تُعتبر الأشجار في الأراضي الفلسطينية المحتلة جزءًا لا يتجزأ من المشهد الطبيعي والثقافي والتاريخي للشعب الفلسطيني. فهي ليست مجرد مصدر رزق للعائلات الفلسطينية، بل هي رمز للصمود والتراث والتاريخ العريق الذي يمتد لآلاف السنين. ومع ذلك، تواجه الأشجار الفلسطينية حملة ممنهجة من الاقتلاع والتدمير من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة الامر الذي يعيق تحقيق تنمية مستدامة والنهوض بالاقتصاد الوطني الفلسطيني. وتقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلي باقتلاع الأشجار الفلسطينية المثمرة بذرائع مختلفة، منها التوسع الاستيطاني لإفساح المجال لبناء وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية, وأيضا تم استهداف الأشجار الفلسطينية من خلال تدمير مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية لبناء جدار الفصل العنصري والذي أدى بناءه حتى اليوم أيضا الى عزل الاف الدونمات من الأراضي الزراعية المزروعة بألاف الأشجار عن أصحابها وبالتالي تكبدهم خسارات اقتصادية عالية بسبب عدم مقدرتهم من الوصول إلى أراضيهم الزراعية وبالتالي تدمير سبل العيش وزيادة معدلات الفقر. كما ساهم شق الطرق الالتفافية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة في الحاق خسارات فادحة للقطاع الزراعي أيضا حيث تم اقتلاع مئات الأشجار الفلسطينية لشق العديد من الطرق الالتفافية حيث اظهرت صور الأقمار الصناعية خلال الأعوام الماضية مدى الدمار الذي لحق بمساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية المزروعة بالأشجار المثمرة وعلى وجه الخصوص بأشجار الزيتون، نتيجة شق طرق التفافية اسرائيلية جديدة لخدمة المستوطنين احداها طريق التفافي حوارة جنوب مدينة نابلس، الذي يشق أراضي بلدة حوارة ويمتد بطول 4.5 كيلومتر تقريبا، حيث أظهرت الصور الجوية أن أعمال التجريف صادرت ما يزيد عن 267 دونما من أراضي البلدة لهذا الغرض، من ضمنها 63% مزروعة بأكثر من 3400 شجرة زيتون. الصورة رقم 1
الصورة رقم 1: طريق التفافي حوارة جنوب مدينة نابلس
كما ساهمت اعتداءات المستوطنين الهمجية في زيادة معاناة الفلسطينيين في الحفاظ على مصدر رزقهم اذ صعد المستوطنون الإسرائيليون القاطنون في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة في الأعوام القليلة الماضية من اعتداءاتهم ضد المدنيين الفلسطينيين والأرضي والممتلكات والثروة الزراعية والحيوانية بشكل خاص, اذ تخللت الاعتداءات التدمير والحرق المتعمد للأشجار الفلسطينية المثمرة بهدف الحاق الضرر بها وتكبيد أصحابها خسارات فادحة ودفعهم بشكل أو باخر الى التخلي عن مصدر رزقهم و أراضيهم التي تخطط عصابات المستوطنين للاستيلاء عليها. للمزيد من المعلومات حول اعتداءات المستوطنين , على الرابط التالي: حرب المستوطنين المفتوحة في العام 2024. تجدر الإشارة الى ان اقتلاع الأشجار الفلسطيني يؤدي إلى تدمير النظام البيئي وفقدان المساحات الخضراء (الأراضي الزراعية) ُيقلل من جودة الهواء ويُزيد من تأثير التغير المناخي.
وخلال العام 2024, قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتدمير ما يزيد عن 19,000 شجرة فلسطينية معظمها من أشجار الزيتون, كان معظمها في كل من محافظات الخليل وطولكرم وجنين على التوالي. الرسم البياني رقم 3 يظهر توزيع الأشجار الفلسطينية التي تم اقتلاعها خلال العام 2024 بحسب المحافظات الفلسطينية. الرسم البياني رقم 1
يعدّ اقتلاع الأشجار الفلسطينية المثمرة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي الإنساني ولقواعد حقوق الإنسان. فوفقًا للمادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة، يُحظر على قوة الاحتلال تدمير الممتلكات الخاصة إلا إذا كانت الضرورات العسكرية المطلقة تقتضي ذلك، وهو ما لا ينطبق على حالات اقتلاع الأشجار المثمرة التي تمثل مصدر رزق أساسي للفلسطينيين في جميع انحاء الضفة الغربية المحتلة.
كما أن المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تضمن لكل فرد الحق في مستوى معيشي لائق، بما في ذلك الأمن الغذائي، وهو ما يتعارض مع سياسات الاحتلال التي تضر بالقطاع الزراعي الفلسطيني.
بالإضافة إلى ذلك، تعد هذه السياسية الإسرائيلية الممنهجة خرقًا للمادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، التي تصنف التدمير العمدي للأملاك المدنية كجريمة حرب. وبذلك، فإن اقتلاع الأشجار لا يمثل فقط استهدافًا للبيئة والاقتصاد والثروة الاقتصادية ، بل هو جزء من سياسة متعمدة تهدف إلى تقويض مقومات الحياة الأساسية للفلسطينيين.
اعداد: