( صورة رقم 1: بعض مصانع المنطقة الصناعية الإسرائيلية بالقرب من الحقول الزراعية في طولكرم)
محافظة طولكرم
باشرت سلطات الاحتلال الإسرائيلية في عام 1985 بإقامة أول مصنع الى الغرب من مدينة طولكرم في داخل حدود الضفة الغربية المحتلة تحت اسم مصنع غيشوري للدهانات والمواد الزراعية على مساحة 22 دونما من الاراضي الزراعية السهلية الخصبة التي صادرتها بالقوة من عائلة ابو شمعة من مدينة طولكرم.
وبعد ذلك، استغل المستعمرون تلك المنقطة في إقامة العديد من المصانع معتمدين على عدد من المحفزات من بينها:
1. قرب المنطقة من الخط الأخضر ومن العمق الإسرائيلي حيث لا تبعد عن نتانيا سوى 12 كيلومترا.
2. توفر الأيدي العاملة الرخيصة غير المنظمة المحرومة من الحقوق التي يحصل عليها العمال المنظمون في داخل اسرائيل.
3. عدم خضوع المنطقة لقانون العمل الإسرائيلي والالتزامات المترتبة عليه في التشغيل.
4. توفر الإعفاءات الضريبية للمستثمرين في تلك المنطقة.
5. فتح باب التسويق للمستثمرين في الداخل ( الضفة الغربية المحتلة وإسرائيل) وخارج إسرائيل. .
ونتيجة لذلك، أُقيمت العديد من المصانع خصوصا بعد اتفاق اوسلو عام 1993 ليبلغ مجموعها الآن ثمانية مصانع مبنية على مساحة 200 دونم من الاراضي الزراعية المصادرة من مواطني طولكرم والتي كانت تُزرع في الماضي بالمحاصيل الحقلية الصيفية والشتوية. وفيا يلي قائمة بهذه المصانع:
مصنع غيشوري: هو مصنع للمبيدات الزراعية بالإضافة للدهانات و يعمل فيه 50 عاملا فلسطينيا.
مصنع بلاستك: يشغل 16 عاملا فلسطينيا.
مصنع كرتون: يشغل 20 عاملا فلسطينيا.
مصنع ياميت: و هو مصنع مخصص في إنتاج الفلاتر الزراعية و يشغل 70 عاملا فلسطينيا.
محطة لتعبئة الغاز: تشغل 50 عاملا فلسطينيا.
مصنع الأقمشة غير المصبوغة: يشغل 30 عاملا فلسطينيا.
مصنع إنتاج ألواح الخشب: يشغل 20 عاملا فلسطينيا.
مصنع اللوحات الالكترونية: يشغل 15 عاملا فلسطينيا.
وأضحت جميع هذه المصانع كابوسا يخ2007-0نق الفلسطينيين في حياتهم اليومية بسبب الاثار البيئية والصحية التي تسببها في المنطقة.
( صورة رقم 3: عدد آخر من المصانع الإسرائيلية الملوثة للبيئة في طولكرم)
حقوق مهضومة
يخضع العمال الفلسطينيون في تلك المصانع لقانون العمل الأردني الصادر عام 1964 كونهم يعملون خارج الخط الأخضر ( في المنطقة المحتلة) وبالتالي يحصلون على اقل من الحد الأدنى من الأجور المخصصة لهم بالإضافة إلى حدوث حالات استغلال لهم من قبل بعض السماسرة اليهود والعرب كاقتطاع قسم كبير من رواتب العمال لصالح هؤلاء السماسرة.
علاوة على ما تقدم، فانه سُجل في الفترة الأخيرة حدوث إصابات مرضية كثيرة في صفوف العديد من هؤلاء العمال كسرطان والتهابات القصبة الهوائية وإمراض العيون وذلك نتيجة استغلالهم وعملهم لفترات طويلة في تلك المصانع خصوصا مصنع تعبئة الغاز.
تلوث بيئي
تعتبر الغازات والملوثات الصادرة عن تلك المصانع ذات تأثير بالغ السلبية على الهواء الجوي والسكان الفلسطينيين القاطنين بالقرب من تلك المصانع حيث يوجد نحو 50 منزلا تقع في محيط هذه المصانع والتي أقربها منزل السيد أديب محمد عوض، 52عاما، والذي يبعد مسافة 24 مترا فقط عن مصنع غيشوري. وقد أصيب بأمراض في العين وتقرحات في القصبة الهوائية بالإضافة إلى الأمراض الجلدية المختلفة وذلك نتيجة تعرضه للملوثات الصادرة من تلك المصانع.
بالإضافة إلى ما تقدم، ووفق معطيات وزارة الصحة الفلسطينية فان الغازات المنبعثة من المصانع تحتوي على كميات عالية من أول أكسيد الكربون بالإضافة إلى مواد أخرى ذات سمية كبيرة والتي من شانها التسبب في الأمراض التنفسية العديدة وإلى التسبب في حدوث إمراض تقرح غشاء العين وإمراض جلدية وبثور مختلفة. وأكدت دراسة بحثية أعدها احد طلبة الماجستير في جامعة النجاح الوطنية في مدينة نابلس أن 77% من السكان المحيطين بتجمع المصانع قد زاروا العيادات الطبية في المنطقة بسبب تعرضهم لالتهابات مختلفة سببها الملوثات الناتجة من تلك المصانع.
( صورة رقم 4: مصنع اسرائيلي خلف الجدار بجانب حقل زراعي فلسطيني )
كما تعتبر المياه الناتجة عن بعض المصانع عامل أساسي في تلويث التربة الزراعية ومن ثم تلويث النباتات في تلك المنطقة، حيث أدت تلك الملوثات والمخلفات الصناعية إلى إتلاف نحو 300 دونم من الأراضي الزراعية بشكل كامل وإلى تلف الثمار والحمضيات المزروعة في تلك الأراضي بسبب ارتفاع نسبة الأملاح في تلك الملوثات.
الجدار العنصري
من جهة أخرى، يعتبر الجدار العنصري الذي أقامته سلطات الاحتلال على طول الخط الأخضر في محافظة طولكرم عام 2002 وسيلة لتعزيز التجمعات الصناعية الإسرائيلية في تلك المنطقة حيث أحاط الجدار العنصري بالتجمعات الصناعية من أربع جهات، وأصبح الجدار العنصري والتجمعات الصناعية وسيلة مبررة للجيش الاحتلال في تشديد الخناق على الفلسطينيين في المنطقة من خلال إطلاق القنابل الضوئية في المنطقة وتسيير الدوريات بشكل مستمر مما زاد ذلك من الأعباء النفسية على الفلسطينيين في المكان. ويشار هنا إلى أن تلك المنطقة كانت تشهد صدامات عنيفة بين جنود الاحتلال من جهة و بين الفدائيين الفلسطينيين من جهة أخرى وذلك كون المنطقة تقع على حدود التماس مع الخط الأخضر و تشهد تواجدا كثيفا لقوات الاحتلال.
( صورة رقم 5: جدار الفصل العنصري يحيط بالمصانع الاسرائيلية داخل اراضي مدينة طولكرم )
وقد استغل المستعمرون أقامة الجدار العنصري في المنطقة و بدأوا من خلال العبارات المقامة على الجدار العنصري في ضخ المياه العادمة من التجمعات الصناعية نحو الأراضي الزراعية الفلسطينية شرقي الجدار مما اثر ذلك على الأراضي الزراعية وزاد من انتشار الأمراض ونسبة التلوث في المنطقة. واثر ذلك اشتكت بلدية طولكرم الى سلطات الاحتلال عبر خلال مكتب الصليب الأحمر والارتباط المدني مما دفع تلك الاحتلال إلى بناء برك لتجميع المياه العادمة الناتجة عن المصانع هناك، ولكن رغم ذلك ما تزال الملوثات والغازات تؤثر على سكان المنطقة.
أمثلة حية:
السيد يوسف الشرشير،43 عاما: يقطن بالقرب من المنطقة الصناعية وقد أصيب بمرض السرطان منذ أكثر من عام، أما عائلته المكونة من 11 فردا فقد أصيبت بأكملها بأمراض الربو والأمراض الجلدية الأخرى بالإضافة إلى الأزمات وإمراض العيون.
السيد تيم أبو ربيع، 35عاما: مواطن يعمل في الزراعة أصيب مؤخرا بمرض السرطان نتيجة الملوثات والمياه العادمة التي تصب في أراضيه قادمة من المصانع الإسرائيلية في المنطقة.
قرار إسرائيلي بإنشاء مناطق صناعية جديدة
كجزء من مخطط الفصل من جانب واحد الذي أعلنت عنه حكومة شارون السابقة أصدرت سلطات الاحتلال قرارا بإنشاء 9 مناطق صناعية داخل حدود الضفة الغربية وقطاع غزة بالقرب من الخط الاخضر بهدف دعم الصانعة والاقتصاد الإسرائيليين. ومن بين تلك المناطق المرشحة المنطقة الواقعة ما بين قرية فرعون وجدار الفصل العنصري جنوب غرب محافظة طولكرم. ومن شأن إقامة مثل هذه المناطق التسبب بكوارث بيئية كبيرة في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، علاوة على استغلال العمالة الفلسطينية كما يحصل الآن في تجمع مصانع غيشوري في محافظة طولكرم.