في خطوة جديدة تسعى اسرائيل من خلالها السيطرة على المزيد من الاراضي الفلسطينية وفرض نفسها كدولة محتلة في الضفة الغربية, قررت الحكومة الاسرائيلية مصادرة 821 دونما من أراضي محافظة رام الله لاقامة مكبا للنفايات يخدم المستوطنات الاسرائيلية في المنطقة. وتدعي السلطات الاسرائيلية أن المكب الذي تنوي مصادرة الارض لاقامته سوف يخدم القرى الفلسطينية المحيطة, الا أن كون موقع المكب المخطط اقامته يقع في المنطقة المصنفة "ج" والتي بحسب اتفاقية أوسلو الثانية للعام 1995, تخضع للسيطرة الاسرائيلية الكاملة, أمنيا واداريا, فان اسرائيل سوف تفرض سيطرتها على ادارة المكب دون السماح للفلسطينيين بالتحكم بزمام الامور كون الاراضي التي سوف يقام عليها المكب تعود لكل من قرى رمون وبلدة دير دبوان في محافظة رام الله الامر الذي قد يزيد من خطورة الوضع في المنطقة.
وبناء على الاتفاق المرحلي بين السلطة الوطنية الفلسطينية والحكومة الألمانية، تعاقد بنك التنمية الألماني (KFW) في شهر اب من العام 2004 مع مجموعة ERM GmbH و GOPA، ألمانيا، ومركز علوم الصحة المهنية والبيئية في جامعة بيرزيت، فلسطين والمكتب الهندسي Sehlhoff في المانيا لاعداد "دراسة جدوى اقتصادية لنظام اقليمي لإدارة النفايات الصلبة في محافظة رام الله والبيرة" في الضفة الغربية المحتلة."
وكانت الانجازات المتوخاة من هذه الدراسة تهدف الى إنشاء "إدارة سليمة بيئيا" للمناطق الحضرية، والمناطق الصناعية (ذات المخلفات الصناعية) ومخلفات المستشفيات في منطقة المشروع، بما في ذلك تجنب النفايات وإعادة التدوير وتحسين جمع النفايات والتخلص منها. هذا بالإضافة الى انشاء مكب نفايات صحي جديد، جنبا إلى جنب مع معالجة مناسبة للنفايات وضمان التخلص الامن منها وتوفير الدعم اللازم لأنشائه واستمراريته في المستقبل.
- وكانت سلطات الاحتلال الاسرائيلي قد اعاقت تنفيذ المشروع في بداية الامر بالرغم من توفر التمويل اللازم كون موقع المكب المستهدف يقع في المنطقة المصنفة "ج" الامر الذي يتطلب موافقة الجانب الاسرائيلي على كافة مخططات المشروع. ولم يمنح الاحتلال الاسرائيلي موافقته على المشروع الا في العام 2007, بمحاذاة الشارع الالتفافي الاسرائيلي رقم 449 من الجهة الشرقية جنوب غرب مستوطنة ريمونيم الاسرائيلية, الا أن الموافقة الاسرائيلية على المشروع آنذاك جائت لاهداف عدة, وجميعها تصب في المصلحة الاسرائيلية:-
- كون المنطقة التي سوف يقوم عليها المكب تخضع لتصنيف منطقة "ج" بحسب اتفاقية اوسلو الثانية للعام 1995, فان اسرائيل هي المستفيد الاكبر من الموضوع وذلك من خلال احكام سيطرتها على المنطقة بذريعة اقامة مكب وفرض ادارتها على الموقع.
- من غير المستبعد أن تقوم اسرائيل بمصادرة المزيد من الاراضي الفلسطينية المحيطة بذريعة "توسيع أو تطوير المكب" في المستقبل وبالتالي السيطرة على المناطق المفتوحة والوحيدة المتبقية لاهالي قرية رمون وبلدية دير دبوان للتوسع في المستقبل.
- ان اعلان اسرائيل اقامة مكب النفايات في المنطقة هو سياسة فرض واقع على الارض الفلسطينية لا يمكن مساومتها, واستدامة للاحتلال والمستوطنات والبؤر القائمة في المنطقة وذلك من خلال ادراجها في مخطط اقامة مكب النفايات.
المنطقة المخطط اقامة مكب النفايات عليها هي "منطقة مفتوحة" وغنية بالمصادر الطبيعية والاراضي الزراعية ومصادر المياه الطبيعية, الامر الذي يضع هذه المنطقة محط استهداف السلطات الاسرائيلية. انظر الخارطة رقم 1
الخارطة رقم 1: موقع مكب النفايات المزمع اقامته على أراضي قرية رمون بلدة دير دبوان
اسرائيل تسعى لفرض واقع جغرافي استيطاني جديد شرق رام الله
في شهر حزيران من العام 2002 أعلنت اسرائيل عن بناء جدار العزل العنصري على اراضي الضفة الغربية المحتلة ودأبت منذ ذلك الوقت على مصادرة أكبر مساحة ممكنة من الاراضي الفلسطينية المحتلة بدواعي "امنية" حتى تضمن مناطق توسعية مستقبلية للمستوطنات الإسرائيلية التي سوف تضمها لحدودها مع انتهاء بناء الجدار. وبالفعل, استطاعت اسرائيل من خلال رسم مسار الجدار على أراضي الضفة الغربية المحتلة (على طول الحدود الغربية, ابتداء من محافظة جنين في الشمال وانتهاءا بمحافظة الخليل في الجنوب وشواطىء البحر الميت) بناء ما يزيد عن 60% من الجدار على أراضي الضفة الغربية المحتلة وضم 107 مستوطنة اسرائيلية لحدودها الاحادية الجانب. الا أن مخطط جدار العزل العنصري لم يلبي حاجة وتطلعات اسرائيل الاستيطانية بالقدر الكافي وذلك لان العديد من المستوطنات الاسرائيلية ذات المكانة الاستراتيجية والجغرافية والدينية الهامة بالنسبة لإسرائيل قد بقيت خارج حدود الجدار (على الجهة الشرقية من الجدار) ولم تضمن اسرائيل سيطرتها التامة عليها والمناطق المحيطة بها كما هو الحال بالنسبة للمستوطنات التي اصبحت داخل منطقة العزل الغربية وضمنت اسرائيل استدامتها بفعل الجدار.
وهذا هو الحال بالنسبة للمستوطنات الاسرائيلية التي تحيط بالأراضي المزمع اقامة مكب النفايات عليها, كمستوطنة معاليه مخماس جنوب رمون ودير دبوان ومستوطنتي ريمونيم وكوخاف هشاهار في الجهة الشمالية الشرقية ومستوطنتي كوخاف يعقوب (عبير يعقوب) وبيساغوت في الجهة الشمالية الغربية ومستوطنات بيت ايل وعوفرا في الناحية الشرقية لهذه التجمعات. وتسعى اسرائيل من خلال مسلسل التهويد الذي تنفذه على الاراضي الفلسطينية الى خلق تجمع استيطاني جديد يجمع المستوطنات الاسرائيلية السابقة الذكر تحت اطار واحد كون هذه الحلقة الاستيطانية تشكل اهمية كبرى بالنسبة لإسرائيل وهي تعتبر بمثابة حلقة وصل جغرافية بين المستوطنات الاسرائيلية في منطقة غور الاردن والبحر الميت (منطقة العزل الشرقية) والمستوطنات الاسرائيلية غرب مدينة رام الله (دوليف وتلمون ونحلئيل والتي بمجموعها تشكل تجمعا استيطانيا اخر في المنطقة) والمستوطنات الاسرائيلية داخل منطقة العزل الغربية. وبالتالي, فان الموقع المزمع اقامة المكب عليه هو بمثابة الحلقة المتبقية لإسرائيل لخلق هذا التجمع الاستيطاني الجديد في المنطقة وبالتالي احكام سيطرتها على الاراضي المحيطة بالمستوطنات.
ملخص,
بغض النظر عن نوع المشروع الاستيطاني في المنطقة المستهدفة, الا أن اسرائيل تستمر وبشكل متواصل استهداف المناطق المصنفة "ج" في الضفة الغربية المحتلة ضمن سعيها المتواصل لاستغلال هذه المناطق بالمشاريع الاستيطانية المختلفة والابقاء عليها تحت سيطرتها قبل أية تسوية مستقبلية مع الفلسطينيين والتي بدورها قد تلزم اسرائيل تسليم هذه المناطق للفلسطينيين.
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)