لم يتدارك للفلسطينيين القاطنين في خيم وبركسات تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة، بأن وجودهم في المناطق الواقعة إلى الشرق من مدينة أبو ديس الفلسطينية يشكل عقبة أمام المشاريع التوسعية الإسرائيلية الاستيطانية الغير شرعية الهادفة إلى السيطرة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967. حيث في السادس عشر من شهر أيلول من العام 2014، كشفت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية عن مخطط إسرائيلي يتم تحت إشراف الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، حيث يقضي المخطط بالتهجير القسري لأكثر من 12,500 فلسطيني من البدو، بحيث يتم تفريغ عددا من التجمعات البدوية المقيمين على أراضي تقع إلى الشرق من مدينة القدس ونقلهم إلى مدينة جديدة سيتم بناءها في المنطقة الشمالية لمدينة أريحا.
في أواخر شهر آب وإلى نهاية الأسبوع الماضي، قامت الإدارة المدنية الإسرائيلية بنشر تسع مخططات تشكل مجتمعة المخطط الهيكلي للمدينة الجديدة المقترحة الى الشمال من مدينة أريحا. ومن الجدير ذكره بان الإدارة المدنية الإسرائيلية عملت على هذه المخططات لنقل البدو من مكان إقامتهم الحالي إلى مكان جديد دون اخذ الموافقة أو استشارة قبائل البدو القاطنين في هذه التجمعات البدوية المنوي تفريغها، ولهذا يعطي المخطط 60 يوم لتقديم الاعتراضات عليه. وتدعي الإدارة المدنية الإسرائيلية بأن هذا المخطط الجديد الذي يهدف إلى إقامة مدينة جديدة لتوطين البدو فيها وترحيلهم عن التجمعات البدوية التي يسكنون فيها منذ قرون، هو مقترح مناسب لهم، حيث أن مجتمع البدو سيمر في مرحلة انتقال من مجتمع زراعي إلى مجتمع حضاري. ومن المتوقع أن تستوعب المدينة الجديدة 12,500 فلسطيني من قبائل البدو؛ الجهاليين، والكعابنة والرشايدة. وتعتبر هذه المدنية الجديدة ثالث وأكبر مدنية يتم تصميمهما من قبل الإدارة المدنية الإسرائيلية للتجمعات البدوية في الضفة الغربية المحتلة. حيث أن المدينة الأول تقع ضمن حدود مدينة أبو ديس، والمدينة الثانية تقع في قرية الفصايل إلى الشمال من مدينة أريحا.
ومن الجدير ذكره أن هذا المخطط ليس وليد هذه اللحظة، وإنما عملت الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية على تنفيذ هذا المخطط بعد توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993. حيث منذ ذاك الوقت، قامت الإدارة المدنية الإسرائيلية بإصدار الآلاف من أوامر الهدم التي تستهدف المنشات الفلسطينيين السكنية والزراعية والحيوانية في التجمعات البدوية المختلفة. وتقع المدينة الجديدة التي سيتم ترحيل البدو الفلسطينيين إليه، إلى الشمال من مدينة أريحا في منطقة سيطلق عليها اسم تلة نويعمة (رامات نويعمة).
وحسب التقرير الذي نشرته صحيفة هاآرتس، يفيد بان الإدارة المدنية الإسرائيلية كانت تسعى لتوطين بعض من التجمعات البدوية الفلسطينية في منطقة يطلق عليها اسم "كفر الجمل" وتقع ضمن حدود مدينة أبو ديس الواقعة إلى الشرق من مدينة القدس، ولكن قبل عامين تم تجميد هذا المخطط، بقرار من المحكمة العدل العليا الإسرائيلية، ولهذا استغلت الإدارة المدنية الإسرائيلية هذا الوضع لإعادة إحياء المخطط الأصلي الهادف إلى إنشاء مدينة تلة نويعمة (رامات نويعمة)، بحيث تستوعب اكبر عدد ممكن من البدو القادمين من مختلف التجمعات البدوية الفلسطينية. ولذلك قامت الإدارة المدنية الإسرائيلية بتوسيع مساحة المدينة الجديدة من 370 دونم إلى 1460 دونم. وبحسب مخطط المدينة الجديدة الذي صاغته الإدارة المدنية الإسرائيلية فان كل عائلة من عائلات البدو ستحصل على قطعة ارض مقام عليها منزلين ومنشأة زراعية. انظر الخارطة
الخارطة رقم 1: المواقع المقترح نقل التجمعات البدوية شرق مدينة القدس اليها
ومن الجدير ذكره بأن المدينة الجديد (رامات نويعمة) التي ينوي الاحتلال إنشائها تقع في المناطق المصنفة "ج" بحسب اتفاقية أوسلو الثانية والمؤقتة لعام 1995، وهي المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل بشكل كامل، ولكن هي محاذية للمناطق "أ" التي تقع تحت سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية بشكل كامل. ولهذا لجا الفلسطينيين سواء الحكومة الفلسطينية أو التجمعات البدوية المنوي ترحيلها عن أراضيها إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية والتي بدورها قامت بتقديم النصيحة فقط للحكومة الإسرائيلية بالتشاور مع السكان البدو المعنيين بالترحيل وإعادة التوطين قبل البدء بتنفيذ المشروع. ولكن الإدارة المدينة الإسرائيلية قامت بتنفيذ المخطط وصياغته دون اخذ بالاعتبار احتياجات وتطلعات الفلسطينيين. وهذا يثبت بان إسرائيل ليست دولة ساعية إلى السلام وإنما هي تتحرك بما يناسب تطلعاتها الاستيطانية.
وبهذا تكون سلطات الاحتلال الإسرائيلية بدأت بتنفيذ مخطط E1 الاستيطاني الذي سيعمل على ربط المجمع الاستيطاني الإسرائيلي معالي ادوميم بمدينة القدس المحتلة. وبهذا تعزز إسرائيل من سيطرتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة وتنهي أي فرصة لإنشاء دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران من العام 1967. بالإضافة إلى تنفيذ مشروع E1 الاستيطاني، فأن عملية نقل وتهجير القسري للبدو من أماكن إقامتهم إلى مكان جديد هو بحد ذاته انتهاك للحقوق الأساسية للإنسان الذي نصت عليها القوانين والأعراف الدولية.
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)