اجتاحت قوات الاحتلال الاسرائيلي في الاول من شهر اب من العام 2009 قرية يتما جنوب مدينة نابلس بمرافقة فريق من مجلس التنظيم الاعلى و اللجنة الفرعية للتفتيش’ التابعة للادارة المدنية الاسرائيلية و سلمت أهالي القرية أوامر عسكرية جديدة بوقف العمل لعدد من المنازل الفلسطينية في القرية بذريعة عدم الترخيص. و استهدفت الاوامر العسكرية الاسرائيلية الجديدة تسعة منازل فلسطينية, منها المأهول بالسكان و اخرى قيد الانشاء. و تأتي الحجة الاسرائيلية بوقف العمل في هذه المنازل لوقوعها في مناطق خاضعة للسيطرة الاسرائيلية ‘مناطق ج’ بموجب اتفاق أوسلو الذي تم توقيعه ما بين منظمة التحرير الفلسطينية و اسرائيل في العام 1993 و الذي نص على أن صلاحيات صلاحيات التخطيط والبناء في مناطق ج (و التي تشكل ما يقارب ال 60% من مساحة الضفة الغربية) خاضعة لسلطة البناء والتنظيم الإسرائيلي و الذي يعرف بالإدارة المدنية الاسرائيلية بينما تكون صلاحيات التنظيم والبناء في منطقتي أ و ب (اللتان تشكلان معا نحو 40% من مساحة الضفة الغربية) تابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية. و فيما يلي قائمة باسماء أصحاب المنازل الفلسطينية التي تسلمت أوامر وقف البناء في قرية يتما:-
وائل عبد العزيز نجار.
موسى وجيه نجار.
نبهان توفيق نجار.
تامر محمد هلال نجار.
فادي عبد الرحيم صنوبر.
ياسر أحمد صنوبر.
محمد محمود صنوبر.
اياد محمد صنوبر.
عبد الرحيم محمد صنوبر.
كما أمهلت الادارة المدنية الاسرائيلية أهالي قرية يتما 30 يوما لتقديم الاعتراضات على اخطارات وقف البناء و العمل و البدء باجراءات الحصول على رخصة. و تجدر الاشارة الى أن سعي الفلسطينيين للحصول على رخص للمنازل المخطرة لا يضمن منحهم الرخصة من قبل الادارة المدنية الاسرائيلية كما جاء في الامر العسكري.
الاتفاقيات الموقعة بين الفلسطينيين و الاسرائيليين و تصنيف الاراضي الفلسطينية
في العام 1987 اندلعت الانتفاضة الفلسطينية حاملة رسالة رفض لاستمرار الاحتلال الاسرائيلي في الوقت نفسه دعت الى حل للصراع التاريخي بين الاسرائيليين والفلسطينيين. و عليه, قبل الشعب الفلسطيني الحديث عن المفاوضات السلمية القائمة على اسس محددة في مؤتمر مدريد لعام 1991. و كانت المبادئ التوجيهية لهذه المفاوضات الارض مقابل السلام وقرارات الأمم المتحدة 242 و 338. و بعد عدة جولات من المحادثات الرسمية في واشنطن، تمكنت منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل بالخروج في اتفاق تاريخي لإعلان المبادئ ، الذي تم توقيعه في شهر أيلول من العام 1993.
و كان اعلان المبادئ قد دعا لفترة 5 سنوات يقوم خلالها ممثلين عن الشعب الفلسطيني والحكومة الاسرائيلية بعقد مفاوضات حول الوضع النهائي و الذي يشمل القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود والمياه. و تم الاتفاق أيضا على أنه لا ينبغي الشروع في أي عمل خلال هذه الفترة الانتقالية الذي يمكن أن يؤثر على نتائج مفاوضات الحل النهائي.
و كانت ‘اتفاقية أوسلو II الموقعة في العاصمة الامريكية واشنطن في شهر أيلول من العام 1995 قد حددت المرحلة الانتقالية من الحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ، في انتظار ‘مفاوضات الوضع النهائي’ التي كانت من المقرر أن تبدأ في شهر أيار من العام 1996 وتنتهي في شهر ايار من العام 1999 . و تنص الاتفاقية المؤقتة على أن المرحلة الأولى من إعادة انتشار للقوات العسكرية الإسرائيلية ستكتمل عشية الانتخابات الفلسطينية، أي 22 يوما قبل الانتخابات. المزيد من عمليات إعادة الانتشار من المقرر أن تكتمل في غضون 18 شهرا من تاريخ تنصيب المجلس التشريعي الفلسطيني. خلال هذه الفترة ، سيتم تحويل الصلاحيات والمسؤوليات المتعلقة بالأراضي تدريجيا إلى السلطة الوطنية الفلسطينية لتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة ، باستثناء القضايا التي سيتم التفاوض عليها في مفاوضات الوضع النهائي (القدس والمستوطنات). وهذا يعني أن 95 ٪ من مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة يجب أن تنتقل للسيطرة الفلسطينية. ولكن على أرض الواقع، هذا لم يحدث. فقد أدى التوقف في المفاوضات والتأخير المتعمد من قبل الحكومة الاسرائيلية، فضلا عن إعادة التفاوض على ما تم الاتفاق عليه, إلى الانسحاب الإسرائيلي الجزئي من الاراضي الفلسطينية. و عليه, فقد بلغت مساحة المناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية حتى شهر آذار من العام 2000 ما لا يزيد عن 18.2 ٪ من مساحة الضفة الغربية و هي المصنفة ‘بمناطق ا’, بينما لا تزال 21.8% من المساحة الكلية للضفة الغربية مصنفة ‘بمناطق ب’ و 60% من الاراضي الفلسطينية خاضعة للسيطرة الاسرائيلية و تشمل مناطق ج و المحميات الطبيعية. جدول رقم 1 يبين المراحل المختلفة من الاتفاقيات المؤقتة و التغيرات التي شهدتها:-
جدول رقم 1: النسب المئوية لاعادة الانتشار الاسرائيلية بحسب الاتفاقات الموقعة |
تقسيم المناطق |
التاريخ |
الاتفاقيات الموقعة |
مناطق ا |
مناطق ب |
مناطق ج |
3% |
24% |
73% |
ايار – 1994 |
أوسلو II |
اتفاقية أوسلو |
10.1% |
18.9% |
71% |
تشرين أول – 1998 |
واي ريفر I |
اتفاقية واي ريفر |
18.2% |
21.8% |
60% |
|
واي ريفر II & III (لم يتم تطبيقها) |
10.1% |
25.9% |
64% |
أيلول – 1999 |
شرم الشيخ I |
اتفاقية شرم الشيخ |
12.1% |
26.9% |
61% |
كانون الثاني 2000 |
شرم الشيخ II (تم تطبيقيها بتأخير متعمد) |
18.2% |
21.8 %. |
60% |
اذار 2000 |
شرم الشيخ III (تم تطبيقيها بتأخير متعمد) |
> 95 % |
0% |
< 5 % |
1997 |
ما كان يجب أن يكون بحسب الاتفاقيات |
|
المصدر: معهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج) |
و يتبين مما سبق أنه كان على اسرائيل أن تنقل 95% من اراضي الضفة الغربية الى سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية, الا ان التأخير المتعمد من قبل الحكومة الاسرائيلية حال دون تنفيذ هذه الاتفاقيات الموقعة حيث ما زالت اسرائيل تسيطر على 60 % من الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية الامر الذي يزيد العبء على الفلسطينيين القاطنيين في تلك المناطق حيث يتم منعهم من بناء مساكن لهم أو استغلال الاراضي لاغراض زراعية و غيرها.
الاراضي الفلسطينية الواقعة في منطقة ج
يعاني المواطنين الفلسطينيين القاطنين في القرى الواقعة في المناطق المصنفة ب ‘مناطق (ج)’ من عدم وجود مخطط هيكلي لتلك القرى لتلبية احتياجاتهم العمرانية و رفض الإدارة المدنية الإسرائيلية منحهم تراخيص البناء من اجل مواكبة الزيادة السكانية في تلك المناطق. و يبقى هؤلاء السكان تحت خطر الهدم بذريعة عدم الترخيص بحسب الادعاءات الاسرائيلية. و من جهة أخرى, تقدم الجرافات الاسرائيلية على الرد على الفلسطينيين الذين يتجرأون على تحدي القوانين الاسرائيلية و البناء في المناطق المصنفة بمناطق ج و الخاضعة للسيطرة الاسرائيلية الكاملة, حيث يجب على كل فلسطيني يرغب ببناء منزل أو اضافة غرفة الى منزل قائم أن يخضع لاجراءات طويلة ومعقدة ومكلفة و التي عادة ما تقابل بالرفض من قبل الادارة المدنية الاسرائيلية بسبب عدم موافاة الفلسطينيين الشروط اللازمة للبناء في تلك المناطق بحسب المزاعم الاسرائيلية.
و الجدير بالذكر أنه قبل الاعلان عن اتفاقية أوسلو في العام 1993 , اعلنت الحكومة الاسرائيلية عن طرح مخططات هيكلية لجميع المدن والبلدات والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية و التي من خلالها تم تحديد و بشكل أحادي الجانب, حدود المناطق العمرانية في كل من تلك التجمعات على أساس الاحتياجات الإسرائيلية و المخططات المستقبلية. و قد عملت هذه المخططات على الحد من خطط التنمية الفلسطينية المستقبلية في المناطق المصنفة أ و ب، في حين أن ما تبقى من الأراضي الفلسطينية و المصنفة ‘بمناطق ج’ لا زالت خاضعة للسيطرة الاسرائيلية الكاملة و تشمل جميع خيارات التوسع في المستوطنات الاسرائيلية القائمة في الضفة الغربية و بناء مستوطنات جديدة و غيرها من المخططات الاسرائيلية.
و يتضح مما سبق أن عمليات التهجير التي تمارسها اسرائيل بحق الفلسطينيين القاطنيين في مناطق ‘ج’ هي عمليات ممنهجة تهدف الى افراغ تلك المناطق من سكانها الاصليين باعتبارها مناطق عمق استراتيجي للمستوطنات الاسرائيلية و مناطق مخطط لها بان تكون مناطق توسع مستقبلية لتلك المستوطنات.
قرية يتما: سكان و مساحة
تقع قرية يتما الى الجنوب من مدينة نابلس و يحدها من الشرق قرية قبلان، من الجنوب قرية الساوية و مستوطنة ريخاليم, قريتا ياسوف و اسكاكا من الغرب, و من الشمال مستوطنة كفار تفوح و قرية زعترة. يبلغ عدد سكان قرية يتما 3500 نسمة بحسب تعداد السكن و المساكن للإحصاء المركزي الفلسطيني في العام 2008 ومعظمهم من الفلاحين. كما تبلغ مساحة قرية يتما 3895 دونم, منها 356 دونم (9.1 % من المساحة الكلية للقرية) تقوم عليها المنطقة العمرانية.
و بالرجوع الى اتفاقية أوسلو المؤقتة الموقعة في شهر أيلول من عام 1995 بين السلطة الوطنية الفلسطينية و إسرائيل, تم تصنيف ما مساحته 1319 دونما (33.9) من قرية يتما كمنطقة ب (وهي المناطق التي تقع فيها المسؤولية عن النظام العام على عاتق السلطة الفلسطينية و تبقى لإسرائيل السلطة الكاملة على الامور الأمنية)، بينما تم تصنيف الجزء المتبقي من القرية 2576 دونما (66.1 % من المساحة الكلية للقرية, أي ما يزيد عن نصف مساحة القرية القرية) كمنطقة ج (وهي المنطقة التي تقع تحت السيطرة الكاملة للحكومة الإسرائيلية). و الجدير بالذكر أن معظم الأراضي الواقعة في منطقة C هي الأراضي الزراعية والمناطق المفتوحة. (جدول 2).
جدول رقم 2: الغطاء النباتي لقرية يتما الفلسطيني – نابلس |
النسبة المئوية من مساحة القرية الكلية (%) |
المساحة (دونم) |
تحليل الغطاء النباتي في قرية يتما |
85 |
3312 |
أراضي زراعية |
0.5 |
18 |
محاجر و حفريات |
3.3 |
128 |
غابات و مناطق مفتوحة |
9.1 |
356 |
منطقة عمرانية فلسطينية |
2.1 |
81 |
مستوطنة اسرائيلية |
100% |
3895 |
المساحة الكلية |
المصدر: وحدة نظم المعلومات الجغرافية – أريج 2009
و كانت قرية يتما قد خسرت 81 دونما من اراضيها من اجل بناء مستوطنة ريخاليم الاسرائيلية هذا بالاضافة الى مساحات اخرى صغيرة من أجل شق عدد من الشوارع الالتفافية الاسرائيلية لربط المستوطنة (ريخاليم) بمستوطنات اخرى قريبة في المنطقة. خارطة رقم 1:- (جدول 3 )
جدول 3: مستوطنة ريخاليم المقامة على أراضي قرية يتما |
المستوطنة |
سنة التأسيس |
عدد السكان (2008) |
مساحة المستوطنة داخل حدود قرية يتما (دونم) |
المساحة الكلية للمستوطنة (دونم) |
ريخاليم |
1991 |
185 |
81 |
519 |
المساحة الكلية |
|
185 |
81 |
519 |
المصدر: قاعدة بيانات وحدة GIS– أريج 2009 |
هدم المنازل الفلسطينية من منظور القانون الدولي
استنادا الى القانون الإنساني الدولي, و بالاخص المادة 56 من لائحة لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب, تحرِّم تدمير الممتلكات إلا إذا كان ذلك مبرراً بالضرورة الحربية التي تقتضيها العمليات الحربية. كما أن المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1948 تحرم تدمير الممتلكات، حيث تنص هذه المادة على ما يلي: ‘يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تعلق بأفراد أو جماعات، أو بالدولة أو السلطات العامة، أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتماً هذا التدمير.’ و المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة حيث نصت على انه: ‘لا يجوز معاقبة أي شخص محمي عن مخالفة لم يقترفها هو شخصياً. تحظر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير التهديد أو الإرهاب. السلب محظور. تحظر تدابير الاقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم.’ و المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة :’ تدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية.’ تعتبر مخالفات جسيمة للاتفاقية.
كما دعا دعا مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة في العام 2004 إسرائيل لوقف هدم المنازل الفلسطينية وفقاً لقرار رقم 1544- (2004), و ينص القرار على:’ أن مجلس الأمن دعا إسرائيل إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي و الإنساني و لا سيما الالتزام بعدم القيام بهدم المنازل خلافاً لهذا القانون’.
ملخص:-
ان استمرار اسرائيل بسياسة هدم البيوت الفلسطينية في الضفة الغربية يعتبر خرقاً لحقوق الإنسان، وخصوصاً المادة 11(1) من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية من العام 1966 الذي وقعت عليه اسرائيل في العام 1992, و هو بمثابة التزام منها بمواد الميثاق, حيث نصت المادة 11 من الميثاق باحترام ‘حق كل شخص في مستوى كاف من العيش له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى’. أما الإخلاء القسري و هو ‘النقل الدائم أو المؤقت لأفراد أو عائلات و/أو مجتمعات من منازلها و/أو أراضيها التي تشغلها رغماً عن إرادتها، دون توفير الأشكال المناسبة من لحماية القانونية أو سواها من أشكال الحماية لهم، وتيسير وصولها إليهم’, تعتبر انتهاكاً فظيعاً لحقوق الإنسان، ولا سيما للحق في المسكن الكافي’. و ذلك حسب ما جاء في اعلان لجنة الامم المتحدة لحقوق الانسان في قرارها رقم 77 الصادر في العام 1993 . و عليه, فان يتحتم على دولة اسرائيل الكف عن إنتهاك القانون الدولي، والإمتناع عن هدم البيوت الفلسطينبية و وقف السياسة المدمرة بحق المواطنين الفلسطينين.