حولت التدريبات العسكرية الإسرائيلية في مواقع مختلفة في الأغوار الفلسطينية حياة أهالي الأغوار والبالغ عددهم ما يزيد عن 50 ألف نسمة إلى جحيم لا يطاق، حيث أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعكف بين الفينة والأخرى في تنفيذ مناورات عسكرية في الأغوار الفلسطينية، ويكون الخاسر الوحيد دائماً هم السكان المحليون الذين يتم تهجيرهم من مضاربهم بشكل قسري إلى مناطق متفرقة في الأغوار الفلسطينية، ليستخدم الاحتلال أسلحته الثقيلة ويدوس بآلياته الكبيرة الأراضي الزراعية ويدمر كل ما هو أمامه من خيام سكنية أو زراعية وكأنه لا أحد يسكن المكان؟!!!، وفوق هذا يتعمد الاحتلال استهداف أهالي الأغوار سواء بالتنكيل بهم أو بهدم بيوتهم ومصادرة ما بحوزتهم من عِدد وماشية، والانتهاء بطردهم من مضاربهم إلى مناطق جديدة ليلقوا نفس المصير الذي لقوه في السابق.
وعند عودتهم إلى مضاربهم بعد انتهاء الجيش الإسرائيلي من عمليات التدريبات العسكرية، ليجدوا أراضيهم وبركساتهم مدمرة، كما أنهم يعرضون حياتهم للخطر بسبب وجود بقايا مخلفات التدريبات العسكرية فمنهم فقدوا حياتهم أو بترت أطرافهم؛ فتحولوا إلى مقعدين بفعل تلك الألغام التي يتركها الاحتلال وراءه ،حيث أنها تنتشر في الأراضي الرعوية وتتركز بشكل مخيف على أطراف الجبال والأودية.
تجدر الإشارة الى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تستغل المواسم الزراعية في كل عام وخاصة موسم التناسل عند الأغنام والتي تعتبر الحرفة الرئيسية التي يعتمد عليها الإنسان البدوي في تامين مصدر دخله الوحيد، و دلك في التدريبات العسكرية والتي تلحق بشكل أو بأخر أضرار فادحه في قطاع الثروة الحيوانية مما يؤثر بشكل سلبي على واقع المنطقة.
ولعل المزارع محمد ارحيل الكعابنة من خربة " عين حلوة" في الأغوار الشمالية لشاهد على حجم المأساة التي يمر بها سكان الأغوار الشمالية من جراء تلك التدريبات العسكرية، فخلال السنوات الثلاث الماضية تم اعتقاله مرات عديدة أثناء رعيه لقطيع الأبقار الذي يمتلكه، بل وأقدم الاحتلال على مصادرة قطيعه وفرض مبالغ نقدية كبيرة عليه كعقاب له بسبب رعيه للأبقار ففي مناطق تصنف أنها خاضعة للتدريبات العسكرية.
الصورة 1: التدريبات العسكرية في غور الأردن
أما الحاج علي الفقير من خربة " حمامات المالح" لم يكن بأحسن حال، فقد استغل الاحتلال موعد التناسل عند الأغنام في هذا العام بإجباره على إخلاء مسكنه الى العراء مرات كثيرة خلال شهر كانون الثاني وشهر شباط لهذا العام، مما أثر بشكل سلبي على الولادات الجديدة لأغنامه فكانت النتيجة نفوق عدد من الحملان التي كان يعول عليها المزارع في تأمين مصدر دخله.
مصادرة للمراعي بالجملة وتدمير المحاصيل الزراعية:
يشار في السياق ذاته، الى أن التدريبات العسكرية الروتينية طالت مساحات شاسعة من المراعي التي منع المزارعين من الاستفادة منها، ناهيك على تدمير المحاصيل الشتوية في منطقة " المالح" وخربة مكحول "، مما يعني عدم قدرة المزارعين من الاستفادة منها، وبل منع رعي الأغنام في تلك المنطقة.
يشار إلى أن الأغوار الشمالية باتت مهددة بالتهويد والمصادرة بأي وقت، فالاحتلال يعكف على الاستيلاء على كامل تلك المنطقة، حيث تعتبر مناطق التدريبات العسكرية وسيلة لإعطاء الضوء الأخضر نحو مصادرة مساحات واسعة من الاراضي تحت ما يسمى " أغراض أمنية" والتي من المرشح لتلك الأراضي أن تترسب الى جهات استعمارية استيطانية، ومن ثم استغلال تلك المناطق العسكرية لتوسعة المستعمرات القائمة في الضفة الغربية.
من جهته كشف السيد محمد الملاح المستشار القانوني في محافظة طوباس لباحث مركز أبحاث الاراضي عن وجود مخطط في الأغوار الشمالية عبر تفريغ مساحات كبيرة من الاراضي بحجة أنها منطقة عسكرية مغلقة، و بالتالي سوف يحظر على الفلسطينيين من مجرد الوصول إليها.
وتلك الاراضي – كما يقول الملاح- سوف تكون رهينة لمطامع الاحتلال الإسرائيلي حيث مع مرور الوقت سوف تستخدم لبناء مستعمرات جديدة عليها، أو حتى توسعة القائم منها.
وتتطرق السيد " الملاح" في سياق حديثه، عن ما قام به مستعمرو مستعمرة "روتم" في منطقة واد المالح بناء مزارع وشق طرق استعمارية على أراض سبق وأن صادرها جيش الاحتلال لأغراض عسكرية.
اعداد: