تشكل اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين المتكررة ضد المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الثروة الزراعية والحيوانية والأراضي والممتلكات، تهديدًا مباشرًا لاستقرار المجتمع الفلسطيني برمته اذ أن هذه الاعتداءات لا تقتصر فقط على العنف المباشر ضد المواطنين الفلسطينيين، بل تمتد لتشمل تدمير الأراضي الزراعية، واقتلاع الأشجار المثمرة، وسرقة المواشي، وتلويث مصادر المياه الطبيعية وطرد العائلات الفلسطينية من أماكن سكناها، الامر الذي يهدد سبل عيش آلاف العائلات الفلسطينية التي تعتمد على الزراعة والرعي كمصدر رئيسي للدخل. كما أن هذه الممارسات تخلق حالة من الخوف وانعدام الأمن بين الفلسطينيين، مما يؤثر سلبا على حياتهم اليومية وقدرتهم على العمل والعيش بسلام.
الاعتداءات على الثروة الزراعية والحيوانية
تعتبر الزراعة وتربية المواشي من الركائز الأساسية للاقتصاد الفلسطيني، خاصة في المناطق “الريفية” مثل مناطق الاغوار الفلسطينية. ومع ذلك، فإن الاعتداءات المستمرة من قبل المستوطنين الإسرائيليين على الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية تؤدي إلى خسائر فادحة حيث يتم اقتلاع الأشجار المثمرة بمختلف أنواعها من اللوز والعنب والتين والحمضيات والزيتون التي تعتبر رمزًا للهوية الفلسطينية ومصدرًا رئيسيًا للدخل. كما يتم حرق المحاصيل وتدمير البنية التحتية ومصادر المياه الطبيعية وتلويث الابار الزراعية الامر الذي يزيد من تفاقم المشكلة وخاصة أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تسيطر على مصادر المياه الفلسطينية وتفرض إجراءات صارمة بهذا الخصوص، مما يؤدي إلى تدمير سبل عيش العديد من العائلات الفلسطينية. بالإضافة إلى ذلك، يتعرض الرعاة الفلسطينيون لسرقة مواشيهم وعلى وجه الخصوص في منطقة الاغوار الفلسطينية، مما يؤثر على قدرتهم على توفير الغذاء والدخل.
كما تشكل سياسة الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وإقامة البؤر الاستيطانية غير القانونية من قبل المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة تهديدًا كبيرًا للمجتمع الفلسطيني حيث يتم الاستيلاء ومصادرة الأراضي الفلسطينية تحت ذرائع مختلفة، بما في ذلك “أمنية” أو “عسكرية”، وفي معظم الأحيان يتم الاستيلاء عليها بقوة السلاح لقربها من مستوطنة أو بؤرة استيطانية غير قانونية. هذه الممارسات تؤدي إلى تقليص مساحات الاراضي المتاحة للفلسطينيين للزراعة والعيش، مما يزيد من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية. هذا بالإضافة الى أن إقامة البؤر الاستيطانية الغير قانونية يؤدي أيضًا إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للمناطق الفلسطينية، حيث يتم تشجيع المستوطنين الإسرائيليين على الانتقال والعيش في المستوطنات والبؤر الاستيطانية الغير قانونية مما يخلق واقعًا جديدًا يصعب على الفلسطينيين التعايش معه الامر الذي يزيد من حدة الاحتكاك والتوتر وبالتالي انعدام الامن. كما أن هذه البؤر غالبًا ما تكون تحت حماية قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يحرك ساكنا عند قيام المستوطنين الإسرائيليين بالاعتداء على الفلسطينيين وممتلكاتهم.
والجير بالذكر أن هذه الاعتداءات المستمرة والاستيلاء على الأراضي وإقامة البؤر الاستيطانية تترك آثارًا عميقة على المجتمع الفلسطيني، تشمل الأثر الاقتصادي كفقدان مصادر الدخل للعديد من العائلات الفلسطينية نتيجة تدمير الأراضي الزراعية والاستيلاء على الأراضي وسرقة وقتل المواشي مما يزيد من معدلات الفقر والبطالة ويؤثر على القدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي. والأثر الاجتماعي حيث تخلق اعتداءات المستوطنين حالة من الخوف وانعدام الأمن بين الفلسطينيين، خاصة في المناطق القريبة من المستوطنات والبؤر الاستيطانية الغير قانونية والذي أدى في معظم الأحيان الى رحيل بعض العائلات الفلسطينية عن أراضيها ومناطق سكناها بسبب هذه الاعتداءات الامر الذي يساهم في تغيير التركيبة الديموغرافية الفلسطينية. هذا بالإضافة الى الأثر النفسي اذ يتعرض الفلسطينيون، وخاصة الأطفال والنساء، لضغوط نفسية كبيرة بسبب العنف المستمر وانعدام الأمن. والاثر السياسي اذ تشكل سياسة الاستيطان والاعتداءات المستمرة والاستيلاء على الأراضي عقبة كبيرة أمام تحقيق السلام العادل والدائم. وشهد العام 2024 تزايدا ملحوظا في عدد الاعتداءات التي نفذها المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة فاقت ال 2400 اعتداءا في مختلف محافظات الضفة الغربية المحتلة، بلغت ذروتها في كل من محافظتي الخليل ونابلس بواقع 493 و481 اعتداءا على التوالي. الرسم البياني رقم 1 يظهر حجم اعتداءات المستوطنين وتوزيعها على المحافظات الفلسطينية خلال العام 2024
الرسم البياني رقم 1: اعتداءات المستوطنين خلال العام 2024
وتُعد اعتداءات المستوطنين بجميع اشكالها انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، إذ تحظر اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 (المادة 27)[1] جميع أشكال العنف ضد السكان المدنيين في الأراضي المحتلة، بما في ذلك الهجمات التي ينفذها المستوطنون تحت حماية قوات الاحتلال. كما أن قرارات مجلس الأمن الدولي، مثل القرار 2334 لعام 2016، تؤكد أن الاستيطان الإسرائيلي غير شرعي ويشكل انتهاكًا للقانون الدولي، مما يجعل هذه الاعتداءات جريمة مضاعفة تستوجب المحاسبة.[2]
اتفاقیة جنيف الرابعة بشأن حمایة الأشخاص المدنیین في وقت الحرب المؤرخة في 12آب/أغسطس 1949 1
[1] https://www.legal-tools.org/doc/3822e4/pdf/
[2] نص قرار مجلس الأمن حول الاستيطان الإسرائيلي في فلسطين / رقم 2334
https://docs.un.org/ar/S/RES/2334%20(2016)
اعداد: