في فجر يوم السبت السادس من أيلول 2008، كانت السيدة نهيل أبو ريدة (21)عاماً مع مسلسل جديد من الاضطهاد و الظلم الذي يمارسه جنود الاحتلال بشكل يومي و مستمر ضد أبناء الشعب الفلسطيني على حاجز حوارة الاحتلالي الذي يعزل مدينة نابلس عن محيطها الفلسطيني من الجهة الجنوبية، حيث وصلت السيدة نهيل أبو ريدة بصحبة زوجها مؤيد أبو ريدة وشقيق زوجها عدنان أبو ريدة الذي كان ينقلهما بواسطة سيارته الخاصة السيدة نهيل وزوجها من قرية قصرة، حيث يقيمون بها والتي تبعد مسافة 27كم إلى الجنوب من مدينة نابلس باتجاه مستشفى رفيديا في مدينة نابلس وذلك من اجل أن تضع الأم وليدها الذي طال انتظاره بعد ولادة ابنتها حنان قبل عامين.
يشار إلى أن السيدة نهيل التي كانت تحمل جنينها في الشهر السابع في حوالي الساعة 12.20 من فجر يوم السبت، حيث تفاجئت بقرار جنود الاحتلال المتمركزين على الحاجز بمنعها من العبور إلى مدينة نابلس بحجة أن تلك السيارة التي يستقلونها لا تحمل أية تصاريح صادرة من قبل الاحتلال تخولها بالمرور إلى المدينة، حيث لم تشفع صرخات الألم و الاستغاثة التي كانت تطلقها الأم المسكينة بالسماح لها بالمرور حيث كان صراخها يملئ المكان و يدوي كصوت البرق في السماء، كذلك الأب الذي كان يستجدي جنود الاحتلال بكل الطرق للسماح لزوجته بالمرور إلى المستشفى لتضع وليدها ، و لتتلقى الرعاية الصحية مثل سائر الأمهات في العالم، إلا أن جنود الاحتلال الذين لا يفهمون إلا لغة الحواجز والتصاريح لم يكن منهم سوى الرفض التام لعملية إدخالهم الحاجز، كذلك رفضوا حتى مجرد النظر لتلك المرأة وهي تتألم.
يذكر انه بعد مرور ساعة حيث عجزت العائلة للوصول إلى مدينة نابلس تم استدعاء سيارة إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني من مدينة نابلس وعند الكشف الطبي الأولي على نهيل تبين أن نصف المولود كان خارج الرحم ولكن دون حياة ، هنا غاب الأمل وهنا انتهى الحلم بمشاهدة طفل عادي ككل الأطفال.
ويتحدث الزوج مؤيد أبو ريدة لباحث مركز أبحاث الأراضي عن الحادث بمرارة، قائلا: ((شعرت زوجتي بآلام في البطن وهي ما زالت في بداية الشهر السابع للحمل ما اضطرني للإسراع في طلب شقيقي لينقلنا بسيارته فجر يوم السبت السادس من أيلول إلى مشفى رفيديا، ورافقتنا والدتي أيضاً، مررنا بحاجز زعترة القريب من المدينة من دون أن يستوقفنا جنود الاحتلال المتمركزين على الحاجز، إلى أن وصلنا حاجز حوارة. وبعد مماطلة من الجنود لأكثر من عشرين دقيقة بحجة أن الحاجز مغلق طلب الجنود بطاقات الهوية، ومع أنهم كانوا يرون زوجتي وهي تتألم والنزيف يشتد معها إلا أنهم لم يكترثوا بذلك بل تعمدوا بإذلالنا من خلال الطلب من شقيقي إرجاع السيارة مسافة 10 متر نحو الخلف بعيدين عن الحاجز و بدأنا حينها نتوسل إليهم لكن ‘لا حياة لمن تنادي’، لنقف ساعة على الحاجز ونحن ‘مكتوفي الأيدي’ لا حيلة بأيدينا سوى التوسل واستنجادهم، لمدة ساعة حتى وصلت سيارة الإسعاف حيث كان كل شيء قد انتهى.. الطفل لم يصبر أكثر من ذلك وفارق الحياة رأساً، لأن من يولد في تلك المرحلة من الحمل يحتاج إلى التنفس والحاضنة بسرعة وخلال ثوان. فكيف وهو يولد داخل سيارة وفي ظروف سيئة كهذه، علماً بأن الطفل كان نصفه قد أصبح خارج رحم أمه)).
يذكر أن عددا من حالات الولادة كانت قد جرت على الحواجز المحيطة بمدن الضفة الغربية وخاصة حاجز حوارة، وسجلت من بينها العديد من حالات وفاة المواليد بعد ميلادها.