في الثاني من شهر تشرين أول من العام 2025، أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أمرًا عسكريًا جديدًا يحمل الرقم (ت/3/25) تحت عنوان “تعديل حدود – يهودا والسامرة، 5785-2025“. ويأتي هذا الأمر ضمن سلسلة الأوامر العسكرية التي تهدف إلى إعادة رسم الحدود وتغيير المعالم على الأرض بما يخدم مستوطنة افراتا غرب مدينة بيت لحم.
ويشير نص الأمر العسكري الجديد (المعدل) إلى إجراء تغيير على أمر عسكري سابق كانت سلطات الاحتلال قد نشرته في شهر نيسان من العام الحالي والذي نص آنذاك على مصادرة 57.8 دونما من الأراضي الفلسطينية في المنطقة ويتعلق بإقامة ما يسمى بـ”سياج أمني” حول مستوطنة “إفراتا“, المقامة بشكل غير قانوني على أراضي المواطنين الفلسطينيين غرب مدينة بيت لحم. وبحسب ما نص عليه الامر العسكري الجديد (المعدل) والخرائط المرفقة، تبين ان سلطات الاحتلال أقرت تغييرًا في مسار السياج الأمني في الجهة الشمالية من المستوطنة، الأمر الذي سوف يؤدي فعليًا إلى مصادرة وعزل ما يقارب 110 دونما إضافية من الأراضي الفلسطينية الواقعة شمال المستوطنة . ويُظهر تحليل الخرائط المرفقة أيضا أن الهدف من هذا التعديل لا يقتصر على “الأسباب الأمنية” المزعومة كما تدّعي سلطات الاحتلال، بل يفتح المجال لتوسعة مستقبلية للمستوطنة، من خلال ضم مساحات جديدة من الأراضي الزراعية الفلسطينية المجاورة، وحرمان أصحابها من حقهم في الوصول إليها أو استغلالها. وبهذا الإجراء، تُكرّس سلطات الاحتلال الإسرائيلي سياسة التوسع الاستيطاني وتواصل تغيير الواقع الجغرافي على الأرض، بما يخدم مشروعها الاستيطاني.
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
الصور 1-4: الامر العسكري الإسرائيلي رقم “(ت/3/25) (تعديل حدود) (يهودا والسامرة) , 5785-2025
الخارطة رقم 1: الامر العسكري الإسرائيلي المعدل (اللون الأصفر – المقطع الملغي و اللون الأسود-المقطع المعدل)
الامر العسكري القديم
تجدر الإشارة إلى أنه في السادس من شهر نيسان من العام 2025، كانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد أصدرت الأمر العسكري رقم (ت/3/25)، والذي نص على مصادرة 57.79 دونمًا من أراضي محافظة بيت لحم انذاك، وذلك تحت ما مسمى “وضع اليد لأغراض عسكرية “. وقد شمل القرار في حينه أراضي أربع مناطق فلسطينية هي: بلدتا الخضر وأرطاس ومدينة بيت لحم ضمن محافظة بيت لحم، بالإضافة إلى بلدة بيت أمر الواقعة في محافظة الخليل.
وجاء الامر العسكري تحت ذريعة “الأغراض العسكرية”، لذات الهدف, وهو إقامة سياج أمني حول مستوطنة “إفراتا”. وبحسب التفاصيل الواردة في الأمر العسكري والخرائط المرفقة، فقد تم تخصيص نحو 57.8 دونمًا من الأراضي الفلسطينية لهذا الغرض. ويُعد هذا القرار العسكري خطوة تمهيدية ضمن مخطط توسّعي ممنهج يهدف إلى توسيع نفوذ مستوطنة افراتا الجغرافي على حساب القرى الفلسطينية المحيطة. كما يمثّل هذا الإجراء جزءًا من سياسة أوسع تتّبعها سلطات الاحتلال تقوم على فرض وقائع جديدة على الأرض الفلسطينية والتي من شأنها أن تقوض اية تنمية فلسطينية في المنطقة. .
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
الصور 5-8: الامر العسكري الإسرائيلي رقم “(ت/3/25) الصادر في شهر نيسان 2025
في الختام,
انّ الأراضي التي نصّ عليها الأمر العسكري للمصادرة المباشرة هي “بالظاهر” لإقامة السياج الأمني فقط حول المستوطنة، غير أنّ النتائج الميدانية المترتّبة على تنفيذ هذا الأمر تتجاوز حدود المصادرة المعلنة. فعلى أرض الواقع، سيؤدّي إنشاء هذا السياج إلى عزل ما يقارب 1900 دونما إضافية من الأراضي الفلسطينية الواقعة خلف مسار السياج (أي في الجهة المحصورة بين مسار السياج الامني والمنطقة العمرانية التابعة للمستوطنة)، لتصبح هذه المساحات فعليًا تحت السيطرة الكاملة لمستوطنة “إفراتا“، وبمعزل تام عن أصحابها الفلسطينيين. ويُضاف إلى ذلك أنّ المنطقة العمرانية القائمة للمستوطنة تبلغ مساحتها نحو 2596 دونمًا، ما يعني أنّ إقامة السياج وفق المسار الجديد ستوسّع نطاق السيطرة الإسرائيلية لتشمل أراضٍ إضافية تفوق المساحة العمرانية للمستوطنة بالضعف، وبذلك، سيُحرم أصحاب الأراضي الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم أو فلاحتها تحت غطاء قانوني زائف وهو “الإجراء العسكري”.
اعداد:
معهد الابحاث التطبيقية – القدس ( أريج)