نشر ما يسمى “المستشار القضائي لمنطقة يهودا والسامرة ” في الادارة المدنية الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة نهاية شهر شباط من العام 2021 أوامر عسكرية جديدة تحت مسمى “مناشير, أوامر و تعيينات” – الكراسة رقم 255″ وهي عبارة عن سلسلة من القوانين والأوامر والتعيينات العنصرية الاسرائيلية ذات العلاقة بمصادرة الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة للاستخدامات الإسرائيلية المختلفة كالمصادرة بذريعة المحميات الطبيعية واستملاك الأراضي الفلسطينية لأغراض المنفعة (المصلحة) العامة والمصادرة بذريعة أراضي حكومية إسرائيلية وغيرها من الذرائع الإسرائيلية.
وعادة لا يتم اعلام المواطنين الفلسطينيين المتضررين بموعد نشر هذه الملفات (الأوامر والقوانين والتعيينات) أو حتى بمحتواها حتى لا تتم ملاحقة الاحتلال في المحاكم الإسرائيلية أو الاعتراض على الأوامر العسكرية الصادرة في الفترة المخصصة للاعتراض, في ذات الوقت يتم تعميم هذه الملفات على الجهات الاسرائيلية ذات العلاقة والاختصاص للمباشرة بأجندة المصادرة مثل مكتب رئيس فرع البنية التحتية في الادارة المدنية الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة ومكتب “المسؤول كمفهومه” بحسب القانون المنصوص للمجالس المحلية ومكاتب المجالس الاقليمية التي تتبع لها كل مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة ومكتب اللجنة المحلية الخاص بكل مستوطنة مستهدفة بالتوسع حتى يتسنى لها متابعة الامور المتعلقة بها وفي المحصلة مصادرة الاراضي الفلسطينية المستهدفة. الصورة رقم 1
الصورة رقم 1: “مناشير, أوامر و تعيينات – الكراسة رقم 255”
وبحسب التحليل الذي اجراه معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج) للاوامر الإسرائيلية الصادرة, فقد اعتمدت سلطات الاحتلال الاسرائيلية في الغالبية العظمى من الاوامر العسكرية الصادرة على عدة قوانين عنصرية لتسهيل عملية مصادرة الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة, منها (أولا) الامر العسكري الاسرائيلي رقم 363 للعام 1969 والذي يخول الإدارة المدنية الإسرائيلية بالإعلان عن أيّة منطقة في الضفة الغربية المحتلة “كمحمية طبيعية” أو “كمناطق طبيعية” بموجب أوامر تصدرها. وعادة يتم فرض قيود صارمة على البناء واستخدام الأراضي على هذه المناطق للمطالبة بحماية البيئة. ومنذ احتلالها للأراضي الفلسطينية في العام 1967, استخدمت إسرائيل هذه الطريقة لمصادرة الأراضي التي يتم بناء المستوطنات عليها لاحقًا. علاوة على ذلك، لم يتم تحديد أي تعويض عن الأضرار على الرغم من أنه من المفترض أن تكون المحميات الطبيعية لحماية البيئة ، إلا أنها في الواقع تعتبرها السلطات الإسرائيلية جزءًا محوريًا من برنامج الاستيلاء على الأراضي ، والذي يتم بناء المستوطنات عليه لاحقًا. والجدير بالذكر انه تم تخصيص ثلاث مواقع في الضفة الغربية المحتلة على انها محميات طبيعية بحسب ما جاء في الملف الصادر وهي (الموقع الاول) محمية “ناحال ترتسا” على مجمل مساحة 5و808 دونما من الأراضي الفلسطينية الى الشمال الشرقي من مستوطنة مسوع الإسرائيلية في منطقة وادي الفارعة. و (الموقع الثاني) محمية عرفوت اريحا (سهوب اريحا) على مجمل مساحة 4010 دونما من الأراضي الفلسطينية الى الشمال من البحر الميت و(الموقع الثالث) محمية روتم مسكيوت في الموقع بين مستوطنتي روتم ومسكيوت على أراضي محافظة طوباس شمال الضفة الغربية المحتلة بمجمل مساحة 2062 دونما من الأراضي الفلسطينية. وبالمجمل, فان المساحات التي تم تخصيصها على انها محميات طبيعية بلغت 11880 دونما.
الصور 1-3: الاراضي الفلسطينية التي تم تصنيفها كمحميات طبيعية من قبل الاحتلال الاسرائيلي
الخارطة رقم 1: موقع المحميات الطبيعية التي تم الإعلان عنها في كراسة الأوامر الاسرائيلية الجديد
وتجدر الإشارة الى أنه في الخامس عشر من شهر تشرين أول من العام 2020, كانت سلطات الاحتلال قد أعلنت عن تخصيص نحو 12 ألف دونما من الأراضي الفلسطينية الواقعة في منطقة الأغوار الشمالية بالضفة الغربية المحتلة بحجة نقل ملكية هذه الأراضي إلى «ثلاث محميات طبيعية» وهي ذات المناطق التي تم ادرجها في الكراسة رقم 55 من ملف “مناشير, أوامر و تعيينات” الصادر في شهر شباط من العام المنصرم.
كما تضمنت الكراسة أيضا الامر العسكري الإسرائيلي “الامر بشأن قانون الاثار القديمة (يهودا و السامرة) (رقم 1166) 5766-1986- اعلان بشأن قانون الاثار القديمة (يهودا والسامرة) 5781-2020” والذي يتضمن الإعلان عن 601 موقعا اثريا وتاريخا في الضفة الغربية المحتلة على انها مواقع اثرية إسرائيلية. وجاء توزيع الأوامر العسكرية في كل من محافظات بيت لحم (بواقع 20 موقعا) ومحافظة القدس (بواقع 32 موقعا) ومحافظة أريحا (بواقع 219 موقعا) و محافظة رام الله (بواقع 117 موقعا) و محافظة جنين (بواقع 8 مواقع) و محافظة نابلس (بواقع 117 موقعا) و محافظة الخليل (بواقع 11 موقعا) و محافظة قلقيلية (بواقع 46 موقعا).
الصور 4-16: الخرائط الاسرائيلية التي تبين المواقع الاثرية التي تم تصنيفها كمواقع اثرية اسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة
الخارطة رقم 2: المواقع التي تم تصنيفها على انها مواقع اثرية اسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة بحسب المنشور الاسرائيلي الجديد
الامر العسكري الإسرائيلي رقم 1166
عقب احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967, أنيطت صلاحيات الآثار إلى الحاكم العسكري الإسرائيلي، وتم الإبقاء على قانون الآثار الأردني رقم 51 لسنة 1966 في الضفة الغربية وأنظمة الآثار القديمة الفلسطينية لسنة 1929 في غزة. وفي ظل الحكم العسكري الإسرائيلي, تم تأسيس إدارة للآثار يرأسها ضابط الآثار الذي يتبع الحكم العسكري الإسرائيلي والإدارة المدنية الاسرائيلية. وفي سبيل إحكام سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على المواقع الأثرية في الضفة الغربية المحتلة, قامت دولة الاحتلال بإدخال عددا من التعديلات على القانون الأردني بموجب سلسلة من الأوامر العسكرية الإسرائيلية، منها تحويل صلاحيات مدير الآثار في القانون الأردني إلى الحاكم العسكري الإسرائيلي، وأيضا تعطيل العمل ببعض بنود القانون الأردني السائد،. وفي العام 1986، أدخلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعديلات واسعة على قانون الآثار الأردني وذلك بموجب الأوامر العسكرية رقم 1166 و1167، وطالت التعديلات قضايا الترخيص والاتجار بالآثار الفلسطينية. كما أعطت هذه الأوامر العسكرية الإسرائيلية ضابط الآثار الإسرائيلي سلطات قانونية شبه مطلقة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأحكمت قبضة الاحتلال على الموارد الأثرية الفلسطينية والسيطرة عليها وتوظيفها ضمن المشروع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، (حمدان طه, [1]2019).
أمر بشأن قانون الآثار القديمة (يهودا وا[2]لسامرة) (رقم 1166)، 5746 – 1986 بموجب صلاحيتي كرئيس الإدارة المدنية لمنطقة يهودا والسامرة، واستناداً إلى المادة 16 من الأمر بشأن قانون الآثار القديمة (يهودا والسامرة) (رقم 1166)، 5746 – 1987 والمادة 48 من قانون الآثار القديمة رقم 51 لسنة 1966، إنني أصدر الأنظمة التالية: في هذه الأنظمة: |
هدم المنازل والمنشئات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة بذريعة “المواقع الأثرية”
في الثالث والعشرين من شهر حزيران من العام 2020، نشرت صحيفة هاارتس الاسرائيلية[3] مقالا على صفحتها الالكترونية يدق ناقوس الخطر بسبب قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي باستهداف المنازل والمنشئات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة بالهدم بذريعة انها بُنيت على مواقع صنفتها إسرائيل على انها مواقع اثرية إسرائيلية (تبعا للقانون الإسرائيلي رقم 1166). وذكرت الصحيفة انه في العام 2019 قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإصدار 118 أمر هدم (اخطارات هدم) لوقف تدمير المباني الآثرية القائمة على “ما يسمى بالمواقع الأثرية الإسرائيلية” في الضفة الغربية المحتلة. ويمثل هذا الرقم ارتفاعًا بنسبة 162 بالمائة في غضون عامين – حيث بلغ عدد الأوامر الصادرة في العام 2017 , 45 امرا عسكريا، وارتفع إلى 61 امرا في العام 2018 – (هآرتس ، 2020).
في الختام
تستخدم دولة الاحتلال الإسرائيلي الأوامر العسكرية للسيطرة على الأراضي الفلسطينية ومصادرتها فمنها ما جاء للأغراض العسكرية, واخرى إعلان الأراضي على انها ‘أملاك غائبين’، ‘واخرى مصادرة الأراضي لتلبية احتياجات العامة واعلان اخرى محميات وحدائق طبيعية وأيضا السيطرة على المواقع الاثرية وغيرها من الاوامر العنصرية التي استندت كل منها إلى أسس قانونية مختلفة.
منتهكة كافة المواثيق والمعاهدات وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، فإن دولة الاحتلال الاسرائيلي تسعى وبشكل ممنهج لفرض وقائع جديدة على الارض وتوسيع مستوطناتها ومشاريعها التوسعية في الضفة الغربية والقدس الشرقية ضاربة بعرض الحائط حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وعيشه بحرية على أرضه.
إن ما تقوم به دولة الاحتلال الاسرائيلي ما هو الا ترجمة لرغبة إسرائيل في التسلل بعمق والسيطرة على المناطق الاستراتيجية والحيوية في الضفة الغربية المحتلة واحكام قبضتها على ومواردها وخيراتها وضمها في نهاية المطاف حتى تضمن ديمومتها كدولة احتلال نظراً لمساحة الأراضي التي اصبحت تسيطر عليها ومازالت تسعى للسيطرة على المزيد منها من خلال القوانين العنصرية.
[1] في الذكرى المئوية لتأسيس دائرة الآثار الفلسطينية – حمدان طه, 2019
جريدة الأيام
[2] أنظمة الآثار القديمة لسنة 1990
المقتفي: منظومة القضاء والتشريع في فلسطين
[3] When an Archaeological ‘Find’ Can Evict Palestinians From Their Home
اعداد:
معهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج)