تعرض مبنى المجلس القروي لقرية العقبة شرق مدينة طوباس للهدم من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي في العاشر من شهر شباط من العام 2010. و يعد المجلس واحدا من بين 43 مبنى (منازل و غيرها من انواع المباني) مهدد بالهدم في القرية من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي و ذلك بذريعة ‘عدم قانونية البناء’ في المنطقة التي كانت اسرائيل قد أعلنتها عقب احتلال الضفة الغربية في العام 1967 بأنها أراضي عسكرية مغلقة يمنع البناء فيها بأي شكل من الأشكال. و مع ذلك فقد واصل المجلس القروي عمله الاعتيادي من تنسيق لامور أهالي القرية و احتياجاتهم و تقديم الخدمات لهم على مدار ساعتين يوميا و بشكل اعتيادي في موقعه الجديد تحت ظلال شجرة خروب الواقعة بالقرب من المبنى الذي هدمته قوات الاحتلال الاسرائيلي.
لمحة حول قرية العقبة:
إلى الشمال الشرقي من مدينة طوباس و على بعد 5 كم منها تقع قرية العقبة الفلسطينية. يحدها من الشرق خربة يرزه و معسكر تابع لقوات جيش الاحتلال الإسرائيلي ‘كوبرا’، و من الغرب, قرية تياسير، و يحدها من الشمال كل من قرى عين البيضه و بردله ، أما إلى جنوبها فتقع قرية طمون. تبلغ المساحة الإجمالية لقرية العقبة 2600 دونم, خصص منها 100 دونم لأغراض البناء و التطور, أما المساحة المتبقية من القرية و التي تصل إلى 2500 دونم، فهي أراضي زراعية، صادرت منها قوات الاحتلال ما يقارب ال 2000 دونم.
يعتمد الاقتصاد المحلي لقرية العقبة على الدخل الناتج عن الحصاد الزراعي، حيث إن قرية العقبة تعتبر قرية زراعيه يعتمد 80% من سكانها على الناتج المحلي الزراعي في سد احتياجات الحياة اليومية. و الجدير بالذكر ان قرية العقبة محدودة التطور الاقتصادي حيث لا يتواجد في القرية أكثر من متجر و احد يلبي احتياجات أهالي القرية.
يقطن قرية العقبة حوالي 300 شخص (المصدر: مجلس قروي العقبة 2009)، و يقوم بإدارة مجلسها القروي 6 أعضاء تم تزكيتهم من قبل وزارة الحكم المحلي لكي يشرفوا على شؤون القرية الادارية و مشاريع تطوير خدمات البنية التحتية و الاجتماعية المقدمة من قبل الجهات المختصة لأهالي القرية.
نشاطات الاحتلال الإسرائيلي أثارها المترتبة في قرية العقبة
شرعت اسرائيل و منذ أول يوم احتلالها للاراضي الفلسطينية في العام 1967 بتطبيق سياساتها الاستعمارية الرامية لتهجير الفلسطينيين طوعاً من اماكن سكانهم و مصادرة أراضيهم. و كانت قرية العقبة من بين القرى الفلسطينية التي شهدت على هذا الواقع الاستعماري حين اعلنت اسرائيل الجزء الشرقي من الضفة الغربية على انها مناطق عسكرية مغلقة لا يسمح البناء الفلسطيني فيها و اعتبرت السكان الفلسطينيين القاطنين فيها غير شرعيين. و قد ضربت هذه السياسات الاسرائيليلة شتى جوانب الحياة في قرية العقبة و المناطق المحيطة بها و ضيقت الخناق عليهم حيث أصبح البناء و التطور الحضري مستحيل، و لم يستثنى من ذلك تطوير البنى التحتية الأساسية في قطاعات الكهرباء، الماء و الاتصالات.
و عقب إعلان الاتفاقية المرحلية للسلام بين اسرائيل و منظمة التحرير الفلسطينية، و المعروفة باتفاقية ‘أوسلو’ المرحلية، تم تقسيم أراضي الضفة الغربية و تصنيفها ضمن ثلاث تصنيفات و هي:
‘ مناطق أ ‘ و هي تشكل ما نسبته 17.7% من المساحة الكلية لأراضي الضفة الغربية، و بموجب الاتفاقية فإن هذه المناطق تخضع بشكل كامل للسيادة الفلسطينية ادارياً و عسكريا.
‘مناطق ب’ و تخضع هذه المناطق إداريا للسيادة الفلسطينية و عسكرياً للسيادة العسكرية الاسرائيلية و تشكل ما نسبته 18.3% من المساحة الكلية للضفة الغربية،
فيما تم تصنيف الجزء المتبقي من أراضي الضفة الغربية ‘مناطق ج’ و التي تشكل 61.1% من المساحة الكلية للضفة الغربية و هي منطقة تخضع عسكرياً و إدارياً للسيادة العسكرية الإسرائيلية.
ان التصنيف الاحتلالي الإسرائيلي لمنطقة العقبة باعتبارها منطقةً عسكريه مغلقه، متبوعاً بالتصنيف بـ ‘منطقة ب’، أدى إلى خلق حالة هجرة طوعيه من قبل سكان القرية، حيث بلغ تعداد السكان في العام 1971 في القرية 1000 مواطن، غير أن التصنيف الإسرائيلي للمنطقة بـ ‘منطقة عسكرية مغلقة’ و الذي ينافي القوانين و الأعراف الدولية أدى إلى التهجير الطوعي لسكان القرية ليصل التعداد إلى 300 فقط اليوم، كاشفاً أن الهدف الحقيقي وراء الإجراءات الإسرائيلية هو تهجير الفلسطينيين من أراضيهم و سلبها لصالح المشروع الاستيطاني و ليس لأسباب أمنية كما تدعي الحكومات الإسرائيلية.
كما تعرضت قرية العقبة إلى حصار شديد ضرب جوانب الحياة فيها بعد أن أقامت قوات الاحتلال الاسرائيلي بوابات عسكرية حدت من حرية التنقل من و إلى القرية و إدخال المواد الأساسية اللازمة للمعيشة. كما عملت هذه البوابات العسكرية على فصل القرية عن باقي قرى و مدن محافظة طوباس. و قد نجح أهالي القرية باستصدار قرار من المحكمة العليا يقضي بإزالة تلك البوابات و الحواجز و التي كان أكثرها شدةً و أثرا على حياة المواطنين حاجز تياسير. و مع ذلك دأبت قوات الاحتلال الاسرائيلي على إبقاء هذه الحدود الخانقة رغم أزالة الحاجز سالف الذكر و ذلك بإقامة الحواجز المتحركة أو ما يعرف بــ ‘ الحواجز الطيارة’ ، مما أبقى الوضع الإنساني لسكان القرية غير مستقر، حيث لا ترابط للخدمات الأساسية و الطبية و الحياة الاجتماعية.
ختاماً:
إن هذه الإجراءات و النهج الذي تنتهجه سلطات الاحتلال الاسرائيلي تجاه المدن و القرى الفلسطينية الواقعة ضمن منطقة العزل الشرقية، تهدف و بشكل واضح إلى ترحيل السكان الفلسطينيين بغية خلق واقع جديد على الأرض مفاده إنهاء الحق الطبيعي للسكان في العيش في تلك المناطق المحتلة عام 1967 و استغلال الاراضي لصالح تكثيف البناء الاستيطاني الاسرائيلي في المنطقة و السيطرة على الاراضي.
واقع يتعارض مع أساسيات القانون و الأعراف الدولية و عثرة في طريق إقامة الدولة الفلسطينية و هو التوجه الذي يدعمه المجتمع الدولي لإنهاء المعاناة الفلسطينية. واقع تمارسه دولة الاحتلال الاسرائيلي في أراضي الضفة المحتلة و رسالة واضحة بعدم رغبة الساسة الإسرائيليين بتهدئة النفوس لاستكمال عملية السلام المتعثرة.
الفقرة 23 من اتفاقية لاهاي للعام 1907 ‘ تحظر على أي قوة احتلال تدمير أو مصادرة أملاك العدو باستثناء الحالات التي تقضي بها الضرورة العسكرية’.
الفقرة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 ‘ تحظر على القوة المحتلة بان تقوم بنقل سكانها أو جزء منهم إلى الأراضي التي احتلتها’.
كذلك الفقرة 147 من اتفاقية جنيف ‘تحظر على القوة المحتلة تدمير او مصادرة الممتلكات التي تخص العدو إلا في حالة الضرورة العسكرية الملحة’.
وخلافا لما ورد في هذه الاتفاقيات ووفقا لما تنص عليه هذه المعاهدات فان أي خرق لأي بند من بنود هذه المعاهدات يعتبر انتهاكا صريحا و خطيرا و استغلالاً غير مشروعا في تفسير هذه النصوص القانونية و التي تشير و بوضوح إلى شرعية الإجراءات وقت الحروب و الضرورة الملحة فقط، و هذا ما لا ينطبق مع السياسات الإسرائيلية التي تشرع بناء المستوطنات و القواعد العسكرية و البؤر الاستيطانية.