نشرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الثاني والعشرين من شهر تشرين أول من العام 2025 مجموعة من الأوامر العسكرية والتي استهدفت مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية في محافظات الضفة الغربية المحتلة. وجاءت الأوامر العسكرية بهدف حظر الفلسطينيين من الاقتراب والدخول الى أراضيهم التي تجاور المستوطنات والبؤر الاستيطانية لقطف الزيتون في مختلف محافظات الضفة الغربية المحتلة. وجاءت الأوامر العسكرية تحت عنوان “أمر بشأن أحكام الأمن (يهودا والسامرة) (رقم ١٦٥١)، ٥٧٧٠-٢٠٠٩ – لوائح الدفاع (الطوارئ)، 1945 – إعلان بشأن إغلاق المنطقة (منع الدخول والإقامة) (منطقة —–)، 2025,” ونصت في مضمونها بالاتي:” بموجب صلاحياتي كقائد لقوات جيش الدفاع الإسرائيلي في منطقة يهودا والسامرة، ووفقًا للمادة 318 من الأمر المتعلق بأحكام الأمن [النسخة المدمجة] (يهودا والسامرة) (رقم 1651)، -2009 (المشار إليه فيما يلي – “الأمر”)، واللائحة 125 من أنظمة الدفاع (الطوارئ)، 1945، وصلاحياتي الأخرى بموجب أي قانون وتشريع أمني، ونظرًا للحاجة إلى اتخاذ الخطوات اللازمة للحفاظ على الأمن والنظام العام في المنطقة… “
![]() |
وبحسب التحليل الذي أجراه معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج), بلغ عدد الأوامر العسكرية الصادرة 96 أمرا واستهدفت مساحات شاسعة من الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون والتي تقع بالقرب من المستوطنات و البؤر الاستيطانية الإسرائيلية في جميع محافظات الضفة الغربية المحتلة, حيث كان الاستهداف الأكبر لمحافظات جنين, القدس, قلقيلية ورام الله على التوالي, الرسم البياني رقم 1.
الرسم البياني رقم 1: الاوامر العسكرية الاسرائيلية التي تستهدف الأراضي المزروعة بالزيتون في الضفة الغربية المحتلة
وحددت سلطات الاحتلال الدخول لهذه المناطق “تحت الذريعة الأمنية”, للتقليل من الاحتكاك بين أصحاب الأرضي الفلسطينيين اثناء موسم قطف الزيتون والمستوطنين القاطنين في المستوطنات الإسرائيلية القريبة والذين انتهجوا من موسم قطف الزيتون فرصة للاعتداء على الفلسطينيين و أراضيهم والحاق الضرر بالأشجار وسرقة محصول الزيتون.
وجاء في الأوامر أيضا ان الدخول يقتصر على اللذين يتمكنون من الحصول على تصاريح فقط لدخول الأراضي لقطف الزيتون والاعتناء بها. ويسري مفعول الامر العسكري حتى تاريخ 31 كانون أول من العام 2025.
واستندت الأوامر العسكرية الإسرائيلية الصادرة الى القانون رقم 1651[1] للعام الذي دخل حيز التنفيذ في العام 2009 وهو يستبدل عشرين أمرا[2] عسكريا صدرت خلال أعوام الاحتلال الإسرائيلي، في الفترة الواقعة بين 1967 و2005 بما في ذلك الأوامر العسكرية التالية: (1) امر بشأن تعليمات أمنية (يهودا والسامرة) (رقم 378)، 5730-1970؛ (2) أمر بشأن تفويض الأشخاص لإجراء استجواب أولي للشهود (يهودا والسامرة) (رقم 17)، 5727-1967؛ (3) أمر بشأن السلطات القضائية في جرائم جنائية (يهودا والسامرة) (رقم 30)، 5727 – 1967. (4) أمر بخصوص قوات الشرطة العاملة بالتعاون مع جيش الدفاع الإسرائيلي (يهودا والسامرة) (رقم 52)، 5727-1967. (5) أمر بخصوص أفراد جهاز الأمن العاملين في المنطقة (يهودا والسامرة) (رقم 121) ، 5727-1967. (6) وأمر بشأن محاكمة الأحداث الجانحين (يهودا والسامرة) (رقم 132) ، 5727-1967 ؛ (7) أمر بشأن قواعد المسؤولية عن جريمة (يهودا والسامرة) (رقم 225) ، 5728-1968. (8) أمر بشأن حظر التجارة في العتاد الحربي (يهودا والسامرة) (رقم 243) ، 5728-1968 ؛ (9) أمر بشأن حظر التدريب والاتصال بمنظمة معادية خارج المنطقة (يهودا والسامرة) (رقم 284) ، 5729-1968 ؛ (10) أمر بشأن أساليب العقاب (يهودا والسامرة) (رقم 322) ، 5729-1969 ؛ (11) أمر بشأن منع التسلل (يهودا والسامرة) (رقم 329) ، 5729-1969 ؛ (12) أمر بخصوص الالتزام بتعريف الذات (يهودا والسامرة) (رقم 332) ، 5729-1969 ؛ (13) أمر بشأن حظر دفع أجر لمخالف أمن (يهودا والسامرة) (رقم 369) ، 5730-1969 ؛ (14) أمر بشأن الإشراف على البناء (يهودا والسامرة) (رقم 393) ، 5730-1970 ؛ (15) أمر بشأن الدفاع القانوني في المحاكم العسكرية (يهودا والسامرة) (رقم 400) ، 5730-1970 ؛ (15) أمر بشأن حظر البناء (يهودا والسامرة) (رقم 465) ، 5732-1972 ؛ (16) أمر بخصوص إغلاق الملفات (يهودا والسامرة) (رقم 841) ، 5740-1980 ؛ (17) صاد. أمر بشأن نقل سجناء (يهودا والسامرة) (رقم 1435)، 5756-1996 ؛ (18) أمر بشأن اعتماد تدابير أمنية (يهودا والسامرة) (رقم 1447) ، 5757-1996 ؛ (19) أمر بشأن أفراد وحدة متسادا (يهودا والسامرة) (رقم 1558) ، 5765-2005 ؛ الصورة التالية, تظهر بعض المواقع التي تم استهدافها “بمنع الدخول” في الضفة الغربية المحتلة
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
تجدر الإشارة الى انه منذ بداية العام 2025، سجل معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج) ما يزيد عن 3100 اعتداء نفذها المستوطنون ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم وأراضيهم الزراعية ومصادرهم الطبيعية الامر الذي الحق أضرار كبيرة سواء للمواطنين أنفسهم وممتلكاتهم ايضا. الرسم البياني رقم 2 يظهر ازدياد هجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم خلال الأعوام القليلة الماضية: –
الرسم البياني رقم 2: اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على المواطنين والأراضي والممتلكات خلال الأعوام الماضية
كما سجل معهد أريج اقتلاع وتدمير واحراق ما يقارب 13 ألف شجرة اما تم اقتلاعها أو احراقها أو تدميرها منذ بداية العام 2025 على ايدي المستوطنين وقوات الاحتلال الإسرائيلي ومعظمها من أشجار الزيتون في مختلف محافظات الضفة الغربية المحتلة. الرسم البياني رقم 2 يظهر الأشجار الفلسطينية التي تم استهدافها في الضفة الغربية المحتلة خلال الأعوام السابقة: –
الرسم البياني رقم 3: الأشجار الفلسطينية التي تم استهدافها في الضفة الغربية المحتلة خلال الفترة 2018-تشرين أول 2025
تجدر الإشارة الى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل عاما بعد عام إصدار أوامر عسكرية تمنع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم المزروعة بالزيتون والمجاورة للمستوطنات والبؤر الاستيطانية، في سياسة متكررة تهدف إلى السيطرة التدريجية على الأراضي الفلسطينية من خلال المنع المؤقت و شيئا فشيئا المنع الدائم.
ان الأوامر الإسرائيلية الصادرة لا تشمل الأراضي العزولة غرب جدار الفصل العنصري، والتي أصبحت عمليًا شبه معزولة عن أصحابها، ما يضاعف من معاناة المزارعين ويحد من قدرتهم على الاستفادة من أراضيهم وسد قوتهم السنوي من مبيعات الزيتون حيث تستهدف سلطات الاحتلال أصحاب الأراضي الفلسطينيين من خلال تقليل عدد التصاريح الممنوحة لهم لدخول أراضيهم (غرب الجدار) وزراعتها وفلاحتها، مع فرض قيود صارمة على المواسم التي يُسمح فيها بالدخول، والتي اقتصرت مؤخرًا على موسم الزيتون فقط، وهو الموسم الأكثر أهمية لهم, وهذا يعكس سياسة إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى السيطرة على الأراضي الزراعية وحرمان أصحابها من مواردهم الزراعية.
كما تشير المعطيات إلى أن هذه السياسة أصبحت ممارسة ونهجا سنويًا، إذ تم خلال الأعوام السابقة إصدار تصاريح تمنع دخول الفلسطينيين إلى أراضيهم الواقعة بجوار المستوطنات والبؤر الاستيطانية. وما يزيد من خطورة هذه الإجراءات أنها لم تقتصر على الأراضي التي شملتها الأوامر الصادرة في عام 2025، بل تمثل جزءًا من استراتيجية مستمرة تهدف إلى تقليص الحضور الفلسطيني في المناطق الاستيطانية والسيطرة على الأرض بشكل تدريجي.
هذه الممارسات تؤثر بشكل مباشر على الأمن الغذائي للمزارعين الفلسطينيين، وتزيد من هشاشة المجتمع المحلي، إذ تُعرض موسم الزيتون، الذي يعتبر مصدر دخل رئيسيًا للعديد من العائلات، للخطر، وتُساهم في فرض واقع اقتصادي واجتماعي صعب على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
في الختام،
تُشكّل الأوامر العسكرية الإسرائيلية واحدة من أبرز الأدوات الاستيطانية التي تستخدمها سلطات الاحتلال الإسرائيلي لفرض سيطرتها على الأراضي الفلسطينية، خاصة في مناطق الضفة الغربية المصنفة “ج”, والتي ما زالت تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة أمنيا واداريا. فمنذ عام 1967، أصدرت سلطات الاحتلال مئات الأوامر العسكرية التي استهدفت جميع جوانب الحياة الفلسطينية — من مصادرة الأراضي، إلى تقييد الحركة، وفرض القيود على البناء وغيرها وبررت هذه الأوامر تحت ما تسميه إسرائيل “الذرائع الأمنية“، بذريعة توفير الحماية للمستوطنين والمستوطنات الجاثمة بشكل غير قانوني على الأراضي الفلسطينية, غير أنه على أرض الواقع, يظهر الهدف الحقيقي وهو توسيع الاستيطان وفرض واقع دائم ومرير على الأرض الفلسطينية يمكّن الاحتلال من السيطرة التدريجية على الموارد والأراضي الفلسطينية.
وتتعارض هذه الممارسات بشكل مباشر مع القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة، التي تُحظر على قوة الاحتلال مصادرة الأراضي الخاصة أو إجراء أي تغييرات دائمة في الأراضي المحتلة إلا لضرورات أمنية آنية ومؤقتة. كما تُعد إقامة المستوطنات ونقل سكان دولة الاحتلال إلى الأراضي المحتلة انتهاكًا صريحًا للمادة (49) من الاتفاقية نفسها، وخرقًا لقرارات مجلس الأمن، ولا سيّما القرار رقم 2334 (2016) الذي يؤكد عدم شرعية المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
[1] צו בדבר הוראות ביטחון ]נוסח משולב[ )יהודה והשומרון( )מס’ 1651(, תש”ע2009- https://archive.nyu.edu/bitstream/2451/65568/1/NEVO%20Legislation%20Order%20on%20Scurity%20matters%20no.%201651%202009.pdf
[2] https://www.militarycourtwatch.org/files/server/MO%201651%20.pdf
Order Regarding Security Directives [Consolidated Version] (Judea and Samaria) (No. 1651), 2009




















