أقدمت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، على طرد بعثة التواجد الدولي المؤقت (TIPH) التي كانت تراقب وضع حقوق الإنسان في البلدة القديمة من مدينة الخليل منذ العام 1994.
فقد صدرت أولى التصريحات الرسمية بطرد أفراد البعثة، بتاريخ 28/1/2019، عبر تغريدة أطلقها رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي ” بنيامين نتنياهو” في موقع ” تويتر” مفادها بأنه اتخذ قراراً بعدم التمديد للبعثة الدولية في الخليل، وبرر قراره هذا بأن ” …إسرائيل لن تسمح باستمرار وجود قوة دولية تعمل ضدنا”.
وكانت بعثة التواجد الدولي قد باشرت عملها في 8 أيار 1994، في أعقاب المجزرة التي إرتكبها المستوطن ” باروخ غولدشتاين” في الحرم الإبراهيمي، في صلاة الفجر من شهر رمضان الموافق 25/2/1994 وراح ضحيتها نحو ( 30 ) شهيداً وعشرات الجرحى، وعلى إثر تلك المجزرة أصدر مجلس الأمن الدولي قرار رقم ( 904) أدان فيه المجزرة وطالب باتخاذ إجراءات لحماية أبناء الشعب الفلسطيني.
وتتألف البعثة من ( 80 عضواً) من 6 دول هي ( النرويج، السويد، سويسرا، ايطاليا، تركيا، الدنمارك) وأعضاء هذه البعثة هم أشخاص مدنيون، يتم التمديد ببقاءهم في المدينة كل ستة أشهر، وتتلخص مهمتهم في مراقبة وتصوير وتدوين الحوادث التي يرتكبها الطرفان ( الإسرائيلي والفلسطيني) وبعبارة أخرى مراقبة انتهاك حقوق الإنسان في الخليل، حيث يعمل أفراد البعثة الدولية على توثيق انتهاكات الاحتلال والمستعمرين للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ورفع تلك التقارير للدول المشاركة شهرياً، وإصدار تقرير دوري كل ثلاثة شهور وإرساله للدول المشاركة ، كما أصدرت البعثة مؤخراً تقريراً بمناسبة مرور 25 عاماً على عملهم في مراقبة واقع حقوق الإنسان في البلدة القديمة من الخليل.
ويتركز عمل وتواجد أعضاء البعثة في البلدة القديمة من الخليل، وخاصة تلك المناطق التي تشهد اعتداءات من قبل جنود الاحتلال والمستعمرين المقيمين في البلدة القديمة، مثل تل الرميدة وجبل جوهر وشارع الشهداء ومنطقة طارق بن زياد، وفي المناطق التي تشهد نشاطات استيطانية لتعزيز الاستيطان في الخليل.
كما لم يرق لسلطات الاحتلال تواجد البعثة في الخليل، فقد اشتكت حكومة الاحتلال من تواجدهم أكثر من مرة ، بدعوى أن التقارير التي يصدرونها تنحاز للطرف الفلسطيني، مع العلم أن التقارير التي تصدرها البعثة يتم مشاركتها مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
كما تعرض أفراد البعثة لاعتداءات من قبل المستعمرين، وقد سجلت في إحدى المرات إعتداء أحد المستعمرين على أحد الأفراد بحجر في رأسه.
وفي ظل الظروف التي يعيشها المواطنون في البلدة القديمة من الخليل والأحياء المجاورة لها، وتصاعد اعتداءات المستعمرين عليهم، ولصعوبة وصول وسائل الإعلام الى المنطقة، بات المواطنون ينظرون لأعضاء البعثة الدولية بأنهم الشاهد الوحيد على انتهاكات الاحتلال، والصوت الذي ينقل معاناتهم للعالم الخارجي.
وبعد أن قامت حكومة الاحتلال بطرد أفراد البعثة، خرج المستعمرون المقيمون في البؤر الاستعمارية بالبلدة القديمة بمسيرات وهتافات الفرح وتوزيع الحلوى على بعضهم البعض، إحتفاءا بهذه الخطوة، حيث غاب الرقيب عن مراقبة وتسجيل اعتداءاتهم على المواطنين القاطنين في الخليل القديمة.
ويخشى المواطنون من تصاعد الاعتداءات عليهم بعد أن غادر أفراد البعثة المدينة، وباتوا يبحثون على سبل أخرى لمراقبة انتهاكات المستعمرين وجنود الاحتلال، ومحاولة بث الطمأنينة في صفوف المواطنين و طلبة المدارس في البلدة القديمة.
ومن هذا المنطلق شكلت مجموعات شبابية من النشطاء والأهالي فريقا لمرافقة ومتابعة طلبة المدارس في البلدة القديمة، حيث يساعد تواجد هؤلاء الأفراد على كسر حاجز الخوف لدى الطلبة والمواطنين، ولمراقبة وتوثيق اعتداءات الاحتلال والمستعمرين في البلدة القديمة والمناطق الحساسة، لكن المستعمرون واجهوا المجموعات الشبابية بالاعتداء عليهم بالضرب، وتوجيه الشتائم والهتافات العنصرية والعبارات النابية لهم.
اعداد: