في الثالث والعشرين من شهر تموز من العام 2024 نشرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الكراسة رقم 266 والتي هي عبارة عن مجموعة من المناشير والاوامر والتعليمات الإسرائيلية والمتعلقة بالأمور الامنية والعسكرية وامور التخطيط في الضفة الغربية المحتلة بالاعتماد على ذرائع مبررة وأوامر عسكرية صادرة منذ أيام الاحتلال (عقب احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة في العام 1967). ومن بين الأمور التي شملتها الكراسة أوامر المصادرة الإسرائيلية التي تستهدف مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية لأغراض التوسعات الاستيطانية وتحت ذرائع مختلفة جاء من ضمنها المصادرة بذريعة “اعلان محمية طبيعية – الامر العسكري رقم 363” أو “مناطق نفوذ – الامر العسكري 892” وغيرها من الاوامر. وتغطي الكراسة الإسرائيلية الجديدة (462 صفحة) الفترة حتى نهاية شهر اذار من العام 2024 حيث تم استهداف 31 موقعا استيطانيا في الضفة الغربية المحتلة شملت بؤر ومستوطنات إسرائيلية هذا بالإضافة الى مواقع محميات طبيعية على مساحة اجمالية بلغت 67,075 دونما من الأراضي الفلسطينية, منها 9300 دونما لغرض توسيع عددا من المستوطنات والبؤر الاستيطانية في الضفة لغربية المحتلة وما يزيد عن 57,000 دونما تم ادراجها ضمن تصنيف “محميات طبيعية إسرائيلية”.
الصورة رقم 1: كراسة الاوامر العسكرية الاسرائيلية رقم 266
وفي تحليل للكراسة الصادرة في معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج)، تبين أن محافظة بيت لحم كانت من بين المحافظات الأكثر استهدافا من حيث عدد المواقع التي تم استهدافها وعددها 8 تليها محافظتي رام الله وأريحا بواقع 6 و5 مواقع على التوالي. كما تم استهداف 8 بؤر استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية المحتلة بهدف توسيع الأراضي التي تقوم عليها هذه البؤر من خلال تحديد مناطق توسعية مستقبلية لضمان استدامة هذه البؤر على الأراضي الفلسطينية بالرغم من عدم قانونيتها وفرض واقع جغرافي لا يمكن تغييره في المستقبل، وتهيئة هذه البؤر لتتحول الى مستوطنات كبيرة في المستقبل القريب وهي البؤر الاستيطانية افيجيل واسائيل في محافظة الخليل والبؤرة الاستيطانية “مزرعة شحاريت” في محافظة سلفيت, والبؤرة الاستيطانية مسمار يهودا في محافظة بيت لحم والبؤر الاستيطانية عمونا وجفعات هاوراه وتل زيون في محافظة رام الله والبؤرة الاستيطانية بيت حجلة في محافظة أريحا.
تجدر الإشارة الى انه خلال الاعوام القليلة الماضية تمعنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي باستهداف مواقع ذات مساحات شاسعة في الضفة الغربية المحتلة والتي تصنفها على انها “مناطق محميات طبيعية إسرائيلية” حيث برز وبشكل ملفات استهداف سلطات الاحتلال لهذه المواقع ولكن ليس بغرض الحفاظ على هذه المناطق “كمناطق تنوع حيوي” بل لغرض الاستيلاء والسيطرة على هذه المناطق وعدم السماح للفلسطينيين باي شكل من الاشكال استغلالها في المستقبل (لمشاريع استثمارية / زراعية/ اقتصادية/ الخ) وبالتالي تضمن استدامة هذه المواقع الاستراتيجية للأغراض التوسعية الاستيطانية المستقبلية. وتضمنت الكراسة الصادرة 5 مواقع في الضفة الغربية المحتلة وتصنفها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على انها محميات طبيعية حيث تم الإعلان عنها وبشكل رسمي على انها محميات طبيعية إسرائيلية ويحظر على الفلسطينيين استغلالها لأي غرض كان, وهي كما يلي:-
- محمية الخروبة حيث أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن أمر عسكري جديد تحت عنوان “أمر بشأن حماية الطبيعة (يهودا) والسامرة) (رقم [1]٣٦٣)، ٥٧٣٠-١٩٦٩ إعلان عن محمية طبيعية “خروبة” تعديل حدود” -بموجب صلاحياتي وفق المادة ٢ من الأمر بشأن حماية الطبيعة يهودا والسامرة) (رقم (٣٦٣) ٥٧٣٠-١٩٦٩ فيما يلي: الأمر) والمادة (۳ (۱) (۲)من الأمر بشأن إقامة إدارة مدنية (يهودا والسامرة) (رقم (٩٤٧)، (٥٧٤٢ –۱۹۸۱، أعلن بهذا أن موقع “الخروبة” تعديل حدود، أراضي التي تبلغ مساحتها ۱۲,۳۲۰,۳۸۸ دونم، تعتبر “كمحمية طبيعية”، كمفهومها في الأمر.” تقع محمية الخروبة في منطقة الاغوار الفلسطينية، وبالتحديد على أراضي محافظة اريحا، حيث تتوسط عددا من المستوطنات الإسرائيلية، مستوطنة مسوع من الناحية الجنوبية، ومستوطنة ميخورا من الناحية الغربية، ومستوطنة الحمرا من الناحية الشمالية الغربية ومستوطنة ارجمان من الناحية الشرقية. كما أن المنطقة التي تم الإعلان عنها رسميا بانها محمية طبيعية، هي أيضا أراضي خضعت لتصنيف –”أراضي حكومية” (أراضي تتبع لدولة الاحتلال الاسرائيلي) في أعوام سابقة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي. كما ويندرج اعلان “المحمية الطبيعية” الجديد ضمن المخطط الهيكلي الإسرائيلي رقم 24_51 الصادر في السابع عشر من شهر أيلول من العام 1990 والذي ينص على تخصيص المنطقة المستهدفة “كمحمية طبيعية” الا انه لم يتم الإعلان عنها بشكل رسمي آنذاك وبقيت قيد التخطيط حتى تاريخ الإعلان الإسرائيلي الحالي، حيث بلغت مساحة الأرض المستهدفة في ذلك الوقت 9,426 دونما. واليوم عاد جيش الاحتلال الإسرائيلي ليعلن، بشكل رسمي، عن المنطقة بانها أصبحت تخضع لتصنيف “محمية طبيعية” ولكن مع تعديل في المساحة المستهدفة بحيث أصبحت 12,320 دونما، أي بزيادة بلغت 2,894 دونما عن المساحة الاصلية للمحمية.
- محمية أم زوقا: أصدرجيش الاحتلال الإسرائيلي (أمر بشأن حماية الطبيعة يهودا والسامرة) (رقم ٣٦٣)، ٥٧٣٠-١٩٦٩) – إعلان عن محمية طبيعية “ام زوقا” تعديل حدود: حيث ينص الامر العسكري الإسرائيلي على ما يلي: “بموجب صلاحياتي وفق المادة ٢ من الأمر بشأن حماية الطبيعة يهودا والسامرة) (رقم (٣٦٣) ٥٧٣٠ – ١٩٦٩ فيما يلي: الأمر) والمادة (۳ (۱) (۲) من الأمر بشأن إقامة إدارة مدنية (يهودا والسامرة) (رقم (٩٤٧) ، ٥٧٤٢ – ١٩٨١ ، أعلن بهذا أن موقع ام زوقا” تعديل حدود، أراضي التي تبلغ مساحتها ٢٤,٩٢٤ دونم، المحدد باللون الاخضر على الخريطة المرفقة لهذه الإعلان الموقعة بتوقيعي وتشكل جزء لا يتجزأ من هذا الإعلان، تعتبر كمحمية طبيعية”، كمفهومها في الأمر. تجدر الإشارة الى أن الامر العسكري الإسرائيلي صدر لأول مرة بتاريخ الثامن من شهر تشرين أول من العام 1983 والذي بموجبه تم تعيين 21,197 دونما من الأراضي الفلسطينية الواقعة في محافظة طوباس (مدينة طوباس على وجه التحديد), على انها محمية طبيعية. وجاء الامر العسكري الصادر حديثا ليزيد من مساحة الأراضي الفلسطينية التي سوف تخضع لسيطرة سلطات الاحتلال الإسرائيلي بواقع 3,727 دونما إضافية عن الامر العسكري الإسرائيلي الصادر في العام 1983. وتقع المنطقة المستهدفة بمحاذاة الطريق الالتفافي الإسرائيلي رقم 90 في منطقة الاغوار الشمالية ويحيط بها عددا من المستوطنات الإسرائيلية، مستوطنة حمدات من الشمال، وكل من مستوطنات شدموت ميخولا, روتم و مسكيوت من الشمال و الشمال الغربي هذا بالإضافة الى منشات عسكرية إسرائيلية من الناحية الغربية للأراضي الفلسطينية المستهدفة بالأمر العسكري..
- محمية فصايل: أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي (أمر بشأن حماية الطبيعة يهودا) والسامرة) (رقم (٣٦٣)، ٥٧٣٠-١٩٦٩) – إعلان عن محمية طبيعية “فصائيل” (فصايل) تعديل حدود): وينص الامر العسكري الإسرائيلي على ما يلي: “بموجب صلاحياتي وفق المادة ٢ من الأمر بشأن حماية الطبيعة يهودا والسامرة) (رقم (٣٦٣) ٥٧٣٠ – ١٩٦٩ فيما يلي: الأمر والمادة (۳ (۱) (۲) من الأمر بشأن إقامة إدارة مدنية (يهودا والسامرة) (رقم (٩٤٧) ، (۵٧٤٢ – ۱۹۸۱ ، أعلن بهذا أن موقع فصائيل” (فصايل) تعديل حدود) أراضي التي تبلغ مساحتها ۱۳,۱۳٤ دونم، المحدد باللون الاخضر على الخريطة المرفقة لهذه الإعلان الموقعة بتوقيعي وتشكل جزء لا يتجزأ من هذا الإعلان، تعتبر “كمحمية طبيعية”، كمفهومها في الأمر.” والجدير بالذكر أن الامر العسكري الإسرائيلي صدر لأول مرة بتاريخ الخامس من شهر اذار من العام 1983 والذي بموجبه تم تعيين 7,905 دونما من الأراضي الفلسطينية الواقعة في محافظتي نابلس ورام الله (على وجه التحديد, في الأراضي التي تتبع لكل من قرى دوما ومجدل بني فاضل في محافظة نابلس والمغير في محافظة رام الله), على انها محمية طبيعية. وجاء الامر العسكري الصادر حديثا ليزيد من مساحة الأراضي الفلسطينية التي سوف تخضع لسيطرة سلطات الاحتلال الإسرائيلي بواقع 5,229 دونما إضافية عن الامر العسكري الإسرائيلي الصادر في العام 1983. وتتوسط الأراضي الفلسطينية المستهدفة بالأمر العسكري مستوطنتي فصايل (من الشرق) ومعاليه أفرايم (من الشمال) الامر الذي ينذر بالخطر الذي يحدق بالمنطقة من خلال تخصيص سلطات الاحتلال الإسرائيلية على انها “محمية طبيعية” والذي سوف يخدم في نهاية المطاف المخططات الاستيطانية التوسعية المستقبلية للمستوطنات الإسرائيلية السابقة الذكر.
- محمية قانا لسمر: اعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي (أمر بشأن حماية الطبيعة يهودا والسامرة) (رقم ٣٦٣)، ٥٧٣٠-١٩٦٩) – إعلان عن محمية طبيعية “قانة وسمر” تعديل حدود. وينص الامر العسكري الاسرائيلي على ما يلي: “بموجب صلاحياتي وفق المادة ٢ من الأمر بشأن حماية الطبيعة يهودا) والسامرة) (رقم ٣٦٣) ٥٧٣٠-١٩٦٩ فيما يلي: الأمر والمادة (۳ (۱) (۲) من الأمر بشأن إقامة إدارة مدنية يهودا والسامرة) (رقم (٩٤٧) ، ٥٧٤٢- ۱۹۸۱ ، أعلن بهذا أن موقع قانة وسمر ” تعديل حدود، أراضي التي تبلغ مساحتها ۷,۳۰٦ دونم، المحدد باللون الاخضر على الخريطة المرفقة لهذه الإعلان الموقعة بتوقيعي وتشكل جزء لا يتجزأ من هذا الإعلان، تعتبر كمحمية طبيعية”، كمفهومها في الأمر.” والجدير بالذكر أن الامر العسكري الإسرائيلي صدر لأول مرة بتاريخ الثالث من شهر اب من العام 1989 والذي بموجبه تم تعيين 865 دونما من الأراضي الفلسطينية الواقعة بمحاذاة البحر الميت على انها محمية طبيعية (بفعل المخطط الاستيطاني رقم 51/18). وجاء الامر العسكري الصادر حديثا ليزيد من مساحة الأراضي الفلسطينية التي سوف تخضع لسيطرة سلطات الاحتلال الإسرائيلي
في منطقة البحر الميت بواقع 6,441 دونما إضافية عن الامر العسكري الإسرائيلي الصادر في العام 1989 الامر. - محمية هاسلفادورا هفرسيت: اعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي (أمر بشأن حماية الطبيعة يهودا والسامرة) (رقم ٣٦٣)، ٥٧٣٠-١٩٦٩) – إعلان عن محمية طبيعية “هاسلفادورا هفرسيت” تعديل حدود. وينص الامر العسكري الاسرائيلي على ما يلي: “بموجب صلاحياتي وفق المادة ٢ من الأمر بشأن حماية الطبيعة يهودا) والسامرة) (رقم ٣٦٣) ٥٧٣٠-١٩٦٩ فيما يلي: الأمر والمادة (۳ (۱) (۲) من الأمر بشأن إقامة إدارة مدنية يهودا والسامرة) (رقم (٩٤٧) ، ٥٧٤٢- ۱۹۸۱ ، أعلن بهذا أن موقع هاسلفادورا هفرسيت” تعديل حدود، أراضي التي تبلغ مساحتها 1 دونم، المحدد باللون الاخضر على الخريطة المرفقة لهذه الإعلان الموقعة بتوقيعي وتشكل جزء لا يتجزأ من هذا الإعلان، تعتبر كمحمية طبيعية”، كمفهومها في الأمر.” والجدير بالذكر أن الامر العسكري الإسرائيلي صدر لأول مرة بتاريخ العشرين من شهر تشرين أول من العام 1993 بفعل المخطط الاستيطاني رقم 51/11. وتقع المحمية الطبيعية الى الشرق من مستوطنتي طومر وبيتسائيل وقرية فصايل الفلسطينية في منطقة الاغوار الشمالية.
في الختام
تستخدم دولة الاحتلال الاسرائيلي الأوامر العسكرية كوسيلة لمصادرة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، وذلك تحت ذرائع مختلفة مثل الأغراض الأمنية أو بناء المستوطنات أو شق الطرق الالتفافية أو إقامة مناطق صناعية أو تخصيص مناطق عسكرية أو مصادرة بذريعة حماية مناطق التنوع الحيوي من خلال الإعلان عن محميات طبيعية حيث تعد هذه الأوامر جزءًا من سياسة إسرائيلية طويلة الأمد تهدف إلى تعزيز السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية وتوسيع المستوطنات والبؤر الاستيطانية وغيرها من المواقع الاستيطانية بالرغم من تعارض هذه الممارسات مع القانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على القوة المحتلة نقل جزء من سكانها إلى الأراضي التي تحتلها أو إجراء تغييرات دائمة فيها. كما تُعد مصادرة الأراضي واستخدامها لأغراض المستوطنات انتهاكًا لقرارات الأمم المتحدة التي تؤكد على عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. ورغم الانتقادات الدولية والقرارات الأممية التي تطالب بوقف هذه الإجراءات الأحادية الجانب، تواصل دولة الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ أوامر المصادرة، مما يزيد من تعقيد الوضع الجيوسياسي ويعرقل جهود تحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة.
كما أن مصادرة الأراضي الفلسطينية تعد واحدة من أكبر العقبات التي تحول دون قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات تواصل جغرافي ومستدامة اذ أن الأراضي المصادرة يتم استغلالها بشكل أساسي لبناء المستوطنات الإسرائيلية وتوسيعها، مما يؤدي إلى تقسيم الأراضي الفلسطينية إلى جيوب معزولة يصعب ربطها ببعضها البعض والذي بدوره أيضا يعيق تطوير البنية التحتية الضرورية للتجمعات الفلسطينية في مختلف القطاعات ويحد من حرية حركة الفلسطينيين، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد الفلسطيني ويزيد من معدلات البطالة والفقر. كما أن مصادرة الأراضي الفلسطينية يؤدي إلى تقليص المساحات الزراعية والمناطق الصالحة للسكن، مما يزيد من التحديات التي تواجهها التجمعات الفلسطينية في تأمين الغذاء والمأوى وأيضا الوصول إلى الموارد الطبيعية والمياه، مما يُضعف من قدرة الدولة الفلسطينية المستقبلية على تحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية وبالتالي عرقلة إمكانية تحقيق إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للحياة تتسم بالاستمرارية الجغرافية والقدرة على تلبية احتياجات شعبها.