في الثامن عشر من شهر حزيران من العام 2025، تسلّم أهالي بلدتي سعير والشيوخ الواقعتين شمال شرق محافظة الخليل أمراً عسكرياً إسرائيلياً جديداً يقضي بمصادرة 4.8 دونما من الأراضي الفلسطينية، بذريعة “أغراض عسكرية”. ويحمل الأمر العسكري الرقم 25/105/ت، ويشمل المصادرة من الحوض رقم 8 التابع لأراضي بلدة الشيوخ، والحوض رقم 20 من أراضي بلدة سعير. ويأتي هذا الأمر العسكري الإسرائيلي في سياق متصاعد من الإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة الرامية إلى فرض السيطرة على المزيد من الأراضي الفلسطينية من خلال “الأوامر العسكرية” كأداة لتسهيل التوسع الاستيطاني الإسرائيلي تحت مسميات واهية “أمنية” و”عسكرية”.
![]() |
![]() |
![]() |
صور رقم 1-3: الامر العسكري الإسرائيلي رقم 25/105/ت – الخليل
وفي تحليل للأمر العسكري الإسرائيلي الصادر، والخريطة المرفقة له، فان سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنوي شق طريق استيطاني جديد في المنطقة بطول 853 متر, منها 480 متر في أراضي فلسطينية تخضعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتصنيف “أراضي حكومية”. وسوف يربط الطريق الاستيطاني الجديد البؤرة الاستيطانية “بني كيديم” بمستوطنة “أسفر متساد” الواقعة جنوب غرب البؤرة السابقة الذكر الامر الذي سوف ينتج عنه عزل الاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية الواقعة بين البؤرة الاستيطانية والمستوطنة والتي لن يستطيع أصحابها الفلسطينيين من الوصول اليها حال تنفيذ الامر العسكري على أرض الواقع.
ويُعتبر هذا الامر العسكري جزءاً من سياسة اسرائيلية توسعية ممنهجة تهدف إلى تعزيز الترابط الجغرافي بين المستوطنات والبؤر الاستيطانية في المنطقة، على حساب الأراضي الفلسطينية الخاصة. كما يهدد هذا الطريق الاستيطاني الجديد المحيط الجغرافي الفلسطيني، ويقوّض إمكانيات التنمية العمرانية والزراعية في المنطقة. تجدر لاشارة الى انه في شهر شباط من العام 2023,
الامر العسكري الإسرائيلي امتداد للمخطط الاستيطاني رقم 414/3/1 الخاص ببؤرة بني كيديم (متساد/أسفر):
في الثامن والعشرين من شهر نيسان من العام 2023، صادقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المخطط الاستيطاني رقم 414/3/1، والذي يخصّ البؤرة الاستيطانية “بني كيديم”. ويتضمن المخطط إنشاء 120 وحدة استيطانية جديدة داخل البؤرة (على هيئة بنايات)، إضافة إلى شق طريق استيطاني يربطها بالمستوطنة الام “أسفر متساد”، وذلك على مساحة تقدّر بـ 274.4 دونمًا من الأراضي الفلسطينية في المنطقة. ومن خلال تحليل تفصيلي للمخطط الصادر في العام 2023 إلى جانب الأمر العسكري الإسرائيلي الجديد الذي صدر لاحقًا، يتبيّن بوضوح أن هذا الأمر العسكري، والذي ينص على شق طريق استيطاني جديد، ما هو إلا تنفيذ عملي مباشر لبنود المخطط الاستيطاني رقم 414/3/1. ويُظهر هذا التوافق بين المخطط المدني والأوامر العسكرية مدى التنسيق الممنهج بين الجهات الإسرائيلية المختلفة لتكريس التوسع الاستيطاني على الأرض، وفرض وقائع جديدة تقوّض الحقوق الفلسطينية وتقسم الجغرافيا لصالح المشروع الاستيطاني.
المخطط الاستيطاني رقم 414/3/1 الخاص بالبؤرة الاستيطاينة الاسرائيلية بني كيديم
عن البؤرة الاستيطانية بني كيديم:-
البؤرة الاستيطانية بني كيديم تم انشاؤها في العام 2002 إلى الشمال الشرقي من مدينة الخليل, على أراضي تعود لبلدة سعير. تحتل البؤرة الاستيطانية اليوم ما مساحته 180 دونما وتضم اليوم تقريبا 40 وحدة استيطانية (كرفانا). في شهر شباط من العام 2023 قامت اللجنة الفرعية للاستيطان التابعة للمجلس الأعلى للتخطيط في الإدارة المدنية الاسرائيلية (وهي الجهة المسؤولة عن المصادقة على المخططات الاستيطانية) بالمصادقة على بناء 7,157 وحدة استيطانية في 37 مستوطنة اسرائيلية، بما في ذلك شرعنة ثلاث بؤر استيطانية غير قانونية واعتبارها جزء من مستوطنة (المستوطنة الام القريبة منها جغرافيا) هذا بالإضافة الى الموافقة على إيداع مخطط لبؤرة استيطانية رابعة. وكانت البؤرة الاستيطانية “بني كيديم” من بين البؤر التي أقرت حكومة الاحتلال شرعنتها لتصبح حيا استيطانيا يتبع للمستوطنة الام القريبة منها وهي “أسفر” (متساد).
في الختام
يُعد الأمر العسكري الإسرائيلي الأخير امتدادًا مباشرًا وعمليًا للمخطط الاستيطاني رقم 414/3/1 الخاص ببؤرة “بني كيديم” حيث يعكس هذا الأمر النهج انسجامًا واضحًا بين أدوات السيطرة الاستيطانية الاسرائيلية. فبينما يُقدَّم المخطط رقم 414/3/1 كإطار لتوسيع البؤرة الاستيطانية بيني كيديم عبر بناء وحدات استيطانية وشق طرق استيطاني جديد، يأتي الأمر العسكري كأداة تنفيذية لفرض المخطط الاستيطاني على أرض الواقع، من خلال مصادرة الأراضي الفلسطيني وهذا يعكس السياسة الممنهجة لحكومة الاحتلال الاسرائيلي التي تهدف إلى تحويل البؤر الاستيطانية غير القانونية إلى مستوطنات دائمة ومترابطة جغرافيا، وتؤكد على أن القرارات/الأوامر العسكرية لا تأتي بمعزل عن الأجندة الاستيطانية الإسرائيلية، بل هي جزء لا يتجزأ منها.
اعداد:
معهد الابحاث التطبيقية – القدس ( أريج)