في الخامس عشر من شهر كانون الثاني من العام 2015، اقتحمت قوات من جيش الاحتلال الاسرائيلي و طاقم من الادارة المدنية الاسرائيلية، اراضي فلسطينية تقع الى الشمال الغربي من قرية شوفة[1] في محافظة طولكرم، وقامت بتسليم السيد ايمن علاء أمر عسكري رقم 160749 لوقف العمل والبناء في ما يلي:
طبيعة المنشأة |
مساحة المنشأة |
منزل |
220 متر مربع |
بركس زراعي |
16 متر مربع |
اشجار |
250 شجرة |
حيث ادعى الامر العسكري الصادر بان المنشآت المفصلة اعلاه، تم بنائها دون الحصول على ترخيص من السلطات المختصة، أي ان المباني محظورة وذلك بحسب المادة 38، الفقرة 1 و3 من قانون تنظيم المدن والقرى والابنية رقم 79 لعام 1966، والتي تنص على ما يلي:
المادة 38
إجراءات مراقبة الإعمار والأبنية وإخطارات التنفيذ
الفقرة رقم 1: إذا تبين للجنة المحلية أن للجنة التنظيم اللوائية أن تعمير أي أرض أو إنشاء أي بناء جرى بدون رخصة أو خلافا لمضمون الرخصة أو خلافا للأنظمة والأوامر والتعليمات السارية المفعول أو خلاف لأي مخطط تنظيم و/أو إعمار مقرر فعندها تصدر اللجنة المعنية أو رئيسها أو أي موظف مفوض عنها إخطار تنفيذ لذلك المالك وشاغلها والمتعهد ومعلم البناء.
الفقرة رقم 3: إذا صدر إخطار بمقتضى هذه المادة أن يذكر فيه نوع الإعمار الذي جرى بدون رخصة أو خلافا للرخصة أو الأنظمة أو الأوامر أو التعليمات أو مخططات الإعمار كما تذكر فيه الشروط التي تطبق ويجوز أن يشتمل الإخطار حسب مقتضى الحال على الخطوات الواجب اتخاذها خلال مدة معينة لا تتجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ التبليغ لأجل إعادة الأرض كما كانت قبل التعمير أو تأمين مطابقة ذلك للأنظمة أو الأوامر أو التعليمات أو الشروط ويجب أن يشمل الإخطار بشكل خاص على طلب إزالة أو هدم أو تغيير البناء أو الأشغال أو لتوقف عن استعمال تلك الأرض والتوقف عن الاستمرار في عملية الإعمار وتشييد البناء.
وينص الامر العسكري رقم 106749 ايضا على ضرورة وقف اعمال البناء بشكل فوري، للمنشآت المفصلة اعلاه . وذلك لحين النظر في القضية من قبل اللجنة الفرعية للتفتيش التابعة للدارة المدنية الاسرائيلية حيث ستناقش في جلستها "هدم البناء أو ارجاع المكان الى حاله السابقة طبقا للقانون تنظيم المدن والقرى والابنية رقم 79 لعام 1966"، حيث ستعقد اللجنة جلستها في الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني من العام 2015.
وبناءا على ما سبق يحق لصاحب المباني المذكورة في الامر العسكري، التقدم للجهات الرسمية الاسرائيلية بطلب الحصول على ترخيص بناء لهذه المباني، او تمديد سريان الترخيص في حال انتهاء مدة الترخيص، أو التقدم للجهات القانونية في حال رغب صاحب المباني بالادعاء القانوني.
موقع المنشأت المهددة بالهدم
من خلال التحليل الذي اجراه معهد الابحاث التطبيقية القدس- أريج، فيما يخص موقع المباني المعرضة لخطر الهدم، تبين بانها تقع في المناطق المصنفة "ج" بحسب اتفاقية أوسلو الثانية والمؤقتة والموقعة بين السلطة الوطنية الفلسطينية والحكومة الاسرائيلية عام 1994، حيث تم وضع الاراضي المصنفة "ج" تحت سيطرة سلطات الاحتلال الاسرائيلية بشكل كامل، أمنيا واداريا، وتقدر الاراضي التي تم تصنيفها "ج" بحوالي 60% من أراضي الضفة الغربية. ولان المنزل والبركس الزراعي والاشجار تم بناءها على أراضي مصنفة "ج" فانه يتعين على مالكها الحصول على رخصة بناء وعمل من الادارة المدنية الاسرائيلية.
ولكن ليست هذه المعضلة الوحيدة في موقع المنشات المهدد بالهدم، حيث تبين من خلال التحليل للصور الجوية ومن خلال الاتصالات التي اجريت مع مجلس قروي شوفة، تبين بان الارض التي تقع عليها هذه المنشات، هي اراضي معلنة من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلية "اراضي دولة". وبموجب ذلك تدعي اسرائيل بأحقيتها بالتصرف في هذه الاراضي بما تقتضيه حاجاتها الاستيطانية. وهذا ما اكده ضابط من الادارة المدنية الاسرائيلية حين تم تسليم الامر العسكري. وكما وضح السيد نعمان دروبي بان هذه الاراضي المقامة عليها المنزل والبركس الزراعي، صدر فيها امر مصادرة اسرائيلي، بادعاء اعلانها اراضي دولة، منذ سنوات، وبموجب هذا الامر لا يحق للفلسطينيين استخدام أو دخول هذه الاراضي.
أراضي دولة وسيلة اسرائيل لمصادرة الاراضي الفلسطينية:
بعد الاحتلال الاسرائيلي لقطاع غزة والضفة الغربية عام 1967، عمدت سلطات الاحتلال على نقل ملكية الاراضي التي كانت تديرها السلطات الاردنية والاراضي المسجلة بانها اراضي دولة منذ العهد العثماني فالانتداب البريطاني، عمدت لنقل سلطة التصرف بهذه الاراضي لها، وبالتالي اصبحت الاراضي الفلسطينية المسجلة أراضي دولة منذ العهد العثماني الى الاحتلال الاسرائيلية، هي اراضي دولة بتصرف "دولة الاحتلال الاسرائيلي"، وحيث بلغت مساحة هذه الاراضي في ذاك الوقت (اراضي مسجلة اراضي دولة) ما يقارب 527,000 دونم[2]. وهي اراضي مساحتها بسيطة مقارنة بالأطماع الاسرائيلية الاستيطانية في المنطقة. ومن الجدير ذكره انه في العام 1979 صدر قرار المحكمة العليا المُسمّى "ألون موريه" الذي قيّد من إمكانيات قيام الحكومة بالإعلان عن إقامة مستوطنات على أراض بملكية خاصة صُودرت بأوامر عسكرية، وحصرها في الحالات التي يكون فيها الاعتبار الأساسي من وراء مصادرة الأراضي اعتبارًا أمنيًا. وفي أعقاب هذا القرار، أعلنت دولة الاحتلال الاسرائيلي أنّ المستوطنات لن تُبنى إلا على أراضٍ أُعلنت أنها أراضي دولة. ولكن الاراضي التي انتقلت ملكيتها الى سلطات الاحتلال الاسرائيلي مع احتلال الضفة الغربية كانت مساحتها بسيطة، لذلك لجأت السلطات الاسرائيلية الى "اعلان اراضي دولة" بهدف السيطرة على المزيد من الاراضي الفلسطينية وبالأخص في المناطق ذات اهمية استراتيجية، أي محيط محافظة القدس، قد جرت هذه الإعلانات عبر إعادة كتابة التعليمات والنُظم وتبنّي تفسير مختلف تمامًا لقانون الأراضي العثمانيّ (الذي ينظم مسألة الملكية على الأراضي في الضفة الغربية)، عن التفسير الذي كان متبعًا في الفترة العثمانية وأيام الانتداب والحكم الأردني. وعبر هذه الوسيلة، أعلنت إسرائيل بين الأعوام 1979-2002 أكثرَ من 900,000 دونم على أنها أراضي دولة، أي زيادة مقدارها قرابة 170% عن نسبة أراضي الدولة التي كانت في الضفة قبل الاحتلال.[3]
في الختام:
تعددت الاشكال والهدف واحد : مصادرة المزيد من الاراضي الفلسطينية. طويت صفحات عام 2014 بما حمل بالكثير من المعاناة للفلسطينيين، من حرب دامية على قطاع غزة الى مصادرة اراضي وهدم منازل واقتلاع اشجار في الضفة الغربية، بالإضافة الى اعتداءات قطعان المستوطنين. وعلى ما يبدو ان اسرائيل ماضية في مخططاتها الاستيطانية وممارساتها العدوانية والعنصرية اتجاه الفلسطينيين واراضيهم واشجارهم وكل ما يملكونه.
[1] تقع قرية شوفة الفلسطينية الى الجنوب الشرقي من مدينة طولكرم. يحدها من الشرق قرى بيت ليد وسفارين ومن الشمال عنبتا وكفر اللبد وبلعا ومن الغرب طولكرم وفرعون ومن الجنوب كفر صور والراس.