في الثالث من آذار 2009 أصدرت بلدية الاحتلال في القدس قراراً بإخلاء وهدم 55 شقة سكنية مقدسية وتهجير قسري لأكثر من 500 نسمة من ساكنيها في محيط مخيم شعفاط شمال القدس.
صورة لأحد الأوامر العسكرية التي الصقها الاحتلال على مساكن الفلسطينيين
قام قسم التفتيش على الأبنية في دائرة التنظيم والبناء في بلدية الاحتلال بحراسة قوات من حرس الحدود الإسرائيلي في الساعة 9:30 صباح الثالث من آذار 2009، بإلصاق 55 أمر هدم إداري لمدة 72 ساعة لشقق سكنية تقع في ثمانية مبانٍ تعود إلى عائلات: صبحي، محمد علي، فتحي، عيسى، غيث، الجهالين، بركة، جويلس، ومسطحها يزيد على 650م2 وتحتوي على أكثر من 500 مقدسي فلسطيني منهم أكثر من 350 طفلاً، والغالبية العظمى من السكان هم لاجئين فلسطينيين هجروا من ديارهم في نكبة عام 1948 من قرى القدس المدمرة.
صورة 1+2: مساكن راس خميس المهددة بالهدم يحيطها جدار العزل والتوسع الإسرائيلي ويرى من خلف الجدار مباني مستعمرة بسجات زئيف تزحف
منذ بداية هذا العام والاحتلال يواصل سياسة هدم المساكن وإخطارها بالهدم في حي رأس خميس:
بدأت حملة التهجير القسري في بداية شهر كانون الثاني 2009 عندما أصدرت أوامر إدارية بهدم مساكن عائلتي غيث في شمال غرب مخيم شعفاط في موقع رأس خميس، حيث في حينه قامت جرافات بلدية الاحتلال في القدس بهدم 4 شقق سكنية للمواطن عمران غيث وشقة خامسة للمواطن نبيل عيسى غيث، منها شقتين سكنيتين جاهزتين للاستعمال وثالث آخر تحت الإنشاء.
وفي الأسبوع الأخير من كانون الثاني 2009 سلمت أيضاً بلدية الاحتلال أوامر هدم إداري لعائلات أخرى.
صورة 3: خيمة الاحتجاج التي اقامها أهالي حي رأس خميس ضد هدم مساكنهم
وتوجهت العائلات ضحايا قرارات الهدم الإداري من خلال محاميها باستصدار أوامر احترازية من بلدية القدس للشؤون المحلية بعدم تنفيذ قرارات الهدم لحين صدور قرار آخر، حيث سيتوجه المالكون إلى المحكمة المركزية الإسرائيلية إذا اقتضت الحاجة للدفاع عن حقها في العيش بكرامة في سكنها بأمن وأمان بعيداً عن تهديد أصحابها من حيازتها واستعمالها من الإخلاء والهدم الذي كفلته الشرعة الدولية وكافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان
أصل سكان مخيم شعفاط: يعود سكان مخيم شعفاط في القدس ومحيطه الذين يتجاوز عددهم 40,000 نسمة، منهم 10,000 في ضاحية السلام ورأس شحادة، و10,000 نسمة في موقع رأس خميس.
وهم يرجعون في أصولهم وغالبيتهم العظمى إلى قرى غرب القدس وما حولها التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي والمنظمات الصهيونية الإرهابية عام 1948 في نكبة فلسطين، فلجأ الكثير منهم إلى البلدة القديمة من القدس واستقروا في حي الشرف وحي باب المغاربة، وبعد قيام الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ومنها القدس في الخامس من حزيران عام 1967 بتدمير وإزالة مساكن ومباني حي المغاربة وتهجير جماعي وقصري لسكانه الذين تجاوز عددهم آنذاك 600 نسمة، مما أدى إلى لجوء الكثير منهم إلى مخيم شعفاط وبعضهم إلى سلوان، وعندها قام بترحيل جماعي قسري لسكان حي الشرف الذين تجاوزوا 95 عائلة وعشرات العائلات أخليت من مساكنها قصراً لذرائع أمنية وأخرى في حي باب السلسلة وحوش الشاي وحوش النيرسات وحي الواد، لجأ معظمها إلى مخيم شعفاط الذي قام أصلاً على مساحة كيلو متر مربع تديره وتشرف عليه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين – الانروا … ويوماً بعد يوم زادت كثافة السكان جراء عملية النمو الطبيعي ولجوء المهجرين قصراً إليه وضاق المخيم بمن فيه فاضطرتهم الحاجة إلى بناء المزيد من السكن والتوسع العمراني في المخيم ومحيطه وعلى أرضهم، وامتنعت بلدية الاحتلال عن فتح رخص للبناء لأنها أولاً تتطلع لاحتلالها لتوسيع مستعمرة ‘ بسجات زئيف’ التي زحفت جنوباً واحتلت الضفة الأخرى من أراضي بيت حنينا والتي كانت مصنفة أراضي خضراء بعد اقتلاع أشجارها الحرجية، وفي ذات الوقت قامت بلدية الاحتلال بهدم عشرات المباني في السفوح الشمالية الغربية للوادي في موقع شمال المخيم وشمال غربه، ووثق مركز المعلومات الفلسطيني هدم أكثر من 24 شقة سكنية في يوم واحد في أيار 1994 في مجزرة لا سابق لها في القدس بعد مجزرتي حي المغاربة وحي شرف في البلدة القديمة من القدس.
وتساوقاً مع فهم الاحتلال الإسرائيلي في ترحيل وتهجير الفلسطينيين فقد أحكم الاحتلال الطوق حول مخيم شعفاط ومحيطه منذ عامين من خلال جدار العزل والتوسع الإسرائيلي على بوابات الإذلال والاهانة العنصرية التي تتحكم فيه بحركة المواطنين الفلسطينيين حاملي هوية الاحتلال الإسرائيلي، في حركتهم من المخيم إلى القدس وبالعكس.
أيضاً سيما وان مخيم شعفاط جزء من القدس التي تمثل مركز حياة الأغلبية الساحقة من سكان المخيم ومحيطه: الاقتصادية والصحية والتعليمية والاجتماعية والدينية … الخ، والتي لا غنى لهم عن التوجه إليها من والى المخيم ليس مرة في اليوم بل عدة مرات، الحياة التي اعتادها المقدسيون في حارات وضواحي ومحيط المدينة وأماكن سكناهم بشتى مسمياتها.
لكن سياسة الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى تهويد القدس وتطهيرها عرقياً بشتى الوسائل مثل: مصادرة الأرض المقدسية 86– 88% منها، وهدم أكثر من 900 سكن ومئات المباني والمنشآت الأخرى في الفترة ما بين 2000 – 2008، بذريعة البناء غير المرخص في الوقت الذي جعلت فيه حصول المواطن على رخصة بناء أشبه بمعجزة، وغير هذه من عشرات القوانين والإجراءات والترحيل الجماعي للأحياء بذرائع دينية عنصرية لا يحكمها قانون ولا منطق سوى قانون الاحتلال ومنطق القوة والقهر وإرهاب الدولة الذي لا داعم له سوى سياسة الكيل بمكيالين، سياسة المعايير المزدوجة لدى الولايات المتحدة الأمريكية ومن يسير في ركابها في التغاضي واللامبالاة لجرائم حرب الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة وعلى رأسها القدس، وسياسة التنكر لحقوق الإنسان والقوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية.