نشر ما يسمى “بالمسؤول عن املاك الحكومة وأملاك الغائبين في منطقة يهودا والسامرة” في الإدارة المدنية الإسرائيلية، الذراع الأيمن لجيش الاحتلال الإسرائيلي، في الأول من شهر نيسان من العام 2024, أمرا عسكريا جديدا تحت عنوان “أمر بشأن أملاك الحكومة (يهودا والسامرة) (رقم 59 -1967)، إعلان عن أملاك حكومة” حيث يستهدف الامر منطقة جبل الفرديس الاثرية شرق مدينة بيت لحم. وجاء في الامر العسكري انه ” عملا بالصلاحيات المخولة إلي بمقتضى المادة 2ج حسب الأمر بشأن أملاك الحكومة (يهودا والسامرة) (رقم 59 ,1967)، إنني أصرح بهذا الإعلان أن المنطقة المفصلة بالذيل هي أملاك حكومة “. وبحسب ما جاء في الامر العسكري الإسرائيلي الأخير أنه “يحق لكل من يدعي بحقوق في المنطقة الموصوفة في الذيل أو بجزء منها أن يقدم اعتراض إلى لجنة الاعتراضات لدى المحكمة العسكرية في معسكر عوفر بمحافظة رام الله وذلك استنادا إلى الأمر بشأن لجان الاعتراضات رقم 172 يهودا والسامرة 1967 خلال 45 يوم من يوم نشر هذا الاعلان على رقبة الأرض وفي الارتباط المدني.
وبحسب الامر العسكري فان الأراضي المستهدفة هي جزء من أراضي قرية عرب التعامرة -تل الفريديس, وبالتحديد في حوض 4 طبيعي، مواقع: العقبان والفريديس، وأيضا في حوض 11 طبيعي، موقع: قطعة فاضل، حيث أن المساحة المستهدفة هي 170.94 دونما. مرفق نسخة عن الامر العسكري الإسرائيلي الصادر في منطقة الفريديس.
الصور 1-3: نسخة عن الامر العسكري “أمر بشأن أملاك الحكومة ( يهودا والسامرة ) (رقم 59 – 1967), إعلان عن أملاك حكومة”
أوامر ومخططات إسرائيلية سابقة استهدفت منطقة الفرديس والموقع الاثري فيها: –
ان الامر العسكري الإسرائيلي الذي تسلمه اهالي منطقة الفريديس (في مطلع شهر نيسان 2024) هو جزء من مخططات إسرائيلية صدرت عن سلطات الاحتلال الاسرائيلي في أعوام سابقة واستهدفت المنطقة ذاتها، كان أولها في العام 1985 حيث صدر المخطط رقم 497 والذي يقضي بإعلان منطقة جبل الفريديس والاراضي الفلسطينية المحيطة بها (من ضمنها عشرات المنازل الفلسطينية) “كمنطقة سياحية” تحت مسمى “بارك هيروديون”. وبحسب الخارطة الصادرة، فان المساحة المعلمة على الخارطة تبلغ 1,030 دونما. كما يشمل المخطط 47 منزلا (و/أو منشأة) فلسطينيا يمكن أن تكون عرضة للترحيل أو العزل جراء المخطط الإسرائيلي الذي يهدف الى ضم المنطقة لتصبح تحت السيطرة الاسرائيلية الكاملة. وفي تحليل معمق للمخطط الاسرائيلي رقم 497 حيث تم إصداره بتاريخ العاشر من شهر كانون الاول من العام 1984 ويشمل تعيين 1,030 دونما من الاراضي الفلسطينية في منطقة عرب التعامرة في الحوضين رقم 4 و رقم 11, في المناطق التي يطلق عليها اسماء معاوية, العقبان, خلة ام الضيوف, قطعة فضل, مرج عامر, ام السللم و زيتون وقف الجبل, “كمنطقة طبيعية”, هذا بالإضافة الى المنطقة الاثرية فيها (جبل هيروديون) والشوارع الواصلة اليها. مرفق صور المخطط رقم 497 الصادر في العام 1985
الصور 4-6: المخطط رقم 497 الصادر في العام 1985
الجدول رقم 1: تفصيل المخطط الاسرائيلي رقم 497 – “هيروديون بارك” | ||
النسبة المئوية | المساحة | تصنيف المخطط |
81.1 | 835.4 | مناظر طبيعية خاصة |
1.4 | 14.9 | حديقة أثرية |
2.2 | 22.8 | منطقة تخطيط مستقبلية |
11.5 | 118.3 | منطقة آثار |
0.6 | 6 | مواقف للسيارات العامة |
1.4 | 14 | طريق جديد أو توسيع طريق |
1.8 | 18.6 | طرق قائمة أو طرق موافق على اقامتها |
100.0 | 1030 |
وعادت سلطات الاحتلال الإسرائيلي لاستهداف المنطقة جديد في العام 2012، حيث أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأول من شهر تشرين الثاني من العام 2012 أمرا عسكريا جديدا تحت مسمى “أمر بشأن قانون الأراضي (استملاك للمصلحة العامة) (يهودا) والسامرة) (رقم ۳۲۱) ٧٢١ – ١٩٦٩” – قرار بشأن استملاك وأخذ حق التصرف فوري (تسيج موقع هرديون) رقم 12/1/ه”. وجاء في الامر العسكري ما يلي: “وفقا لصلاحيتي حسب بند ۲ للأمر بشأن قانون الأراضي استملاك للمصلحة العامة) (يهودا والسامرة) (رقم ۳۲۱), 5729-1969, حسب الأمر بشأن إقامة إدارة مدنية (يهودا والسامرة) (رقم ٩٤٧) (فيما يلي – قانون الاستملاك)، وبعد أن اقتنعت أن استملاك الأراضي، للمصلحة العامة، ولأجل تسيج والمحافظة على امن جبل هيروديون وأن بإمكان المنشأ تحمل النفقات اللازمة لتعويض أصحاب الحقوق في الأراضي وأنه هنالك أسباب التي تفرض أخذ حق التصرف فوري في الأراضي – فاني اقرر بهذا على استملاك الأراضي المفصلة أدناه , وفقا للبند 4 (1) (أ) لقانون الاستملاك.” والأراضي الفلسطينية التي تم استهدافها في منطقة الفريديس والمعدة للتسييج يبلغ طولها ٢,٩٤٤ متر ومجمل مساحتها حوالي ١٦ دونما، المعلمة في خارطة الاستملاك رقم ۰۱/۱۲/هـ، والموقعة من رئيس الإدارة المدنية آنذاك، موطي الماز، في قرية عرب تعامرة، حوض 4: موقع العقبان والحوض ١١ موقع قطعة فاضل وخلة أم الضيوف.” والأراضي المستهدفة في الامر العسكري هي أيضا جزء من المخطط الصادر في العام 1985. الصورة المرفقة نسخة عن الامر العسكري الإسرائيلي الصادر في العام 2012
الصورة 7 -9: أمر بشأن قانون الأراضي (استملاك للمصلحة العامة) (يهودا) والسامرة) (رقم ۳۲۱) ٧٢١ – ١٩٦٩” – قرار بشأن استملاك وأخذ حق التصرف فوري (تسيج موقع هرديون) رقم 12/1/ه
تجدر الإشارة الى أنه بتاريخ الرابع عشر من شهر تموز من العام 2020 , أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على تسييج قطعة أرض تحيط بمنطقة جبل الفريديس الأثري، تقدر بحوالي 1000 دونما, إذ تم استخدام الاسلاك الشائكة مع الأعمدة الحديدية بالإضافة إلى وضع بوابة عليه لمنع المواطنين الفلسطينيين الاقتراب من المنطقة، بذريعة أنها “مناطق طبيعية”. وجاءت هذه العملية استكمالا للأمر العسكري الإسرائيلي الصادر في العام 2012. وتجدر الاشارة الى ان منطقة الجبل الأثري تقع في المنطقة المصنفة “ج” بحسب اتفاقية أوسلو الثانية المؤقتة للعام 1995, وتخضع لادارة سلطة الطبيعة الإسرائيلية. كما قامت قوات الاحتلال الاسرائيلي بإغلاق الطريق القديم (التاريخي) الذي يصل منطقة جبل الفريديس بالبحر الميت في محاولة لفرض المزيد من الوقائع على الأرض بهدف تضييق الخناق على المواطنين الفلسطينيين القاطنين في المنطقة وحرمانهم من استخدامها وفصلهم بالكامل عنها في سياق التمهيد لضمها. وتبعا لأعمال التجريف والتسييج التي جرت في المنطقة، تسلم اهالي المنطقة في اليوم التالي (في الخامس عشر من شهر تموز من العام 2020) مخططا يقضي بإعلان منطقة جبل الفريديس والأراضي الفلسطينية المحيطة وعشرات المنازل الفلسطينية “كمنطقة سياحية” تحت مسمى “بارك هيروديون” وهي ذات الخارطة التي صدرت في العام 1985 والتي تقر بإعلان المنطقة “كمنطقة سياحية”.
الصورة رقم 10: المخطط الاسرائيلي الذي يقضي باعلان منطقة جبل الفريديس “منطقة سياحية”
والجدير بالذكر انه عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في نهاية شهر أيلول من العام 2000, أقدمت سلطات الاحتلال على تشديد الخناق على المنطقة وقاطنيها الفلسطينيين من خلال إقامة نقطة عسكرية الى جانب المعسكر الإسرائيلي المتواجد في المنطقة بهدف توفير الحماية للسائحين الذي يقصدون الموقع الاثري للزيارة. وبقيت النقطة العسكرية مصدر ازعاج وقلق للمواطنين الفلسطينيين القاطنين في المنطقة بسبب ممارسات التضييق التي فرضتها قوات الاحتلال المتمركزة في المنطقة على حرية الحركة والتنقل وممارسة الأمور الحياتية، بالإضافة إلى إلزام بعض المنازل الفلسطينية على إغلاق النوافذ بشكل دائم بذريعة أنها تشكل خطرا على أمن الجنود المتمركزين في المعسكر والنقطة العسكرية وبعضهم خضع لإغلاق النوافذ بالأسمنت بشكل اجباري.
وفي العاشر من شهر كانون الأول من العام 2023، عادت سلطات الاحتلال الإسرائيلي لاستهداف المنطقة من جديد من خلال اصدار أمرا عسكريا جديدا يستهدف 3.2 دونما من الأراضي الفلسطينية التي تتبع لمنطقة العقبان في عرب التعامرة في محافظة بيت لحم من اجل شق طريق استيطاني إسرائيلي يسهل وصول المستوطنين الإسرائيليين القاطنين في كل من البؤرة الاستيطانية الغير قانونية “سدي بار” وكل من مستوطنات كفار الداد ونيكوديم والبؤرة الاستيطانية “معاليه رحبعام الى منطقة جبل هيروديون. ويحمل أمر المصادرة الإسرائيلي الجديد اسم ” أمر بشأن وضع اليد على أراضي رقم /52/23 م.د ” حيث يتم وضع اليد على الاراضي المستهدفة لأغراض عسكرية.
الصور 11-13: أمر مصادرة إسرائيلي لغرض شق طريق استيطاني جديد في بيت لحم, رقم 52/23/م.د
في الختام
من الواضح أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تتعمد استهداف منطقة جبل الفريديس “جبل هيروديون” في محاولة للسيطرة عليه بالكامل وحرمان الفلسطينيين منه نظرا لموقعه الاستراتيجي وقربه من التجمع الاستيطاني الشرقي لما يطلق عليه الإسرائيليون “بتجمع غوش عتصيون الاستيطاني”, في الوقت ذاته, تقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتضييق الخناق على الفلسطينيين القاطنين في محيط المنطقة. تجدر الإشارة الى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وتحت غطاء بيئي وأثري، تسعى إلى الاستيلاء على الآلاف من الدونمات من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة. وتستخدم سلطات الاحتلال الإسرائيلي مصطلح “الغطاء البيئي والاثري” لتبرير نشاطاتها الاستيطانية وعمليات الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية. وتستند سياسة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى استخدام مجموعة متنوعة من الوسائل لضم الأراضي الفلسطينية والاستيلاء عليها. ومن ضمن هذه الوسائل، استخدام البيئة والآثار كذريعة لذلك، حيث يقوم الاحتلال ببناء المستوطنات الجديدة وتوسيع المستوطنات القائمة تحت مسميات واهية، في الوقت الذي يدعي فيه “بإنشاء مناطق حماية بيئية أو تراثية”، في حين أن الهدف الفعلي هو تعزيز وتوسيع السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية.
هذه الممارسات الإسرائيلية الغير قانونية تشكل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي، بما في ذلك القوانين والمبادئ المتعلقة بحقوق الإنسان والحفاظ على البيئة والتراث الثقافي، وتساهم هذه الممارسات في تعزيز الاحتلال والاستيطان الاسرائيلي وإضعاف فرص تحقيق حل دائم ومستدام.
اعداد:
معهد الابحاث التطبيقية – القدس ( أريج)