خيّم الحزن الشديد بلدة بديا بمحافظة سلفيت في أعقاب استشهاد المواطنة عائشة محمد الرابي (45 عاماً)، جراء إصابتها بحجر ألقاه المستعمرين صوب مركبة زوجها يعقوب الرابي (52 عاماً) أثناء عودتهما من زيارة ابنتهما في مدينة الخليل عند حوالي الساعة التاسعة والنصف مساء يوم الجمعة 12 من شهر تشرين أول 2018م.
فعلى جنبات الطريق حيث اعتاد مجموعة مرتزقة من المستعمرين بالقرب من مستعمرة "راحيل" القريبة من حاجز زعترة في محافظة نابلس، على افتعال أعمال الشغب واعاثة الخوف والرعب للفلسطينيين الذي يمرون عبر الطرق الالتفافية تحت حراسة ودعم من جيش الاحتلال الإسرائيلي، ففي مساء يوم الجمعة هاجم المستعمرون المركبات الفلسطينية المارة التي كانت تعبر الطريق الالتفافي رقم 60 الرابط بين محافظتي نابلس ورام الله لتكون عائشة محمد الرابي ضحية جديدة لجرائم هؤلاء المستعمرين.
زوج الشهيدة، يعقوب الرابي (52 عاماً) أفاد لباحث مركز أبحاث الأراضي بالتالي:
((كانت زوجتي عائشة في زيارة لابنتنا بمدينة الخليل لمدة يومين، ذهبت لإحضارها، وأثناء مرورنا بالقرب من مستعمرة "رحاليم" قبل حاجز زعترة، تفاجئت بمجموعة كبيرة من المستعمرين على طرف الطريق يقومون بأعمال عربدة، حاولت الابتعاد عنهم قليلاً حيث ألقى احد المستعمرين حجر كبير أصاب مقدمة الزجاج الأمامي واخترقه وأصاب رأس زوجتي، لم أعرف أنه أصابها في البداية لأنها لم تصرخ ولم تصدر حتى مجرد صوت واحد، نظرت إليها ووجدتها قد فارقت الحياة على الفور، كان رأسها مليء بالدماء التي سالت على وجهها، بدأت ابنتي الصغيرة راما التي كانت ترافق أمها في زيارة للخليل بالصراخ، اجتزت حاجزة زعترة بسرعة كبيرة، وصلت مركز ابن سينا الطبي في بلدة حوارة، وهناك قالوا لي إنها وصلت شهيدة)).
ابنة الشهيدة الصغرى راما (9 سنوات) التي كانت مع والديها خلال تعرضهم للاعتداء الإجرامي، أصيبت بصدمة نفسية كبيرة مما أدى الى فقدانها للنطق لفترة مؤقتة، وما زالت حتى الآن تعاني وقع الصدمة ولا تستوعب ما جرى، فقد فقدت الأم التي كانت تحنو على كل واحد في المنزل فكانت الأم والأخت والجارة بالنسبة لبناتها، وهنّ: أنسام، وسام، لميس، ربى. وسلام التي كان من المقرر زفافها بعد أسبوعين إضافة إلى الطفلة راما، ومحمد الذي يدرس الهندسة في الأردن، وأحمد في الصف العاشر.
وقبل 19 عاماً، استشهد شقيق عائشة، الشاب فوزات محمد بولاد، عند حاجز "عسكر" والذي كان يقام بالقرب من قرية خربثا بني حارث غرب رام الله، قبل زفافه بساعات أثناء توجهه لمدينة رام الله لإتمام الاستعدادات. واليوم والدة عائشة تبكي ابنتها وابنها اللذين استشهدا على حواجز الموت في الضفة الغربية، والاثنين معاً كانا يجهزان لحفلات زفاف، فشقيق عائشة يجهز لزفافه وعائشة تجهز لزفاف ابنتها، إلا أن الاحتلال ينغص حياة الفلسطينيين في أفراحهم وفي حياتهم اليومية.
يذكر أن أعمال العربدة والتخريب التي يفتعلها المستعمرون في الضفة الغربية سواء في الأرياف الفلسطينية وحتى على الطرقات الرئيسية الرابطة بين المدن الفلسطينية على أرض الواقع تلقى من تحت الكواليس الدعم والمؤازرة من قبل جيش الاحتلال، فعلى الرغم من حجم الشكاوى التي قدمت من قبل المتضررين الفلسطينيين ضد اعتداءات المستعمرين الى الجهات القانونية الاسرائيلية، فانه حتى هذه اللحظة لا توجد شكوى واحدة أخذت على محمل الجد وتم متابعتها قضائياً بالشكل الأمثل، حيث يقوم الاحتلال بالاستهتار بالأمر بل ويبتدع فرضيات تؤول في نهاية المطاف الى ضياع الحق الفلسطيني.
ونستحضر هنا الشهيد أبو خضير الذي حرق وهو حياً على يد عصابة من المستعمرين بطريقة بشعة يندى لها الجبين في مدينة القدس، وقد تم إصدار قرار من المحكمة العليا حكماً ببراءة المستعمر بحجة انه مختل عقلياً، لسان هذا الحال يعكس واقع عائلة الدوابشة التي أحرقها المستعمرون وهم نيام في منزلهم والذي أدى إلى استشهاد الأب والأم والأخ الأصغر بدم بارد، وما زالت القضية تتابع في المحاكم دون أي حل جذري إلى اليوم.
في الوقت الذي يقوم المستعمرون بأبشع الجرائم ضد الإنسان الفلسطيني والأرض والشجر وكل ما هو فلسطيني دون أي رادع، يلاحق الاحتلال الفلسطينيين وتحت ذريعة الأمن يقتل الفلسطيني دون تردد و/أو يعتقله لسنوات طويلة ويهدم مسكن أسرته، فمنذ بداية العام الحالي 2018م هدم الاحتلال 13 مسكناً ومنشأة [1]بذريعة الأمن تعود لأسر شهداء وأسرى.