منذ 25 سنة متواصلة، وقرية قريوت في الريف الشرقي من نابلس لا زالت تكابد عمليات البناء والتوسع الاستيطاني تلو التوسع و المصادرة تلو الأخرى. وتقع القرية البالغ تعداد سكانها 2600 نسمة على طريق نابلس رام الله وبني على أراضيها ثلاثة مستوطنات إسرائيلية هي ‘شيلو وعيليه وشفوت راحيل’ بالإضافة إلى البؤر الاستيطانية ‘عادي عاد والبؤرة هيوفيل’.
سنوات طويلة شهدت اعتداءات متكررة من قبل المستوطنين حيث صادرت المستوطنات المقامة على أراضي البلدة آلاف الدونمات الزراعية، بل لم تتوقف عند حد معين فهي تواصل يوما بعد يوم الاستيلاء على مساحات كبيرة من أراض قريوت ويمنعون الأهالي من الوصول إلى أراضيهم المصادرة. تجدر الإشارة إلى أن قوات الاحتلال أصدرت في 27 من شهر تشرين الثاني إعلاناً يتضمن إيداع المخطط التفصيلي رقم (13 ( 205 / بحيث يتم تعديل صفة استعمال الأراضي المصادرة من الحوضين من أراض مزروعة بالزيتون إلى مناطق بناء سكن و مناطق استعمالات عامه و مباني حكومية بالإضافة إلى طرق مختلفة، مع الإشارة إلى أن مساحة المنطقة المستهدفة لا تقل عن 300دونم.
تجدر الإشارة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي حدد فترة 60 يوما للاعتراض على المخطط المعلن في ما تعرف بيت أيل، بالإضافة إلى انه وفي سياق الإعلان يجوز للمزارعين المتضررين الحصول على نسخة من الإخطار العسكري بالإضافة إلى خارطة تفصيلية من بيت أيل. إلا انه وعلى ارض الواقع، وأثناء توجه مجموعة من المزارعين إلى محكمة بيت أيل من اجل الحصول على خارطة تفصيلية حسب الإعلان، فوجئوا بقرار لجنة التنظيم برفضها القطعي تزويد معلومات حول الإخطار والخارطة المرفقة.
بل على العكس فرض الاحتلال إجراءات قاسية على المزارعين منها الطلب منهم إحضار إخراج للقيد باسم صاحب الأرض المباشر وذلك للأراضي المستهدفة بالإضافة إلى خارطة تفصيلية تبين موقع أراضيهم محدد عليها الإحداثيات وأرقام الأحواض وتجهيزها في فترة قصيرة، مما يرهق ذلك كاهل المزارع الفلسطيني البسيط ويزيد من معاناته.
الاحتلال يزرع أراض قريوت بالقنابل، والنتيجة الحتمية وقوع عدد من الإصابات في صفوف الأطفال:
يذكر أن استهداف الاحتلال لقرية قريوت لم يتوقف عن مصادرة الأراضي والتنكيل بالمزارعين، بل تعدى الأمر لدرجة زرع الأراضي الزراعية في قريوت بالقنابل والتي من شأنها أن تودي بحياة الأطفال والمزارعين في القرية. ففي 14 من شهر كانون أول 2012 انفجرت قنبلة من مخلفات جيش الاحتلال الإسرائيلي في طفل فلسطيني من بلدة قريوت جنوب شرق مدينة نابلس شمال الضفة الغربية مساء الجمعة وأصابته بحروق كبيرة وحالة فزع شديد.
وانفجرت القنبلة اليدوية وهي من مخلفات جيش الاحتلال الإسرائيلي كانت موجودة في أرض عائلة الطفل يمان محمد عبد الفتاح عازم (8 سنوات). وقال والد الطفل لباحث مركز أبحاث الأراضي إن طفله أصيب بينما كان موجوداً معه في أرضه قرب مستوطنة ‘شيلو’ المقامة على أراضي القرية والقرى المجاورة التي لا تبعد عن أرضهم سوى 100 متر فقط. وأضاف الوالد أن يمان عثر على القنبلة قرب إحدى الأشجار ‘وبينما كان يحاول النداء على والده انفجرت القنبلة وصدر عنها صوت كبير جدا’، وشدد الوالد على أن ذلك نجم عنه انفجار ضخم هز المنطقة.
وبيّن الوالد أنه ورغم هذا الصوت الضخم لم يحضر الجيش أو المستوطنون الذين يراقبونهم عبر الكاميرات إلى المكان، كما أكدت الفحوص التي أجرتها الجهات المختصة أن القنبلة لم يكن بها صمام أمان، وهو ما يعني حسب قوله أن الأمر كان متعمداً ويستهدف من يدخل إلى الأرض. وأوضح أن دخول هذه الأرض يحتاج عادة لتنسيق مسبق من جيش الاحتلال، كما أن هناك كاميرات وضعها جيش الاحتلال لمراقبة أي تحركات أو محاولات من المواطنين لدخول أراضيهم، وبالتالي التصدي لها ومنعها. ووصف حالة ابنه بالصعبة، حيث أصيب بحروق كبيرة في مختلف أنحاء جسمه، كما أنه يعيش حالة من الخوف الشديد منذ لحظة إصابته.
من جهته أكد بشار القريوتي رئيس المجلس القروي في قريوت لباحث مركز أبحاث الأراضي ‘ إن هذه أول حادثة يصاب بها الموطنين عبر هذه القنابل، لكنها ليست المرة الأولى التي يعثر فيها على قنابل ملقاة على الأرض ومعدة لغرض الانفجار بأي شخص يمسكها. وقال إنه وقبل أسبوعين عثر على بضع قنابل وقامت الجهات من خبراء المتفجرات بتفكيكها، ولفت إلى أن الغرض من ذلك هو ترهيب الأهالي ومنعهم من الوصول لأراضيهم، وبالتالي تسهيل مصادرتها لصالح عمليات الاستيطان، خاصة أن قرابة سبع مستوطنات وبؤر استيطانية تقوم بمصادرة أراضي القرية وغيرها بالمنطقة’.
صورة 1+3: الطفل يمان محمد عبد الفتاح عازم والذي انفجرت قنبلة الغام في جسده