خلال سنوات الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بحملة منهجية لهدم منازل الفلسطينيين في الاراضي المحتلة، مع التركيز بصفة خاصة على القدس الشرقية و قطاع غزة. و عقب التوقيع على اتفاقية أوسلو الثانية بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في العام 1995، صعدت اسرائيل من حملتها ضد منازل الفلسطينيين، وبخاصة تلك الواقعة في المناطق المصنفة ‘بمناطق جيم’ (وفقا لاتفاق أوسلو و التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة ) تحت ذريعة ان هذه المنازل تم بنائها دون ترخيص صادرعن السلطات الاسرائيلية المختصة.
و في أعقاب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى) في شهر أيلول من العام 2000، كثفت اسرائيل من حملتها ضد منازل الفلسطينيين وصلت إلى مستويات لم يسبق لها مثيل. جدول رقم 1 يبين المنازل الفلسطينية التي تم هدمها في الفترة ما بين 2000 و 2009 في الضفة الغربية و مدينة القدس. كما يبين عدد المنازل الفلسطينية التي انذرت بالهدم في الفترة ذاتها.
المنازل الفلسطينية المنذرة بالهدم في الاراضي الفلسطينية المحتلة خلال الفترة 2000 و 2009 |
المنازل الفلسطينية المهدمة في الاراضي الفلسطينية المحتلة خلال الفترة 2000 و 2009 |
الضفة الغربية + القدس |
العام |
المجموع |
الضفة الغربية |
القدس |
العام |
465 |
2000 |
41 |
20 |
21 |
2000 |
568 |
2001 |
194 |
143 |
51 |
2001 |
641 |
2002 |
294 |
231 |
63 |
2002 |
681 |
2003 |
336 |
242 |
94 |
2003 |
703 |
2004 |
253 |
173 |
80 |
2004 |
795 |
2005 |
215 |
137 |
78 |
2005 |
505 |
2006 |
230 |
186 |
44 |
2006 |
465 |
2007 |
173 |
114 |
59 |
2007 |
431 |
2008 |
103 |
20 |
83 |
2008 |
1457 |
2009 |
145 |
57 |
88 |
2009 |
|
|
|
|
|
|
5565 |
المجموع |
1984 |
1323 |
661 |
المجموع |
المصدر: قاعدة بيانات أريج, 2000-2009
الاتفاقيات الموقعة بين الفلسطينيين و الاسرائيليين و تصنيف الاراضي الفلسطينية
في العام 1987 اندلعت الانتفاضة الفلسطينية حاملة رسالة رفض لاستمرار الاحتلال الاسرائيلي في الوقت نفسه دعت الى حل للصراع التاريخي بين الاسرائيليين والفلسطينيين. و عليه, قبل الشعب الفلسطيني الحديث عن المفاوضات السلمية القائمة على اسس محددة في مؤتمر مدريد للعام 1991. و كانت المبادئ التوجيهية لهذه المفاوضات الارض مقابل السلام وقرارات الأمم المتحدة 242 و 338. و بعد عدة جولات من المحادثات الرسمية في واشنطن، تمكنت منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل بالخروج في اتفاق تاريخي لإعلان المبادئ ، الذي تم توقيعه في شهر أيلول من العام 1993. و كان اعلان المبادئ قد دعا لفترة 5 سنوات يقوم خلالها ممثلين عن الشعب الفلسطيني والحكومة الاسرائيلية بعقد مفاوضات حول الوضع النهائي و الذي يشمل القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود والمياه. و تم الاتفاق أيضا على أنه لا ينبغي الشروع في أي عمل خلال هذه الفترة الانتقالية الذي يمكن أن يؤثر على نتائج مفاوضات الحل النهائي.
و كانت ‘اتفاقية أوسلو II الموقعة في العاصمة الامريكية واشنطن في شهر أيلول من العام 1995 قد حددت المرحلة الانتقالية من الحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ، في انتظار ‘مفاوضات الوضع النهائي’ التي كانت من المقرر أن تبدأ في شهر أيار من العام 1996 وتنتهي في شهر ايار من العام 1999 . و تنص الاتفاقية المؤقتة على أن المرحلة الأولى من إعادة انتشار للقوات العسكرية الإسرائيلية ستكتمل عشية الانتخابات الفلسطينية، أي 22 يوما قبل الانتخابات. المزيد من عمليات إعادة الانتشار من المقرر أن تكتمل في غضون 18 شهرا من تاريخ تنصيب المجلس التشريعي الفلسطيني. خلال هذه الفترة ، سيتم تحويل الصلاحيات والمسؤوليات المتعلقة بالأراضي تدريجيا إلى السلطة الوطنية الفلسطينية لتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة ، باستثناء القضايا التي سيتم التفاوض عليها في مفاوضات الوضع النهائي (القدس والمستوطنات). وهذا يعني أن 95 ٪ من مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة يجب أن تنتقل للسيطرة الفلسطينية. ولكن على أرض الواقع، هذا لم يحدث. فقد أدى التوقف في المفاوضات والتأخير المتعمد من قبل الحكومة الاسرائيلية، فضلا عن إعادة التفاوض على ما تم الاتفاق عليه, إلى الانسحاب الإسرائيلي الجزئي من الاراضي الفلسطينية. و عليه, فقد بلغت مساحة المناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية حتى شهر آذار من العام 2000 ما لا يزيد عن 18.2 ٪ من مساحة الضفة الغربية و هي المصنفة ‘بمناطق ا’, بينما لا تزال 21.8% من المساحة الكلية للضفة الغربية مصنفة ‘بمناطق ب’ و 60% من الاراضي الفلسطينية خاضعة للسيطرة الاسرائيلية و تشمل مناطق ج و المحميات الطبيعية.
و يتبين مما سبق أنه كان على اسرائيل أن تنقل 95% من اراضي الضفة الغربية الى سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية, الا ان التأخير المتعمد من قبل الحكومة الاسرائيلية حال دون تنفيذ هذه الاتفاقيات الموقعة حيث ما زالت اسرائيل تسيطر على 60 % من الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية الامر الذي يزيد العبء على الفلسطينيين القاطنيين في تلك المناطق حيث يتم منعهم من بناء مساكن لهم أو استغلال الاراضي لاغراض زراعية و غيرها.
تعقيدات البناء في مناطق (ج)
وفقا لاتفاقية اوسلو المؤقتة في العام 1995، قسمت الأراضي الفلسطينية إلى مناطق (ا) و (ب) و (ج) حيث في مناطق (أ) تكون فيها سيادة فلسطينية مطلقة, أما مناطق ب فتخضع إداريا للسلطة الوطنية الفلسطينية وأمنيا لإسرائيل; أما في مناطق ج, تكون السيادة الأمنية والإدارية المطلقة لإسرائيل. و في الوقت الذي صعدت فيه اسرائيل من حملة هدم المنازل الفلسطينية في الاراضي المحتلة، كثفت اسرائيل من البناء الغير القانوني في المستوطنات والبؤر الاستيطانية الإسرائيلية في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا سيما في القدس الشرقية. وعلاوة على ذلك, فرضت الإدارة المدنية الإسرائيلية شروطا مرهقة على الفلسطينيين المتقدمين لاستصدار تراخيص بناء في أراضيهم الواقعة في مناطق (ج) و كذلك الامر بالنسبة للفلسطينيين القاطنين في مدينة القدس, فقد حرمت بلدية القدس الاسراءيلية الفلسطينيين من البناء و التطور في مدينة القدس و فرضت عليهم رسوم باهظة الامر الذي دفع بالفلسطينيين البناء من دون ترخيص بسبب حاجتهم الماسة الى المسكن لمواكبة الزيادة السكانية.
و أشارت هاجيت اوفران في منظمة ‘السلام الان’ الاسرائيلية في تقريرها الصادر في شهر شباط من العام [1]2008 أنه خلال الفترة الواقعة ما بين العام 2000 و العام 2007, رفضت الإدارة المدنية الإسرائيلية 94 ٪ من مجموع الطلبات المقدمة من قبل الفلسطينيين للحصول على تراخيص للبناء في مناطق ج في حين منحت تراخيص بناء ل 18472 وحدة استيطانية جديدة في المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية. علاوة على ذلك, أصدرت الادارة المدنية الاسرائيلية 4993 أمر هدم بحق المنازل الفلسطينية الواقعة في مناطق ج في الضفة الغربية (حيث تم هدم أكثر من 33% منها) في حين صدر 2900 أمر هدم بحق مباني غير قانونية في المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية حيث تم هدم 7% منها فقط. و على مدى سنوات احتلالها للأراضي الفلسطينية، هدمت اسرائيل آلاف المنازل الفلسطينية و بررت أفعالها بذرائع امنية وادارية، ولكن الحقيقة هي أن إسرائيل قد نفذت حملة هدم المنازل الفلسطينية لمنفعتها الخاصة, من أجل:-
مصادرة الاراضي الفلسطينية لبناء جدار العزل العنصري
ترحيل الفلسطينيين من أراضيهم لتسهيل مصادرة أراضيهم لصالح بناء المستوطنات الاسرائيلية الغير قانونية و توسيع المستوطنات القائمة و بناء المزيد من البؤر الاستيطانية.
بناء شبكة من الطرق الالتفافية الاسرائيلية لتسهيل حركة مرور المستوطنين الاسرائيليين و قوات الاحتلال الاسرائيلي القائمة على حماية المستوطنات الاسرائيلية القائمة. و عليه فان المنازل الفلسطينية الواقعة بالقرب من أو بمحاذاة أي شارع التفافي اسرائيلي تكون معرضة بشكل كبير للهدم من قبل سلطات الحتلال الاسرائيلي.
ترحيل جميع الفلسطينيين القاطنين في مناطق متاخمة للمستوطنات الاسرائيلية.
السيطرة على الاراضي الفلسطينية الواقعة في مناطق (ج) لمنع نقل هذه الاراضي الى الفلسطينيين و الحفاظ عليها من أي اتفاق نهائي في المستقبل بين الفلسطينيين و الاسرائيليين.
و يعاني الفلسطينيين القاطنين في القرى الواقعة في مناطق ‘ج’ من عدم وجود مخططات هيكلية[2] لقراهم لتلبية احتياجاتهم العمرانية. كما يعاني الفلسطينيين من تعنت الادارة المدنية الإسرائيلية لمنحهم تراخيص بناء في تلك المناطق من اجل مواكبة الزيادة السكانية. و يبقى هؤلاء الفلسطينيين تحت خطر الهدم بذريعة البناء الغير مرخص بحسب الادعاءات الاسرائيلية أو بذريعة وقوع هذه المنازل في مناطق عسكرية اسرائيلة مغلقة كما تصنفها اسرائيل. و في نفس الوقت, لا تتردد الجرافات الاسرائيلية في الرد على الفلسطينيين الذين يتجرأون على تحدي القوانين الاسرائيلية و البناء في مناطق ج بدون ترخيص. و الجدير بالذكر أن الادارة المدنية الاسرائيلية تفرض على الفلسطينيين الراغبين بالبناء في مناطق ج الخضوع لاجراءات اسرائيلية طويلة ومعقدة ومكلفة و التي عادة ما تقابل بالرفض بسبب عدم موافاة الفلسطينيين لشروط البناء اللازمة في تلك المناطق بحسب االادعاءات الاسرائيلية.
السياسة الاسرائيلية الممنهجة لترحيل الفلسطينيين المقدسيين
ان الحملة العنصرية بقيادة بلدية الاحتلال الاسرائيلي في القدس الشرقية ضد السكان الفلسطينيين هي جبهة أخرى للحرب الاسرائيلية على الفلسطينيين أينما وجدوا. القدس هي قلب الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، والآن، حولت اسرائيل وجهتها الى القدس بقصد الانتقام و القضاء على الوجود الفلسطيني، وتثبيط الروح المعنوية للضغط على الفلسطينيين للرحيل من مدينتهم. و قد بدا ذلك واضحا في خطاب رئيس بلدية القدس المنتخب نير بركات عقب فوزه بانتخابات البلدية في الحادي عشر من شهر تشرين ثاني من العام 2008 حيث صرح ‘أنا على علم بعمق التحدي و صعوبة المهمة. حان الوقت الآن للعمل معا من أجل خير المدينة’. و على ما يبدو، فان هذا بالنسبة لرئيس بلدية القدس يعني دعما غير محدود للاستيطان اليهودي في الأحياء الفلسطينية والقضاء سريعا على مساكن الفلسطينيين ‘الغير قانونية’ بحسب المزاعم الاسرائيلية. ففي احصائية لمعهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج) عن المنازل الفلسطينية المهدمة في القدس تبين أن خلال الفترة ما بين 2000 و 2008، هدمت بلدية القدس الاسرائيلية ما يزيد عن 550 منزلا فلسطينيا في القدس . أما خلال العام 2009, فقد كثف رئيس بلدية القدس المنتخب من حملته العنصرية ضد المنازل الفلسطينية ‘الغير شرعية’ في القدس و استانف حملة هدم المنازل. و تبعا لذلك, قامت بلدية القدس الاسرائيلية بهدم 88 منزل فلسطيني في مدينة القدس و اخطار ما يزيد عن 900 منزل بالهدم بحجة البناء الغير مرخص مقارنة مع 234 أمر هدم في العام 2008 و 207 أمر هدم في العام [3]2007, الامر الذي يبين النية الاسرائيلية المبيتة لرئيس بلدية القدس بالقضاء على الوجود الفلسطيني في المدينة.
ماذا يعني عدد المنازل التي تم هدمها بحجة ‘البناء الغير مرخص’ ؟
خلال عقود الاحتلال المستمر، تذرعت اسرائيل بذرائع عدة و مختلفة لهدم المنازل الفلسطينية و تمحورت جميعها حول ‘الاحتياجات الأمنية’. وجاء تعدد الذرائع التي استخدمتها اسرائيل لهدم المنازل الفلسطينية بناءا على موقع المنزل حيث أن اسرائيل تعتبر القدس الشرقية المحتلة جزءا من القدس الموحدة و بالتالي جزءا من دولة إسرائيل، الأمر الذي جعل من الذريعة الاسرائيلية لهدم المنازل الفلسطينية غير مناسبة للأغراض الأمنية. بدلا من ذلك، قامت بلدية القدس الاسرائيلية بهدم منازل الفلسطينيين في القدس الشرقية بذريعة البناء الغير مرخص.
ان هدم المنازل الفلسطينية تحت هذه الذريعة يحدث عادة في المناطق التي تقع على مقربة من المستوطنات الإسرائيلية، و ضمن حدود بلدية القدس في القدس الشرقية المحتلة. و كانت اسرائيل قد فرضت على الفلسطينيين خلال سنوات الاحتلال قيودا مختلفة على عمليات البناء التي نفذت في الضفة الغربية المحتلة، مع التركيز بصفة خاصة على القدس الشرقية. كما ان البناء في المناطق التي تقع خارج نطاق المخطط الهيكلي للمدينة أو القرية الفلسطينية, ما زال يترتب على الفلسطينيين الحصول على ترخيص من الادارة المدنية الاسرائيلية و الا فان البناء سوف يكون معرض للهدم في أي وقت من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
و بموجب القانون الدولي، على القوة المحتلة عدم التدخل في القضايا ذات الاهتمام المدني و عدم هدم الممتلكات الا اذا تطلبت الضرورات العسكرية ذلك. أما في مدينة القدس، فكان الوضع مختلفا نوعا ما عن بقية الضفة الغربية، حيث أن الإدارة المدنية الإسرائيلية ليس لديها أي اختصاص في تلك المناطق، وهكذا، كان لبلدية القدس الاسرائيلية و وزارة الداخلية الإسرائيلية عملية تنفيذ الهدم.
لماذا يستمر الفلسطينيين في البناء بالرغم من تهديد الهدم
في سعيها الواضح و الصريح نحو تهويد القدس، اختلقت الحكومة الإسرائيلية قوانين عدة ونفذت سياساتها العنصرية ضد الشعب الفلسطيني. كما بذلت اسرائيل جهدا كبيرا في الضغط على الفلسطينيين القاطنين في القدس الشرقية, و تمثل الضغط الاسرائيلي بالتالي:
سعت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة الى مواصلة سياساتها التوسعية في مدينة القدس و السيطرة على الاراضي الفلسطينية من خلال مصادرة الاراضي و فرض القيود حول استخدمات الاراضي في المدينة خلافا عن غيرها من محافظات الضفة الغربية حيث وضعت اسرائيل العراقيل أمام استخدامات الأراضي, فسنّت القوانين التي تحدد نوعية و سبل استخدامها بصيغ تهدف إلى فرض الهيمنة الإسرائيلية على القدس في محاولة لطمس معالمها الفلسطينية, حيث أسفرت هذه القيود على ما يلي:
تم مصادرة 43% من الاراضي الفلسطينية في مدينة القدس لبناء المستوطنات الاسرائيلية.
تم تصنيف 40% من أراضي المدينة كمناطق خضراء حيث يمنع البناء الفلسطيني فيها.
تم تخصيص 6% من الاراضي الفلسطينية في المدينة للطرق و البنية التحتية.
7% من مجموع مساحة الاراضي في المدينة لم يتم تصنيفه.
تم تجميد 3% من مجموع مساحة الاراضي.
بينما تم تخصيص 10% من الاراضي للفلسطينيين للبناء و التطور.
و الجدير بالذكر أن ال 10% من الاراضي التي تم تخصيصها للفلسطينينن في القدس قد تم استغلالها بالفعل الامر الذي ينذر بالخطر في المستقبل لعدم تمكن الفلسطينيين من البناء لمواكبة الزيادة السكانية بسبب القيود التي تفرضها اسرائيل على البناء الفلسطيني في القدس حيث تمنع الفلسطينيين من بناء أكثر من طابقين بينما تسمح للمستوطنين الاسرائيليين بالبناء حتى ثمانية طوابق. و في حين انه يتم السماح للفلسطينيين بنسبة بناء 50-70 بالمئة, تسمح اسرائيل بنسبة بناء 200% للمستوطنين الاسرائيليين القاطنين في المستوطنات الاسرائيلية في القدس.
تفرض الحكومة الاسرائيلية قيودا على التنمية الفلسطينية في مدينة القدس حيث تم تصنيف 40% من الاراضي في المدينة كمناطق خضراء حيث يمنع البناء الفلسطيني فيها بأي شكل من الاشكال, بمعنى أن 40% من مجموع الاراضي الفلسطينية في مدينة القدس فقدت قيمتها الاقتصادية و ألحقت خسارة اقتصادية فادحة للشعب الفلسطيني في القدس.
و ينطبق مصطلح ‘المناطق الخضراء’ في القدس على الفلسطينيين فقط حيث يتم تغيير هذا المصطلح اذا تطلب الامر بناء مستوطنة جديدة في المدينة. ففي العام 1973, تم بناء مستوطنة راموت الاسرائيلية على أراضي فلسطينية كانت قد صنفت من قبل الحكومة الاسرائيلية في العام 1968 على انها مناطق خضراء. و كانت هذه الاراضي قد تم مصادرتها من حي شعفاط شمال المدينة لبناء أكثر من 2500 وحدة استيطانية على أكثر من 2000 دونم.
و من الأمثلة الحية الاخرى على السياسة العنصرية الاسرائيلية في مدينة القدس غابة جبل أبو غنيم حيث قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتغيير استخدامات الأراضي في هذه المنطقة (حوالي 2000 دونم) من مناطق خضراء الى مناطق صالحة للاستخدام الاسرائيلي لبناء مستوطنة هار حوما الاسرائيلية[4]. و هناك مخططات لبناء 6500 وحدة استيطانية لتقطين مستوطنين متدنيين.
و يعتبر جبل المكبر شرق مدينة القدس مثال حي اخر على السياسة العنصرية الاسرائيلية في مدينة القدس, حيث تبلغ مساحة المنطقة 570 دونما و يقطنها أكثر من 15 ألف فلسطيني. و كانت بلدية القدس الاسرائيلية قد صنفت 411 دونما منها (72% من المساحة الكلية لجبل المكبر) كمناطق خضراء, تاركة فقط 117 دونما لاهالي منطقة جبل المكبر لاستغلالها.
انتهجت الحكومة الاسرائيلية عقب احتلالها للضفة الغربية و قطاع غزة في العام 1967 سياسة هدم المنازل الفلسطينية في القدس و تهجير الفلسطينيين من أماكن سكناهم حيث كانت أول هجماتها الشرسة بعد العام 1967 في حي المغاربة في القدس حيث قامت بهدم 115 منزلا فلسطينيا لبناء حي استيطاني يهودي في المنطقة. و ما زالت سياسة الهدم الاسرائيلية مستمرة حتى يومنا هذا, أغلبها تمت بذريعة البناء الغير مرخص.
و في احصائية لمعهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج) حول المنازل المهدمة في القدس, قامت اسرائيل بهدم ما يزيد عن 650 منزل فلسطيني في الفترة الواقعة ما بين الاعوام 2000 و 2009. هذا و ما يزال ناقوس الخطر يدق أبواب الاف المنازل الفلسطينية في المدينة حيث اخطرت بلدية الاحتلال الاسرائيلي في الفترة نفسها ما يزيد عن 4300 منزل فلسطيني في مدينة القدس, معظمها بذريعة البناء الغير مرخص. و باختصار, فان السياسات الاسرائيلية العنصرية فيما يتعلق بالمسكن في القدس أسفرت عن بناء أكثر من 88% من المساكن للمستوطنيين الاسرائيليين في المدينة و 12% فقط للفلسطينيين منذ العام 1967. و قد ادى ذلك الى خلق كثافة سكانية فلسطينية عالية في المدينة بلغت 17,245/كيلومتر بينما بلغت الكثافة السكانية الاسرائيلية في المدينة 5,340/ كيلومتر.
الوضع القانوني و الدولي لمدينة القدس
تواصل إسرائيل هدم العديد من منازل الفلسطينيين تحت حجج واهية وغير قانونية لخدمة المصالح الاسرائيلية, لاقتلاع وطرد الفلسطينيين من منازلهم وأراضيهم لبناء المزيد من المستوطنات الإسرائيلية الغير القانونية، والبؤر الاستيطانية و اقامة الطرق الالتفافية والقواعد العسكرية. كما أن بناء جدار العزل العنصري حول القدس أصبح الاداة التي تستخدمها إسرائيل لرسم حدودها الشرقية مع الفلسطينيين و للمرة الأولى منذ اعلانها للدولة. و اكثر من ذلك, يهدف بناء جدار العزل العنصري إلى استنزاف المجتمعات الفلسطينية المعزولة والأراضي الفلسطينية من الفلسطينيين باستخدام كل الوسائل الممكنة بدءا من فرض القيود على حركة الفلسطينيين و التلاعب في تصاريح الدخول و أوقات الدخول و الخروج من و الى المناطق المعزولة الامر الذي يصعب على الفلسطينيين في تلك المناطق الوصول إلى المراكز الحيوية في المدن الرئيسية.
ملخص:-
ان العدوان الاسرائيلي على المنازل الفلسطينية في الأراضي المحتلة لا يشكل انتهاكا خطيرا على الحق الفلسطيني في المسكن الملائم فقط، بل هو تطبيق لسياسة العقاب الجماعي كما تم التأكيد عليها في اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949؛ المادة 33 و التي تنص ‘ لا يجوز معاقبة أي شخص محمي عن مخالفة لم يقترفها هو شخصياً. تحظر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير التهديد أو الإرهاب. السلب محظور.
تحظر تدابير الاقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم‘.
كما ان سياسة الهدم الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة لم تكن أبدا على اساس الضرورات العسكرية و الاحتياجات الامنية كما جاء في المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 بل جائت لأسباب انتقامية وعقابا جماعيا في القدس حيث أن سياسة هدم المنازل الفلسطينية تجري لمسح المنازل الفلسطينية لصالح بناء المستوطنات الإسرائيلية.
المادة (53) من اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949, ‘يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات، أو بالدولة أو السلطات العامة، أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتماً هذا التدمير.’
و تنص المــادة (147) من اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 على ان ‘ تدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية’ هو انتهاك جسيم للاتفاقية.
كما جائت قرارت مجلس الامن رقم 252, 267, 271 و 298 لتشدد على أن القدس الشرقية هي منطقة محتلة و تدين الاجراءات الاسرائيلية فيها التي من شأنها تغيير معالم المدينة[5].
قرار مجلس الامن رقم 252 بتاريخ 21 ايار/مايو 1968
يعتبر مجلس الامن ان جميع الاجراءات الادارية والتشريعية،وجميع الاعمال التي قامت بها إسرائيل بما في ذلك مصادرة الاراضي والاملاك التي من شانها ان تؤدي الى تغيير في الوضع القانوني للقدس،هي اجراءات باطلة،ولا يمكن ان تغير في وضع القدس.
يدعو إسرائيل بالحاح الى ان تبطل هذه الاجراءات وان تمتنع فورا من القيام باي عمل آخر من شانه ان يغير في وضع القدس.
قرار مجلس الامن رقم 267 لسنة 1969 تاريخ 3 تموز/يوليو 1969
اكد قراره السابق بخصوص بطلان الاجراءات ‘الاسرائيلية’ في القدس ورد فيه.
ان مجلس الامن يؤكد من جديد قراره رقم 252 لسنة 1968 ويستهجن اشد الاستهجان جميع الاجراءات المتخذة بقصد تغيير مركز مدينة القدس.
ويؤكد ان جميع التدابير والاحكام ‘الاسرائيلية’ التشريعية والادارية التي ترمي إلى تغيير مركز مدينة القدس بما فيها نزع ملكية الاراضي والاموال الموجودة عليها، هي تصرفات باطلة ولا تستطيع تغيير ذلك المركز
ويطلب من ‘اسرائيل’ بالحاح مرة اخرى ان تلغي فورا جميع التدابير المماثلة التي اتخذتها والتي ترمي لتغيير مركز مدينة القدس.
قرار مجلس الأمن رقم 271 بتاريخ 15/9/1969م
قرار مجلس الأمن رقم 298 بتاريخ 25 أيلول/سبتمبر 1971
الإعــلان العـالمي لحقـوق الإنسان الذي اعتُمد بموجب قرار الجمعية العامة 217 ألف (د-3) المؤرخ في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948[6] , المادة 17 تنص على (1) لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره. (2) لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً. و هذا يمنع اسرائيل من تدمير و مصادرة الممتلكات الفلسطينية تحت أي ظرف.
إعلان الأمم المتحدة للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري الذي اعتمد ونشر علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة 1904 (د-18) المؤرخ في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1963, المادة 5 —
(أ) اعتبار كل نشر للأفكار القائمة علي التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية، وكل تحريض علي التمييز العنصري وكل عمل من أعمال العنف أو تحريض علي هذه الأعمال يرتكب ضد أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل أثني آخر، وكذلك كل مساعدة للنشاطات العنصرية، بما في ذلك تمويلها، تعتبرجريمة يعاقب عليها القانون.
(ب) إعلان عدم شرعية المنظمات، وكذلك النشاطات الدعائية المنظمة وسائر النشاطات الدعائية، التي تقوم بالترويج للتمييز العنصري والتحريض عليه، وحظر هذه المنظمات والنشاطات واعتبار الاشتراك في أيها جريمة يعاقب عليها القانون.
(ج) عدم السماح للسلطات العامة أو المؤسسات العامة، القومية أو المحلية، بالترويج للتمييز العنصري أو التحريض عليه.
هذا وفي العام 2004, دعا مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة إسرائيل لوقف هدم المنازل الفلسطينية وفقاً لقرار رقم 1544- (2004), و ينص القرار على:’ أن مجلس الأمن دعا إسرائيل إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي و الإنساني و لا سيما الالتزام بعدم القيام بهدم المنازل خلافاً لهذا القانون’
[3] قاعدة البيانات الخاصة بالانتهاكات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة – 2010
[4] The Judaization of Jerusalem – Israeli Policies Since 1967
by Allison Hodgkins, December 1996, (English, Pp. 88)
http://www.passia.org/