جعل الله المياه لكل شيء حي، عدى عن كونها شريان رئيس في التنمية الزراعية المنشودة، ومن هنا كانت المصادر المائية محط اهتمام دولة الاحتلال والتي عملت بدورها على السيطرة على المخزون المائي الفلسطيني في الضفة الغربية، وتحويله إلى رهينة بيد تلك الدولة التي دمرت الأخضر واليابس وجعلت الموارد الطبيعية في فلسطين حكر عليها فقط. يذكر ان محافظة قلقيلية قديماً كانت قائمة على أجزاء من الحوض المائي الشرقي الفلسطيني مما أهلها لتكون حتى فترة ليست ببعيدة مصدر خصب في التنمية الزراعية في المحافظة، حيث اشتهرت بزراعة الحمضيات والجوافة والمحاصيل البعلية في ظل وفرة الآبار الارتوازية هناك، حيث وبحسب مؤشرات جهاز الإحصاء الفلسطيني لعام 2010م فانه يوجد 38.134 دونماً في محافظة قلقيلية مزروعة بأشجار البستنة، في حين يوجد 2954 دونماً مزروعة بالخضار، ويوجد 7136 دونماً مستغلة بالزراعات الحقلية.
واليوم في ظل شح الموارد المائية في المنطقة واحتكارها بيد الاحتلال الإسرائيلي في المقابل هناك الكثير من الأراضي الزراعية باتت عطشى، مما أدى الى جفافها ومصادرة أجزاء منها من قبل جيش الاحتلال تحت مسميات عسكرية مختلفة. بل وانعكس ذلك على النمط الزراعي في المنطقة، بحيث تحولت مساحات واسعة من أراضي جورة عمرة شرق المدينة الى أراض مروية الى أراض بعلية بسبب قلة الموارد المائية.
والأعظم من ذلك بدأت شركة "ميكروت" الإسرائيلية بتقنين ضخ المياه باتجاه الأراضي الزراعية والقرى الفلسطينية في محافظة قلقيلية منذ مطلع الصيف الماضي 2016م مما نتج عنه أزمة مياه خانقة حيث باتت خطوط المياه لا توصل المنازل السكنية هناك سوى يوم واحد في الأسبوع، عدى عن ارتفاع تكلفة شراء الكوب الواحد من المياه ليصل خمسة شواقل، في حين ينعم المستعمرون بالمياه على مدار الساعة وبكمية تعادل عشرة أضعاف ما يتم ضخه للفلسطينيين.
مشروع مائي لخلق تنمية مستدامة:
يذكر ان سلطة المياه الفلسطينية بالتنسيق مع محافظة قلقيلية وبلدية جيوس، قد شرعوا بالتخطيط لإنشاء خط مائي يغذي قرى منطقة " جورة عمرة" شرق المحافظة وهي: جينصافوط، باقة الحطب، حجة، الفندق، كفر قدوم، اماتين، فرعتا، بالإضافة إلى بلدة جيوس. وحول حيثيات المشروع، فان الفكرة قائمة على أساس نقل المياه من خمسة آبار ارتوازية في مدينة قلقيلية باتجاه بئر عبد الرحيم مجد في قرية النبي الياس ومن ثم ضخ المياه من هناك باتجاه بلدة جيوس لتغطية حاجة البلدة من مياه الشرب وكذلك استخدامها في ري ما لا يقل عن 6200 دونم مزروعة بالزعتر والمحاصيل الحقلية هناك.
عدى استخدام تلك المياه في توفير حاجة السكان في قرى جورة عمرة بالمياه في ظل النقص التدريجي في كمية المياه، وتقنينها من حيث الكمية من قبل شركة "ميكروت" الإسرائيلية.
وقد عكفت سلطة المياه الفلسطينية على تجهيز المخططات وكذلك شراء 32 أنبوب للمياه معدني بطول 12.2م وبسمك 10 انش لكل واحد، حيث تم وضعها بجانب بئر عبد الرحيم مجد بصورة مؤقتة إلى حين الشروع بتنفيذ المشروع والذي حظي بموافقة مبدئية من قبل ما تسمى الإدارة المدنية الإسرائيلية.
مصادرة 29 أنبوب ناقل:
بالتزامن مع ذلك وفي صباح يوم الأحد الموافق الخامس من شهر آذار قامت قوة من جيش الاحتلال برفقة ما تسمى الإدارة المدنية على مصادرة 29 أنبوب ناقل من أصل 32 أنبوب من منطقة بئر عبد الرحيم مجد وبالتالي تعطيل هذا المشروع الذي تسعى حكومة الاحتلال الى تعطيله بهدف مواصلة السيطرة على المنطقة وأهم مواردها الطبيعية، ومن ثم القضاء على أي مشروع تنموي هناك. حيث تم نقل تلك الأنابيب باتجاه مستعمرة " ارائيل" ولم يدع الاحتلال أمر ضبط سلع كما يضع كعادته والتي تشير إلى مصادرة تلك الأنابيب.
صورة 1: ما تبقى من أنابيب بعد المصادرة
صورة 2: أثناء مصادرة أنابيب المياه – خاصة بمجلس قروي النبي الياس
اعداد: