اصبح واضحا أن اسرائيل لا تكتفي من مصادرة الاراضي الفلسطينية لصالح خططها الاستيطانية التوسعية، حيث في الاول من شهر تشرين الاول من العام 2014، نشرت صحيفة اسرائيلية خبر مفاده بان الادارة المدنية الاسرائيلية في الضفة الغربية ستقوم بمصادرة 5.4 دونم من الاراضي الفلسطينية الخاصة تقع الى الغرب من مستوطنة أدم الاسرائيلية، شمال محافظة القدس، وذلك لصالح انشاء طريق خاصة للمستوطنين الاسرائيليين فقط.
لم تمضي سوى ايام قليلة قبل ان تتضح المخططات الاستيطانية الاسرائيلية اكثر فاكثر، حيث نشرت صحيفة هاآرتس الاسرائيلية في الثالث من شهر تشرين الاول من العام 2014، تقرير مفصل عن الطريق الاستيطاني الجديد المنوي تشييده، وقامت بإرفاق التقرير بخارطة توضح تفاصيل الطريق الاستيطاني الجديد. وبحسب التقرير المنشور، فان الشارع الجديد سيتم بناءه بشكل غير قانوني على أراضي فلسطينية خاصة، وكما ان الشارع الاستيطاني الجديد معد خصيصا لاستخدام المستوطنين الاسرائيليين فقط.
بعد الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية بما فيها مدينة القدس عام 1967، قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلية بمصادرة الاراضي الفلسطينية المحتلة لصالح بناء المستوطنات الاسرائيلية غير شرعية، وقامت بوصل هذه المستوطنات بعضها ببعض بشكة من الطرق التفافية، منها ما يسلكه المستوطنين الاسرائيليين والفلسطينيين، ومنه ما هو مخصص فقط لاستخدام المستوطنين الاسرائيليين. ومن ضمن هذه الطرق الالتفافية الاسرائيلية "الطريق رقم 437" والذي يقع الى الشمال من محافظة القدس، ويربط المستوطنات الاسرائيلية الواقعة ضمن حدود بلدية القدس مثل بسغات زئيف والنبي يعقوب بمستوطنة أدم (جيفعات بينيامن) الاسرائيلية بالمستوطنات الاسرائيلية المقامة على أراضي محافظة رام الله مثل مستوطنة بيت ايل الاسرائيلية. ويتم استخدام هذا الشارع أيضا من قبل الفلسطينيين؛ لأنه الطريق الوحيد الذي يربط بين المحافظات الفلسطينية الجنوبية بالشمالية. كما ان الطريق الاستيطاني رقم 437 ينتهي على المدخل الغربي لمستوطنة أدم ليرتبط بعد ذلك بالطريق الاستيطاني رقم 60 (الطريق الشمالي السريع)، الذي يصل الى المستوطنات الاسرائيلية المقامة الى شمال من الضفة الغربية. أنظر الخارطة رقم 1
خارطة رقم 1
وبحسب تقرير صحيفة هاآرتس الاسرائيلية، التي افادت بقيام عدد من المستوطنين الإسرائيليين، وخاصة الذي يقطنون في مستوطنة أدم (جيفعات بينيامن) الاسرائيلية، قاموا بتقديم شكوى لسلطات الاحتلال الاسرائيلية بانه في ساعات الذروة ووقت الظهيرة، وفي الاعياد والعطل الرسمية بالإضافة الى عطلة نهاية الاسبوع، تشهد تلك المنطقة ازمة مرورية خانقة، مما يصعب على المستوطنين الوصول الى مستوطنة ادم أو الوصول الى الطريق الالتفافي رقم 60.
ومن الجدير ذكره، وبحسب ما ذكرت صحيفة هاآرتس الاسرائيلية، بانه في الاسابيع الماضية قام المجلس الاقليمي للمستوطنات الاسرائيلي في تلك المنطقة "ماته بينيامن" دون الحصول على موافقة من الادارة المدنية الاسرائيلية بفتح طريق ترابي بديل لسير سيارات المستوطنين، خلال ساعات الظهيرة، حيث تم فتح الشارع الترابي الجديد على أراضي فلسطينية خاصة، ويقع على الجانب الغربي من مستوطنة أدم الاسرائيلية، وتم وضع بوابتين على مدخلي الطريق لحفظ أمن الطريق ومنع الفلسطينيين من استخدامه. ولان الطريق تم فتح دون موافقة أو علم الادارة المدنية الاسرائيلية، أصدرت سلطات الاحتلال الاسرائيلية أمر هدم لهذا الطريق الاستيطاني، لكن جيش الاحتلال الاسرائيلي لم يقم بنفذ الامر. وقد أدعى المجلس الاقليمي للمستوطنات الاسرائيلي في تلك المنطقة "ماته بينيامن" بان الشارع الالتفافي رقم 437 يشكل خطر على المستوطنين الاسرائيلية ولا يوجد فيه طريق بديل أو مخرج، في حال حدوت أمر طارئ أو حادث سير، مما يصعب وصول سيارات الاسعاف والشرطة على حد قولهم.
ويبدو ان الادارة المدنية الاسرائيلية اقتنعت بأهمية وجود هذه الطريق، لتقوم بفرض سلطتها وسيطرتها على الاراضي المحتلة وتصدر أمر عسكري لمصادرة 5.4 دونم من الأراضي الفلسطينية الخاصة لصالح انشاء طريق خاص للمستوطنين فقط.
في الختام:
تكمن خطورة هذه الطريق الاستيطاني الجديد، بالإضافة الى انه يصادر اراضي فلسطينية خاصة، بانه يقع في منتصف حي فلسطينية ، مما قد يؤثر على الوجود الفلسطينيين في تلك المنطقة ، حيث ان الطريق الاستيطاني الجديد يخترق حي فلسطيني، وبالتالي فانه يهدد بهدم المنازل الموجود في ذلك الحي، حيث أن هناك بعض المنازل موجودة على خط الطريق الاستيطاني الجديد وبالتالي سيتم هدمها. ذلك بالإضافة الى أن هذا الشارع الجديد المنوي اقامته يشكل صورة واضحة عن السياسات التميز العنصري التي تتبعها سلطات الاحتلال الاسرائيلية في الضفة الغربية؛ والمتمثلة، بفصل خط سير السيارات الفلسطينية عن سيارات المستوطنين الاسرائيليين، وتميزهم عن الفلسطينيين في حصلهم على طريق خاصة بهم لتفادي ازمة السير التي تحدث على ما يطلق عليه اسم "مفرق جبع".
كما ان مخطط الطريق الاستيطاني الجديد وغيره من المخططات الاسرائيلية الاستيطانية الاخرى التي تقوم بها اسرائيل على أراضي الضفة الغربية المحتلة، تعمل على تعزيز الوجود الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة، وتقوض عملية السلام وتنسف فكرة "الحل السلمي على اساس دولتين". بالإضافة الى ان هذه المخططات الاسرائيلية الاستيطانية التي تقام بها سلطات الاحتلال الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة بما فيها مدينة القدس، تشكل انتهاك واضح وصريح للقوانين والاعراف الدولية؛
- اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، المادة رقم 174: "يحظر تدمير الممتلكات والاستيلاء عليها بشكل واسع النطاق، ولا تبرره ضرورة عسكرية ملحة، وينفذ بشكل غير قانوني وغير شرعي وبشكل تعسفي."
- اتفاقية خارطة الطريق الموقعة بين الإسرائيليين والفلسطينيين ( تحت رعاية، الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، وروسيا، والأمم المتحدة) بتاريخ الثلاثين من شهر نيسان من العام 2003 التي دعت فيها حكومة إسرائيل إلى تجميد جميع أعمال البناء في المستوطنات: "على حكومة إسرائيل والعمل بشكل فوري على تفكيك جميع البؤر الاستيطانية التي أقيمت منذ آذار عام 2001، وبما يتفق مع تقرير ميتشل، وأيضا على الحكومة الإسرائيلية تجميد كافة نشاطات البناء للمستوطنات بما فيها النمو الطبيعي. حسب الخطة المعتمد والصادرة من USCR 1515-2003."
- قرار مجلس الأمن رقم 446 لعام 1979 "دعا إسرائيل إلى إلغاء تدابيرها السابقة والامتناع عن اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يؤدي إلى تغيير الوضع القانوني والطابع الجغرافي أو يؤثر ماديا على التكوين الديموغرافي للأراضي العربية المحتلة منذ 1967 وعلى وجه الخصوص (القدس)، وعدم نقل سكانها المدنيين.
- وجاء أيضا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد وأعلن بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي يحمل رقم 217 أ (3) والصادر بتاريخ العاشر من كانون الأول لعام 1948، والذي نص على" لا يجوز لأي أحد أن يحرم أخر وبشكل استبدادي من ممتلكاته"، والذي يعني أنه لا يجوز على إسرائيل تدمير أو مصادرة أملاك الفلسطينيين تحت أي إدعاء."
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)