في الثاني عشر من شهر اذار من العام 2013 اخطرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي المواطن سيمون الاعرج من مدينة بيت جالا بهدم بنايته المكونة من أربعة طوابق (500 متر مربع) وذلك بذريعة البناء الغير مرخص لوقوع البناية في المنطقة المصنفة ‘ج’ والتي بحسب اتفاقية أوسلو الثانية المؤقتة والموقعة بين السلطة الوطنية الفلسطينية واسرائيل في شهر ايلول من العام 1995, تخضع للسيطرة الاسرائيلية الكاملة أمنيا واداريا, وانه يتعين على أي فلسطيني يرغب في البناء في تلك المناطق ان يتقدم للادارة المدنية الاسرائيلية بطلب الحصول على رخصة بناء. صورة رقم 1
ويتزامن هذا الحدث مع اقتراب موعد زيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما للاراضي الفلسطينية المحتلة واسرائيل في العشرين من الشهر الجاري (اذار 2013), حيث تصعد اسرائيل من انتهاكاتها بحق المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم وأراضيهم في جميع محافظات الضفة الغربية المحتلة في خطوة من شأنها ان تزيد من صعوبة الوضع السياسي في المنطقة وتفاقم من حجم المعاناة الفلسطينية وتفرض المزيد من الحقائق ‘التي لا يمكن تغييرها’ على الارض الفلسطينية المحتلة في انتهاك واضح وصريح للقوانين والاعراف الدولية وخصوصاً المادة 11(1) من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية من العام 1966 الذي وقعت عليه اسرائيل في العام 1992 حيث نصت على احترام ‘حق كل شخص في مستوى كاف من العيش له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى.’
وكان المواطن الاعرج قد بدأ البناء في العام 2000 بناءا على موافقة شفهية من السلطات الاسرائيلية في الادارة المدنية الاسرائيلية في بيت ايل بالبناء في قطعة الارض الواقعة في المنطقة المصنفة ‘ج’ وتقع في الوقت ذاته داخل المخطط الهيكلي التابع لمدينة بيت جالا. وعليه, قام الموطن الاعرج باستصدار التراخيص اللازمة للبناء من بلدية بيت جالا في العام 2000 للبدء في أعمال البناء حيث قام ببناء أول طابقين. ومع اندلاع الانتفاضة الثانية في نهاية العام 2000 , توقف المواطن الاعرج عن البناء بسبب الاوضاع السياسة والاقتصادية الصعبة التي سادت البلاد. الا أنه قام بتجديد الترخيص في العام 2012 ليشمل بناء اربعة طوابق اخرى جديدة. والجدير باللذكر ان بناية الموطن الاعرج تقع مقابل جدار العزل العنصري الذي اقامته اسرائيل على اراضي مدينة بيت جالا ويضم في مساره مستوطنة هار جيلو الاسرائيلية. خريطة رقم 1
وينص الاخطار الذي يحمل رقم ‘ب 2/13’ على ان المبنى الذي تم اقامته في المنطقة مخالف لقانون تنظيم المدن والقرى والابنية الاردني رقم 79 لسنة 1966 وانه على الموطن الاعرج التوقف فورا عن الاستمرار في البناء وهدم ما تم اقامته وتغيير كل الذي انجز في العقار خلافا للتعليمات وارجاع الوضع الى حالته السابقة خلال ثلاثين يوما من تاريخ اصدار اخطار الهدم. وهددت الادارة المدنية الاسرائيلية في الاخطار الذي وجهته للمواطن الاعرج بأنه اذا لم يتم اعادة الوضع الى ما هو عليه, فانها سوف تتخذ الاجراءات القانونية اللازمة بما في ذلك هدم البناء وارجاع الوضع الى حالته السابقة على نفقة المواطن الاعرج الخاصة. نسخة عن الاخطار
صورة 2-4: نسخة عن الاخطار الذي تسلمه المواطن الاعرج
تصنيف الاراضي الفلسطينية والاتفاقيات الموقعة بين الفلسطينيين و الاسرائيليين
اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الاولى في العام 1987 وكانت تحمل في طياتها رسالة رفض للاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية, في الوقت ذاته دعت الى حل للصراع التاريخي بين الفلسطينيين والاسرائيلين. وعليه, قبل الشعب الفلسطيني الحديث عن المفاوضات السلمية القائمة على اسس محددة في مؤتمر مدريد للسلام في العام 1991. وكانت المبادئ التوجيهية لهذه المفاوضات الارض مقابل السلام وقرارات الأمم المتحدة 242 و 338. وبعد عدة جولات من المحادثات الرسمية في العاصمة الامريكية واشنطن، تمكنت منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل بالخروج في اتفاق تاريخي لإعلان المبادئ، الذي تم توقيعه في شهر أيلول من العام 1993. وكان اتفاق اعلان المبادئ قد دعا لفترة 5 أعوام يقوم خلالها ممثلين عن الشعب الفلسطيني والحكومة الاسرائيلية بعقد مفاوضات حول الوضع النهائي في الاراضي الفلسطينية المحتلة والذي يشمل القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود والمياه. وتم الاتفاق أيضا على أنه لا ينبغي الشروع في أي عمل خلال هذه الفترة الانتقالية الذي يمكن أن يؤثر على نتائج مفاوضات الحل النهائي.[1]
و كانت ‘اتفاقية أوسلو الثانية المؤقتة والموقعة في العاصمة الامريكية واشنطن في شهر أيلول من العام 1995 قد حددت المرحلة الانتقالية من الحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، في انتظار ‘مفاوضات الوضع النهائي’ التي كانت من المقرر أن تبدأ في شهر أيار من العام 1996 وتنتهي في شهر ايار من العام 1999 . ونصت الاتفاقية المؤقتة على أن المرحلة الأولى من إعادة انتشار للقوات العسكرية الإسرائيلية ستكتمل عشية الانتخابات الفلسطينية، أي 22 يوما قبل عقد الانتخابات الفلسطينية في حين مزيد من عمليات إعادة الانتشار من المقرر أن تكتمل في غضون 18 شهرا من تاريخ تنصيب المجلس التشريعي الفلسطيني. خلال هذه الفترة، سيتم تحويل الصلاحيات والمسؤوليات المتعلقة بالأراضي تدريجيا إلى السلطة الوطنية الفلسطينية لتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة ، باستثناء القضايا التي سيتم التفاوض عليها في مفاوضات الوضع النهائي (القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود والمياه). وهذا يعني أن 95 ٪ من مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة كانت يجب أن تنتقل للسيطرة الفلسطينية. ولكن على أرض الواقع، لم يتم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اتفاقية اوسلو الثانية المؤقتة حيث ان اسرائيل توقفت عن المفاوضات مع الفلسطينيين وتعمدت التأخير في تنفيذ الاتفاقية فضلا عن إعادة التفاوض على ما تم التفاوض عليه سابقا مع الفلسطينين, الامر الذي ادى إلى الانسحاب الإسرائيلي الجزئي من الاراضي الفلسطينية المحتلة حيث بلغت مساحة المناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية الكاملة حتى شهر آذار من العام 2000 ما لا يزيد عن 18.2 ٪ من مساحة الضفة الغربية الكلية وهي المناطق المصنفة ‘ا’[2], بينما لا تزال 21.8% من المساحة الكلية للضفة الغربية مصنفة ‘مناطق ب[3]‘ و 60% من الاراضي الفلسطينية خاضعة للسيطرة الاسرائيلية الكاملة أمنيا واداريا وتشمل مناطق ج[4] والمحميات الطبيعية.
جدول رقم 1: النسب المئوية لاعادة الانتشار الاسرائيلية بحسب الاتفاقات الموقعة |
تقسيم المناطق |
التاريخ |
الاتفاقيات الموقعة |
مناطق ا |
مناطق ب |
مناطق ج |
3% |
24% |
73% |
ايار – 1994 |
أوسلو II |
اتفاقية أوسلو |
10.1% |
18.9% |
71% |
تشرين أول – 1998 |
واي ريفر I |
اتفاقية واي ريفر |
18.2% |
21.8% |
60% |
|
واي ريفر II & III (لم يتم تطبيقها) |
10.1% |
25.9% |
64% |
أيلول – 1999 |
شرم الشيخ I |
اتفاقية شرم الشيخ |
12.1% |
26.9% |
61% |
كانون الثاني 2000 |
شرم الشيخ II (تم تطبيقيها بتأخير متعمد) |
18.2% |
21.8 %. |
60% |
اذار 2000 |
شرم الشيخ III (تم تطبيقيها بتأخير متعمد) |
> 95 % |
0% |
< 5 % |
1997 |
ما كان يجب أن يكون بحسب الاتفاقيات |
|
المصدر: معهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج) |
ويظهر مما سبق أنه كان على اسرائيل أن تنقل 95% من اراضي الضفة الغربية الى سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية, الا ان التأخير المتعمد من قبل الحكومة الاسرائيلية حال دون تنفيذ هذه الاتفاقيات الموقعة حيث ما زالت اسرائيل تسيطر على 60 % من الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وما زالت تمارس انتهاكاتها بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم وأراضيهم الامر الذي يزيد العبء على الفلسطينيين القاطنيين في تلك المناطق حيث يتم منعهم من بناء مساكن لهم أو استغلال الاراضي لاي غرض كان.
ملخص:-
خلال سنوات الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بحملة ممنهجة ضد المنازل الفلسطينية في الاراضي المحتلةبما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة. وعقب التوقيع على اتفاقية أوسلو الثانية بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في العام 1995، صعدت اسرائيل من حملتها ضد منازل الفلسطينيين وبخاصة تلك الواقعة في المناطق المصنفة ‘ج’ تحت ذريعة ان هذه المنازل تم بنائها دون ترخيص صادرعن السلطات الاسرائيلية المختصة. وتشكل هذه الحملة انتهاكا خطيرا لحق المواطن الفلسطيني في المسكن الملائم كما جاء في الإعــلان العـالمي لحقـوق الإنسان الذي اعتُمد بموجب قرار الجمعية العامة 217 ألف (د-3) المؤرخ في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948[6] , المادة 17 تنص على انه (1) ‘لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره.’ (2) ‘ لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً.’ و هذا يمنع اسرائيل من تدمير و مصادرة الممتلكات الفلسطينية تحت أي ظرف.
كما أن المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1948 تنص على انه: ‘يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تعلق بأفراد أو جماعات، أو بالدولة أو السلطات العامة، أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتماً هذا التدمير.’ وحتما منزل الاعرج لا يخضع لاي من هذه المعايير وعليه فان اسرائيل تنتهك اتفاقية جنيف الرابعة أيضا.
وأيضا المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة حيث نصت على انه: ‘لا يجوز معاقبة أي شخص محمي عن مخالفة لم يقترفها هو شخصياً. تحظر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير التهديد أو الإرهاب. السلب محظور. تحظر تدابير الاقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم.’ و المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة :’ تدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية.’ تعتبر مخالفات جسيمة للاتفاقية.
كما دعا دعا مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة في العام 2004 إسرائيل لوقف هدم المنازل الفلسطينية وفقاً لقرار رقم 1544- (2004), و ينص القرار على:’ أن مجلس الأمن دعا إسرائيل إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي و الإنساني و لا سيما الالتزام بعدم القيام بهدم المنازل خلافاً لهذا القانون’. .
[1] اتفاقيات اوسلو تتالف من : اعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي المؤقت ( 11 ايلول 1993 ) , واتفاقية غزة اريحا ( 4 ايار 1994 ) والاتفاق الفلسطيني الاسرائيلي المؤقت بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة( 28 ايلول 1995) , وبروتوكول اعادة الانتشار في الخليل ( 17 كانون الثاني 1997) ومذكرة واي ريفر(23 تشرين الاول 1998) ومذكرة شرم الشيخ (4 ايلول 1999)
[2] مناطق أ وهي المناطق التي تخضع للسيطرة الفلسطينية الكاملة (أمنيا وإداريا)
[3] مناطق ب وهي المناطق التي تقع فيها المسؤولية عن النظام العام على عاتق السلطة الوطنية الفلسطينية و تبقى لإسرائيل السلطة الكاملة على الامور الأمنية و تشكل معظم المناطق الفلسطينية المأهولة من البلديات والقرى وبعض المخيمات.
[4] مناطق ج وهي المناطق التي تقع تحت السيطرة الكاملة للحكومة الإسرائيلية أمنيا و اداريا, حيث يمنع البناء الفلسطيني فيها أو الاستفادة منها بأي شكل من الاشكال الا بتصريح من الادارة المدنية الاسرائيلية. ومن الجدير بالذكر أيضا أن معظم الأراضي الواقعة في مناطق ‘ج’ هي عبارة عن أراض زراعية وغابات بالإضافة إلى الأراضي المقامة عليها المستوطنات الإسرائيلية والمواقع العسكرية الاسرائيلية الاخرى.