ضمن سياسة اسرائيل الممنهجة لطرد الفلسطينيين من مدينة القدس وجعلها مدينة ذات اغلبية يهودية، صعدت سلطات الاحتلال الاسرائيلي من اجراءاتها التعسفية بحق المواطنين الفلسطينيين في بلدة سلوان، تمثلت بفرض الحصار الشامل على البلدة واصدار العديد من اوامر هدم للمنازل ومصادرة الاراضي بالاضافة الى اعتقال العديد من سكان البلدة، وقطع المياه عنها، ذلك بالاضافة الى عدم اصدار تراخيص بناء للفلسطينيين. وتعمل سلطات الاحتلال الاسرائيلي الى فرض العديد من الاجراءات المعقدة وطويلة الامد على الفلسطينيين المتقدمين لطلب رخص البناء هذا بالاضافة الى التكاليف الباهظة التي تفرضها سلطات الاحتلال الاسرائيلي على الفلسطينيين الراغبين في الحصول على الرخصة والتي في معظم الاحيان تقابل بالرفض بذريعة عدم موافاتهم الشروط اللازمة للبناء.
تهدف سياسة حكومة اسرائيل الى تضيق الخناق على المواطينين الفلسطينيين القاطنين داخل حدود مدينة القدس لدفعهم الى مغادرة المدينة، لاتاحة الفرصة للمستوطنين اليهود الى السيطرة على هذه الاماكن. فيما يلي تلخيص للاجراءات الاسرائيلية منذ مطلع العام 2013 بحق بلدة سلوان الفلسطينية ومواطنيها:
في الثامن من شهر كانون الثاني للعام 2013، قامت جرافات الاحتلال الاسرائيلي بهدم بناية فلسطينية قيد الانشاء مكونة من ثلاثة طوابق وموقف سيارات في حي راس العمود في بلدة سلوان. خلال عملية الهدم, قامت جرافات الاحتلال ايضا باقتلاع عدد من اشجار الزيتون و تجريف مساحات واسعة من الاراضي.
في التاسع من شهر كانون الثاني لعام 2013، حدث انهيارات على مدخل بلدة سلوان بسبب الحفريات الاسرائيلية اسفل المنطقة، حيث تسعى السلطات الاسرائيلية الى انشاء نفق تحت الارض لاستخدام المستوطنين الاسرائيليين والزائرين فقط يربط بين البؤرة الاستيطانية ‘مدينة داوود’ و ساحة حي وادي حلوة ‘موقف جيفعات’
في السابع والعشرين من شهر كانون الثاني للعام 2013، اصدرت محكمة اسرائيلية امر هدم منزل السيد فخري ابو دياب في بلدة سلوان في مدينة القدس مع نهاية شهر آيار لعام 2013. وبحسب ما جاء في قرار الهدم، فان الارض المقام عليها المنزل تعد ذات اهمية للتاريخ اليهودي.
في الثامن والعشرين من شهر كانون الثاني للعام 2013، قامت جرافات الاحتلال الاسرائيلي بهدم منزل وغرفة وموقف سيارات وبركس بالاضافة الى تجريف اراضي زراعية مزروعة باشجار الزيتون، في حي وادي الربابة في بلدة سلوان في مدينة القدس. تعود ملكية هذه المنشأت الى كل من عائلة شويكي وشقير وسمرين. ومن الجدير ذكره أيضا بانه خلال عملية الهدم، قام جنود الاحتلال الاسرائيليي باطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والصوت باتجاه الفلسطينيين في المنطقة، مما ادى الى وقوع العديد من حالات الاختناق.
الاول من شهر شباط للعام 2013، ولليوم الثاني على التوالي، استمرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي والشرطة بحملتها ضد بلدة سلوان، حيق قاموا باقتحام المنازل والمحلات التجارية، واعتقال العديد من المواطنين، بالاضافة الى فرض الضرائب على السكان. كما وقام جيش الاحتلال الاسرائيلي بوضع العديد من الحواجز على مداخل احياء بئر ايوب ووادي الربابة وعين اللوزة والبستان والثوري والعباسية ووادي حلوة والعين. حيث قاموا بتوقيف وتفتيش المركبات الفلسطينية واصدار مخالفات سير بحقها، مما ادى الى ازمة سير خانقة في المنطقة.
في الثالث من شهر شباط للعام 2013، ولليوم الخامس على التوالي، لاتزال سلطات الاحتلال الاسرائيلي مستمرة في اجراءاتها التعسفية بحق بلدة سلوان في القدس، حيث قام جيش الاحتلال الاسرائيلي بوضع العديد من الحواجز داخل البلدة، وقاموا بإبقاف وتفتيش المركبات والتدقيق في هويات المواطنين، بالاضافة الى اقتحام وتفتيش العديد من المنازل والمحال التجارية في البلدة واغلاق عدد من هذه المحال واستدعاء عددا من المواطنين لمقابلة المخابرات الاسرائيلية، كما وقامت شرطة الاحتلال الاسرائيلي باصدار العديد من مخالفات السير بحق السائقين في البلدة.
في الثالث من شهر شباط للعام 2013، سلمت بلدية القدس وسلطات الاحتلال الاسرائيلي اوامر عسكرية لهدم عددا من منازل الفلسطينيين في كل من حي وادي حلوة وحي بئر ايوب وحي عين اللوزة في بلدة سلوان في القدس تحت ادعاء بان هذه المنازل تم بناءها دون تراخيص صادرة عن السلطات الاسرائيلية المختصة.
في العاشر من شهر شباط للعام 2013، قام جيش الاحتلال الاسرائيلي باقتحام وتفتيش عددا من المنازل الفلسطينية في حي وادي حلوة في بلدة سلوان في مدينة القدس.
في التاسع عشر من شهر شباط للعام 2013، قام جيش الاحتلال الاسرائيلي بوضع العديد من الجواجز في الشوارع الرئيسية داخل بلدة سلوان، حيث قاموا بتوقيف وتفتيش المركبات والتدقيق في هويات المواطنين.
في الحادي والعشرين من شهر شباط للعام 2013، سلمت سلطات الاحتلال الاسرائيلي اوامر عسكرية لهدم ثلاثة منازل فلسطينية في حي العين في بلدة سلوان. كما وقام جيش الاحتلال الاسرائيلي بتدمير عددا من عدادات المياه لعدد من المنازل الفلسطينية في الحي.
في الثاني والعشرين من شهر شباط للعام 2013، اقتحم جيش الاحتلال الاسرائيلي وسلطة الطبيعة الاسرائيلية قطعة ارض فلسطينية تعود ملكيتها لعائلة الشقير في حي وادي الربابة في بلدة سلوان، ومنعت مالكيها من العمل في الارض.
في الرابع والعشرين من شهر شباط للعام 2013، اغلق جيش الاحتلال الاسرائيلي الشارع الرئيسي في حي عين اللوزة في بلدة سلوان.
في السابع والعشرين من شهر شباط للعام 2013، حاول جيش الاحتلال الاسرائيلي اقتحام مدرسة فلسطينية في حي راس العمود في بلدة سلوان، واجبروا المعلمين والطلاب على البقاء في ساحة المدرسة.
بلدة سلوان, الموقع والجغرافيا والسكان
تقع بلدة سلوان ضمن محافظة القدس، جنوب شرق البلدة القديمة وملاصقة للحائط الجنوبي للمسجد الاقصى. يحدها من الشرق حي رأس العمود وبلدة أبو ديس, ومن الغرب القدس الغربية, ومن الشمال أحياء الطور والصوانة والشياح والبلدة القديمة في القدس، ومن الجنوب حي الثوري وبلدتي صورباهر وجبل المكبر. تبلغ مساحة بلدة سلوان الكلية 1792 دونما، في حين تبلغ المساحة العمرانية فيها 1112 دونما ويقطنها ما يزيد عن 30 ألف نسمة.
الاستيطان في بلدة سلوان
عقب احتلال اسرائيل للضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية في العام 1967، قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بتقسيم محافظة القدس الى منطقتين رئيسيتين هما’ منطقة ( J1) وهي الاراضي الخاضعة لسيطرة بلدية القدس الاسرائيلية التي تم توسيعها بشكل غير قانوني واحادي الجانب فيالعام 1967 وتضم العديد من التجمعات الفلسطينية المقدسية واهمها البلدة القديمة. وتتبع بلدة سلوان الى هذه المنطقة (J1) من الجهة الجنوبية، أما المنطقة الثانية (J2) وهي المنطقة الغير خاضعة لسيطرة بلدية القدس وتعتبر بشكل عام خاضعة لسيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية وتضم المناطق الشرقية والغربية من محافظة القدس، وتبقى المنطقة المركزية في المحافظة خاضعة لبلدية الاحتلال الاسرائيلية.
كما وعملت سلطات الاحتلال الاسرائيلي على تعزيز سيطرتها على مدينة القدس من خلال بناءها لجدار العزل العنصري الذي عمل على رسم حدود بلدية القدس بشكل غير قانوني وأحادي الجانب للمرة الثانية، وعمل على فصل بلدة سلوان عن العديد من التجمعات الفلسطينية المحيطة بها والتي تقع في الجزء الشرقي من مدينة القدس، مثل بلدات أبو ديس والعيزرية والسواحرة الشرقية.
كما لم تسلم بلدة سلوان من الاستيطان الاسرائيلي الذي يستهدف جميع محافظات الضفة الغربية وبشكل خاص المدينة المقدسة. فخلال سنوات الاحتلال الاسرائيلي, شهدت بلدة سلوان هجمة استيطانية شرسة حيث قام المستوطنون وبدعم من سلطات الاحتلال الإسرائيلي بفرض سيطرتهم على بعض المنازل الفلسطينية في البلدة لتصبح كبؤر استيطانية تمهيدا لتوسيع السيطرة الإسرائيلية على هذه المنطقة وتوسيع مستوطنة الحي اليهودي الذي تم انشاءه على انقاض حي المغاربة في البلدة القديمة في القدس التي هدمته سلطات الاحتلال الاسرائيلي في العام 1967 وشردت ساكنيه. ويقدر عدد المنازل التي تم احتلالها من قبل المستوطنين في بلدة سلوان بحوالي 30 منزلا، كما وتقدر مساحة الأرض التي يسيطر عليها المستوطنون في البلدة بحوالي 45 دونما تضاف اليها مساحة 22 دونما والتي هي عبارة عن الحي اليهودي و مستوطنة تلبيوت الاسرائيلية التي تم انشائها في العام 1973.
استهداف حي البستان في بلدة سلوان: 88 منزلا فلسطينيا مهددا بالهدم
يقع حي البستان وسط ضاحية البستان التابعة لبلدة سلوان في الجزء الجنوبي لمدينة القدس وبالقرب من البلدة القديمة. وبحسب تصنيف الانتداب البريطاني، فان ملكيّة جميع أراضي وعقارات هذا الحيّ والذي وتبلغ مساحته حوالي 70 دونماً، هي مقدسيّة فلسطينيّة خالصة. فمنذ احتلال القدس الشرقية عام 1967،تعرضت المدينة لهجمة استيطانية شرسة من قبل الحكومة الإسرائيلية وكذلك من جانب المنظمات اليهودية مثل منظمة ‘عتيريت كوهانيم’ الاسرائيلية ومظمة ‘العاد’ الاستيطانية الاسرائيلية التي أنشئت في العام 1986 بهدف تأسيس وبناء ما يسمى بمدينة داوود في المكان الذي يعيش فيه أهالي سلوان. كما قامت بلدية القدس التابعة لقوات الاحتلال بتصنيف بعض المناطق داخل البلدية ومن ضمنها بلدة سلوان والثوري ‘كمناطق خضراء’ حيث تسعى قوات الاحتلال من خلال هذه المسميات إلى السيطرة على المزيد من الأراضي لصالح المشاريع الاستيطانية بل وحتى تقوم بهدم المنازل تحت هذه المسميات والادعاءات وبحجة أن المنازل مبنية على مناطق خضراء وكان آخرها حملة التطهير العرقي المخططة في حي البستان القريب من المسجد الأقصى في الجهة الجنوبية والتابع لمنطقة سلوان والتي تقضي بترحيل أكثر من 1500 مقدسي من هذا الحي يسكنون في 88 منزلا، حيث تنوي البلدية هدم جميع منازل هذا الحي لإقامة ما يسمونه ‘حديقة الملك داوود’ كجزء من الحدائق التوراتية في محيط المدينة المقدسة.
ويأتي مخطط هدم حي البستان في بلدة سلوان كجزء من مخطط أكبر لمشروع تهويد ‘الحوض المقدس’ المحيط بالبلدة القديمة حيث طرحت سلطات الاحتلال هذا المشروع في تسعينيات القرن الماضي ويشمل مناطق البلدة القديمة بكاملها وأجزاءً واسعة من الأحياء والضواحي المحيطة بها مثل حيّ الشيخ جراح وحي وادي الجوز في الشمال وضاحية الطور في الشرق، وضاحية سلوان في الجنوب. ويتضمن هذا المشروع إنشاء مدينةٍ أثريّة مطابقةٍ للوصف التوراتيّ ‘لأورشليم المقدّسة’ أسفل المسجد الأقصى وفي ضاحية سلوان وأجزاءٍ من الحيّ الإسلاميّ في البلدة القديمة، وكذلك إحلال السكّان اليهود مكان سكّان المنطقة العرب الفلسطينيّين، بدءًا من المدينة القديمة ووصولاً إلى أحياء وادي الجوز والشيخ جراح والطور وسلوان ورأس العمود.
الخاتمة :
تسعى سلطات الاحتلال الاسرائيلي الى فرض حقائق على الارض، ورسم واقع جديد يصعب تغييره وخصوصا في مدينة القدس التي تعد جوهر الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي. وفي جميع اشكال اجراءاتها, تهدف سياسة اسرائيل الى افراغ مدينة القدس من سكانها الاصليين وتوطين المستوطنين اليهود فيها لتصبح مدينة ذات اغلبية يهودية. وكل هذه الاجراءات والسياسات التعسفية بحق بلدة سلوان بشكل خاص ومدينة القدس بشكل عام، تعد انتهاكا واضحا وصريحا للاتفاقيات الموقعة بين الفلسطينيين والاسرائيلين في الاعوام الماضية, منها:
اتفاقية خارطة الطريق الموقعة بين الاسرائيلين والفلسطينيين ( تحت رعاية، الولايات المتحدة الامريكية، والاتحاد الاوروبي، وروسيا، والامم المتحدة) بتاريخ الثلاثين من شهر نيسان من العام 2003 التي دعت فيها حكومة اسرائيل الى تجميد جميع اعمال البناء في المستوطنات: ‘على حكومة اسرائيل والعمل بشكل فوري على تفكيك جميع البؤر الاستيطانية التي اقيمت منذ آذار عام 2001، وبما يتفق مع تقرير ميتشل، وايضا على الحكومة الاسرائيلية تجميد كافة نشاطات البناء للمستوطنات بما فيها النمو الطبيعي. حسب الخطة المعتمد والصادرة من USCR 1515-2003.’
اتفاقية أوسلو لعام 1995 المادة رقم 31 تنص على أنه ‘يمنع على الجانبي الاسرائيلي والفلسطيني البناء أو التخطيط لبناء أي مستوطنة أو توسع استيطاني أو اي مشروع اخر من شأنه ان يغير الوضع القائم في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكما يمنع قيام اي طرف بخطوة احادية الجانب من شانها ان تغيير الوضع القائم في الضفة الغربية وقطاع عزة.