سجل معهد الابحاث التطبيقية – القدs (أريج) 178 حالة اعتداء من قِبل المستوطنين الإسرائيليين بحق المواطنين الفلسطينيين وأراضيهم وممتلكاتهم في مختلف مناطق الضفة الغربية المحتلة حيث تعددت الأساليب التي يمارسها المستوطنين في الاعتداء على الفلسطينيين بين عمليات الدهس التي استهدفت الاطفال والمسنين من رجال ونساء هذا بالإضافة الى الاعتداء على الاشجار المثمرة وحرق بعض منها واقتلاع اخرى, والاقتحامات المتكررة للاماكن التاريخية والدينية وخاصة المسجد الاقصى المبارك في مدينة القدس المحتلة وتدمير الممتلكات الفلسطينية من محال تجارية ومنازل وسيارات كذلك الاعتداء على المواطنين الفلسطينيين أنفسهم.
وكَثُرت هي اعتداءات المستوطنين الاسرائيليين الا أن الاهداف واضحة وعلى رأسها فرض وجودهم "كأسياد بلاد" في الارض الفلسطينية المحتلة وذلك في انتهاك واضح وصريح لجميع القوانين والاعراف الدولية التي نددت بذلك. فالفقرة السادسة من المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة تنص على انه " لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحل أو تنقل جزءاً من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها" وهذا بالضبط ما قامت به اسرائيل عقب احتلالها للاراضي الفلسطينية في العام 1967 حيث استباحت لنفسها مصادرة الاراضي الفلسطينية من خلال قوانين عدة اصدرتها وفقا لأهوائها الاستيطانية في الاراضي الفلسطينية المحتلة وقامت بتنفيذها على أرض الواقع لغرض بناء المستوطنات وتوطين المستوطنين فيها وتثبيت سيطرتها على الارض التي احتلتها. كما أن المادة 8 (الباب الثاني)(ب) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في روما في 17 تموز من العام 1998 تعتبر ان " قيام دولة الاحتلال على نحو مباشر أو غير مباشر, بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها, أو ابعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها", هي جريمة حرب. كذلك يعرف مشروع ﺗﻘﻧﯾن اﻟﺟراﺋم ﺿد اﻟﺳﻠم وأﻣن اﻟﺑﺷرﯾﺔ للعام 1996, المادة 20 (ج)(1) (الباب الثاني) من أن "نقل دولة الاحتلال لأجزاء من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها" هو جريمة حرب أيضا.
وتربعت الاعتداءات على الاماكن الدينية والتاريخية في الضفة الغربية المحتلة على عرش مجموع الاعتداءات التي نفذها المستوطنين في الربع الثاني من العام 2015 حيث بلغت 66 اعتداءا, منها 56 اعتداءا على المسجد الاقصى المبارك وحده. فيما جاء في المرتبة الثانية الاعتداء على الفلسطينيين انفسهم بوقع 37 اعتداءا شملت الاعتداء على الفلسطينيين بالضرب وعمليات الدهس واحداث الاذية للفلسطينيين وبث الرعب في صفوف المواطنين وخاصة أولئك العاملين في القطاع الزراعي والتي تحاذي أراضيهم المستوطنات الاسرائيلية. فيما جاء في المرتبة الثالثة الاعتداء على الممتلكات الفلسطينية بواقع 26 نفذها المستوطنون خلال الفترة السابقة الذكر. الرسم البياني رقم 1 يُظهر نوع اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة خلال الربع الثاني من العام 2015:-
تجدر الاشارة الى انه خلال الفترة السابقة الذكر ايضا, طالت انتهاكات المستوطنين 2263 شجرة مثمرة وشتلة في انحاء متفرقة في الضفة الغربية المحتلة اما عن طريق حرقها أو قطعها أو اقتلاعها من جذورها أو حتى سرقتها. وقد تركزت هذه الاعتداءات في المناطق التي تحاذي المستوطنات الاسرائيلية في خطوة تهدف الى ضرب القطاع الزراعي الفلسطيني والحاق خسارات فادحة للمزارعين الفلسطينيين. ومن بين المناطق التي تركزت فيها الاعتداءات على الاشجار في قرى كل من حوسان والخضر والجبعة في محافظة بيت لحم حيث طالها الانتهاك من مستوطنات بيتار عيليت وبيت عاين وافرات بواقع 420 شجرة. أما في محافظة الخليل, فكانت بلدات الشيوخ ويطا وحلحول وخربة سوسيا من بين التجمعات التي شهدت تدمير اشجارها على أيدي قطعان المستوطنين القاطنين في كل من مستوطنات كرمي تسور وسوسيا ومجال عوز بواقع 1233 شجرة هذا بالاضافة الى قرى سرطة وياسوف ودير استيا التي كانت على موعد ايضا مع انتهاكات المستوطنين في محافظة سلفيت بواقع 610 شجرة تم تدميرها في الفترة السابقة الذكر.
كما طالت انتهاكات المستوطنين معظم محافظات الضفة الغربية المحتلة, فكان لمحافظة القدس النصيب الاكبر من هذه الاعتداءات شملت الاقتحامات المتواصلة والمتكررة للمسجد الاقصى المبارك والاعتداء على المصلين بواقع 72 اعتداءا, تليها محافظة الخليل حيث يقطن أكثر المستوطنين تدينا, فقد سجل معهد أريج 37 اعتداءا على الفلسطينيين وممتلكاتهم وأراضيهم وأشجارهم في المحافظة خلال الفترة السابقة الذكر, كذلك محافظة نابلس التي جاءت في المرتبة الثالثة من حيث عدد الاعتداءات وايضا محافظة سلفيت في المرتبة الرابعة والتي شهدت مؤخرا عمليات توسع كبيرة في عددا من البؤر والمستوطنات الاسرائيلية في المحافظة.
ومن بين المستوطنات الاسرائيلية التي برزت من حيث الانتهاكات المستوطنات الاسرائيلية المكونة لما يُطلق عليه الاسرائيليون "بتجمع غوش عتصيون الاستيطاني" جنوب مدينة القدس منها بيتار عيليت وافراتا ونيفيه دانييل ومجال عوز وبيت عاين والبؤرة الاستيطانية سديه بوعاز. كذلك مستوطنات بيت ايل وعوفرا التي تشكل حزاما استيطانيا خطرا شرق مدينة رام الله جنبا الى جنب مع مستوطنات اخرى مجاورة وذلك في سبيل السيطرة على المناطق الفلسطينية المفتوحة التي تحيطها لتفرض واقعا جغرافيا جديدا وخطرا في المنطقة. وتجدر الاشارة الى أن المستوطنات السابقة الذكر تعتبر ذات مكانة استراتيجية وجغرافية ودينية هامة بالنسبة لإسرائيل, الا انها بقيت خارج حدود جدار العزل العنصري[1] (على الجهة الشرقية من الجدار) الذي بدأت اسرائيل بتنفيذه على أراضي الضفة الغربية المحتلة في العام 2002. ولذلك فان انتهاكات المستوطنين في المنطقة بغض النظر عن نوعها ما هي الا تجسيد للسياسة الاسرائيلية الرامية الى مصادرة أكبر مساحة ممكنة من الاراضي الفلسطينية.
كذلك المستوطنين الاسرائيليين القاطنين في المستوطنات المكونة لتجمع اريئيل الاستيطاني كان لهم الاثر الاكبر من حيث الاعتداءات على الفلسطينيين في المنطقة وخاصة أن هذه المستوطنات اخذة بالتوسع في الفترة الاخيرة على حساب الاراضي الفلسطينية, منها مستوطنات اريئيل وريفافا والكانا وعمانوئيل والحي الاستيطاني الجديد "ليشيم". وتجدر الاشارة الى أن تجمع أريئيل الاستيطاني هو أحد التجمعات الاستيطانية الكبرى التي تخطط اسرائيل لضمها لحدودها مع انتهاء بناء جدار العزل العنصري الاسرائيلي. ولا يغيب عن الذكر المستوطنات الاسرائيلية جنوب محافظة الخليل مثل مستوطنات سوسيا ورمات يشاي وعسفر (متساد) والانتهاكات التي ارتكبها المستوطنين في المنطقة في سبيل السيطرة على الاراضي المحيطة لصالح التوسعات الاستيطانية المختلفة. الرسم البياني رقم 2 يوضح توزيع اعتداءات المستوطنين بحسب المحافظة في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
ملخص,
تقف قوات جيش الاحتلال الاسرائيلية صامتة تجاه غالبية الاعتداءات التي ينفذها المستوطنين الإسرائيليين بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة حيث لا يتم اتخاذ اجراءات عقابية بحق المستوطنين الضالعين في الاعتداء على الفلسطينيين. وبالـتأكيد, فقد زادت اعتداءات المستوطنين بشكل كبير في السنوات الماضية وذلك ان ليس هناك رادع يمنع هؤلاء المستوطنين من ارتكاب جرائمهم بحق الفلسطينيين.
ان حياة الفلسطينيين تكاد ان تكون عبارة عن مجموعة كبيرة من الاعتداءات والانتهاكات اليومية التي ينفذها المستوطنون بحقهم, فالمواطن الفلسطيني اصبح عاجزاً عن حماية نفسه من بطش المستوطنين وأصبح التهديد اليومي يلاحق حياته وممتلكاته لحظة بلحظة الامر الذي خلَف اثاراً سلبية كبيرة على جميع نواحي الحياة.
[1] في شهر حزيران من العام 2002 أعلنت اسرائيل عن بناء جدار العزل العنصري على اراضي الضفة الغربية المحتلة ودأبت منذ ذلك الوقت على مصادرة أكبر مساحة ممكنة من الاراضي الفلسطينية المحتلة بدواعي "امنية" حتى تضمن مناطق توسعية مستقبلية للمستوطنات الإسرائيلية التي سوف تضمها لحدودها مع انتهاء بناء الجدار. وبالفعل, استطاعت اسرائيل من خلال رسم مسار الجدار على أراضي الضفة الغربية المحتلة (على طول الحدود الغربية, ابتداء من محافظة جنين في الشمال وانتهاء بمحافظة الخليل في الجنوب وشواطئ البحر الميت) بناء ما يزيد عن 60% من الجدار على أراضي الضفة الغربية المحتلة وضم 107 مستوطنة اسرائيلية لحدودها الاحادية الجانب. الا أن مخطط جدار العزل العنصري لم يلبي حاجة وتطلعات اسرائيل الاستيطانية بالقدر الكافي وذلك لان العديد من المستوطنات الاسرائيلية ذات المكانة الاستراتيجية والجغرافية والدينية الهامة بالنسبة لإسرائيل قد بقيت خارج حدود الجدار (على الجهة الشرقية من الجدار) ولم تضمن اسرائيل سيطرتها التامة عليها والمناطق المحيطة بها كما هو الحال بالنسبة للمستوطنات التي اصبحت داخل منطقة العزل الغربية وضمنت اسرائيل استدامتها بفعل الجدار.
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)