملكها ويقيم عليها الفلسطينيون، في حين سعت جاهدة لتوسيع الرقعة الجغرافية المخصصة للمستوطنات الاسرائيلية حيث وسعت بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 المساحات التي استولت عليها في محافظة شمال قطاع غزة والتي تقدر بآلاف الدونمات وتحتوي على الجزء الأكبر من المخزون الجوفي للمياه الفلسطينية.
– الأضرار بالبيئة الفلسطينية: لقد تركت المستوطنات الإسرائيلية أثاراً مدمرة على البيئة الفلسطينية تمثلت في التدمير البيئي لمظاهر الحياة الفلسطينية والناجمة عن أسباب عديدة منها:
المياه العادمة: ففي مستوطنات شمال قطاع غزة المقامة على أراضي محافظة شمال غزة، يتم تصريف المياه العادمة في بركة المجاري الخاصة بالمستوطنات في شمال قطاع غزة ، مما يؤدي إلى إتلاف الأراضي الزراعية الفلسطينية، وتلويث آبار المياه المخصصة للشرب هذا بالإضافة إلى تلويث الخزان الجوفي في المنطقة، حيث تزداد نسبة النترات والأملاح بحيث تصبح المياه غير صالحة للاستعمال الآدمي. انقر هنا لقراءة حالات سابقة عن الانتهاك الإسرائيلي للبيئة الفلسطينية.
النفايات الصلبة: لقد ساهمت النفايات الصلبة الناتجة عن المستوطنات الاسرائيلية في تلويث البيئة الفلسطينية، حيث تلقي هذه المغتصبات النفايات في منطقة المواصي، الأمر الذي يتسبب في مخاطر كثيرة على البيئة والصحة العامة بالإضافة إلى كونها مصدراً للروائح الكريهة والحشرات الضارة.
انتهاك حقوق الإنسان البيئية
أن موضوع البيئة على قدر من الأهمية للإنسان فمن حق كل إنسان أن يعيش في بيئة نظيفة تمتاز بنوعية سليمة وآمنة و أي انتهاك يؤثر سلبا على الإنسان الذي هو محور العملية التنموية و البيئية. إن الانتهاكات الإسرائيلية بحق البيئة الفلسطينية تزيد من المعاناة و تزيد من الصعوبات الحياتية للإنسان الفلسطيني. فالبيئة التي نتواجد فيها يجب أن تمتاز بنوعية سليمة وآمنة لأنها تعطي صبغة لحياتنا. كما أن العالم بأسره يجب أن ينظر إلى الحقوق البيئية للإنسان الفلسطيني والتي تنتهك بشكل مستمر و هي أيضا تخص كل إنسان يعيش فوق سطح الكرة الأرضية وتتمثل بما يلي:
- جميع الأشخاص لهم الحق في بيئة آمنة، صحية وسليمة.
- جميع الأشخاص لهم الحق في بيئة ملائمة لاحتياجات الجيل الحالي بحيث لا ينقص ذلك من حقوق الأجيال المستقبلية لإنصاف احتياجاتهم.
- جميع الأشخاص لهم الحق بالتحرر من التلوث، التدهور البيئي والنشاطات التي تؤثر سلبا على البيئة، الحياة المهددة، الصحة، الرزق، الرفاهية أو التنمية المستدامة داخل، عبر أو خارج حدود الأمة.
- جميع الأشخاص لهم الحق بحماية والحفاظ على التربة، الهواء، الماء، البحر، النبات والحيوان، والعمليات الأساسية والمناطق التي تحتاج إلى ضرورة الحفاظ على تنوعها البيولوجي وأنظمتها البيئية.
- جميع الأشخاص لهم الحق في تحقيق الحد الأعلى من معايير الصحة والخالية من التدهور البيئي.
- جميع الأشخاص لهم الحق بغذاء ومياه سليمة وصحية كافية من أجل عيش مناسب.
- جميع الأشخاص لهم الحق بعمل ذا بيئة صحية وآمنة.
- جميع الأشخاص لهم الحق بالحصول على سكن ملائم، ملكية أرض، وظروف معيشية آمنة، صحية وبيئية سليمة.
- الناس المحليين لهم الحق بالسيطرة على أراضيهم، المناطق والمصادر الطبيعية للحفاظ على طريقتهم التقليدية في الحياة. وهذا يحتوي على الحق بالأمن للتمتع بممتلكاتهم حسب طرقهم الخاصة. الناس المحليين لهم الحق بالحماية من أي نشاط أو عمل ينفذ والذي قد ينتج عنة تدمير أو تدهور مناطقهم، بما في ذلك، الأرض، الهواء، الماء، البحر، الحياة البرية والمصادر الأخرى.
- يجب على جميع الحكومات أن تحترم وتؤكد الحق في بيئة آمنة، صحية وسليمة. وفي نفس الوقت، أن تطبق المقاييس الإدارية، والتشريعية وغيرها اللازمة من أجل تفعيل تطبيق هذه الحقوق.
يجب أن تمتنع الدول وجميع الأعضاء الآخرين عن استخدام البيئة كأدوات للحرب أو في التصرفات الخطرة، والتأثيرات الضارة على المدى الطويل أو الواسع، وأن تحترم القانون الدولي الذي يوفر الحماية للبيئة في أوقات الحروب والتعاون من أجل دعم التطوير.
اتفاقية منظمة العمل الدولية (ILO) رقم 169، السكان الأصليين، فقرة 7:
[السكان الأصليون] سوف ينالون الحق في تقرير أولويتهم الخاصة في عملية التنمية والتي تؤثر على طبيعـة حياتهم، معتقداتهم، المؤسسات والطقوس الدينية والروحية والأرض التي يشغلونها أو يستخدمونها، وتجربة إمكانية تنظيمهم … من أجل تطوير أوضاعهم الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية … سوف تضع الحكومات مقاييساً … لحماية والحفاظ على البيئة في المناطق التي يقطنوها.إعلان ريو، المبدأين 1و 4 ( الإنسان هو مركز الاهتمام للتنمية المستدامة وله الحق في الحصول على حياة صحية ومنتجة، وذلك بالتوافق مع الطبيعة … من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وحماية البيئة، وسوف تكون الجزء الجوهري لعملية التطوير ولا يمكن أن تعتبر بمعزل عنها …
إعلان بكين، فقرة 36التطور الاقتصادي، والتقدم الاجتماعي والحماية البيئية عبارة عن مكونات متداخلة ومعززة للتنمية المستدامة، وهي الإطار لجهودنا من أجل تحقيق حياة ذات نوعية أفضل لجميع الناس. التقدم الاجتماعي المنصف الذي يقدر تقوية الضعفاء، خصوصاً النساء اللواتي يعشن تحت ظروف الفقر، من أجل الانتفاع من المصادر البيئية واستدامتها كقاعدة للتنمية.
مراجع:
‘تقرير حول الاعتداءات الإسرائيلية على شمال قطاع غزة.’ http://www.pal-cpr.org. 30 Sep 2004. مؤسسة التجمع للحق الفلسطيني . 2005 http://www.pal-cpr.org/reports/report65.htm.
‘التقرير الخامس حول جرائم التجريف والهدم التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة .’ http://www.pchrgaza.org. 2005. المركز الفلسطيني لحقوق الانسان. <http://www.pchrgaza.org/files/REPORTS/arabic/sweeping5land.htm>.
‘سرقة إسرائيل للمياه الفلسطينية.’ http://www.pnic.gov.ps. 2004. مركز المعلومات الوطني الفلسطيني. http://www.pnic.gov.ps/arabic/resources/now3.html.
‘وحدة نظم المعلومات الجغرافية.’ www.arij.org. 1 October 2005. معهد الابحاث التطبيقية – القدس
‘البيئة الفلسطينية في يوم البيئة العالمي.’ www.arij.org. 1 June 2005. معهد الابحاث التطبيقية – القدس . <http://www.arij.org/pub/pubarabic/Environment%20Day%205-06-2005/index.htm>.
‘فهرس حقوق الإنسان.’ http://www.arabhumanrights.org. 14 June 1993. فهرس حقوق الانسان في الدول العربية. http://www.arabhumanrights.org/unconf/wchr/vienna-program93a.html.