استكمالا للأحداث الدموية التي شهدتها الاراضي الفلسطينية المحتلة في أواخر العام 2015، افتتحت سلطات الاحتلال الاسرائيلي العام 2016، بنفس وتيرة الاعتداءات العنصرية على الفلسطينيين وممتلكاتهم. وسعت الى استكمال مشاريعها الاستيطانية في الاراضي المحتلة، ولم تتوقف عن اصدار اوامرها بمصادرة المزيد من الاراضي الفلسطينية وهدم المزيد من المنازل والمنشآت. بالإضافة الى ذلك، عمدت سلطات الاحتلال الاسرائيلي على المضي قدما في تضيق الخناق على الفلسطينيين عن طريق اغلاق مداخل وطرق في عدد من البلدات الفلسطينية في مختلف مناطق الضفة الغربية المحتلة، مما فاقم من الاوضاع المعيشية للفلسطينيين وحد بشكل كبير من حريتهم وحركتهم.
ومنذ مطلع العام 2016، دأبت سلطات الاحتلال الاسرائيلي على اختراق الهدنة الموقعة بينها وبين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة برعاية جمهورية مصر العربية، وذلك عقب الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة في صيف 2014 العام . حيث قام جيش الاحتلال الاسرائيلي المتمركز على طول الشريط الحدودي مع قطاع غزة بإطلاق النار على الفلسطينيين في حال تواجدهم بالقرب من الشريط الحدودي. كما قامت البوارج الحربية الإسرائيلية باستهداف الصيادين الفلسطينيين. اما فيما يخص معابر قطاع غزة التي تسيطر عليها سلطات الاحتلال الاسرائيلي، فلا تزال اسرائيل تمنع دخول مواد البناء اللازمة لإعادة اعمار قطاع غزة.
اما في الضفة الغربية المحتلة، واستكمالا للهبة الجماهيرية التي انطلقت في مطلع شهر تشرين الاول من العام 2015، فقد اندلعت المواجهات مع جيش الاحتلال الاسرائيلي في مختلف مناطق الضفة الغربية المحتلة، هذه المواجهات اسفرت عن ارتقاء عشرات الشهداء واصابة عدد من الشبان الفلسطينيين واعتقال عدد اخر منهم.
بالإضافة الى المواجهة على الارض، سعت الحكومة الاسرائيلية بالمضي قدما في تنفذ مشاريعها الاستيطانية والتوسعية في الاراضي المحتلة، حيث وخلال شهر كانون الثاني من العام 2016، صادق وزير "الدفاع الاسرائيلي" موشيه يعالون وبشكل نهائي على ضم "بيت البركة" الواقع على الطريق الالتفافي رقم 60، وعلى مقربة من مدخل مخيم العروب، شمالي مدينة الخليل، الى التجمع الاستيطاني الاسرائيلي "غوش عتصيون" الواقع غربي محافظة بيت لحم.
كما صادقت ما تسمى بلجنة البناء والتخطيط في بلدية القدس الاسرائيلية على مسار جديد للقطار الخفيف في مدينة القدس، حيث سيتم انشاء مسار جديد للقطار وبطول عشرين كيلومترا يربط بين مستوطنة راموت الإسرائيلية الواقعة الى شمال مدينة القدس، بمستوطنة جيلو الاسرائيلية الواقعة الى الجنوب من المدينة.
أيضا وخلال شهر شهر كانون الثاني من العام 2016، سعت حكومة الاحتلال لفرض المزيد من القيود على حركة الفلسطينيين بين مدنهم وقراهم، كما عمدت على زيادة عدد نقاط تواجدها في تلك المناطق، سواء عن طرق اقامة الحواجز العسكرية أو الابراج العسكرية. وعليه، فقد عمد جيش الاحتلال الاسرائيلي على تجريف 2.5 دونم من الاراضي الفلسطينية على مدخل قرية تقوع، جنوبي شرق مدينة بيت لحم، وذلك بهدف اقامة برج عسكري في تلك المنطقة لإبقاء الفلسطينيين تحت المراقبة العسكرية. أما في مدينة الخليل، فقد قامت جرافات الاحتلال الاسرائيلي بتجريف اراضي في منطقة وادي سعير شمالي مدينة الخليل، وذلك لإقامة برج عسكري اسرائيلي. اما في محافظة نابلس، فقد اصدرت الادارة المدنية الاسرائيلية امر عسكري بمصادرة 643 متر مربع من الاراضي الفلسطينية وذلك بهدف اقامة 6 ابراج عسكرية على امتداد الطريق الذي يربط بين قريتي جيت وحوارة.
هذا واستمرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي في سياسة الاغلاقات التي انتهجتها بشكل ممنهج خلال العام 2015، حيث قامت خلال شهر كانون الثاني من العام الجاري، بإغلاق عدد من الطرق الفلسطينية ومداخل بعض البلدات في مختلف مناطق الضفة الغربية المحتلة، ففي محافظة بيت لحم، قام جيش الاحتلال الاسرائيلي بإغلاق مدخل قرية جناتا، الواقعة الى الجنوب الشرقي من مدينة بيت لحم، كما قام جيش الاحتلال بإغلاق كافة مداخل قرية الجبعة، بالإضافة الى ذلك، قام جيش الاحتلال بإغلاق طريق "مسجة" والذي يربط الريف الشرقي في محافظة بيت لحم بمركز المدينة.
أما في محافظة الخليل، فقد اغلق جيش الاحتلال الاسرائيلي مدخل بلدة الظاهرية، كما اغلق البوابة الحديدية المنصوبة على مدخل منطقة الحرايق في المنطقة الجنوبية لمدينة الخليل. هذا بالإضافة الى الاغلاق المستمر لمدخل بلدة دورا ومخيم الفوار للاجئين. كما واصدرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي امرًا عسكريًا يقضي بإغلاق الطريق الواصل بين قريتي بيت عمرة وكرمة، الواقعتين الى الجنوب الغربي من مدينة الخليل.
وفي محافظة رام الله، قام جيش الاحتلال الاسرائيلي بإغلاق مدخل قرية النبي صالح، شمالي مدينة رام الله. ومن الجدير ذكره بان إغلاق هذا المدخل اثر سلبا على عدد من البلدات والقرى المحيطة بمنطقة النبي الصالح. كما قامت سلطات الاحتلال بإغلاق طريق "بيت عور- بيتونيا"، حيث يربط هذا الطريق الريف الغربي في محافظة رام الله والبيرة بمركز المدينة.
وفي ظل الهجمات الشرسة التي نفذها جيش الاحتلال الاسرائيلي على الفلسطينيين، وتضيق الخناق عليهم من خلال فرض سياسة الاغلاقات، وهدم منازلهم ومنشآتهم ومصادرة اراضيهم، اقدم المستوطنون الإسرائيليون ايضا، على تصعيد الاعتداءات على الفلسطينيين وممتلكاتهم واراضيهم ومقدساتهم. وكان ابرزها استيلاء المستوطنين الاسرائيليين بمساعدة جيش الاحتلال الاسرائيلي وتواطؤ سلطات الاحتلال المختلفة، على منازل للفلسطينيين في كل من مدينة الخليل ، وبلدة سلوان في مدينة القدس، حيث يزعم المستوطنون بان هذه المنازل التي تم الاستيلاء عليها تعود ملكيتها لهم.
اعتداءات المستوطنين الاسرائيليين تتجاوز 40 اعتداء خلال شهر كانون الثاني 2016
اصبحت اعتداءات المستوطنين الاسرائيليين ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية المحتلة، أكثر تنظيمًا وعنفًا، وتتم على مرأى ومسمع جيش الاحتلال الاسرائيلي الذي يؤمن الحماية لهم خلال اعتداءاتهم، وفي ظل غياب تام لمحاسبة المستوطنين المعتدين. ووعليه فقد أضحت اعتداءات المستوطنين الاسرائيليين نمطًا من أنماط الاحتلال الاسرائيلي في التضيق على الفلسطينيين، ووسيلة لدفع المنطقة نحو المزيد من العنف. ومنذ مطلع العام 2016، نفذ قطعان المستوطنين الاسرائيليين ما مجموعه 41 اعتداء في مختلف مناطق الضفة الغربية المحتلة. حيث كان النصيب الاكبر من هذه الاعتداءات في محافظة القدس، حيث وصل مجموع اعتداءات المستوطنين الاسرائيليين فيها الى 23 اعتداء. وتليها محافظة نابلس، 5 اعتداءات، وفي محافظة الخليل تم رصد 4 اعتداءات.
اما فيما يخص طبيعة هذه الاعتداءات، فقد تنوعت بين تدنيس الاماكن الدينية واقتحام المناطق الفلسطينية الاثرية والتي وصلت الى اكثر من 20 اعتداء، اما فيما يخص الاعتداء الجسدي على الفلسطينيين (ضرب، اطلاق النار، احتجاز، وغيره) فقد وصلت الى 10 اعتداءات. ومن الجدير ذكره هنا، انه وخلال شهر كانون الثاني 2016، دعا زعيم ما تعرف بمنظمة لاهافا (منظمة يهودية متطرفة) المستوطنين الاسرائيليين الى حرق الكنائس الفلسطينية في مدينة القدس، كما صرح بان الفلسطينيين المسيحيين غير مرحب بهم في "دولة اسرائيل".
جرافات الاحتلال الاسرائيلي تهدم 35 منزلا و19 منشأة خلال شهر كانون الثاني 2016
قامت جرافات الاحتلال الاسرائيلية خلال شهر كانون الثاني من العام 2016، بهدم 35 منزل و19 منشأة في مختلف مناطق الضفة الغربية المحتلة، بدعوى "البناء غير المرخص"، حيث تقع هذه المنازل والمنشآت في المناطق المصنفة "ج" بحسب اتفاقية أوسلو الثانية والمؤقتة والموقعة عام 1995 بين السلطة الوطنية الفلسطينية واسرائيل، وتدعي اسرائيل دائما بان المنازل والمنشآت المستهدفة بعملية الهدم، هي منازل "غير مرخصة" من الادارة المدنية الاسرائيلية الجهة ذات الاختصاص في الاراضي المحتلة على حد زعمها.
هذا وتركزت عمليات الهدم خلال شهر كانون الثاني 2016، في محافظة القدس، حيث قامت جرافات الاحتلال الاسرائيلي بهدم 25 منزلا ومنشأتين. حيث تعرضت كل من المناطق التالية الى عمليات الهدم: جبل المكبر، صور باهر، سلون، شعفاط، بيت صفافا، بيت حنينا، وكل من منطقتي ابو النوار وجبل البابا ف العيزرية شرقي مدينة القدس.
أما في محافظة الخليل فقد تم هدم 6 منازل و6 منشآت، وتوزعت على كل من البلدات والمناطق التالية: الظاهرية، ومخيم العروب، وبلدة بيت امر بالإضافة الى بيت الروش التحتا كذلك خربة سوسيا الواقعة في منطقة مسافر يطا.
الادارة المدنية الاسرائيلية تصدر اوامر وقف عمل وبناء لتستهدف ما مجموعه 75 منزل ومنشاة في مختلف مناطق الضفة الغربية المحتلة
استكمالا لعمليات الهدم التي طالت العشرات من المنازل والمنشآت في الضفة الغربية المحتلة خلال شهر كانون الثاني 2016، اصدرت الادارة المدنية الاسرائيلية اوامر هدم/ وقف عمل وبناء تستهدف ما مجموعه 75 منزلا ومنشاة في مختلف المناطق الفلسطينية المحتلة، وبطبيعة الحال تدعي سلطات الاحتلال الإسرائيلي بان هذه المنازل والمنشآت المستهدفة بهذه الاوامر تقع في المناطق المصنفة "ج" بحسب اتفاقية أوسلو الثانية لعام 1995، وهي مباني "غير مرخصة" من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي التي تسيطر على تلك المناطق.
وكان النصيب الاكبر من اومر الهدم/ وقف عمل في محافظة نابلس، حيث استهدفت هذه الاوامر 38 منزلا ومنشاة. وتركز القسم الاكبر من هذه الاوامر في منطقة عين الرشراش الواقعة على مقربة من قرية دوما، جنوبي شرق مدينة نابلس. حيث اعلنت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بانها ستقوم بهدم كل المنازل والمنشآت المقامة في تلك المنطقة، والباغ عددها 30 منشاة سكنية وحيوانية وزراعية.
أما في محافظة الخليل، فقد اصدرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي اوامرها لوقف عمل وبناء/ هدم ما مجموعه 20 منزلا ومنشاة في مختلف مناطق محافظة الخليل، حيث تركزت هذه الاوامر في كل من بلدة بيت امر، دورا، يطا، ، وبيت عمرة وكذلك المناطق والخرب الفلسطينية الواقعة في مسافر يطا جنوبي الخليل.
اسرائيل تصادر ما يقارب 2990 دونمًا من الاراضي الفلسطينية لصالح المشاريع الاستيطانية التوسعية في الضفة الغربية المحتلة
دأبت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ومنذ العام 1967 على مصادرة الاراضي الفلسطينية تحت ادعاءات واسانيد باطلة ومُضللة . ومنذ بداية العام 2016، اصدرت سلطات الاحتلال أوامر لمصادرة ما مجموعه 2989.28 دونم من الاراضي الفلسطينية في مختلف محافظات الضفة الغربية المحتلة، وذلك تلبية لحاجات المستوطنين الاسرائيليين القاطنين في المستوطنات الاسرائيلية غير الشرعية المقامة على اراضي الضفة الغربية المحتلة، وكذلك خدمة للمشاريع الاستيطانية والتوسعية في الضفة الغربية المحتلة.
حيث اعلنت سلطات الاحتلال الاسرائيلي خلال شهر كانون الثاني لعام 2016، عن إعلان 1545 دونما من اراضي محافظة اريحا "اراضي دولة"، ومن الجدير ذكره بان الاراضي المُستهدفة بالإعلان، هي اراضي تم استخدامها لأغراض زراعية من قبل المستوطنين الاسرائيليين منذ عدة سنوات حتي دون صدور امر مصادرة بشكل رسمي.
اما في محافظة بيت لحم، فقد اعلنت سلطات الاحتلال عن مصادرة ما مجموعه 1346 دونم من اراضي المحافظة. حيث ان 1341 دونم تقع في منطقة خلة النحلة، أو ما يعرف اسرائيليا باسم "أي 2". ففي شهر كانون الثاني من العام الجاري، اصدرت المحكمة العليا الاسرائيلية قرارًا يسمح بإعلان هذه الاراضي "اراضي دولة". وبحسب المُخططات الاسرائيلية، سيتم اقامة مستوطنة جديدة في تلك المنطقة سيطلق عليها اسم "جيفعات ايتام" والتي تخطط إسرائيل لبناء 2500 وحدة استيطانية في الموقع المذكور.
وفي محافظة قلقيلية، سلمت سلطات الاحتلال الاسرائيلي امرا عسكريا يقضي بمصادرة 93 دونمًا من اراضي قرية عزون، شرقي مدينة قلقيلية وذلك بهدف انشاء طريق جديد للمستوطنين الاسرائيليين. وجاء الامر العسكري الصادر تحت عنوان " قرار بشأن استملاك واخذ حق التصرف الفوري للمصلحة العامة".
المصادقة على بناء 153 وحدة سكنية استيطانية في عدد من المستوطنات الاسرائيلية غير الشرعية المقامة على اراضي الضفة الغربية المحتلة
في الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني من العام 2016، صادقت سلطات الاحتلال الاسرائيلي على بناء 153 وحدة استيطانية في عدد من المستوطنات الاسرائيلية غير الشرعية المقامة على اراضي الضفة الغربية المحتلة، حيث توزعت هذه الوحدات السكنية الجديدة على المستوطنات التالية: مستوطنة عيتس افرايم المقامة على اراضي محافظة سلفيت حيث تم المصادقة على بناء 34 وحدة سكنية استيطانية. مستوطنة ريخاليم المقامة على اراضي محافظة سلفيت، تم المصادقة على بناء 31 وحدة استيطانية. اما في مستوطنة كرمل الواقعة في محافظة الخليل، تم المصادقة على بناء 28 وحدة استيطانية. في حيث تم المصادقة على بناء 60 وحدة استيطانية في مستوطنة الون شيفوت المقامة على اراضي محافظة بيت لحم.
في الختام
تسعى الحكومة الاسرائيلية بقيادة زعيم حزب الليكود اليميني "بنيامين نتنياهو" الى دفع الاراضي الفلسطينية الى المزيد من العنف من خلال سياسة الفوضى الخلاقة التي تنتهجها وتنفذها من خلال جيش الاحتلال والمستوطنين على حد سواء. إن الانتهاكات الاسرائيلية التي مُورست خلال شهر كانون الثاني من العام الجاري كما العام السابق ايضا ، تُنذر بالمزيد من التصعيد على الارض، فسياسة المُصادرات والتضييقيات والهدم والاغلاقات وانتهاكات المستوطنين وهجماتهم لن تؤدي الا الى المزيد من التأزيم ميدانيا حيث تضمحل الفرص وتتلاشى الآمال امام أي فرصة للوصول الى تسوية سلمية بين الفلسطينيين والاسرائيليين تقوم على مبدا حل الدولتين لشعبين وعلى اساس قرارات الشرعية الدولية .
اعداد