في 27 أيلول 2008، خرج المواطن يحيى عطية بني منيه (18 عاماً) من منزله في قرية عقربا إلى منطقة حوض ‘لفجم’ والواقعة على بعد 10كم شرق القرية تحديداً في منطقة الأغوار الفلسطينية حيث اعتاد على رعي الأغنام هناك لإعالة أسرته المكونة من 10 أفراد، علماً بان يحيى الشقيق الأكبر في العائلة، حيث انه لم يكن يعلم في ذلك اليوم أن نهاية مصيره تنتظره في تلك المنطقة . يشار إلى أن منطقة حوض ‘لفجم’ المقدرة مساحته بنحو 30 ألف دونماً، تعتبر أراضي رعوية لكثير من مزارعي قرية عقربا والقرى والتجمعات البدوية المحيطة، بسبب اعتدال المناخ في تلك البقعة من الأراضي الزراعية الغورية، حيث اعتاد يحيى بني منيه وأكثر من 40 راعياً من قرية عقربا على رعي الأغنام هناك على مدار العام.
مستعمرة ايتمار
هذا ويذكر أن رعاة الماشية شاهدوا يحيى متواجداً في تلك المنطقة في ذلك اليوم كما شاهدوا سيارة بيضاء تقل مستوطنين قادمين من مستوطنة ‘ايتمار’ القادمة عبر الطريق الالتفافي الذي يربط معسكر حوارة ألاحتلالي بطريق رقم ’90’، علماً بأن مستوطنة ‘ايتمار’ تبعد مسافة 10كم عن الموقع، بينما مستوطنة ‘جيتتيت’ تبعد مسافة 3كم عن الموقع المذكور، حيث ذكر أهالي القرية أنه في ساعات المغرب عادت الأغنام كالمعتاد إلى الحظيرة ولم يعد يحيى إلى المنزل، عندها خرج مجموعة كبيرة من أهالي القرية للبحث عنه ليجدوه مقتولاً في أحد وديان حوض ‘لفجم’، حيث وُجد جسد الشهيد يحيى مسجى على الأرض وقد اخترقته 20 رصاصة من رصاص المستوطنين.
يذكر أنها ليست المرة الأولى التي يستشهد بها احد رعاة الماشية برصاص المستوطنين في البلدة، بل سبق في بداية عام 2006م أن استشهد المواطن محمد حمدان بني جابر في عقد الأربعينيات من العمر برصاص المستوطنين في منطقة ‘العرمة’ الواقعة على بعد 9كم غربي قرية عقربا وعلى بعد نصف كيلومتر هوائي من مستوطنة ‘ايتمار’، حيث أنه يعمل أيضاً راعياً وتم استشهاده بنفس الطريقة التي استشهد بها يحيى بني أمنيه.
يشير رئيس المجلس البلدي في قرية عقربا لباحث مركز أبحاث الأراضي أن: (( إن عملية استهداف مربي الماشية والمزارعين في المنطقة لن يؤثر على إصرار المواطنين في نيل حقهم الطبيعي في استغلال أراضيهم الزراعية، بل إن ذلك سوف يدفعهم إلى المزيد من الحرص ومزيد من التمسك في أراضيهم الزراعية التي أصبحت مهددة بفعل التمدد الاستيطاني السريع التي تشهده المنطقة)).
مستعمرة ‘ايتمار’ وخطرها على القرى الفلسطينية المجاورة:
وكانت بداية إنشاء المستعمرة في نهاية أعوام السبعينات، عندما أصدرت ما تسمى محكمة العدل العليا التابعة للاحتلال قراراً بإزالة النواة الاستعمارية على أراضي ‘روجيب’ وتم نقلها من موقعها الحالي إلى أراضي جبل ‘بلال’ في قرية دير الحطب بالطائرات المروحية.
يشار إلى يوم إعلان الاحتلال عام 1984 إقامة النواة الجديدة لـ (إيتمار) على أيدي طلاب معهد مئير من القدس أطلق عليها في البداية اسم ‘تل حاييم’ كإشارة لاستئناف ما يسمى بالحياة اليهودية في الموقع الذي يعتبرونه رمزاً دينياً وعقائدياً له والذي له ارتباطات مزعومة ‘بالعيزر إيتمار بنحاس’ والسبعين شيخاً حسب التاريخ اليهودي.
هذا وبدأت المستعمرة المذكورة بالتوسع التي حوّل اسمها من ‘تل حاييم’ إلى ‘إيتمار’ وذلك ببطء وصمت شديدين حتى تمدّدت المنازل القليلة فيها لعدة أضعاف خلال الثلاث والعشرين عاماً الماضية. إن مستعمرة ‘ايتمار’ تتربع اليوم على أراضي قرى وبلدات (عورتا وبيت فوريك واليانون وروجيب)، بالإضافة إلى قرية عقربا، ويبلغ مسطح البناء للمستعمرة نحو ( 3097,8 م2) وبلغ عدد المستعمرين (557) نسمة.
يشار هنا، أن مستعمرة ‘ايتمار’ تتصل حالياً مع معسكر حوارة التابع لجيش الاحتلال من الجهة الشمالية وذلك بطريق التفافي نظراً لقربها الشديد منهن وكذلك تتصل بنفس الطريق من الشمال بمستعمرة ‘ألون موريه’ إضافة لاتصالها مع آلاف الدونمات من الأراضي التابعة للأغوار الوسطى المغلقة لأغراض عسكرية منذ بداية انتفاضة الأقصى عام 2000م، إن هذا الاتصال والترابط يشكّل كتلة من المستعمرات المرتبطة مع بعضها البعض، وهذا يعطي مؤشراً بعدم نية الاحتلال الانسحاب من تلك المنطقة سواء في الوقت الحاضر أو في المستقبل.
من جهة أخرى، شرع المجلس المحلي لمستعمرة ‘ايتمار’ في الآونة الأخيرة تحديداً منذ بداية شهر أيلول 2008 بإجراء أعمال توسعة للمستعمرة من خلال وضع عدة كرفانات متنقلة على الجبال الشمالية لبلدة عقربا في المنطقة المعروفة ‘بالعرمة’ تمهيداً لإجراء أعمال التوسعة في المنطقة على حساب أراضي المواطنين في تلك البلدة.
معلومات عامة عن بلدة عقربا:
تقع بلدة عقربا في الجهة الجنوبية الشرقية من مدينة نابلس على بعد 18كم عنها، تبلغ المساحة الحالية بعد مصادرة أراضيها نحو 34 ألف دونماً ، منها (13000) دونماً، عبارة عن مسطح البناء في البلدة، مع العلم أن 62% من أراضيها مزروعة بالزيتون واللوزيات، و8% من أراضيها عبارة عن أراضي مفتلحة بالمزروعات الصيفية والشتوية، و30% من أراضيها عبارة عن أراضي رعوية.
يوجد حول البلدة عدة عزب وقرى صغيرة تعتبر مكملة وامتداد للبلدة وهي: خربة العرمة، الكروم، خربة أبو الريسة، خربة الرجمان، خربة فراس الدين، خربة تل الخشبة، حيث يبلغ مجموع عدد السكان في تلك الخرب حوالي 500 نسمة، بالإضافة إلى سكان بلدة عقربا والبالغ عددهم نحو (7707) نسمة.
يوجد في بلدة عقربا عدة عائلات و هي: بني جابر، الميادمه، بني جامع، بني فضل، الديلي.
يذكر أن نسبة البطالة في البلدة تجاوزت 50% بسبب سياسة الاحتلال منذ بداية انتفاضة الأقصى عام 2001م، والمتمثلة بإغلاق الأراضي المحتلة عام 48 ومنع الفلسطينيين من الوصول إليها، حيث أصبح اعتماد المواطنين على الوظائف الحكومية والخاصة وعلى الزراعة كمصدر أساسي للدخل لها، بالإضافة إلى بعض الورش الصناعية الموجودة في البلدة.