سهلاً دير شرف وقوصين، يعتبران رمزاً لجمال الطبيعية في فلسطين ورمزاً للعطاء والخير، اجتمعا مع بعضهما في الخير الوفير الذي يقدمانه لسكان المنطقة، و الآن يجتمعان ويتقاسمان المعاناة جراء نية الاحتلال تحويل نحو 180 دونماً من أراضيها الزراعية إلى مكب للنفايات الصلبة الإسرائيلية.
بدأت معاناة المنطقة منذ عام 2002م، تحديداً بعد ما سمي بعملية السور الواقي من اجتياح للمدن الفلسطينية ما نتج عنه احتلالاً كاملاً للضفة الغربية، حيث خلال هذه العملية تم إعادة احتلال مدينة نابلس وفرض منع التجول عليها وعلى القرى المجاورة حيث قام جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء ذلك باقتحام موقع كسارة أبو شوشه ومصادرة الجرافة ومعدات أخرى داخل الكساره وطرد أصحاب الكسارة من الموقع تحت ذريعة عدم الترخيص، علماً بأن الكسارة قائمة منذ عام 1984م.
ومنذ ذلك الوقت أصبح محظور على أصحاب وعمال الكسارة الوصول إلى هناك، حيث استغلت سلطات الاحتلال ذلك في نقل أطنان من النفايات عبر شاحنات إسرائيلية قادمة من مستوطنة ‘قدوميم’ القريبة من المنطقة الصناعية الإسرائيلية المحاذية بإلقاء أطنان من النفايات في موقع الكسارة’. يشار أن أصحاب الكسارة تقدموا بشكاوى إلى محافظة نابلس وبلدية نابلس والارتباط الفلسطيني وإلى الجانب الإسرائيلي في بيت إيل، و نتيجةً للضغوطات التي مورست في ذلك الوقت توقفت الشاحنات الإسرائيلية عن إلقاء النفايات في الموقع لمدة حوالي سنة لكنها عاودت إلقاء النفايات مجدداً حيث أصبحت الشاحنات المحملة بالنفايات تأتي خلسة وفي ساعات الليل لإلقاء حمولتها في المكب.
كما أن أصحاب الكسارة قدموا أيضاً التماساً إلى المحكمة العليا الإسرائيلية لوقف العمل في المكب ولإثبات ملكية الأرض والحصول على تعويضات ولم يصدر أي قرار حتى تاريخ إعداد هذا التقرير، إلى أن نشرت الصحف الإسرائيلية خلال شهر أيلول 2008 مخططاً لمصادرة 180 دونماً من المنطقة، بهدف تحويله إلى مكب للنفايات، حيث انه بالفعل منذ أسبوعين بدأت الجرافات الإسرائيلية بأعمال توسيع في الموقع وقامت برصف الأرض بتربة سوداء من نوع خاص الأمر الذي يشير إلى أن الوضع القادم سيكون أسوأ وسيصبح المكب مكباً رسمياً.
من الجدير ذكره في حال تنفيذ الاحتلال هذا المخطط فانه سوف يكون له بالغ الأثر السلبي على المنطقة ككل والمتمثلة بالتالي:
تلوث المياه الجوفية والبئر الرئيس الذي تبلغ قوة ضخه حوالي 4 آلاف كوب يومياً والمغذي لقرية قوصين والقرى المحيطة في محافظة نابلس والذي يبعد مسافة 250م عن مكب النفايات، حيث أن هذه المكبات تحتوي على مواد سامة وغير معالجة علمياً بالإضافة إلى أنها تلوث المياه الجارية والتي تصل مياهها إلى الأراضي الزراعية المجاورة، ويشار إلى أن حوض الماء المقام عليه المكب من أهم الأحواض في المنطقة، بالإضافة إلى ذلك يشكل هذا المكب تهديدا لخمسة آبار ارتوازية تبعد مسافة 700م عن مكب النفايات حيث تزود هذه الآبار المواطنين بالمياه والتي تقع بالقرب من هذا الحوض المعروف بحوض عين كاحل والآبار الخمسة موزعة كالآتي بئر مياه نابلس الذي يغذي سكان مدينة نابلس (150 ألف نسمة) وبئران يغذيان قرية دير شرف وبئران يغذيان قرية بيت إيبا المجاورة (3 آلاف نسمة).
كذلك الأمراض والأضرار البيئية والصحية نتيجة الغازات المنبعثة من المكب، حيث أن هناك تزايداً في أعداد المصابين بأمراض خطيرة كالسرطان كما نشر مؤخراً في تقارير وزارة الصحة الفلسطينية.
إضافة إلى ذلك فالمكب لا يبعد سوى 500 متر عن قرية دير شرف وهناك بيوت لا تبعد سوى 200 متر، وهذا من شأنه زيادة التأثير من ناحية الأضرار على أهالي قرية دير شرف.
وأفاد المواطن عدنان مصطفى أبو صلاح من قرية دير شرف احد المتضررين من المكب لباحث مركز أبحاث الأراضي بالتالي: ‘ إن منزلي لا يبعد عن المكب سوى مئات الأمتار، وقد أصيب جميع أفراد أسرتي بأمراض صدرية عندما ظهر المكب خلال 3 أعوام تقريباً، وكنا لا نستطيع النوم من رائحته خاصةً في الليل، ونخاف أن يصيبنا مرض السرطان خاصة بعد موت 4 أشخاص هذا العام من قريتنا بمرض السرطان، كلها أعراض لم تكن موجودة سابقاً. ‘
معلومات عامة عن فرية دير شرف:
يمتد غربي القرية سهل كبير من ناحية المساحة يسمى سهل دير شرف، كان يستعمله سكان القرية في زراعة القمح والشعير وغيرها من حاجيات الزراعة المختلفة، و لكن و بسبب الأوضاع السائدة قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق المنطقة بالكامل واعتبارها منطقة عسكرية مغلقة وأصبحت الزراعة فيه شبه معدومة إلا القليل من المواطنين الذين يتسللون إلى مزارعهم في الصباح الباكر. يعتبر سهل دير شرف من أغنى مناطق الضفة الغربية بالمياه حيث يوجد به بئران ارتوازيان يمدان القرية و جزء من مدينة نابلس بالمياه اللازمة.
الإعلام الإسرائيلي يتلاعب بأخبار حول النفايات الصلبة الإسرائيلية :-
جدير بالذكر أن الحكومة الإسرائيلية تدعي أنها قد قررت منع الاسرائيلين من إلقاء نفاياتهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة –حيث كانوا يلقون حوالي ألف طن نفايات يومياً, ان قرار المنع هذا يتعلق بنفايات قادمة من داخل حدود إسرائيل ولا يتعلق بنفايات المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الزراعية الفلسطينية, كما يحدث في سهل دير شرف.