أصدرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي في شهر شباط 2008 مخطط هيكلي جديد لخربة جبارة في محافظة طولكرم. و جاء المخطط الهيكلي مخيبا للآمال حيث حددت سلطات الاحتلال الاسرائيلي مساحة 75 دونما فقط من اصل 394 دونما كمنطقة بناء في حين أن بيوت القرية تنتشر على مساحة 135 دونما. ويعني هذا ضمنيا إخراج تسعة بيوت خارج حدود المخطط الهيكلي واعتبارها بيوت غير قانونية حسب وجهة نظر الاحتلال وبالتالي تعريضها لخطر الهدم. ويتضح من الخطط المعلن أن سلطات الاحتلال الاسرائيلي، كعادتها، لم تراع الحاجة الماسة للتمدد والتوسع لتلبية التزايد الطبيعي للسكان، بل هدفت من وراء ذلك المخطط الضغط على السكان ومنعهم من التوسع تمهيدا لترحيلهم في المستقبل من تلك البقعة من الأرض.
وقد لاقى المخطط الإسرائيلي معارضة شديدة من قبل أهالي الخربة الذين تقدموا بشكوى سريعة إلى المحكمة العليا الإسرائيلية. وتشمل المباني المستثناة من المخطط مدرسة القرية التي أُخطرت بالهدم في مطلع شهر أيلول من عام 2007م بحجة عدم الترخيص، علما بان المدرسة بنيت بجهود ذاتية من قبل أهالي القرية لتلبية الحاجة الماسة الى غرف صفية بسبب الزيادة الطبيعية في السكان.
إنذارات هدم أخرى
من جهة أخرى، أنذرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي في أواخر شهر شباط الماضي المواطن ذياب عبد الله أبو صفية بهدم منزله للمرة الثانية على التوالي، حيث تم إنذار منزله في المرة الأولى في أواسط شهر تشرين أول من عام 2007م بحجة عدم الترخيص ووقوعه بالقرب من مسار الجدار العنصري علما بان البيت بني قبل 22 عاما من إقامة الجدار.
( صورة رقم 1+2: نسختان لأمر وقف بناء وأمر هدم صادرتا عن سلطات الاحتلال ضد منازل الخربة )
وفي مقابلة مع الباحث الميداني لمركز أبحاث الأراضي أوضح السيد أبو صفية ما يلي: ‘ بني منزلي في العام 1981م أي قبل إقامة الجدار العنصري بسنوات طويلة، وهو منزل بسيط مكون من غرفتين أعيش فيهما أنا وزوجتي وولدي الاثنين اللذين يعانيان من إعاقات شديدة، وأنا في الأصل مقعد لأنني أعاني من شلل في نصي الأسفل. وقد تفاجئت كثيرا عندما وصلني اول اخطار بهدم منزلي في أيلول الماضي بحجة عدم الترخيص ولوقوعه بالقرب من الجدار العنصري كما يدعون. وبعد تسلمي هذا الإخطار سعيت حينها إلى استكمال إجراءات الترخيص وتقدمت باعتراض إلى محكمة عوفرا الإسرائيلية بالقرب من رام الله لوقف قرار الهدم. و بالفعل تم تعليق قرار الهدم إلى حين النظر في المخطط الهيكلي الجديد للخربة التي كانت سلطات الاحتلال تعكف على إعداده. ولكن في نهاية شهر شباط الماضي وبعد صدور هذا المخطط واستثناءه لعدد من المنازل من بينها منزلي أصدرت سلطات الاحتلال قرارا جديدا بهدم منزلي بحجة وقوعه خارج حدود المخطط الهيكلي وكأن شيئا لم يكن وقد أعطيت مهله لغاية منتصف شهر آذار الحالي لهدم منزلي. وإذا ما أقدمت سلطات الاحتلال على هدم منزلي فان ذلك يعني تشريدي أنا وعائلتي في العراء، خصوصا بعد أن فقدت مصدر رزقي الوحيد في مجال الزراعة بسبب إقامة الجدار العنصري حيث كنت امتلك مزرعة صغيرة اعتاش منها ولكن تم تدميرها تحت مسار الجدار عند بناءه في العام 2003 وأنا الآن مهدد بالتشريد لا لذنب اقترفته سوى وقوع بيتي بالقرب من الجدار العنصري.’
خربة جبارة: موقع, مساحة و سكان
تقع خربة جبارة إلى الجنوب من مدينة طولكرم على بعد 6 كم وهي في محافظة طولكرم. يبلغ عدد سكانها الان نحو 380 نسمة ( مركز الإحصاء المركزي الفلسطيني 2006) ينحدر معظمهم من القرى والبلدات المجاورة وهي الراس وفرعون وبلدة الطيبة الواقعة داخل الخط الاخضر. وتبلغ المساحة الاجمالية لخربة جبارة حوالي 394 دونما.
وقبل بناء جدار العزل العنصري في عام 2003 , اعتمد حوالي 95% من سكان خربة جبارة على الزراعة وتربية الدواجن حيث كانت الخربة بناء على معطيات وزارة الزراعة الفلسطينية لعام 2002م من اكبر التجمعات الريفية على مستوى محافظة طولكرم من حيث عدد مربي دواجن ، حيث كان فيها أكثر من 78 مزرعة لتربية الدواجن تضم حوالي مليون صوص، بالإضافة إلى وجود نحو 100 دونم زراعة محمية كان أصحابها يعتمدون في تسويق منتجاتهم على الأسواق الواقعة داخل الخط الأخضر بالإضافة إلى أسواق الضفة الغربية.
و من الجدير بالذكر هنا أن 90% من أراضي خربة جبارة هي في الأصل مسجلة في دائرة الأراضي ضمن حوض رقم (2) من أراضي قرية الراس المجاورة وبالتالي فهي تابعة من حيث السكان والأراضي إلى قرية الراس المجاورة، و ما تبقى من أراضي الخربة – 10% – فهي مسجلة ضمن أحواض قرية فرعون في محافظة طولكرم. ومن هنا بدأت معاناة سكان خربة جبارة, عدم اعتراف سلطات الاحتلال الإسرائيلي بخربتهم كقرية مستقلة إذ كانت سلطات الاحتلال الاسرائيلي تعتبرها لغاية شهر آب، 2006 تجمع غير معترف به تابع لقرية الراس.
خربة جبارة والجدار:
بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإقامة جدار العزل العنصري في محيط الخربة في شهر تموز من عام 2003م، و ذلك من ثلاث جهات و هي: الشمالية والشرقية و الجنوبية بطول 3 كم وعرض 70 مترا وبالتالي عزلها بشكل كامل عن الأراضي الفلسطينية.
( صورة رقم 2+3: مقطعان للجدار حول اراضي خربة جبارة)
وفيما يلي بعض الآثار الناجمة عن اقامة جدار العزل العنصري حول خربة جبارة:
1- تدمير ما يزيد عن 150 دونما من أراضي خربة جبارة تحت مسار الجدار العنصري.
2- عزل جميع سكان القرية البالغ عددهم 380 نسمة داخل الجدار ووضعهم في سجن كبير حول حياتهم إلى جحيم لا يطاق حيث لا يُسمح لغير المقيمين بالدخول دون الحصول على تصريح مسبق من سلطات الاحتلال الاسرائيلي. ونتيجة لذلك, أصبحت عملية تقديم الخدمات الأساسية لسكان خربة جبارة صعبة للغاية حيث تحتاج الأطقم الطبية بالإضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني إلى تنسيق امني مسبق مع الجانب الاسرائيلي للسماح لها بالعبور عبر البوابتين الرئيسيتين وهما البوابة رقم 22 في الجهة الشمالية من الخربة والتي كانت مفتوحة حتى شهر آب من عام 2006م وتم إغلاقها منذ ذلك الحين، وبوابة رقم 753 التي تُفتح 3 مرات يوميا بواقع ساعة واحدة في كل مره وكما يلي:
صباحا من السابعة حتى الثامنة.
ظهرا من الواحدة حتى الثانية.
مساء من الخامسة حتى السادسة.
3- يعاني طلبة المدارس بشكل خاص بسبب عدم توفر مدرسة في القرية تمكنهم من الدراسة فيها مما يجبرهم على التوجه إلى مدرسة قرية الراس المجاورة ويضطرهم إلى الانتظار ساعات طويلة تحت حر الصيف وبرد الشتاء في انتظار أن يفتح جنود الاحتلال الاسرائيلي البوابة للعبور باتجاه قرية الراس. وللتخفيف عن الطلاب نصب الصليب الأحمر خيمة انتظار على مدخل البوابة الحديدية رقم 753.
4- تدمير الحياة الاقتصادية في القرية بسبب تدمير معظم مزارع الدواجن والحقول الزراعية بسبب سياسة الإغلاق الاسرائيلية ومنع وصول المواد وإغلاق الأسواق في وجه المنتجين الفلسطينيين.
5- عزل بيتين فلسطينيين من بيوت الخربة بشكل كامل عن باقي انحاء الخربة هما: