تزايدت التصريحات الصادرة عن الحكومة الاسرائيلية قبل انعقاد مؤتمر أنابوليس عن ضرورة تنفيذ التزاماتها تجاه خارطة الطريق و وقف نشاطاتها الاستيطانية في الاراضي الفلسطينية المحتلة حيث تعهد رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت أمام أعضاء المجلس الاسرائيلي المصغر في التاسع عشر من تشرين ثاني للعام 2007 بتجميد النشاطات الاستيطانية في مستوطنات الضفة الغربية و ازالة البؤر الاستيطانية في خطوة اعتبرها العالم أجمع ‘كبادرة حسن نية’ من قبل الحكومة الاسرائيلية نحو دفع عملية السلام حيث صرح رئيس الوزراء الاسرائيلي: ‘ تتضمن خارطة الطريق التزام صريح و واضح من قبل الحكومة الاسرائيلية بعدم بناء مستوطنات جديدة و أحياء جديدة في الضفة الغربية و عدم مصادرة ألاراضي, و علينا أن نطبق هذه الالتزامات‘. و أضاف أولمرت في كلمته ‘ انه من المستحيل أن نستمر بالقول أن خارطة الطريق هي رصيدا استراتيجيا لاسرائيل في نفس الوقت نتجاهل التزاماتنا تجاهها. ‘
و في كلمته في مدينة أنابوليس أمام الرئيس الامريكي جورج بوش و الرئيس الفلسطيني محمود عباس و الحضور أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي على أن المفاوضات بين الجانبين الاسرائيلي و الفلسطيني لحل النزاع ‘ستقوم على أساس الاتفاقات الموقعة بين الجانبين (الاسرائيلي و الفلسطيني), ، وقرارات مجلس الامن الدولي 242 و 338 ، وخارطه الطريق و رسالة الرئيس الامريكي جورج بوش في نيسان / ابريل 14 ، 2004 الى رئيس وزراء اسرائيل أنذاك (أرييل شارون).’ غير ان ما جاء على أرض الواقع كان مغايرا لتصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي حيث كانت أولى الانتهاكات اعلان وزارة الاسكان الاسرائيلية في الرابع من كانون أول من العام 2007 عن بناء 307 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة أبو غنيم جنوب مدينة القدس بهدف توسيعها و زيادة عدد المستوطنيين فيها. و يذكر أن العمل لبناء الوحدات السكنية كان قد بدأ في وقت سابق من هذا العام و تسارعت وتيرته في الاشهر الاخيرة من العام المنصرم الا أن اعلان وزارة الاسكان جاء ليؤكد من قانونية الاعمال الجارية في المستوطنة. و يعتبر هذا الاعلان بمثابة رفض واضح و صريح لما تعهد به رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت قبل و بعد انعقاد مؤتمر أنابوليس في الخامس و العشرين من شهر تشرين ثاني من العام 2007.
ويبدو ان التوسيع الاسرائيلي الجاري في مستوطنة هار حوما (أبو غنيم)، كان مقدمة لتصريح اسرائيلي اخر من قبل رئيس الادارة المدنيه الاسرائيلية الجنرال يواف موردخاي في الحادي عشر من شهر كانون أول من العام 2007 بانه هناك المئات ، بل الالاف من الوحدات السكنية المرخصة و الجاهزة للبناء في مستوطنات الضفة الغربية و التي لا تستدعي موافقة اضافية من الحكومة الاسرائيلية لبناءها. و كان هذا التصريح قد زاد من انتقادات المجتمع الدولى لاسرائيل لاستمرارها بالبناء في مستوطنات الضفة الغربية بشكل يناقد تصريحاتها قبيل انعقاد المؤتمر منها ما جاء في تصريح الاتحاد الاوروبي الذي يدين الخطط الاستيطانية الاسرائيلية في المنطقة بقوله: ‘ يعتبر الاتحاد الاوروبي ان هذه المبادرة قد تؤدي الى تقويض الجهود الجاريه في البحث عن السلام وبناء الثقة بين الطرفين ، وخصوصا في هذه المرحلة من الزمن. الاتحاد الاوروبى يحث اسرائيل على احترام الالتزامات بموجب خارطه الطريق وتجنب الانشطه التي من شأنها ان تحكم مسبقا على اتفاق الوضع النهائى بشأن القدس او تقويض التقدم نحو هذا الهدف‘
و جاءت هذه التصريحات لتعرقل مسار المفاوضات بين الطرفين الاسرائيلي و الفلسطيني التي ابتدأت في الثاني عشر من شهر كانون أول من العام 2007 و تكللت المرحلة الاولى بالفشل بسبب استمرار اسرائيل بنشاطاتها الاستيطانية في الاراضي الفلسطينية المحتلة الامر الذي دعا الرئيس الامريكي جورج بوش بالاعلان عن زيارة له للمنطقة بهدف ايجاد تسوية بين الطرفين.
و في تحدي للزيارة المرتقبة من قبل الرئيس الامريكي جورج بوش لاسرائيل و التي من المتوقع أن يضغط فيها على اسرائيل بوقف النشاطات الاستيطانية في الاراضي الفلسطينية المحتلة, اعلنت مجموعة ‘نشطاء أرض اسرائيل’ في السابع و العشرين من شهر كانون أول من العام 2007 عن يوم الثامن من شهر كانون أول من العام 2008 أي قبل موعد الزيارة المرتقب بيوم واحد ‘يوم الشروع بالبناء المكثف’ في مستوطنة هار حوما ‘حومات شموئيل’ جنوب مدينة القدس. كنوع من المعارضة لزيارة الرئيس الامريكي و حقيبة الضغوطات التي يحملها من أجل وقف النشاطات الاستيطانية الاسرائيلية في المنطقة. و كان النشطاء في المجموعة قد أعلنوا عن اصرارهم بالبناء في المستوطنة بقولهم ‘ لاسرائيل الحق في البناء في القدس وأرض اسرائيل بأكملها. ومن الضروري لنا ان نبث الى العالم باسره رسالة الصمود و الولاء اليهودي الى ارض اسرائيل بأكملها‘. و من بين المشاركين في الحملة 1) أمناء أرض اسرائيل, 2)شباب من اجل ايريتز اسرائيل, 3) نساء بالاخضر , 4) حومش أولا, 5) لجنة انقاذ الشعب والارض, 6) كوميميوت, 7) ماجيناي ايريتز , 8) ماتوت عريم, 9) منتدى أرض اسرائيل , 10) فييراشتيم اوتا, 11) اللجان المحلية و 12) اللجنة التابعة لتوسيع مستوطنة هار حوما.
كما سارعت المؤسسات اليهودية المتطرفة في اسرائيل عن رفضها القاطع لتصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي في مؤتمر أنابوليس و الضغوطات الامريكية بهذا الشأن حيث أطلقت حملة لبناء تسع بؤر استيطانية جديدة في الضفة الغربية في اطار تعزيز الوجود اليهودي في المنطقة. و كانت بداية الحملة تظاهرات لمئات من المستوطنيين الاسرائيليين في العاشر من شهر كانون أول من العام 2007 في جميع أنحاء الضفة الغربية لبناء هذه البؤر, كان أكبرها تجمهرا في منطقة E1 , بالقرب من مستوطنة معاليه أدوميم حيث شهدت هذه المنطقة نزاع حاد الوتيرة بين المسوطنيين الاسرائيليين الذين تجمعوا في المنطقة بهدف اقامة بؤرة استيطانية جديدة كرد على قرار الحكومة الاسرائيلية بوقف تنفيذ مخططاتها الاستيطانية في المنطقة الواقعة شرق معاليه أدوميم و المعروفة ‘ بخطة ال E1 ‘ و التي تتضمن بناء 3500 وحدة سكنية جديدة في اطار توسيع المستوطنة الام ‘معاليه أدوميم’ و ربط التجمع الاستيطاني (تجمع مستوطنات معاليه أدوميم) بمستوطنات القدس على حساب الاراضي الفلسطينية في كل من العيزرية, أبو ديس, الزعيم, العيسوية, عناتا و الطور. حيث صرح المستوطنون خلال تظاهرهم: ‘لقد رضخت الحكومة الاسرائيلية الحالية الى الضغوطات الاميركية وتوقفت عن تلك الخطط في محيط مستوطنة معاليه أدوميم’ … ‘انهم لا يسمحون لليهود بالبناء هناك لان منطقة ال E1 من المفترض ان تكون المنطقة التي ستعطي الفلسطينيين لضمان استمرارية خططهم لاقامة الدولة الفلسطينية. وهكذا ، اذا اردنا ان نمنع قيام دولة فلسطينية يجب ان نضمن التنفيذ السريع لمخطط E1‘. و كان من بين المؤسسات اليهودية التي دعت لمثل تلك التظاهرات 1) المنظمات الداعمة للمستوطنين , 2) المخلصين لارض اسرائيل, 3) اللجان الشعبية المحلية , 4) شباب ايريتس اسرائيل و 5) و نساء بالاخضر. جدول 1 يبين توزيع البؤر الاستيطانية في محافظات الضفة الغربية
جدول 1 : توزيع البؤر الاستيطانية في محافظات الضفة الغربية |
المستوطنة الام |
البؤرة الاستيطانية |
المحافظة |
الون موريه |
هار خيفي |
نابلس |
كوخاف هاشاهار |
موعاز استير |
رام الله |
بيت ايل |
جفعات هاؤر |
معاليه أدوميم |
مفاسيريت أدوميم |
هشمونائيم |
نوفيه هشمونائيم |
كيدوميم |
شيفوت عامي |
سلفيت |
الون شيفوت |
نيتسير |
بيت لحم |
افراتا |
جفعات هايتيم |
كريات أربع |
معالوت حلحول |
الخليل |
المصدر: معهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج)
و لم تكتف وزارة الاسكان الاسرائيلية بتصريحاتها عن توسيع مستوطنة أبو غنيم في بداية شهر كانون أول بل و عادت من جديد بالرغم من ادانة المجتمع الدولي لتصريحاتها الاخيرة لتقدم للشعب الفلسطيني هدية الاعياد المجيدة و ذلك بتخصيص ما يقارب ال 25 مليون دولار (18 مليون يورو) من ميزانيتها للعام 2008 لتوسيع مستوطنة هار حوما ‘أبو غنيم’ و ذلك باضافة 500 وحدة سكنية جديدة لها ضمن حملتها التي تستهدف توسيع المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية خلال العام 2008 و خصوصا تلك حول مدينة القدس كما شملت الميزانية بناء 240 وحدة سكنية جديدة أخرى في مستوطنة معاليه ادوميم.
و في منتصف شهر كانون أول من العام 2007, أعلنت وزارة الداخلية الاسرائيلية عن خطط لبناء 150 وحدة استيطانية جديدة قرب جبل المكبر حيث يمر المخطط باجراءات تنظيمية قبل ان يتم تنفيذه في المنطقة. كما و يجري التخطيط لبناء 7000 وحدة استيطانية جديدة على أراضي قرية الولجة, في منطقة عين يعال و التي تقع ضمن نفوذ بلدية القدس الموسعة ابان حرب العام 1967 و التي كانت على حساب الاراضي الفلسطينية في بيت لحم و رام الله.
و في التاسع عشر من شهر كانون أول من العام 2007 صرح وزير الاسكان الاسرائيلي زئيف بويم بالبدء ببناء الحي اليهودي الجديد في القدس الشرقية بالقرب من مطار قلنديا في القدس, في منطقة عطاروت. و من المقرر ان يتضمن الحي الجديد 11000 وحدة استيطانية جديدة، مما يجعله من أكبر الاحياء اليهودية التي أقيمت أو سوف تقام في القدس الشرقية. و كانت وزارة الاسكان الاسرائيلية قد أعلنت عن بناء ‘حي عطاروت’ الجديد لاول مرة في الثامن و العشرين من شهر شباط من العام 2007 حيث يقع الحي ضمن حدود بلدية القدس التي وسعت بشكل غير قانوني بعد حرب العام 1967 جائت على حساب 28 مدينة و قرية فلسطينية, ضمن منطقة مكتظه بالسكان الفلسطينيين. و الجدير بالذكر ان المنطقة المخصصة لبناء الحي اليهودي الجديد قد صنفت ضمن المناطق الممنوع البناء فيها لعقود من الزمان و ذلك بحسب ما جاء في الخرائط التي نشرتها بلدية القدس الاسرائيلية في خطوة حرمت فيها الفسطينيين المقدسيين من البناء و التطور لمواكبة النمو السكاني, بينما أتاحت لنفسها اعداد المخططات لاقامة الاحياء الاستيطانية الاسرائيلية الجديدة لاستيعاب السكان اليهود لتتناسسب و رؤيتها بتهويد المدينة.
و لم تقتصر التصريحات الاسرائيلية على الضفة الغربية بل شملت أيضا قطاع غزة المحتل و ذلك في الثاني و العشرين من شهر كانون الثاني من العام 2007 حيث أذن وزير الاسكان الاسرائيلي زئيف بويم دائرة اراضي اسرائيل ببناء خمسين موقع تطوير ضمن مسافه خمسة كيلومترات من حدود غزة. كما أعلن عن تقديم ارض للاسرائيليين مجانا للذين يرغبون في بناء منازل هناك.
الرسالة الاسرائيلية:-
ان رسالة اسرائيل من خلال كل ما قامت به خلال العام 2007 و ما أعلنت عنه من عمليات بناء قبل و بعد مؤتمر أنابوليس و التي لم تصدر عنها بشكل مباشر هو أن تجميد النشاطات الاستيطانية في المناطق الفلسطينية المحتلة لن تشمل المناطق التي تضمنتها المستوطنات الاسرائيلية القائمة و بالتأكيد بانها لن تشمل منطقة القدس كما هي معرفة اسرائيليا و ان هذه الرسالة موجهة الى ثلاثة أطراف اولها الفلسطينيين ليدركوا بان اسرائيل لن تتخلى عن ما تقوم بتعريفه باسم القدس الموحدة و الطرف الثاني هو المجتمع الاسرائيلي لتقول لهم بأن اسرائيل لن تقوم بالتخلي عن برنامجها الاستيطاني في الضفة الغربية و ان أية تسويات مستقبلية مع الفلسطينيين لن تشمل مدينة القدس. أما الطرف الثالث, فهو المجتمع الدولي حيث أن اسرائيل لن تقوم باية مساومات في المستقبل من شأنها ضرب المشروع الاسرائيلي بتهويد الدولة و القدس على حد سواء.