قطاع غزة والبحر:
يعاني قطاع غزة من نقص شديد في الموارد الاقتصادية، ورغم وقوع منطقة القطاع على ساحل البحر إلا أن الاستغلال الأمثل للبحر لم يكن بالمستوى المطلوب، فقد اعتبرت الفترة (1967-1980) الفترة الذهبية لصيد الأسماك في قطاع غزة، ويرجع ذلك إلى المساحة التي سمح للصيادين أن يمارسوا فيها مهنة الصيد والتي وصلت آنذاك إلى 180كم من شاطئ بحر غزة إلى بحيرة البردويل جنوبا بالقرب من مدينة العريش, وأحياناً كان الصيادون الفلسطينيين يصلون إلى منطقة بورسعيد المصرية. ونتيجة لذلك فقد وصلت كمية السمك الذي تم اصطياده في تلك الفترة إلى 60 طنا يوميا.
ولكن الحال لم يستمر على هذا المنوال فقد بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بوضع العوائق أمام أصحاب هذه المهنة، حيث تم تحديد المسافة المسموح بها للصيد وهي 82كم، وبذلك تم تحجيم هذه المهنة وإضعاف إمكانيات زيادة كمية الصيد. وبعد اتفاقية أوسلو التي وقعت بين إسرائيل و السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1993، تم تخفيض هذه المسافة إلى 35كم على طول البحر وبعمق 20كم فقط، وبالتالي فان كمية الصيد أخذت في التناقص.
حصار وملاحقة رغم الاتفاقيات الموقعة:
لا تزال قوات الاحتلال الإسرائيلي تلاحق الصيادين الفلسطينيين الذين يقومون بتجاوز المنع والحواجز البحرية وتعتدي عليهم وتصادر شباكهم ومراكبهم، علاوة على ذلك تقوم قوات الاحتلال البحرية بعمليات مطاردة يومية للصيادين الفلسطينيين، واعتقال الصيادين على بعد عشرات الأمتار من ميناء الصيادين في مدينة غزة والتوجه بهم إلى جهات غير معلومة. كذلك تقوم قوات الاحتلال البحرية باعتقال الصيادين والاعتداء عليهم بالضرب سواء في عرض البحر أو بالقرب من شواطئ غزة وخانيونس ورفح، أي في المياه المرخصة للصيد والمحددة بحوالي 12 ميلا بحريا حسب نصوص اتفاقية أوسلو ‘المادة 11’ التي تنظم الأمن على طول خط الشاطئ وفي بحر غزة ونشير إلى أن المادة المذكورة قسمت مناطق النشاط البحري إلى ثلاث مناطق K,L,M، المنطقتان K,M تقتصر الملاحة فيها على نشاط البحرية الإسرائيلية. فقطاع غزة محاصر بحريا من قبل قوات الاحتلال منذ سنوات عديدة حيث لا يسمح للصيادين الفلسطينيين في التوغل في البحر لأكثر من 8 أميال، مع العلم بأن لهم الحق في التوغل حتى 20 ميلا وفقا للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي (انظر خريطة العمق البحر في اتفاق القاهرة )، وبموجب ذلك الحصار يمنع الصيادون الفلسطينيون من ممارسة عملهم. ويعتمد حوالي 3500 فلسطيني من قطاع غزة على العمل في قطاع صيد الأسماك، وقد طالت الإجراءات الإسرائيلية هذا القطاع بأضرار بالغة.
خسائر قطاع الصيد:
لم يطرأ أي تحسن على وضع الصيادين الفلسطينيين منذ سنوات عديدة ، حيث لا يزال الطوق العسكري الإسرائيلي مفروضا على طول ساحل قطاع غزة ، وبموجبه لم يتمكن الصيادون الفلسطينيون من دخول البحر في انتهاك صارخ لحقوقهم.
و تفيد مديرية الثروة السمكية أن الخسائر المباشرة التي تلحق بقطاع الثروة السمكية عن كل يوم إغلاق تصل إلى 41 ألف دولار. إضافة إلى خسائر أخرى تقدر ب 25 ألف دولار يوميا ناتجة عن عدم قدرة الصيادين تسويق الأسماك إلى الخارج مما يضطرهم إلى تجميده في الثلاجات وبالتالي يفقد الكثير من سعره الأصلي في حال عدم بيعه طازجا، جدير بالذكر أن مئات الأسر الفلسطينية من مخيم الشاطئ ودير البلح والمواصي ( رفح و خان يونس ) تعتمد في رزقها على مهنة صيد وتجارة الأسماك.
الحصار والقانون الدولي
يواجه الصيد البحري الفلسطيني في قطاع غزة الكثير من الصعوبات نتيجة الحصار والملاحقة الأسرائيلية, فقد عمدت قوات الاحتلال الإسرائيلي على مدى السنوات الماضية إلى وضع العوائق والعراقيل أمام الصيادين الفلسطينيين مستخدمة كافة الوسائل مثل فرض الطوق البحري وإغلاق الشواطئ وعدم منح الصيادين التصاريح اللازمة للصيد أو مصادرتها وأهم ملامح الممارسات الإسرائيلية تجاه الصيادين الفلسطينيين:
الإغلاق وفرض الطوق البحري.
اعتقال الصيادين الفلسطينيين والتعدي عليهم بالضرب سواء في عرض البحر أو بالقرب من شواطئ غزة وخانيونس ورفح، والمحافظة الوسطى وشمال غزة.
إطلاق النار المتعمد على الصيادين الفلسطينيين و اصابة العديد منهم.
إتلاف أو سحب شباك الصيد بواسطة زورق البحرية الإسرائيلية باستمرار وبشكل متعمد من خلال ضرب علاماتها بالنار من أجل إغراقها في البحر.
قيام جنود البحرية الإسرائيلية بمنع الصيادين من مزاولة مهنتهم وإجبارهم على ترك أماكن الصيد الغنية بالأسماك إلى أماكن أخرى، ويعتبر ذلك مخالفة لنصوص اتفاقية أوسلو.
مصادرة التصاريح الممنوحة للصيادين، بالإضافة إلى التفتيش اليومي والمضايقات المستمرة من قبل البحرية الإسرائيلية.
صغر مساحة الصيد المسموح للصيادين الفلسطينيين بمزاولة مهنتهم إذ يعمل الإسرائيليون على حساب المساحة على طرفي الحدود بشكل مستقيم وهذا يجعل المساحة تضيق أكثر فاكثر مخالفين بذلك ما ورد في المادة ’11’ من اتفاقية اوسلو والتي تنص على أن حساب المساحة يتم بشكل مائل.
وتتنافى جميع الممارسات الإسرائيلية بحق الصيادين الفلسطينيين والمادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعام 1966 والتي تنص على أن’ لجميع الشعوب سعيا وراء أهدافها الخاصة التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي ولا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة.’
وتتنافي الممارسات الإسرائيلية والمادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للعام 1966والتي تنص على أن: ‘ تعترف الدول الأطراف في هذا العهد بالحق في العمل، الذي يشمل ما لكل شخص من حق في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية وتقوم باتخاذ تدابير مناسبة لصون هذا الحق.’
|
|
أريج
|