كشف جيش الاحتلال الاسرائيلي على موقع الوزارة الالكتروني مجموعة من الملفات السرية التي تحتوي في مضمونها على قوانين وأوامر عنصرية اسرائيلية ذات علاقة بمناطق نفوذ المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة. وتجدر الاشارة الى أن جيش الاحتلال الاسرائيلي تعمد أن يُخفي هذه الملفات (الاوامر والقوانين العسكرية) عن أصحاب الاراضي الفلسطينيين كونهم المتضرر الاول من الموضوع حتى لا يتسنى لهم الاعتراض عليها في المحاكم الاسرائيلية ومساءلة عملية المصادرة وبالتالي تمكنت اسرائيل من توسيع نفوذ سيطرتها على المستوطنات الاسرائيلية. وتجد الاشارة هنا بان توزيع هذه الملفات (الاوامر العسكرية) على جهات اسرائيلية معينة وذات علاقة واختصاص مثل مكتب رئيس فرع البنية التحتية في الادارة المدنية الاسرائيلية[1][2] في الضفة الغربية المحتلة ومكتب “المسؤول كمفهومه” بحسب القانون المنصوص للمجالس المحلية ومكاتب المجالس الاقليمية التي تتبع لها كل مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة ومكتب اللجنة المحلية الخاص بكل مستوطنة مستهدفة بالتوسع.
والجدير بالذكر أن اسرائيل اعتمدت على قانونين عنصريين اثنين لتسهيل عملية مصادرة الاراضي الفلسطينية وهي (أولا) “أمر بشأن إدارة مجالس اقليمية (يهودا والسامرة) (رقم 783)[3], 5739-1979″ الذي بموجبه تم الاعلان عن تشكيل خمسة مجالس إقليمية يهودية تشمل الضفة الغربية المحتلة (المستوطنات الاسرائيلية القائمة في الضفة الغربية المحتلة) و(ثانيا) “أمر بشأن إدارة مجالس محلية (يهودا والسامرة) (رقم 892), 5741-1981”[4] والذي تم بموجبه إنشاء مجالس محلية في المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
وفي تحليل للأوامر العسكرية الصادرة تبين أن جيش الاحتلال الاسرائيلي استهدف بالتوسع 124 مستوطنة اسرائيلية من أصل 128 مستوطنة تعترف بها اسرائيل “كمستوطنة ” في الضفة الغربية المحتلة, هذا باستبعاد المستوطنات الاسرائيلية التي تم انشائها في القدس الشرقية المحتلة خلال سنوات الاحتلال الاسرائيلي ال 52 والبالغ عددها 35 مستوطنة والتي لا تعتبرها اسرائيل مستوطنات بل أحياء يهودية كغيرها من الاحياء اليهودية في مدينة القدس المحتلة.
وبلغ عدد الاوامر الاسرائيلية الصادرة 185 أمراً تستهدف منها 54 مستوطنة اسرائيلية تقع على الجانب الغربي من الجدار, داخل منطقة العزل الغربية[5], المساحة المعزولة بين خط الهدنة للعام 1949 (الخط الاخضر) ومسار جدار العزل العنصري. فيما تم استهداف 70 مستوطنة اخرى على الجانب الشرقي من الجدار. وتربعت محافظات الخليل ورام الله وأريحا ونابلس على التوالي على عرش المحافظات الفلسطينية التي تم فيها استهداف العدد الاكبر من المستوطنات الاسرائيلية بالتوسع “توسيع نفوذ المستوطنات فيها” بواقع 22 و 20 و 14 و 12 مستوطنة اسرائيلية.
وتجدر الاشارة أيضا الى أن عددا كبيرا من الاوامر العسكرية الاسرائيلية التي صدرت مؤرخة منذ العام 1992 ولم يتم الافصاح عنها منذ ذلك الوقت اذ أبقى جيش الاحتلال على سرية هذه الاوامر طوال هذه المدة حتى يعرقل أي عملية اعتراض من الجانب الفلسطيني وبالتالي تسهيل عملية المصادرة لصالح ما تطلق عليه اسرائيل “بمناطق نفوذ المستوطنات”.
مناطق نفوذ المستوطنات الاسرائيلية
منذ احتلال اسرائيل للأراضي الفلسطينية في العام 1967، استثمرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة موارد كبيرة في إنشاء وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من حيث مساحة الأراضي التي تم مصادرتها من الفلسطينيين وكذلك من حيث عدد السكان. ونتيجة لهذه السياسة، يقطن اليوم ما يزيد عن 800 ألف مستوطن إسرائيلي في 198 مستوطنة اسرائيلية و220 بؤرة استيطانية موزعة في جميع انحاء الضفة الغربية، بما في ذلك تلك التي تم انشائها في القدس الشرقية المحتلة.
في العام 1991, أصدرت الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة مخططات هيكلية للمستوطنات الإسرائيلية بما في ذلك تلك في القدس الشرقية المحتلة. وشملت هذه المخططات مناطق توسع مستقبلية للمستوطنات الاسرائيلية القائمة مع الاخذ بعين الاعتبار اعتماد مساحات اضافية لإقامة مستوطنات جديدة وتوسيع القائمة حتى العام 1991. وبلغ مجموع مساحة المخططات الهيكلية الصادرة من قبل الادارة المدنية الاسرائيلية انذاك 486 كم مربع (ما نسبته 8.6% من مساحة الضفة الغربية), وهي سبعة اضعاف مساحة المستوطنات الاسرائيلية التي كانت قائمة حتى العام 1991 والبالغة 69 كم مربع (1.2% من مساحة الضفة الغربية). وعقب توقيع اتفاقيات أوسلو الاولى والثانية في الاعوام 1993و 1995 على التوالي وتصنيف الاراضي الفلسطينية الى مناطق “أ” و “ب” و “ج”, تجاهلت سلطات الاحتلال الاسرائيلي اصدار مخططات هيكلية للتجمعات الفلسطينية القابعة في المناطق المصنفة “ج” لتلبية احتياجات الفلسطينيين العمرانية ومواكبة الزيادة السكانية كما فعلت بالنسبة للمستوطنات الاسرائيلية, وبقيت التجمعات الفلسطينية تحت خطر الهدم لعدم مقدرتها على الحصول على التراخيص اللازمة من الادارة المدنية الاسرائيلية, باعتبارها الجهة المخولة والادارية في مناطق “ج”, التي تجنبها عمليات الهدم والتشريد بسبب فرض السلطات الاسرائيلية اجراءات طويلة ومعقدة ومكلفة على الفلسطينيين المتقدمين للحصول على التراخيص اللازمة التي تمكنهم من البناء واستغلال الارض لأي غرض كان, ورفض معظم الطلبات المقدمة من الفلسطينيين تحت ادعاء “عدم موافاة المخططات والشروط اللازمة للبناء في المناطق المصنفة (ج)”.
والجدير بالذكر أن مساحة نفوذ المستوطنات تتخطى مساحة المخططات الهيكلية الاسرائيلية الصادرة في العام 1991 للمستوطنات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة. وجاءت هذه الزيادة من خلال أوامر عسكرية اسرائيلية تم اصدارها والمصادقة عليها خلال سنوات الاحتلال الاسرائيلي والتي منحت في مضمونها المجالس الاقليمية والمحلية التي تتبع لها المستوطنات الاسرائيلية السيطرة على مساحات جديدة من الأراضي الفلسطينية الى جانب تلك التي تحتلها المستوطنات اليوم.
هذا بالإضافة الى العديد من الاوامر العسكرية الاسرائيلية التي لم يتم الاعلان عنها بتاتا من الجهات الاسرائيلية المختصة (كما هو الحال بالنسبة للأوامر العسكرية التي كُشف النقاب عنها مؤخرا) والتي تصادر بمضمونها المزيد من الاراضي الفلسطينية المحتلة لأغراض امنية وغيرها من الذرائع الواهية حتى بلغت المساحة التي تندرج ضمن مناطق نفوذ المستوطنات الى 542 كم مربع (9.6% من مساحة الضفة الغربية المحتلة) مع نهاية العام 2017, اي بزيادة مقدارها 56 كم مربع عن مساحة المخططات الهيكلية الاسرائيلية الصادرة في العام 1991.
خاتمة
من الضرورة إعادة التذكير أن اسرائيل ومنذ احتلالها للأراضي الفلسطينية في العام 1967, تغنت على مسلمات زائفة وغير شرعية وهي القوانين التي سنتها وفرضتها على الفلسطينيين عقب احتلالها للأراضي الفلسطينية في سبيل الاستيلاء على الاراضي الفلسطينية. فمنذ احتلالها للأراضي الفلسطينية، ابتدعت إسرائيل العديد من القوانين الغير شرعية للسيطرة على الأراضي الفلسطينية وإظهار نفسها بصورة “الدولة الديمقراطية” أمام المجتمع الدولي, الا أن ما حدث وما زال يحدث على أرض الواقع يخالف تماما ما تحاول اسرائيل اظهاره للعالم حيث أن الدولة التي تدعي “الديموقراطية” (دولة الاحتلال الاسرائيلي) تلاعبت بالقوانين بما يتناسب ومطامعها الاستيطانية في المنطقة بهدف بناء المستوطنات الاسرائيلية والقواعد العسكرية والبؤر الاستيطانية وغيرها من المشاريع الاستيطانية.
[1] تم انشاء ما تسمى بـ”الإدارة المدنية” بفعل الأمر العسكري الاسرائيلي رقم (947) الصادر في العام 1981 عن وزارة “الدفاع – الاحتلال” الإسرائيلية، لتمارس صلاحيات واسعة وقمعية بحق الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
[2] Text of Israeli Military Order No. 947 of 1981 http://www.geocities.ws/savepalestinenow/israelmilitaryorders/fulltext/mo0947.htm
[3] Text of Israeli Military Order No. 783 of 1979
http://www.geocities.ws/savepalestinenow/israelmilitaryorders/fulltext/mo0783.htm
[4] Text of Israeli MIlitray Order No. 892 of 1981
http://www.geocities.ws/savepalestinenow/israelmilitaryorders/fulltext/mo0892.htm
[5] تبلغ المساحة التي سوف يقضمها الجدار حال الانتهاء من بناءه في الضفة الغربية المحتلة 705 كم مربع, 12.4% من مساحة الضفة الغربية الكلية (5661 كم مربع)
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)