نشر ما يسمى “المستشار القضائي لمنطقة يهودا والسامرة ” في الادارة المدنية الاسرائيلية خلال النصف الاول من العام 2020 أوامر عسكرية جديدة (بالتحديد في شهري نيسان و تموز من العام 2020) تحتوي في مضمونها على قوانين وأوامر عنصرية اسرائيلية ذات علاقة بمصادرة الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة. وتجدر الإشارة بان هذه الملفات (أو الأوامر العسكرية) لا يتم إعلام الفلسطينيين المتضررين بها بشكل مباشر حتى لا يتسنى لهم الاعتراض عليها و ايقاف عملية المصادرة والمحافظة على ملكية الارض, فيما يتم توزيعها على جهات إسرائيلية ذات علاقة واختصاص مثل مكتب رئيس فرع البنية التحتية في الادارة المدنية الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة ومكتب “المسؤول كمفهومه” بحسب القانون المنصوص للمجالس المحلية ومكاتب المجالس الاقليمية التي تتبع لها كل مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة ومكتب اللجنة المحلية الخاص بكل مستوطنة مستهدفة بالتوسع حتى يتسنى لها متابعة الامور المتعلقة بها وفي المحصلة مصادرة الاراضي الفلسطينية المستهدفة.
والجدير بالذكر أن اسرائيل اعتمدت في الغالبية العظمى من الاوامر الصادرة على عدة قوانين عنصرية لتسهيل عمليات مصادرة الاراضي الفلسطينية, منها (أولا) “أمر بشأن إدارة مجالس اقليمية (يهودا والسامرة) (رقم 783)[3], 5739-1979″ الذي بموجبه تم الاعلان عن تشكيل خمسة مجالس إقليمية يهودية تشمل الضفة الغربية المحتلة (المستوطنات الاسرائيلية القائمة في الضفة الغربية المحتلة) و(ثانيا) “أمر بشأن إدارة مجالس محلية (يهودا والسامرة) (رقم 892), 5741-1981”[4] والذي تم بموجبه إنشاء مجالس محلية في المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة. و (ثالثا) الاستملاك من خلال الإعلان عن الأراضي ‘لاستعمالات عامة’ بأمر عسكري رقم 321 للعام 1969 والذي يفوض العسكرية الإسرائيلية الصلاحية في مصادرة أراضي خاصة لاستخدامات عامة (لم يتم تحديد معنى استخدامات عامة) و بدون تقديم تعويضات للجهة المتضررة. واستخدم الجيش الإسرائيلي القانون أعلاه بشكل رئيسي لبناء شبكة طرق للجيش في داخل المناطق الفلسطينية المحتلة و كذلك الحال للمستوطنين الإسرائيليين الذين و فر الجيش الإسرائيلي لهم طرق بديلة بعيداً عن التجمعات السكنية الفلسطينية في المناطق المحتلة. و(رابعا), الامر العسكري الإسرائيلي رقم 1539 للعام 2003 أمر بخصوص مبانٍ غير مرخّصة (تشريع مؤقت) (يهودا والسامرة) (رقم 1539) – 2003″, حيث أعد هذا الامر العسكري في الأصل لإخلاء المستوطنين الاسرائيليين من بؤر استيطانيّة أقيمت بشكل غير قانوني (بحسب التعريف الاسرائيلي)[1] في أرجاء الضفة الغربية المحتلة، ولكنّ دولة الاحتلال الاسرائيلي تقريبًا لم تستخدم هذا الامر لهذه الغاية الا في حالات قليلة جدا, بل سخرته ضد المباني والمنشآت الفلسطينية التي تعتبرها اسرائيلي “مبان غير مرخصة” باعتبار انها شيدت في المناطق المصنفة “ج” التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة بحسب اتفاقية أوسلو الثانية “المؤقتة” للعام 1995 . ويسمح هذا الأمر للقائد العسكري الاسرائيلي بإعلان منطقة في الضفة الغربية “منطقة متاخمة” وان يأمر بإجلاء جميع الممتلكات الموجودة فيها. واستنادًا إلى هذا الأمر تم اصدار أوامر تهجير عديدة للتجمّعات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة. و(خامسا), الامر العسكري الاسرائيلي رقم 363 للعام 1969 والذي يخول الإدارة المدنية الإسرائيلية بالإعلان عن أيّة منطقة في الضفة الغربية المحتلة “كمحمية طبيعية” أو “كمناطق طبيعية” بموجب أوامر تصدرها. وعادة يتم فرض قيود صارمة على البناء واستخدام الأراضي على هذه المناطق للمطالبة بحماية البيئة. ومنذ احتلالها للأراضي الفلسطينية في العام 1967, استخدمت إسرائيل هذه الطريقة لمصادرة الأراضي التي يتم بناء المستوطنات عليها لاحقًا. علاوة على ذلك ، لم يتم تحديد أي تعويض عن الأضرار على الرغم من أنه من المفترض أن تكون المحميات الطبيعية لحماية البيئة ، إلا أنها في الواقع تعتبرها السلطات الإسرائيلية جزءًا محوريًا من برنامج الاستيلاء على الأراضي ، والذي يتم بناء المستوطنات عليه لاحقًا. و(سادسا) الأمر العسكري الاسرائيلي رقم 373 للعام 1970 الذي يعطي صلاحية للقائد العسكري الاسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة بالإعلان عن مناطق معينة حدائق عامة (كما في الأمر العسكري الاسرائيلي رقم 363) بشأن المحافظة على المحميات الطبيعية، إذ يخوّل هذا الامر القائد العسكري الاسرائيلي و”الإدارة المدنية الإسرائيلية”، بالإعلان عن منطقة ما في الضفة الغربية كمحمية طبيعية بموجب أمر يصدره في تلك المنطقة. وسخرت اسرائيل هذا الامر العسكري الاسرائيلي لمصادرة الاف الدونمات من الاراضي الفلسطينية بالإعلان عنها محميات طبيعية وحدائق طبيعية بحجة “الحفاظ على المناطق الطبيعية” الا ان هذه الاجراء جاء بهدف منع الفلسطينيين من استغلال هذه الاراضي والتي تحولت خلال أعوام الاحتلال الاسرائيلي لمناطق مستوطنات اسرائيلية. فيما يلي نسخة عن بعض الاوامر العسكرية الاسرائيلية الصادرة عن الادارة المدنية الاسرائيلية
الامر العسكري الاسرائيلي رقم 93/1: الشارع الالتفافي الاسرائيلي رقم 60
الامر العسكري الاسرائيلي رقم 19/15/ه: جهاز لرصد الهزات الارضية في مستوطنة افينات
الامر العسكري الاسرائيلي رقم 93/1: الشارع الالتفافي الاسرائيلي رقم 60
الامر العسكري الاسرائيلي رقم 783 للعام 1979 – ميفوعوت يريحو
الامر العسكري الاسرائيلي رقم 321 للعام 1969: طريق التفافي على اراضي مجدل بني فاضل
في الختام
منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية في العام 1967, استخدمت اسرائيل ألية قانونية وبيروقراطية معقدة تخطت إجراءات العدالة الطبيعية للسيطرة على جزء كبير من الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية. وكانت هذه الاراضي قد استُخدمت فيما بعد لبناء المستوطنات الاسرائيلية واقامة البؤر الاستيطانية و القواعد العسكرية وتكريس مساحات اخرى لتوسيع هذه المستوطنات في المستقبل. وكانت الأداة الرئيسية التي استخدمتها اسرائيل للسيطرة على الأراضي الفلسطينية هي الاوامر العسكرية العنصرية لمصادرة الاراضي منها لأغراض عسكرية, واخرى إعلان الأراضي ‘أملاك غائبين’، ‘واخرى لمصادرة الأراضي لتلبية احتياجات العامة واعلان اخرى محميات وحدائق طبيعية و غيرها من الاوامر العنصرية التي استندت كل منها إلى أسس قانونية مختلفة. و تجدر الاشارة الى انه في معظم الحالات، لم يكن السكان الفلسطينيين على دراية بأن أراضيهم يتم أو تم مصادرتها، وبحلول الوقت الذي ظهر فيه هذا التلاعب, كان الأوان قد فات للطعن فيه واسترجاع الاراضي او حتى الخوض في الامور القانونية لإنقاذها.
[1]هي غير قانونية جميع البؤر الاستيطانية الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)