في الحادي والعشرين من شهر تشرين الأول لعام 2025، تسلّم أهالي محافظة طوباس سلسلة من الأوامر العسكرية الإسرائيلية التي استهدفت مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية في المحافظة. وقد بلغ عدد هذه الأوامر تسعة أوامر، طالت بمجموعها نحو 1043 دونمًا من أراضي تجمعات طوباس وطمّون وتياسير في محافظة طوباس، بالإضافة إلى مساحات اخرى في تجمع طلوزة التابع لمحافظة نابلس.
وجاءت الأوامر تحت عنوان: “أمر بشأن وضع اليد على أراضٍي، (يهوذا والسامرة)، 5785–2025″، وبحجة استخدامها “لأغراض عسكرية”. كما نصّت الأوامر على إزالة جميع النباتات والأشجار الموجودة في الأراضي المستهدفة خلال 7 أيام من تاريخ بدء سريان الامر العسكري، ما يعني الشروع في تدمير الغطاء النباتي في المنطقة وتهيئة الأرض للاستيلاء عليها.
وتجدر الإشارة إلى أن جميع هذه الأوامر صدرت بتاريخ 28 آب 2025، إلا أنّ السلطات الإسرائيلية لم تعلم المواطنين الفلسطينيين بها إلا في شهر تشرين الأول من العام نفسه، الأمر الذي حد بشكل كبير من قدرة الأهالي على الاعتراض أو اتخاذ أي إجراءات قانونية خلال الفترة المنصوص عليها في الامر العسكري الاسرائيلي. فيما يلي تفصيل للأوامر العسكرية الإسرائيلية الصادرة:
| الجدول رقم 1: الأوامر العسكرية الإسرائيلية في محافظة طوباس | ||||
| الرقم | رقم الامر العسكري | المحافظة | التجمع المستهدف | المساحة (بالدونم) |
| 1 | 25/142/ت | نابلس | طلوزة
|
77.136 |
| طوباس | طمون | |||
| 2 | 25/143/ت | طوباس | طمون | 163.999 |
| 3 | 25/145/ت | طوباس | طوباس | 118.265 |
| 4 | 25/146/ت | طوباس | طوباس | 200.686 |
| 5 | 25/147/ت | طوباس | طوباس | 54.917 |
| 6 | 25/148/ت | طوباس | طوباس | 74.874 |
| 7 | 25/149/ت | طوباس | طوباس | 130.34 |
| 8 | 25/150/ت | طوباس
|
طوباس | 150.202 |
| تياسير | ||||
| 9 | 25/144/ت | طوباس
|
طمون | 72.51 |
| طوباس | ||||
| المجموع | 1042.93 | |||
وتظهر الخرائط المرفقة للأوامر العسكرية الصادرة، بان سلطات الاحتلال تنوي شوق طريق التفافي جديد على أراضي محافظة طوباس، بدأ من جنوب قرية العقبة في محافظة طوباس, متفرعا من الطريق الالتفافي رقم 5799 باتجاه الجنوب, مرورا بأراضي خربة يرزا ليحيطها من جميع الجهات ومن ثم يكمل جنوب غرب, مرورا بأراضي بلدة طمون (من الناحية الشرقية للبلدة) ومن ثم يكمل باتجاه الجنوب, نحو خربتي عاطوف والرأس الأحمر وانتهاءا بتجمع عين شبلي في محافظة نابلس. وتجدر الإشارة الى أن مسار الطريق الالتفافي الجديد يبدو وكأنه طريق بديل لأهالي منطقة الاغوار, بهدف استبدال الطريق الالتفافي المعتاد (الطريق الالتفافي رقم 578) الذي يستخدمه المواطنون الفلسطينيون القاطنين في المنطقة والذي يمر بعددا من المستوطنات الإسرائيلية.
الخريطة رقم 1: الطريق الالتفافي الجديد كما جاء بحسب الاوامر العسكرية الاسرائيلية
ويأتي هذا الاجراء ضمن سياسة سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتطبيق نظام الفصل العنصري على الطرق في الضفة الغربية وهو مخطط ليس بجديد حيث تسعى إسرائيل من خلاله الى الفصل التام بين المواطنين الفلسطينيين والمستوطنين الاسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة في استخدام الطرق، وما الواقع الحالي للطرق في الضفة الغربية الا هو تجسيد لهذا النظام العنصري حيث توجد شبكتين من الطرق واحدة للفلسطينيين وتشمل الطرق التقليدية القديمة التي تربط بين المدن الرئيسية في الضفة الغربية ومعظم هذه الطرق غير مؤهلة لاستيعاب حجم التنقل الحالي، وشبكة أخرى من الطرق الالتفافية الحديثة التي يستخدمها المستوطنون الإسرائيليون في الأرض الفلسطينية المحتلة والتي تسمى بالطرق الالتفافية وهي (طرق تحت السيطرة الإسرائيلية) ويستخدمها أيضا المواطنون الفلسطينيون. واليوم، يتجاوز طول الطرق الالتفافية في الأراضي الفلسطينية المحتلة أكثر من 980 كيلومترًا، وتهدف هذه الطرق إلى تسهيل حركة المستوطنين الإسرائيليين القاطنين في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة والسيطرة عليها في الوقت نفسه، بالإضافة الى التحكم في حركة الفلسطينيين بين المدن الرئيسية وتوجيهها نحو الفصل التام عن تلك التي يستخدمها المستوطنون. وعلى مدى أعوام الاحتلال الاسرائيلي، عملت الطرق الالتفافية على تجزئة الأراضي الفلسطينية وفصل التجمعات السكانية الفلسطينية المقامة داخل رقعة جغرافية واحدة عن بعضها البعض لكونها تخضع للسيطرة الإسرائيلية. كما أن وجود هذه الشبكة إلى جانب شبكة الطرق الفلسطينية ساهم بخنق البنية التحتية الفلسطينية. ولقد أصبحت هذه الطرق حاليا شبه محدودة الاستخدام أمام المواطنين الفلسطينيين إلى جانب طرق فلسطينية سيطرت عليها قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي مما أجبر المواطنين الفلسطينيين سلوك طرق بديلة أطول وأكثر رداءة.
في الختام،
استندت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إلى التوسع الاستيطاني في المستوطنات الإسرائيلية قدر الإمكان، من خلال السيطرة على الأراضي الفلسطينية ودعم البنية التحتية المرتبطة بها وتهيئتها لضمان استدامتها، وذلك بالتوازي أيضا مع فرض الفصل الجغرافي بجميع أشكاله, سواء من خلال الحواجز العسكرية الإسرائيلية المتعددة الأشكال والأنواع، أو عبر إنشاء الطرق الالتفافية التي تخدم كلا الهدفين. وعادةً ما يتم شق هذه الطرق على طول محيط المناطق العمرانية الفلسطينية والأراضي الزراعية، مما يخلق حدودًا “غير طبيعية” حول التجمعات الفلسطينية، وتقطيع أوصال هذه التجمعات وزيادة معاناة الفلسطينيين القاطنين فيها. هذا بالإضافة الى تدمير الغطاء النباتي والمتمثل باقتلاع الأشجار الفلسطينية (الطرق الالتفافية الاسرائيلية وأثرها على البيئة الفلسطينية)، نتيجة لذلك، تشكلت جيوب فلسطينية مكتظة بالسكان بسبب عدم القدرة على التوسع الطبيعي لاستيعاب النمو السكاني الطبيعي، بالإضافة إلى تدمير الموارد الطبيعية والبيئة الفلسطينية. من منظور القانون الدولي، تشكل هذه السياسات انتهاكا واضحا لعدة قواعد منها, لا, المادة 49 , حيث “تمنع نقل المدنيين من الدولة المحتلة إلى الأراضي التي تحتلها القوة المحتلة،” وبالتالي فإن التوسع الاستيطاني يشكل انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني. كما ان فرض القيود على حركة الفلسطينيين عبر الحواجز والطرق الالتفافية يعد انتهاكًا لحقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك الحق في السكن والعمل والتنقل، كما نصت على ذلك المواثيق الدولية مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية[1]. وان تدمير الموارد الطبيعية والبيئة يُعد انتهاكًا لالتزامات الدولة المحتلة بعدم استنزاف الموارد لصالحها على حساب السكان المحليين. وأيضا قرارات الأمم المتحدة بما فيها قرار مجلس الأمن 446 و452، تؤكد على عدم قانونية الاستيطان.
[1] المادة رقم 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
اعداد:












