طويت صفحة العام 2014، بما حملته من انتهاكاتٍ اسرائيلية جسيمة بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة. عامُ مليْء بالأحداث التي سيكون اثرها سلبي في المستقبل القريب على العملية السلمية، لما كانت للمشاريع الاستيطانية التي اعلن عنها خلال العام 2014، عميق الأثر على مجرى العملية السلمية وعلى الوضع الديمغرافي في الأراضي الفلسطينية المحتلة ككُل .
وعلى ما يبدو، فإن العام 2015، لن يكون مختلفًا عن سابقه، حيث شهد الشهر الأول من العام الجاري، العديد من الانتهاكات الاسرائيلية بحق كل ما هو فلسطيني، فقد مضت الحكومة الإسرائيلية قدما في تنفيذ مشاريع استيطانية تمس بجوهر حياة المواطنين الفلسطينيين وتضع المزيد من العصي في دواليب العملية السلمية. علاوة على ذلك فقد تصاعدت وتيرة اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على السكان الفلسطينيين بمساعدة ومساندة جيش الاحتلال الإسرائيلي والذي تقوم بدور المتفرج بل وتقدم الحماية للمستوطنين أثناء هجماتهم واعتداءاتهم. أيضا قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ممثلة بوزارة البناء والإسكان الإسرائيلية بقيادة الوزير المستوطن "أوري أرئيل" ( يقطن في مستوطنة كيدار ادوميم شرقي القدس المحتلة) بطرح عطاءات لبناء 450 وحدة استيطانية في المستوطنات المقامة على الاراضي المحتلة في الضفة الغربية، حيث شملت العطاءات بناء 102 وحدة في مستوطنة كريات اربع (محافظة الخليل)، 114 وحدة استيطانية في مستوطنة أدم (جيفعات بنيامن) جنوبي محافظة رام الله، 156 وحدة في مستوطنة الكانا ( غربي محافظة سلفيت)، و 78 وحدة في مستوطنة ألفي منشيه ( شرقي محافظة قلقيلية)، في حين تمت المصادقة على مخطط لبناء 93 وحدة استيطانية في مستوطنة جيلو (جنوبي القدس).
منذ بداية العام 2015، قام جيش الاحتلال الاسرائيلي، باقتحام وتفتيش العديد من منازل ومنشات المواطنين الفلسطينيين في مختلف المناطق في الضفة الغربية، بالإضافة الى اعتقال العشرات من الأطفال والنساء والشيوخ.
هذا وقد شملت هذه الاعتداءات قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدم 44 منزلا فلسطينيا و16 منشأة تجارية و بركسات وحظائر لتربية الحيوانات.
في حين قامت بتسليم ما يقارب 73 أمر هدم و وقف بناء لمنازل ومنشات للمواطنين الفلسطينيين،
خلال شهر كانون الثاني أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أوامر لمصادرة 500 دونم من الأراضي الفلسطينية بذريعة "أراضي الدولة" كانت من نصيب محافظة الخليل جنوبي الضفة الغربية.
هذا ولم تسلم الأشجار والمزروعات من بطش المستوطنين الإسرائيليين والآليات العسكرية الإسرائيلية حيث تم وتدمير واقتلاع وتخريب ما يقارب 5,655 شجرة، من لوزيات وحمضيات وأشجار زيتون 5,020 منها (89% )في محافظة رام الله.
في حين بلغ عدد اعتداءات المستوطنين الاسرائيليين بحق الفلسطينيين في مختلف مناطق الضفة الغربية بما فيها القدس، 58 اعتداء، تنوعت بين الاعتداء الجسدي على الفلسطينيين وعلى الاراضي والممتلكات الفلسطينية، وعلى الأماكن المقدسة ودور العبادة.
من الجدير ذكره، ان اغلب هذه الاعتداءات كانت بحق الاماكن والمواقع الدينية والاثرية حيث قام المستوطنين الاسرائيليين ب 17 اعتداء بحق الاماكن الدينية والاثرية.
محافظة بيت لحم:
شهدت محافظة بيت لحم خلال شهر كانون الثاني من العام 2015، العديد من الانتهاكات من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلية وغلاة المستوطنين القاطنين في المستوطنات الاسرائيلية القابعة أراضي المحافظة، فتنوعت هذه الانتهاكات من اقتحامات للمنازل والمنشآت الفلسطينية، بالإضافة الى اعتقال العشرات من ابناء المحافظة، كما شهدت العديد من مناطق مواجهات عنيفة مع جيش الاحتلال الاسرائيلي اسفرت عن سقوط العديد من الاصابات. كما تم اقتلاع 90 شجرة في مختلف المناطق في المحافظة. هذا بالإضافة الى هدم 4 منشآت زراعية وحيوانية في قرية حوسان الواقعة غربي محافظة بيت لحم.
كما قامت جرافات الاحتلال الاسرائيلية بتجريف 33 دونما من الاراضي الفلسطينية، 30 منها في منطقة خلة النحلة الفلسطينية الواقعة الى الجنوب من مدينة بيت لحم، وذلك لغرض فتح طريق استيطانية يصل ما بين البؤرة الاستيطانية "جيفعات هايتيم" ومستوطنة افرات المحاذية في إطار سعي سلطات الاحتلال لبناء حي استيطاني جديد لتوسيع مستوطنة افرات الواقعة ضمن تجمع غوش عتصيون الاستيطاني غربي المحافظة.
محافظة القدس:
منذ عملية اختطاف وقتل الفتى محمد أبو خضيرة ذو ال17 ربيعا، والتي نفذتها مجموعة من المستوطنين الاسرائيليين في شهر تموز من العام 2014، شهدت مدينة القدس بشكل خاص، تصاعدا كبير ومضطردا في المواجهات بين سلطات الاحتلال الاسرائيلية، حيث زادت الأخيرة من وتيرة سياساتها العنصرية بحق الفلسطينيين، وعمدت على تضيق الخناق عليهم بشتى الوسائل. فتعددت الانتهاكات الاسرائيلية، بين اقتحامات للمنازل والمتاجر الفلسطينية، وفرض الضرائب على الفلسطينيين دون مبرر قانوني، بالإضافة الى اعتقال العشرات من الفلسطينيين، وهدم 6 منازل. في حين كثف المستوطنين الاسرائيليين من اعتداءاتهم على الفلسطينيين ومقدساتهم، حيث نفذ المستوطنين الاسرائيليين 21 اعتداء في المحافظة.
ومن المهم ذكره، انه خلال شهر كانون الثاني من العام 2015، اصدرت المحكمة المركزية في مدنية القدس، قرارا نهائيا يمنع طرد المستوطنين الاسرائيليين من مبنى فلسطيني قاموا بالاستيلاء عليه في بلدة سلوان في مدنية القدس، استمرارا لمسلسل تبادل الأدوار بين سلطات الاحتلال الإسرائيلية بكافة هيئاتها من جهة وبين والمستوطنين الإسرائيليين من جهة أخرى.
محافظة الخليل:
نالت محافظة الخليل حصتها من اعتداءات سلطات الاحتلال الاسرائيلية والمستوطنين الاسرائيليين، حيث اصدرت سلطات الاحتلال الاسرائيلية أوامر مصادرة نهائية لأراضي تصل مساحتها الى 500 دونم في بلدة بيت أولا شمالي غرب المحافظة. كما قامت قوات من جيش الاحتلال الاسرائيلي في الخامس عشر من شهر كانون الثاني من العام 2015، بوضع سياج امني محيط قطعة ارض تصل مساحتها 2,000 دونم في بلدة صوريف، شمال غرب مدنية الخليل، وبهذا تكون اسرائيل على وشك مصادرة هذه الاراضي وحرمان الفلسطينيين منها. هذا وأقدمت سلطات الاحتلال على تقطيع وتدمير 375 شجرة في المحافظة، 300 شجرة منها تم تدميرها في منطقة مسافر يطا. حيث تتعرض هذه المنطقة للعديد من اعتداءات سواء من قبل جيش الاحتلال الاسرائيلي أو المستوطنين القاطنين في المستوطنات المقامة على أراضي مدينة يطا . ومن الجدير ذكره بان محافظة الخليل تعرض ل 11 اعتداء من قبل المستوطنين الاسرائيليين.
لكن النقطة الفارقة بالنسبة لمحافظة الخليل، ما قامت به "بلدية مستوطنة كريات أربع" كسابقة هي الأولى من نوعها بتسليم المواطن عبد الكريم الجعبري مطالبة بدفع "ضريبة الأملاك" (الارنونا) تصل قيمتها الي 88,200 شيكل اسرائيلي وذلك عن ارضه التي تقع في وسط مستوطنة كريات أربع في البؤرة الإسرائيلية "جفعات هعافوت" في وسط مدينة الخليل، وقامت بإعلام صاحب الارض بانه في حال عدم التزامه بالدفع سيتم مضاعفة مبلغ الضريبة، وفي حال عدم الالتزام سيتم مصادرة الأرض نظرا لموقع الأرض الاستراتيجي لما تشكله جغرافية الأرض كحلقة وصل بين المستوطنات والبؤر القائمة في المنطقة.
محافظة رام الله:
ارتكب المستوطنين الاسرائيليين في محافظة رام الله وبشكل خاص في قرية ترمسعيا جريمة بحق الأشجار حيث إقتلع المستوطنين الإسرائيليين قرابة 5000 شتلة زيتون من اراضي القرية، من مجمل 5020 شجرة اقتلعت في المحافظة في ذات الفترة. كما شهدت محافظة رام الله ايضا، العديد من الاعتداءات بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم، حيث اصدر جيش الاحتلال الاسرائيلي أوامر هدم 12 منزل في قرية خربثا بني حارث.
وتتجلى العنصرية الاسرائيلية في التعامل مع الفلسطينيين، بإعلان وزير الدفاع الإسرائيلي " موشيه يعالون" عن مصادقته على تمويل مستوطنة بيت ايل التي تحتل اراضي في محافظة رام الله، يصل إلى 18 مليون دولار امريكي وذلك لبناء 300 وحدة استيطانية جديدة في المستوطنة المذكورة.
محافظة طوباس:
تقع محافظة طوباس شمالي شرق الضفة الغربية وتعتبر جزءا من منطقة الأغوار ، والتي تعتبر نقطة محورية في الصراع الفلسطيني –الاسرائيلي، حيث تسعى سلطات الاحتلال الاسرائيلية لإبقاء سيطرتها على هذه المناطق في حال التوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، حيث لن يتنازل الفلسطينيين عن هذه المنطقة كونها منطقة غنية بالموارد الطبيعية المختلفة و مخزونا استراتيجيا للأراضي الزراعية وللتوسع العمراني بشكل عام. هذا ويعيش سكان الأغوار الشمالية، أوضاعا غاية في الصعوبة بسبب ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلية بحقهم.
منذ بداية العام الحالي، قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلية بتسليم عدد من العائلات الفلسطينية أوامر اخلاء لمنازلهم ليوم أو اكثر وذلك ليتمكن جيش الاحتلال الاسرائيلية من القيام بتدريبات عسكرية اسرائيلية في هذه المنطقة، حيث يتم استخدام الذخائر الحية خلال هذه التدريبات، والتي تعمل على تدمير الارض، وكذلك هناك عدد من مخلفات هذه التدريبات لا تنفجر مباشر، مما يشكل خطر على حياة الفلسطينيين.
كما قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلية بتجريف وتدمير خط مياه يصل طوله الى 1000 متر يصل بين بلدة عطوف وخربة يرزا في منطقة الاغوار الشمالية، حيث تم تمويل مشروع خط المياه هذا من خلال الحكومة الفرنسية.
قطاع غزة:
على الرغم من توقيع اتفاقية الهدنة بين الفصائل الفلسطينية في قطاع عزة وسلطات الاحتلال الاسرائيلية عقب انتهاء الحرب على القطاع في شهر اب من العام 2014، الا ان اسرائيل لم تلتزم يوم واحد في هذه الهدنة، حيث تعرض القطاع وبشكل شبه يومي لاعتداءات من قبل قوات جيش الاحتلال الاسرائيلي التي تمتد على طول الحدود بين قطاع غزة و "اسرائيل" ، حيث يتعرض الفلسطينيين القاطنين في المناطق المحاذية للحدود والمنطقة العازلة د لعمليات إطلاق نار عليهم في حال تواجدهم في اراضيهم المحاذية للحدود، أو على منازلهم، كما تقوم جرافات الاحتلال الاسرائيلية وعدد من الدوريات بالتوغل للعدد من الامتار في المناطق الشرقية من القطاع، وتقوم بتجريف الاراضي. كذلك ما زال الصيادين الفلسطينيين يتعرضون لأطلاق نار من البوارج البحرية الاسرائيلية التي تحاصر القطاع، بالإضافة الى اعتقال عدد من منهم خلال ممارستهم للصيد في بحر غزة، على الرغم من انهم لم يتجاوزا 6 اميال البحرية التي حددتها اتفاقية الهدنة الأخيرة.
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)