تسخر دولة الاحتلال الإسرائيلي آليات وتشريعات غير قانونية وعنصرية لمصادرة وضم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، مع التركيز بشكل خاص على المناطق المصنفة “ج” والتي بحسب اتفاقية أوسلو الثانية للعام [1]1995 اخضعت للسيطرة الإسرائيلية الكاملة أمنيا واداريا والتي تحدد المنطقة “ج” (بحسب التعريف) بانها “مناطق الضفة الغربية الواقعة خارج المنطقتين “أ” و “ب“، والتي، باستثناء القضايا التي سيتم التفاوض عليها في مفاوضات الوضع الدائم، سيتم نقلها تدريجياً إلى السيطرة الفلسطينية بموجب هذه الاتفاقية. وتسعى دولة الاحتلال الى هذه الأساليب بهدف تقليص الوجود الفلسطيني في المنطقة وفي الوقت ذاته توسيع المستوطنات والبؤر الاستيطانية الإسرائيلية القائمة وتعزيز السيطرة على الموارد الطبيعية. ونتيجة للسياسة الإسرائيلية الممنهجة، فإن ذلك يعيق التطور العمراني في الضفة الغربية المحتلة هذه بالإضافة الى استهداف الاقتصادي الفلسطيني بسبب عدم قدرة الفلسطينيين على السيطرة على مواردهم الطبيعية.
ففي الوقت الذي تشن فيه سلطات الاحتلال الإسرائيلي حربا ضروسا على قطاع غزة المحتل، فإنها لا تنفك عن استهداف الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة (مناطق ج على وجه الخصوص) بمزيد من الأوامر العسكرية بغرض السيطرة عليها للأغراض الاستيطانية المختلفة. ففي الثاني عشر من شهر تشرين الثاني من العام 2023، أصدرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي ثلاثة أوامر عسكرية جديدة تستهدف مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية تحت ذريعة محميات طبيعية ومناطق حرجية. وجاءت الأوامر العسكرية بهدف تعديل تعديل حدود لاثنتين من المحميات الطبيعية بالقرب من منطقة البحر الميت, فيما جاء الامر الثالث : –
- أمر بشأن حمایة الطبيعة (یھودا والسامرة) (رقم ۳٦۳[2])، ۱۹٦۹-٥۷۳۰ إعلان عن محمیة طبیعیة “عینوت تسوكیم-عین فشخة” (تعدیل حدود): صدر الامر العسكري الإسرائيلي في الثالث من شهر أيلول من العام 2023 الا انه لم يتم نشره رسميا على المواقع الرسمية الاسرائيلية الا بتاريخ الثامن من شهر تشرين أول من العام 2023. ويستهدف الامر العسكري ما مساحته 8857.7 دونما من الأراضي الفلسطينية الواقعة الى الغرب من منطقة البحر الميت، ابتداءا من مستوطنة افينات الإسرائيلية، صعودا باتجاه الشمال، بمحاذاة الشارع الالتفافي رقم 90 من الجهة الشرقية. وبحسب الامر العسكري، فان المنطقة المستهدفة تم إعلانها رسميا “كمحيمة طبيعية” لتنضم الى مجموعة الإعلانات الإسرائيلية الرسمية السابقة التي استهدفت مناطق أخرى في الضفة الغربية المحتلة لذات الغرض بفعل الامر العسكري الإسرائيلي رقم 363 للعام 1969. وتجدر الإشارة الى أن الامر العسكري الصادر هو بمثابة “تعديل حدود” لأمر عسكري إسرائيلي صدر في 22 حزيران من العام 1988 والذي نص آنذاك على تحويل ما مساحته 3,816 دونما فقط من الأراضي الفلسطينية الى منطقة محميات طبيعية. وعليه فان التعديل الجديد استهدف 5041.2 دونما من الأراضي الفلسطينية اضافية عن تلك التي تم استهدافها في العام 1988, (زيادة بنسبة 132% ). الصورة رقم 1
أمر بشأن حمایة الطبيعة (یھودا والسامرة) (رقم ۳٦۳)، ۱۹٦۹-٥۷۳۰ إعلان عن محمیة طبیعیة “عینوت تسوكیم-عین فشخة”
- أمر بشأن حمایة الطبيعة (یھودا والسامرة) (رقم [3]۳٦۳)، ۱۹٦۹-٥۷۳۰ إعلان عن محمیة طبیعیة “قمران” (تعدیل حدود): صدر الامر العسكري الإسرائيلي أيضا في الثالث من شهر أيلول من العام 2023 الا انه لم يتم الإعلان عنه رسميا للعامة الا في تاريخ الثامن من شهر تشرين أول من العام 2023. حيث يستهدف 409.8 دونما من الأراضي الفلسطينية بذريعة انها محمية طبيعية الى الغرب من منطقة البحر الميت، جنوب مستوطنة كاليا الاسرائيلية. وبحسب الامر العسكري، فان المنطقة المستهدفة تم إعلانها رسميا “كمحيمة طبيعية” لتنضم أيضا الى مجموعة الإعلانات الإسرائيلية الرسمية الأخرى بفعل الامر العسكري الإسرائيلي رقم 363 للعام 1969.
أمر بشأن حمایة الطبيعة (یھودا والسامرة) (رقم ۳٦۳)، ۱۹٦۹-٥۷۳۰ إعلان عن محمیة طبیعیة “قمران”
- قانون الاحراج والغابات: أمر بشأن قانون الحراج والغابات (يهودا والسامرة) (رقم 306), 1969-5729 (اعلان عن غابة محمية (غابة دوتان) والذي يستهدف مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية التي تتوسط مستوطنتي ميفو دوتان وحرميش الإسرائيليتين في محافظة جنين تقدر بحوالي 1212 دونما من الأراضي الفلسطينية. وتم اصدار الامر العسكري في السابع عشر من شهر اب من العام 2023 الا انه لم يتم نشره للعامة الا بتاريخ الثامن من شهر تشرين أول من العام 2023
الصورة رقم 3: أمر بشأن قانون الحراج والغابات (يهودا والسامرة) (رقم 306), 1969-5729 (اعلان عن غابة محمية (غابة دوتان)
تجدر الإشارة الى انه منذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في العام 1967, أعلنت السلطات الإسرائيلية عن 140 موقعا في الضفة الغربية المحتلة على انها محميات طبيعية، بمجمل مساحة 705 كم مربع، ما نسبته 12.5% من المساحة الكلية للضفة الغربية المحتلة. كما تخطط سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإعلان 53 موقعا اخر في الضفة الغربية المحتلة كمحميات طبيعية بموجب أوامر عسكرية، وبمجمل مساحة 350 كم مربع من مساحة الضفة الغربية المحتلة. وتتوزع معظم المحميات الطبيعية (بحسب التعريف الاسرائيلي) في المنحدرات الشرقية وفي منطقة غور الأردن. كما تجدر الإشارة الا انه لم يتم تخصيص هذه المحميات على أسس بيئية بل أنه تم تحويل الكثير منها فيما بعد إلى مستوطنات إسرائيلية أو قواعد عسكرية إسرائيلية مما يوضح هدف الإسرائيليين من إعلان هذه المحميات. الجدول التالي يبين المحميات الطبيعية التي تم الإعلان عنها رسميا من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة بفعل الأوامر العسكرية:-
[1] الاتفاق الانتقالي بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة المعروف باتفاق اوسلو 2 أو اتفاقية اوسلو الثانية
[2] الامر العسكري الاسرائيلي رقم 363 للعام 1969 يخول الإدارة المدنية الإسرائيلية بالإعلان عن أيّة منطقة في الضفة الغربية المحتلة “كمحمية طبيعية” أو “كمناطق طبيعية” بموجب أوامر تصدرها. وعادة يتم فرض قيود صارمة على البناء واستخدام الأراضي على هذه المناطق للمطالبة بحماية البيئة.
[3] الامر العسكري الاسرائيلي رقم 363 للعام 1969 يخول الإدارة المدنية الإسرائيلية بالإعلان عن أيّة منطقة في الضفة الغربية المحتلة “كمحمية طبيعية” أو “كمناطق طبيعية” بموجب أوامر تصدرها. وعادة يتم فرض قيود صارمة على البناء واستخدام الأراضي على هذه المناطق للمطالبة بحماية البيئة.
اعداد:
معهد الابحاث التطبيقية – القدس ( أريج)