كشف ما يسمى “المستشار القضائي لمنطقة يهودا والسامرة ” في الادارة المدنية الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة نهاية شهر ايار من العام 2022 عن مجموعة من الاوامر العسكرية الجديدة تحت مسمى “مناشير, أوامر و تعيينات” – الكراسة رقم 261″ – وهي مجموعة من القوانين والأوامر والتعيينات العنصرية الاسرائيلية ذات العلاقة بمصادرة الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة للاستخدامات الإسرائيلية المختلفة. وتجدر الإشارة الا انه لا يتم اعلام المواطنين الفلسطينيين المتضررين بموعد نشر هذه الملفات (الأوامر والقوانين والتعيينات) أو حتى بمحتواها حتى لا تتم ملاحقة الاحتلال في المحاكم الإسرائيلية أو الاعتراض على الأوامر العسكرية الصادرة في الفترة المخصصة للاعتراض, في ذات الوقت يتم تعميم هذه الملفات على الجهات الاسرائيلية ذات العلاقة والاختصاص للمباشرة بأجندة المصادرة مثل مكتب رئيس فرع البنية التحتية في الادارة المدنية الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة ومكتب “المسؤول كمفهومه” بحسب القانون المنصوص للمجالس المحلية ومكاتب المجالس الاقليمية التي تتبع لها كل مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة ومكتب اللجنة المحلية الخاص بكل مستوطنة مستهدفة بالتوسع حتى يتسنى لها متابعة الامور المتعلقة بها وفي المحصلة مصادرة الاراضي الفلسطينية المستهدفة.
وبعد الاطلاع على الملفات الصادرة، تم الكشف عن مخطط استيطاني إسرائيلي جديد لشرعنه بؤرة استيطانية قائمة في شمال الضفة الغربية، وتحديدا في محافظة نابلس. وبحسب التحليل الذي اجراه معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج) للأمر العسكري الصادر، تبين أن الامر يأتي تحت مسمى “جيش الدفاع الإسرائيلي -أمر بشأن ادارة مجالس اقليمية (يهودا والسامرة) (رقم 783)، 1979- الأنظمة بشأن إدارة المجالس الإقليمية (منطقة نفوذ مستوطنة عميخاي -تعديل حدود) (المجلس الإقليمي بنيامين) – 5782, 2022.” ويقضي بمصادرة 1480 دونما من الأراضي الفلسطينية في محافظة نابلس و خاصة تلك المحيطة بالبؤرة الاستيطانية الإسرائيلية المعروفة باسم “عادي عاد”. وينص الامر العسكري أيضا على أن الأراضي الفلسطينية المستهدفة خضعت لتصنيف “مناطق نفوذ مستوطنات” و أصبحت جزءا لا يتجزأ من المستوطنة الإسرائيلية عميخاي و التي تم تشييدها قبل سنوات عدة على أراضي محافظة نابلس. كما تظهر الخرائط المرفقة للامر العسكري الأراضي المستهدفة تعود لكل من قرى جالود والمغير وترمسعيا وسوف يتم مصادرتها تحت هذه الذريعة (مناطق نفوذ مستوطنات). الصور 1-3: الامر العسكري الإسرائيلي رقم 783 للعام 1979
والجدير بالذكر ان الأراضي المستهدفة بالأمر العسكري هي أراضي تخضع لتصنيف “أراضي دولة” من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي وتحاول إسرائيل بشتى الوسائل ترسيخ سيطرتها على هذه الأراضي من خلال البناء الاستيطاني فيها وهو ما يحدث بالفعل. ففي العام 1999 بدأت سلطات الاحتلال بتشييد البؤرة الاستيطانية الإسرائيلي “عادي عاد” وتبعها عددا من البؤر الاستيطانية الأخرى في محيط البؤرة “عادي عاد” وأصبحت تشكل تكتلا استيطانيا خطيرا في المنطقة يفصل بين القرى الفلسطينية المحيطة ويشكل عائقا أمام تواصلها الجغرافي.
التكتل الاستيطاني الاسرائيلي الذي يهدد أراضي محافظتي نابلس ورام الله-أكثر من 20 بؤرة استيطانية مرتبطة بـ 5 مستوطنات في ممر واحد
تقع مستوطنات شيفوت راحيل (متسبيه راحيل) وإيلي وشيلو وكفار تفوح وريخاليم الغير الشرعية في المنطقة التي تحددها دولة الاحتلال الاسرائيلي بـ “منطقة الممرات”. وفي تحليل جيوسياسي للممر الاستيطاني السباق الذكر (إيلي وشيلو وشيفوت راحيل وريخاليم وكفار تفوح)، يمكننا أن نجد أكثر من 20 بؤرة استيطانية غير قانونية مثبتة في الممر المرتبط بالمستوطنات الخمس المذكورة أعلاه. ومن بين هذه البؤر الاستيطانية الغير قانونية، هناك بؤر استيطانية موقعهًا خارج مناطق المخططات الهيكلية للمستوطنات “الام” حيث يمكن اعتبارها نوى لمستوطنات مستقبلية جديدة وهو بالضبط ما يحدث للبؤرة الاستيطانية “عادي عاد” حيث أن الامر العسكري الإسرائيلي الجديد يحدد منطقة توسعية مستقبلية للبؤرة الاستيطانية الامر الذي يجعل من إمكانية تحولها لمستوطنة إسرائيلية حتميا لا رجوع عنه وخاصة أن هذه المستوطنات والبؤر الاستيطانية تقع في المنطقة التي تسعى إسرائيل للسيطرة عليها لأنها تشكل رابطًا جغرافيًا بين منطقة العزل الشرقية (ESZ) ومنطقة العزل الغربية (WSZ). فمن جهة, تحاول إسرائيل فرض سيطرتها على الأراضي الفلسطينية من خلال إقامة المستوطنات والبؤر الاستيطانية الإسرائيلية في منطقة الممرات بحيث تقوم في نهاية المطاف بضم أكبر عدد ممكن من المستوطنات والبؤر الاستيطانية إلى ما هو مناسب لها قبل التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين وستتفاوض ومن جهة أخرى, تعمل إسرائيل جاهدة على خلق منطقة تواصل جغرافي بين المستوطنات الإسرائيلية في جميع انحاء الضفة الغربية المحتلة و المستوطنات الإسرائيلية في الداخل المحتل دون الاكتراث لمستقبل التجمعات الفلسطينية في المنطقة.
كما تعمل إسرائيل أيضا على تفعيل “مناطق نفوذ المستوطنات” في الضفة الغربية المحتلة لصالح المستوطنات والبؤر الاستيطانية. ويخضع تعريف مناطق نفوذ المستوطنات الى المناطق التي تحدد الحدود الخارجية -الحدود -لهيئة قانونية (والمقصود في هذه الحالة مستوطنة إسرائيلية). حيث يتم منح المستوطنة أو البؤرة (من قبل الإدارة المدنية الإسرائيلية) القدرة العملية على إدارة كل ما هو داخل الخط المحيط بها، على سبيل المثال، التخطيط، البناء، إلخ. فبينما تواصل دولة الاحتلال الاسرائيلي توسيع المستوطنات الإسرائيلية بوتيرة متسارعة وعالية باستخدام جميع أنواع الذرائع، وآخرها تحديد مناطق «نفوذ المستوطنات»، تواصل الإدارة المدنية الإسرائيلية حرمان الفلسطينيين من حقهم بموجب القانون الدولي في التخطيط والعيش في مناطق سكنية مناسبة لأنها (إسرائيل) تفرض مراحل (معقدة وشبه مستحيلة) يجب أن يمر بها كل مخطط هيكلي فلسطيني قبل أن يحصل على موافقة الإدارة المدنية الإسرائيلية والتي قد تستمر سنوات طويلة.
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)