ما زال المسلسل الاسرائيلي التعسفي بحق المواطنين الفلسطينيين و ممتلكاتهم في الضفة الغربية و القدس الشرقية مستمرا, حيث قامت جرافات الاحتلال الاسرائيلي التابعة لبلدية القدس الاسرائيلية في الحادي العشرين من شهر كانون اول من العام 2010 بهدم منزل المواطن سامي داود الشوامرة في قرية النعمان الواقعة شرق مدينة بيت ساحور و المعزولة غرب جدار العزل العنصري بذريعة عدم الترخيص, لوقوع القرية ضمن حدود بلدية القدس الاسرائيلية التي تم اعادة رسمها و بشكل غير قانوني في العام 1967 عقب احتلال اسرائيل للاراضي الفلسطينية. و تبلغ مساحة منزل الشوامرة الذي تم استهدافه 120 متر مربع و هو مأوى لستة أفراد من العائلة. و الجدير بالذكر ان سلطات الاحتلال لم تعطي عائلة الشوامرة الوقت الكافي لاخلاء ما في المنزل من أثاث و أغراض اخرى حتى باشرت جرافات الاحتلال الاسرائيلي بعملية الهدم و تشريد أفراد العائلة في العراء. كما و منعت سلطات الاحتلال الاسرائيلي أفراد عائلة الشوامرة المشردين من المكوث في الخيمة التي تبرعت بها منظمة الصليب الاحمر عقب عملية الهدم. خارطة رقم 1
ان قضية منزل عائلة الشوامرة ليست بالجديدة على مستوى الضفة الغربية بشكل عام و قرية النعمان بشكل خاص حيث تتعرض قرية النعمان للهجوم الاسرائيلي الشرس والمنظم منذ العام 1967 عندما احتلت اسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة حيث كان أول اعتداء على القرية حين وسعت اسرائيل من حدود بلدية القدس من 6.5 كيلومتر مربع إلى 71 كيلومتر مربع و كان ذلك على حساب القرى و المدن الفلسطينية المحيطة بمدينة القدس منها قرية النعمان. و نتيجة لهذا العمل الاحادي الجانب, أصبحت قرية النعمان خاضعة لسيطرة بلدية الاحتلال الاسرائيلي في القدس و تم اعتبار جميع سكان القرية ‘مقيمين غير شرعيين’ في قريتهم التي ولدوا فيها و يعيشون فيها منذ عشرات السنين. كما أصبحت جميع ممتلكاتهم و أراضيهم خاضعة لسيطرة بلدية الاحتلال الاسرائيلي أيضا. و منذ ذلك الوقت, صعدت اسرائيل من حربها تجاه اهالي القرية و ممتلكاتهم حيث استباحت لنفسها باستهداف المنازل بذريعة عدم الترخيص و صادرت الاراضي و دفعت السكان الى الرحيل بحجة ‘عدم السماح لهم بمواصلة العيش في المناطق التي أصبحت خاضعة لسيطرة بلدية القدس’ حيث أنهم من حملة الهوية الفلسطينية و لا يحق لهم المكوث فيها. و تتعمد بلدية القدس الاسرائيلية الى عرقلة مسيرة المواطنين الفلسطينيين القاطنين ضمن حدودها و يرغبون بالحصول على تراخيص بناء و ذلك من خلال الاجراءات المعقدة التي تفرضها عليهم كفرض مبالغ طائلة على المتقدمين للحصول على تراخيص بناء من البلدية. كما قامت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بوضع عراقيل أمام استخدامات الأراضي ضمن حدود بلدية القدس حيث سنّت القوانين التي تحدد نوعية و سبل استخدام الاراضي بهدف فرض الهيمنة الإسرائيلية على الاراضي الفلسطينية و طمس معالمها, كما عمدت الى تقسيم استخدامات الأراضي الى مناطق سكنية و طرق عامة و مناطق عسكرية مغلقة و غابات و محميات طبيعية و ذلك للحد من التوسع و التطور العمراني المستقبلي للتجمعات الفلسطينية في المدينة. و لكن, في نفس الوقت, سهلت بلدية الاحتلال الاسرائيلي من عملية اصدار تراخيص البناء في المستوطنات الاسرائيلية الواقعة ضمن حدودها. و يأتي ذلك ضمن اطار مسلسل التمييز العنصري الذي تنفذه بلدية القدس تجاه المواطنين الفلسطينيين في المدينة.
مخطط العزل الاسرائيلي يستهدف قرية النعمان الفلسطينية
في العام 2002 شهدت قرية النعمان (البالغ عدد سكانها ما يقارب 200 شخص) مصادرات اخرى لأراضيها لغرض بناء جدار العزل العنصري. و اليوم, يمتد الجدار بطول 1.1 كم على أراضي القرية و يعزلها بشكل كامل عن التجمعات الفلسطينية المجاورة كالخاص و دير صلاح و مدينتي بيت ساحور و بيت لحم اللتان تعتبران المراكز الحيوية للقرية و خصوصا عقب اندلاع الانتفاضة الثانية في العام 2000. و في العام 2003, قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بالاعلان عن اقامة معبر مزموريا على أراضي القرية. و كان العمل ببناء المعبر قد بدء في اوائل العام 2005 عندما شرعت الجرافات الاسرائيلية بتجريف أراضي القرية الزراعية منها و أراضي الرعي و التي رافقها أيضا اقتلاع للعديد من أشجار الزيتون المثمرة لغرض بناء المعبر. كما أعلنت الحكومة الاسرائيلية في العام 2005 عن بناء تسعة معابر حدودية اخرى و معابر ثانوية على مسار الجدار في الضفة الغربية (من الشمال الى الجنوب) لاستبدال الحواجز العسكرية الإسرائيلية الحالية المقامة على مداخل المدن و القرى الفلسطينية تحت ادعاء ‘تخفيف وطأة احتكاك المدنيين الفلسطينيين مع الجنود الإسرائيليين على الحواجز الاسرائيلية’. الا ان الهدف من بناء هذه المعابر جاء لزيادة السيطرة على الحركة التجارية للفلسطنيين هذا بالاضافة الى سعيها للسيطرة على حركة مرور الفلسطنيين في الاراضي الفلسطينية بعكس ما تدعيه الجكومة الاسرائيلية. كما و ساهم معبر مزموريا الذي تم الانتهاء من بنائه في أواخر العام 2006 الى ربط المستوطنات الاسرائيلية الواقعة شرق مدينة بيت لحم (تكواع, نيكوديم و كفار الداد) و مجمع مستوطنات غوش عتصيون بمستوطنة مستوطنة هار حوما (جبل أبو غنيم) و المستوطنات الاسرائيلية في مدينة القدس.
و في شهر اب من العام 2006, قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلية باقامة بوابة حديدية على مدخل قرية النعمان و ضيقت الخناق على اهالي القرية و حدت من تحركاتهم من و الى القرية. كما حدت من دخول المواد العذائية و المؤن الاساسية و غيرها من احتياجات المواطنين اليومية الى القرية و منعت لمن هم من غير حملة هوية القرية من الدخول اليها الامر الذي عمل على تقطيع أوصال القرية بالقرى و المدن الفلسطينية المجاورة. خارطة رقم 2
ملخص:-
لقد تعرضت قرية النعمان الفلسطينية لهجمة استيطانية شرسة أدت إلى الإخلال بواقعها الجغرافي من خلال مصادرة اراضيها للاغراض العسكرية و الامنية المختلفة تمثلت ببناء معبر مزموريا و جدار العزل العنصري و شق الطرق الالتفافية التي عملت على تقطيع أوصال القرية في سبيل إيجاد تواصل جغرافي بين المستوطنات الاسرائيلية القائمة في الشرق و الغرب للقرية هذا بالاضافة الى تسهيل حركة مرور المستوطنين من و الى هذه المستوطنات. و يعتبر جدار العزل العنصري الإسرائيلي بمثابة الفصل الأخير من أنشطة الاستيطان الإسرائيلية في قرية النعمان حيث عمل على الحد من امكانية التطور العمراني في القرية هذه بالاضافة الى تقطيع أوصالها بسبب عزلها كليا عن محيطها.
ان النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية الاحادية الجانب في قرية النعمان و القرى الفلسطينية الاخرى تعتبر ناقضة للتعهدات الاسرائيلية تجاه الاتفاقيات الموقعة اضافة الى كونها اعمالا عدائية ضد الشعب الفلسطيني. كما أن بناء جدار العزل العنصري الإسرائيلي على أراضي القرية يهدد التنمية والاستدامة فيها و يشكل تهديدا على السكان فيها كما هو الحال في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة و الذي لا يقتصر فقط على حرمان الفلسطينيين من الأراضي الزراعية والمراعي الخضراء، بل أيضا يضع حواجز مادية في وجه نموها الطبيعي. وعلى الرغم من الاستنكار الدولي للنشاطات الاستيطانية الاسرائيلية، الا ان إسرائيل ماضية في خططها الاحادية الجانب لبناء جدار العزل العنصري و غيرها من النشاطات الاستعمارية الاخرى.