بدأت رحلة المعاناة اليومية مع أهالي قرية سعير والمستوطنين الإسرائيليين، بالإضافة إلى قرية الشيوخ المجاورة، منذ اليوم الأول من استيلاء المستعمرين على أراضي المواطنين عام 1984، حيث يتعرض أهالي بلدة سعير للاعتداءات الإسرائيلية عند عبورهم طريق ترابي وحيد اعتاد المزارعون في القرية على استخدامه لمزاولة العمل في أراضيهم الملاصقة لمستعمرة ‘آسفر’ الاستعمارية.
في الأسبوع الأول من حزيران 2008 قام مستثمر يهودي من كندا بتمويل استصلاح مساحات واسعة من أراضي بلدة سعير المحاذية للمستعمرة لصالح مستعمري ‘ آسفر’، حيث جرفت ما مساحته 150 دونماً من أراضي البلدة لزراعتها بأشجار التفاح لصالح المستعمرة، وتعود هذه الأراضي لعائلة شلالدة، وإن الأراضي المتضررة معظمها أراضي مزروعة بأشجار الزيتون واللوزيات، حيث كان يستفيد من إنتاجها عشرات الأسر الفلسطينية.
صورة 1+2: جزء من الأراضي التي تمت مصادرتها لصالح المستعمرة والمبينة داخل الإطار الأحمر
حاجزاً ترابياً يؤدي إلى 150 دونماً ينغص حياة المزارعين الفلسطينيين:
وعبر طريق ترابي ضيق يؤدي إلى 150 دونماً محاذية للمستعمرة المذكورة يوجد حاجز ترابي يعرقل حركة تنقل المزارعين والوصول إلى أراضيهم بسهولة، ويتم عن طريقه التنكيل بالمواطنين والاعتداء عليهم إما من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي أو من مستوطني ‘آسفر’ وتحت حماية الجيش، وان المستوطين يبدعون في تعذيب وإهانة المزارع الفلسطيني أثناء ذهابه إلى أرضه لفلاحتها، ويقومون بمصادرة الدابة التي تكون بحوزته والتي يستخدمها لأعمال الحراثة، حيث صادرت خلال الأعوام السابقة أكثر من 7 ‘ حمير’ من المواطنين، كان من بينهم المواطن عبد الفتاح الشلالدة.
مسبحتك تسمح لك بدخول ارضك:
يتعمد الجنود الإسرائيليون المتمركزون على الحاجز الترابي على إذلال المزارعين وتعذيبهم بإغلاقه في وجه المارة وبإخضاعهم لعمليات تفتيش وتدقيق لدوابهم ووثائقهم بشكل بطيء وإرغامهم على الانتظار تحت حرارة الشمس الحارقة ويتحكم في هذا الحاجز أمزجة وعقليات عنصرية مريضة ، فهذه الأمزجة هي تقرر من يمر إلى أرضه ومن لا يمر، فالحارس المرتزق على الحاجز الترابي يطلب من المزارعين المارين إلى أراضيهم سبحات – وهذه السبحات تعتبر قيمة لدى المسلمين لارتباطها التراثي والإسلامي (وهي عبارة عن مجموعة من القطع ذات الأشكال الخرزية الحبـيْـبـيـة مع فواصل وقطع أخرى، حيث تتألف كلها من عدد معين منظومة ومنتظمة في خيط أو سلك أو سلسلة )، وإذا كان المزارع الفلسطيني معه هذه السبحة وقدمها لهم فيسمح له بدخول أرضه أما إذا لا فيمنع من دخولها، وسبق وان تحدث الجندي السابق ليران رون فورير في وزارة دفاع الاحتلال، مؤلف كتاب ‘أعراض الحاجز’ عن سرقة مسابح الشيوخ الفلسطينيين قال:’حين يرفض رجل ما إعطاء المسبحة لأي جندي يطلبها, فإنهم – كما فعل الجنديان ‘ميرو’ و’بوعاز’ – يقومون بكسر يديه’!! ووصف فورير السبحة بأنها في غاية الدقة لذلك كان يجمعها من الفلسطينيين لدرجة انه في يوم واحد قام ورفاقه بجمع أكثر من مئة سبحة من المواطنين أثناء تمركزه على احد الحواجز الإسرائيلية في الضفة الغربية.
وأفاد احد المواطنين من عائلة شلالدة لباحثة مركز أبحاث الأراضي بالتالي: (( كنت متواجد في ارضي لفلاحتها، والتي تبعد فقط ستة أمتار عن سياج المستعمرة، وأثناء تواجدي هاجمني ثمانية من مستوطني ‘آسفر’ وكان تحت حمايتهم مختار المستعمرة يدعى ‘ عزرا’ وقاموا بضربي ضرباً مبرحاً، وبعدها طردوني من ارضي )).
تعريف بمستعمرة آسفر:
تقع مستعمرة آسفر والتي تسمى ‘ متساد’ على أراضي عرب الرشايدة جنوب غرب مدينة بيت لحم، وتبعد أمتار فقط عن أراضي بلدتي سعير والشيوخ التابعتين لمحافظة الخليل، وتبلغ مساحة بناء المستعمرة نحو 184.11 دونماً، وأنشئت عام 1984، ويبلغ عدد سكانها نحو 232 نسمة، هذا ويحاذيها أيضاً مستعمرة ‘ متساد شمعون’ والتي تبلغ مساحة بناءها نحو 233.5 دونم، وأنشئت عام 1991.
ماذا بعد:
ان هذا الإجراء غير المبرر من قبل الجنود الذين يحمون المستوطنات الإسرائيلية، يعتبر مخالفاً لكل الأعراف والقوانين الدولية ويتناقض مع اتفاقيات جنيف، فلقد أصبح المستعمرون اليهود الذين يسكنون الضفة الغربية بصورة غير شرعية هم أصحاب البلاد. أما الفلسطينيون فأصبحوا غرباء … فالأراضي الزراعية الفلسطينية يُسمح لهم متى شاءوا استخدامها وفلاحتها ومن ثم نهبها ومصادرتها …، كما هو الحال في محيط مستعمرة ‘ آسفر’.
يرى مركز أبحاث الأراضي في مصادرة أراضي الفلسطينيين وضمها للمستوطنات الإسرائيلية، خرقاً للمواثيق والقوانين الدولية، ويطالب المركز السلطات الإسرائيلية بإرجاع الأراضي المصادرة لأصحابها ويناشد كافة المسؤولين في العالم وفي مقدمتهم الاتحاد الأوروبي إلى التحرك السريع والفوري للضغط على حكومة الاحتلال بمنع مصادرة الأراضي من أصحابها الفلسطينيين لصالح المستعمرين اليهود.