في يوم الخميس الموافق 9 تموز 2009 ، تصادف ذكرى مرور 5 اعوام على صدور الراي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في لاهاي فيما يتعلق بعدم شرعية جدار الفصل العنصري الذي قامت اسرائيل ببنائه على امتداد الاراضي الفلسطينية المحتلة. للاسف، فان هذا القرار قد تم تجاهله بالمطلق من جانب الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة وايضا من قبل المجتمع الدولي، بالرغم من الشجب الصريح و الواضح للمحكمة الدولية لوجود الجدار و مطالبتها اسرائيل بازالته و تفكيكه نهائيا ، بالاضافة الى تاكيد المحكمة على عدم شرعية الاجراءات و التدابيرالاحتلالية الاسرائيلية في الاراضي المحتلة من هدم للمنازل ومصادرة للاراضي و التضييق على السكان الفلسطينيين و الحد من تحركاتهم في الضفة الغربية و القدس الشرقية.
بعد خمسة اعوام من صدور قرار محكمة العدل الدولية ، يجدر بنا توضيح وضعية محكمة العدل الدولية و التي تتخذ من لاهاي مقرا لها ، وايضا شرعية وقوة القرارات التي تصدرها.
و بعد تحليل الوضع الميداني على الارض يمكننا ان نثبت بالحقائق كيف قام الاحتلال الاسرائيلي بالمضي قدما في بناء الجدار بالرغم من صدور قرار محكمة الدولية ، ووفقا لذلك فاننا نطالب الامانة العامة للامم المتحدة لعرض قضية الجدار الفاصل على مجلس الامن الدولي لاصدار القرارات المناسبة لمنح الفلسطينيين الامن و العدل و رفع الظلم عنهم ، حيث لن يستطيعوا الصبر لخمس سنوات اخرى لكي تتحرك الامم المتحدة و المجتمع الدولي.
محكمة العدل الدولية
ان محكمة العدل الدولية تعتبر الذراع القضائي للامم المتحدة ، حيث تم انشاؤها لفض النزاعات بين الاطراف المختلفة عبر ابداء رايها الاستشاري وفقا لاحكام القانون الدولي و الانساني و فقا للمعاهدات و المواثيق الدولية، حيث تقوم الجهات المختصة التابعة للامم المتحدة بتحويل ملفات القضايا الى المحكمة الدولية وفقا للاصول المتعارف عليها لنقوم المحكمة بدورها باصدار القرارات المناسبة ، وايضا يحق للامانة العامة للامم المتحدة ومجلس الامن الدولي بان يطلبوا راي المحكمة الدولية في اي قضية يريدون البت فيها.
هذا و ان محكمة العدل الدولية تنتقد و تتحفظ على الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي لصمتهم و عدم جديتهم في تنفيذ ما تتوصل اليه المحكمة من قرارات وذلك باستخدامهم حق النقض او ‘الفيتو’ضد اي قرار يرونه لا يتلائم مع مصالحهم الخاصة، حيث انه و في عدة مرات و تحديدا في الجلسة العاشرة الطارئة لمجلس الامن الدولي في العام 1997 و ايضا في جلسة عادية عقدت في تشرين الاول من العام 2003 ، وقف مجلس الامن الدولي عاجزا عن اتخاذ القرار بخصوص الانتهاكات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية بسبب استخدام الولايات المتحدة الامريكية حق النقض الفيتو ضد مشروع القرار.
ان للامانة العامة للامم المتحدة بصفتها الجسم الجامع لكل الامم المسؤؤولية للتحرك اذا ما اتضح بان مجلس الامن الدولي وقف عاجزا عن القيام بالمهام الموكلة اليه للحيلولة دون الاخلال بمصداقية الهيئة الدولية.
لقد ارتكزت محكمة العدل الدولية في قرارها بخصوص الجدار الفاصل الذي اقامته اسرائيل في الاراضي الفلسطينية المحتلة على القرارات الصادرة عن الامم المتحدة و مجلس الامن الدولي ، و القوانين و المواثيق الدولية و الانسانية حيث كان ابرز هذه القرارات ، القرار رقم 2625 و الذي ينص على : انه وفقا لميثاق الامم المتحدة فان لكل دولة الحق بان ترفض اي عمل قسري ضد هذه الدولة الامر الذي من شانه ان يحرم سكانها من حقهم في تقرير مصيرهم’.
ان هذا القرار الصادر عن الامم المتحدة قد اوضح عدم شرعية الجدار الفاصل الذي اقامته اسرائيل في الاراضي الفلسطينية المحتلة و الذي يعزل القرى و التجمعات الفلسطينية و يدمر الاراضي الزراعية و يقضي على اي مناخ اقتصادي و يقطع اوصال الاراضي الفلسطينية و يحويلها الى معازل وكانتونات، الامر الذي يقضي على اي فرصة لاقامة دوة فلسطينية مستقبلية قابلة للحياة و يحرم الفلسطينين من حقهم المكفول لهم بتقرير مصيرهم.
ان قرار الامم المتحدة الذي اتخذته في كانون الاول من العام 2003 و الذي يقضي برفع قضية الجدار الفاصل الى محكمة العدل الدولية في لاهاي جاء نتيجة الصمت المريب لمجلس الامن الدولي و عجزه عن اتخاذ اي موقف يذكر، حيث جاء قرار الجمعية العامة للامم المتحدة مطلبا دوليا بالاجماع و ليس مطلبا فلسطينيا او عربيا فحسب.
الراي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية
ان قرار محكمة العدل الدولية و الذي صدر في 9 تموز من العام 2004 ، قد اوضح بما لا يترك مجالا للشك بان الجدار الذي اقامته اسرائيل في الاراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني و يستوطب ازالته و تفكيكه ، و بان الادعاءات التي قدمتها اسرائيل لتبرير بناء الجدار غير قانونية و غير منطقية و لا ترتكز على اي اساس قانوني .
ايضا ووفقا لنص القرار فان المحكمة رات بان اسرائيل (القوة المحتلة) قد قامت بخطوات و تدابير و اجراءات غير قانونية مست بالمواطنين الفلسطينيين (الخاضعين للاحتلال) و بحياتهم و اراضيهم وممتلكاتهم ، حيث كان الرد اللتفصيلي الذي اصدرته المحكمة الدولية استجابة لطلب الجمعية العمومية للامم المتحدة يتلخص في خمس نقاط اساسية كانت على النحو التالي:
ان الجدار الذي قامت اسرائيل ببنائه في الاراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذالك داخل و حول مدينة القدس يتخالف مع القانون الدولي.
تقع على اسرائيل مسؤولية انهاء حالة خرق القانون الدولي ( و المتمثلة هنا ببناء الجدار الفاصل) و ازالة هذا الجدار و تفكيكه ، بما في ذلك داخل و حول مدينة القدس المحتلة وذلك وفقا لنص الفقرة 151 من القرار.
تقع على عاتق اسرائيل مسؤولية جبر الضرر الناتج عن بناء الجدار الفاصل في الاراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك مدينة القدس.
على كل الدول الالتزام بعدم الاعتراف بشرعية وجود الجدار الفاصل الذي اقامته اسرائيل و كافة النتائج المترتبة على اقامته وعدم تقديم اي عون او دعم من شانه تعزيز و تثبيت وجود الجدار غير القانوني، و على كل الدول الاعضاء التي وقعت على اتفاقية جنيف عام 1949 الخاصة بحماية المدنيين في اوقات الحرب و التي تحترم ميثاق الامم المتحدة ان تحث اسرائيل على الانصياع لقرارات الامم المتحدة و المواثيق الدولية ذات الصلة.
على الامم المتحدة و تحديدا الامانة العامة و مجلس الامن الدولي ان تقوم بما يلزم و ما هو مطلوب لانهاء الوضع غير القانوني الذي اقامته اسرائيل في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
وفقا لذلك فان المحكمة الدولية لم تقتنع بالرد الذي قدمته اسرائيل الى المحكمة حول الفقرة الرابعة من اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 و المتعلق بوجود الضرورة العسكرية الملحة لاقامة الجدار حيث ارتات المحكمة انتفاء وجود هذا الادعاء ، الامر الذي اكدت عليه المحكمة ايضا في تلخيص القرار.
ايضا و في نص القرار اوضحت المحكمة بعدم قانونية اقامة الجدار و اذا اقتضت الضرورة لذلك فيمكن لاسرائيل ان تقوم اسرائيل باقامته على اراضيها و ليس في الاراضي الفلسطينية المحتلة، و ذكرت المحكمة ايضا بانها لم تقتنع بان اقامة الجدار هي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها حماية سكان اسرائيل و ان هنالك العديد من الطرق لتحقيق هذا الغرض بعيدا عن اقامة الجدار.
وقد حددت المحكمة الالتزامات المترتبة على اسرائيل و التي ياتي على راسها اعادة الاراضي التي صادرتها من اصحابها الفلسطينين لاقامة الجدار عليها و اذا لم تستطع يجب ان تقوم بتعويضهم عن كافة الاضرار المترتبة على اقامة الجدار.
الوقائع على الارض
ان الهدف الاساسي لهذا التقرير هو فضح الانتهاكات و المخالفات التي تقوم بها اسرائيل في الاراضي الفلسطينية المحتلة ، و اظهار الغطرسة الاسرائيلية المتمثلة برفضها الانصياع الى قرارات الامم المتحدة و الشرعية الدولية، وخصوصا جدار الفصل العنصري و الذي لم تقم اسرائيل باي خطوة باتجاه تصحيح الوضع على الارض، بل على العكس قامت باجراء تعديلات على مسار الجدار حيث ازداد طوله و فتكه و ابتلع و عزل المزيد من اراضي المواطنين الفلسطينيين.
الجدار الفاصل …………. ارقام ومعطيات
ان جدار الفصل العنصري يمتد كالافعى حول الضفة الغربية المحتلة ليضم وراءه المستوطنات الاسرائيلية و يقطع اوصال القرى و التجمعات الفلسطينية ،و ايضا وفق تعريف المحكمة الدولية للجدار فقد قالت بانه لا يعدو كونه محاولة اسرائيلية لضم اراضي فلسطينية اضافية الى دولة اسرائيل بطريقة مخالفة للقلنون الدولي.
لقد بدات اسرائيل بتنفيذ خطة الفصل العنصري في الاراضي الفلسطينية في حزيران من العام 2002 ، حيث تضمنت هذه الخطة بناء الجدار الفاصل و اقامة مناطق امنية عازلة و التي في اغلبها تقع على الاراضي الزراعية الفلسطينية حيث تتكون هذه المناطق من اسلاك شائكة ارتفاعها مابين 8-9 امتار و علرضها يتراوح ما بين 100-400 مترا.
وفقا لذلك ،138 فان قرية وتجمعا فلسطينيا ستفقد من مساحتعا ما يزيد عن 555 كلم مربع حيث اصبحت في الجانب الاسرائيلي وراء الجدار ، وايضا 29 تحمعا فلسطينيا ستكون معزولة كليا و محاطة من جهاتها الاربع بالجدار الفاصل.
و في المقابل 107 مستوطنة اسرائيلية بالاضافة الى 56 بؤرة استيطانية ستقع ضمن منطقة العزل الغربية ( المطقة الواقعة بين الجدار الفاصل و بين الخط الاخضر- خط الهدنة للعام 1949) حيث يقطن في هذه المستوطنات ما يزيد عن 80% من المستوطنين الاسرائيليين في الضفة الغربية.
حاليا، 425 كلم من البناء في الجدار و التي تمثل 55.2 % من الطول الكلي للجدار قد اكتمل البناء فيها ليبقى 67 كلم (8.8 % من الطول الكلي للجدار) قيد الانشاء ، اما ال 278 كلم المتبقية و التي تمثل 36.1 % من الطول الكلي في الجدار فهي مقاطع مخطط لها ستشرع اسرائيل بالبناء فيها في القريب العاجل.
و الجدير بالذكر ان 128 كلم ( 17.6 % من الطول الكلي للجدار) فقط تقع على الخط الاخضر . انظر صورة رقم 2:
ان حكومة الاحتلال الاسرائيلي قد تجاهلت بشكل متعمد قرار محكمة العدل الدولية المتعلق باقامة الجدار الفاصل و الذي نص صراحة على ضرورة تفكيك و ازالة الجدار بالكامل، حيث انه وفقا للتعديل الاخير على الجدار و الذي قامت بنشره وزارة الدفاع الاسرائيلية على موقعها الالكتروني في 30 نيسان عام 2007 فقد تنبن بان :
طول الجدار ازداد من 645 كلم عام 2004 و اصبح 770 كلم وفقا للتعديل الاخيراي ازداد طولة 125 كلم بنسبة زيادة قدرها 20%.
مساحة الاراضي المعزولة وراء الجدار زادت من 633 كلم مربع عام 2004 و اصبحت 733 كلم مربع في تعديل العام 2007 حيث ازدادت المساحة 100 كلم مربع اضافية ، بنسبة زيادة قدرها 16%.
مساحة المناطق الامنية العازلة زادت مساحتها و عرضها من 150 مترا الى ما يزيد عن 300 مترا في عدة مناطق. الجدول ادناه يوضه التعديلات التي اجرتها اسرائيل على الجدار الفاصل ما بين الاعوام 2004 و حتى 2007:
تاريخ التعديل |
طول الجدار |
مساحة الاراضي المعزولة |
النسبة المئوية للاراضي المعزولة من الضفة الغربية |
زيران 2004 |
645 Km |
633 Km2 |
11.2 % |
شياط 2005 |
683 Km |
565 Km2 |
10 % |
نيسان 2006 |
725 Km |
555 Km2 |
9.8 % |
نيسان 2007 |
770 Km |
733 Km2 |
13 % |
المصدر: وحدة نظم المعلومات الجغرافية – أريج 2009
المناورات السياسية الاسرائيلية بخصوص بناء جدار العزل العنصري
في الوقت الذي تدعي فيه الحكومة الإسرائيلية أن جدار العزل العنصري هو بناء مؤقت لتوفير الأمن لدولة اسرائيل، يكشف مسؤولون اخرون في الحكومة الاسرائيلية عن النوايا الحقيقية من وراء بناء الجدار في الاراضي الفلسطينية المحتلة باعتباره الحدود الدائمة المسقبلية لدولة اسرائيل.
ففي شهر تشرين الثاني من العام 2005 ، صرحت تسيفي ليفني, وزيرة العدل الاسرائيلي انذاك, بأن جدار العزل سيكون بمثابة ‘الحدود المستقبلية لدولة اسرائيل’ وايضا ‘ان محكمة العدل العليا الاسرائيلية في قرارها المتعلق بالجدار، اوضحت بان هدف اقامة الجدار هو ترسيم حدود دولة اسرائيل وليس حماية سكان اسرائيل كما تدعي الحكومة الاسرائيلية. ايضا فقد صرحت ليفني مرات عديدة وبشكل متناقض، في المحكمة الاسرائيلية اثناء تقديم الفلسطينيين الالتماسات ضد بناء الجدار العازل و الاستماع إليها, بان جدار العزل هو جدارا ‘أمنيا’ وليس ‘سياسيا’ وأنه تدبير مؤقت. وكما تم بناء الجدار، كذلك يمكن هدمه و تعديل مساره . و أضافت أنه ‘ليس بالضرورة أن يكون الانسان عبقريا كي يفهم أن الجدار سوف يكون له آثار على مستقبل الحدود، هذا ليس هو السبب وراء تشييد الجدار, ولكن يمكن أن يكون له آثار سياسية’. و اثارت هذه الاجابات حفيظة ميشيل شيشن, رئيس المحكمة العليا الاسرائيلية (في حينها) الذي شارك في المؤتمر, حيث قال لليفني ‘ان هذا ليس ما ادعيته في المحكمة.’
ففي الوقت الذي يناضل فيه الاسرائيليون من أجل وضع سياسي مستقر في الاراضي الفلسطينية المحتلة, من الواضح أن اسرائيل تخطط لاستخدام جدار العزل العنصري كاداة ترسيم احادية الجانب للحدود المستقبلية لدولة اسرائيل، الأمر الذي سيؤدي الى مصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية و الحيلولة دون قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة ومتواصلة جغرافيا.
الامم المتحدة تفتح ملف تسجيل حصر الخسائر و الاضرار الناجمة عن بناء جدار الفصل العنصري
وفي إطار المتابعة لقرار محكمة العدل الدولية في لاهاي عام 2004، قامت الجمعية العامة للامم المتحدة في الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة بفتح ملف تسجيل و حصر الأضرار الناجمة عن بناء جدار الفصل العنصري في الاراضي الفلسطينية المحتلة من قبل اسرائيل. و عليه, تبنت الجمعية العامة للامم المتحدة في الخامس عشر من شهر كانون الاول من العام 2006 القرار رقم ES-10/L.20 ، و الذي نص رسميا على تأسيس سجل حصر الأضرار التابع للامم المتحدة. وقد تم تمرير القرار بأغلبية ساحقة من قبل الامم المتحدة, 162 صوتا لصالح القرار, بينما صوتت سبع دول فقط ضد القرار و هي:أستراليا، ولايات ميكرونيزيا المتحدة, اسرائيل, جزر المارشال، ناورو, بالاو والولايات المتحدة الامريكية.
و بالرغم من وجود اغلبية ساحقة لدعم قرار الامم المتحدة بضرورة تأسيس سجل حصر الأضرار, سارعت الحكومة الاسرائيلية على الفور الى ابداء رفضها القرار بحجة عدم وجود الضرورة لهذه الخطوة. ومنذ ذلك اليوم, لم تتعاون اسرائيل بأي شكل من الاشكال على تأسيسه. و ادعى المندوب الاسرائيلي في الامم المتحدة يوم التصويت بشأن سجل حصر الأضرار أن ‘هذه الآلية ليست ‘سجل للأضرار ‘بل’ هي سجل يلحق الضرر’، وأن الحكومة الاسرائيلية قد قامت بتأسيس سجل خاص لحصر الاضرار و بدأت بتعويض الفلسطينيين الذين تضرروا جراء بناء جدار الفصل العصري. فكيف لقوة الاحتلال ان تشرع عملية محاسبة لاعمالها؟
و الجدير بالذكر ان عملية حصر الاضرار تسير بخطى بطيئة للغاية حيث انه منذ إنشائها في العام 2006 ، قامت اللجنة القائمة على التسجيل بمسح 4 قرى فلسطينية فقط شمالي الضفة الغربية, كما انها لم تتلق سوى سجل المطالبات من هذه القرى، والتحقيقات ما زالت معلقة. و يجب التنويه هنا أيضا أن عملية المسح و التسجيل للأضرار الناجمة عن بناء جدار الفصل العنصري سوف تستغرق عقودا من الزمن لاستكمالها اذا ما استمرت على هذا النحو. وعلاوة على ذلك، يتم التعامل مع سجل حصر الاضرار من جانب اسرائيل على انه تكتيك سياسي لخداع المجتمع الدولي و ايهامه بوجود تحقيق في الأضرار التي تسببتها إسرائيل جراء بناء جدار الفصل العنصري في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
ان الحاجة الى سجل حصر الأضرار من شأنها أن تتراجع اذا قررت الحكومة الاسرائيلية وقف بناء جدار الفصل العنصري في الاراضي الفلسطينية المحتلة ومصادرة الأراضي في المناطق العازلة. و في الوقت الذي تكافح فيه لجنة حصر الاضرار لتسجيل الاضرار في عدد من القرى الفلسطينية, سارعت اسرائيل في بناء الجدار في الاراضي الفلسطينية الامر الذي زاد من طول المقاطع المبنية بنسبة 20 ٪ عن العام 2004, والمناطق المعزولة بنسبة 16 ٪ منذ العام 2004, الامر الذي تسبب في المزيد من الأضرار. فكيف يمكن لعملية تسجيل الاضرار مواكبة التسارع في عمليات بناء الجدار الإسرائيلية؟
نداء الى الامم المتحدة و الجمعية العمومية من أجل تحرك سريع مباشر تجاه الاجراءات الاسرائيلية
ان طلب الجمعية العامة للامم المتحدة المدون في قرارها ES-10/14 للحصول على فتوى بشأن الآثار القانونية المترتبة عن بناء الجدار في الاراضي الفلسطينية المحتلة ‘ليس الا خطوة أولى تقع على عاتق الأمم المتحدة’.
و كان من المقرر ان تدعو الفتوى الصادرة عن المحكمة الدولية، الحكومة الاسرائيلية الى ‘الوقف الفوري لاعمال تشييد الجدار’ و ‘دفع تعويضات عن جميع الأضرار’, و المجتمع الدولي ‘بالاعتراف بالوضع غير القانوني الناجم عن بناء الجدار الفاصل’ ، وان تقوم الجمعية العامة للامم المتحدة ومجلس الامن الدولي ‘باتخاذ ما يلزم من إجراءات أخرى لإنهاء الوضع غير القانوني الناتج عن تشييد الجدار والنظام المرتبط به’.
و الآن، فان قضية الجدار في مرمى الجمعية العامة للامم المتحدة لتقديم الرأي الاستشاري لمجلس الأمن من أجل اتخاذ الاجراءات الفورية في هذا الشأن. و بعد ان قدمت المحكمة الدولية عرضا عن وقائع واضحة حول بناء جدار الفصل العنصري و الانتهاكات الاسرائيلية المدمرة في الاراضي الفلسطينية المحتلة، فإنها من مسؤولية الأمم المتحدة أن تتدخل لايجاد حل باسم العدالة والسلام.
وفي الآونة الأخيرة ، اتخذ الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما نهجا متوازنا تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتحديدا عن طريق المطالبة بوقف جميع النشاطات الاستيطانية ( بما في ذلك النمو الطبيعي وبناء المواقع الاستيطانية العشوائية, الخ). ففي الماضي, حين كان الرئيس الامريكي الاسبق جورج بوش في سدة الحكم, عملت الولايات المتحدة على حماية إسرائيل في الأمم المتحدة عن طريق التهديد باستخدام حق النقض الفيتو في مجلس الأمن. أما الرئيس الامريكي باراك أوباما, فالفرصة مواتية امامه الان أن يثبت التزامه والتزام ادارته بسلام عادل وشامل ومتوازن في منطقة الشرق الأوسط بالاصراران على الحكومة الاسرائيلية الامتثال لفتوى محكمة العدل الدولية وتفكيك جدار العزل العنصري.
ينتظر الشعب الفلسطيني بان تقوم الأمم المتحدة بتعزيز مسؤولياتها التي أعلنت عنها و دونتها في ميثاق الامم المتحدة ‘لإنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب’ و ‘إعادة التأكيد على الإيمان بحقوق الإنسان الأساسية ، وبكرامة وقيمة الإنسان ، في المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها ‘.
لقد انتظر الشعب الفلسطيني فترة خمسة أعوام منذ الاعلان عن القرار الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، وواحد وستين عاما منذ ان تم تهجيرهم قسريا من أراضيهم في العام 1948. فكم من القرارات والآراء والأحكام و الإعلانات يحتاج الشعب الفلسطيني حتى تتحقق له العدالة؟؟؟