بعد قيام إسرائيل باحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 قامت بفرض الحكم العسكري عليها ولم تقم فرض قيود على حركة المواطنين الفلسطينيين في التنقل بين الضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948. بل اعتمد سياسية الحدود المفتوحة بين المناطق واستمر هذا الامر لغاية العام 1987 وبعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى قامت قوات الاحتلال بفرض قيود ووضع إجراءات للحد من تنقل الفلسطينيين بين الضفة الغربية وقطاع غزة حيث أصدرت قوات الاحتلال ما يسمى الهوية الخضراء لكل مواطن تم سجنه في الانتفاضة وبعد ذلك طالبت المواطنين الفلسطينيين من قطاع غزة باستصدار بطاقات ممغنطة كشرط أساسي للدخول الى الأراضي المحتلة عام 1948.
وفي العام 1991 قامت قوات الاحتلال بفرض قيود وإجراءات على دخول الفلسطينيين للقدس الشرقية، والأراضي المحتلة عام 1948 وفي العام 1996 قامت بفرض قيود على دخول العمال الفلسطينيين الى المستعمرات الإسرائيلية غير شرعية والمقامة على أراضي الضفة الغربية. في العام 2000 وبعد فشل المفاوضات في كامب ديفيد اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية وقامت إسرائيل باجتياح كامل للضفة الغربية وفرض حصار وطوق أمنى شامل ومشدد عليها ومنعت الفلسطينيين من التنقل بين مدن الصفة الغربية، ومنعت الدخول الى القدس الشرقية والأراضي المحتلة عام 1948 الا من خلال تصاريح خاصة. وفي العام 2002 وعندما شرعت قوات الاحتلال ببناء جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية تم فرض قيود على حركة المواطنين الفلسطينيين المقيمين في المناطق المعزولة خلف الجدار وتقييد حركتهم من خلال بوابات خاصة ومنح تصاريح لهم للمرور من خلالها بأوقات محددة فقط.
الية التقدم بطلب تصريح
من الناحية الفنية، فإن نظام التصاريح المعمول به يتمتع بنوع من البيروقراطية، حيث تم الاتفاق عليه في المادة 1 من في اتفاقية أوسلو المؤقتة التي تم نتوقيها عام 1995 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل. وتنص الادة 1 انه يتوجب على الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية التقدم بطلبات للحصول على تصاريح إلى مكتب الارتباط المدني الفلسطيني المحلي، ثم يقوم الارتباط المدني الفلسطيني بالاتصال مع مكاتب الإدارة المدنية الإسرائيلية لمتابعة هذا الطلب.
أنواع التصاريح
تشر الدراسات والمعلومات التي تم جمعها من خلال العديد من الجهات ومن بينها مركز بديل ان هناك حوالي 102 نوع من التصاريح التي تصدرها الإدارة المدنية منها ما هو خاص للتنقل بين الضفة الغربية وبين القدس الشرقية والمناطق المحتلة عام 1948، تصاريح خاصة بحركة المواطنين الفلسطينيين المقيمين في المناطق المعزولة خلف الجدار في الضفة الغربية، تصاريح للتنقل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، تصاريح للسفر عبر للخارج وغير من التصاريح.
- تصاريح الدخول للعمل في القدس الشرقية والمناطق المحتلة عام 1948
وفقا لإحصائيات الهيئة العامة للشؤون المدنية فانه هناك اكتر من 42 حاجة او سبب يستطيع المواطن الفلسطيني التقدم من خلال لطلب تصريح من الإدارة المدنية وبطبيعة الحال هذا لا يعني بالطبع حصوله على الموافقة لهذا الطلب. وتعتبر الطلبات المقدمة للحصول على تصاريح من اجل الدخول للعمل في القدس الشرقية والمناطق المحتلة عام 1948 بالإضافة الى تصاريح العمل في المستعمرات الإسرائيلية غير شرعية والمقامة على أراضي الضفة الغربية النسبة الأكبر من بين الطلبات المقدمة للحصول على تصاريح بكافة انواعها.
وفي إحصائيات الهيئة العامة للشؤون المدنية الفلسطينية للأعوام (2016 -2017) تم تقديم حوالي 647,682 طلب تصريح للعمل في القدس والأراضي المحتلة عام 1948 لم يتم الموافقة الا على 514,145 وتم رفض 133,537 طلبا. وهذه الطلبات لا تشمل طلبات التصاريح للعمل في المستعمرات الإسرائيلية المقامة في الضفة الغربية. وهذه الأرقام لا تشمل تصاريح العمل في المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
اما فيما يختص بطلبات التصاريح لأغراض العلاج بمستشفيات القدس قد بلغ عدد الطلبات المقدمة في العام 2016 حوالي 187,709 تم اصدار 153,241 تصريحا في حين تم رفض 34,468 طلبا. بالنسبة للعدد تصاريح البحث عن عمل الموافق عليها للعام نفسه حيث يتم منح مقدم الطلب تصريحا لدخول القدس والأراضي المحتلة عام 1948 لمدة أسبوع للبحث عن عمل فقد بلغ 105,012 تصريحاً.
- التصاريح الخاصة بالمناطق المعزولة خلف جدار الفصل العنصري
تبلغ مساحة الأراضي الواقعة خلف جدار الفصل العنصري حوالي 700,000 دونم أي ما يعادا 12.5% من مساحة الضفة الغربية ولا يسمح للمواطنين للفلسطينيين في هذه المناطق بالدخول والخروج الا من خلال تصاريح معينة تمنح لهم، ووفقا لمركز الدفاع عن الفرد يوجد هناك 13 نوع من التصاريح الخاصة بالمنطقة المعزولة خلف جدار الفصل العنصري منها تصريح مؤقت للزراعة، وتصريح عمل، وتصريح معلم، وتصريح طالب، وتصريح طفل قاصر وغيرها من التصاريح. حيث يتنقل المواطنين من خلال بوابات على جدار موجودة على جدار الفصل العنصري تفتح وتغلق وفق مواعيد محددة مسبقا من قبل جيش الاحتلال ولساعات معدودة كل يوم لبعض البوابات، وبوابات أخرى تفتح فقط فب المواسم الزراعية.
- تصاريح قطاع غزة
تبلغ مساحة قطاع غزة حوالي 362 كم2 ويبلغ عدد سكان القطاع حسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للعام 2017 حوالي 1.94 مليون نسمة. حيث تبلغ الكثافة السكانية 5,370 مواطن لكل 1 كم2 وهي كثافة عالية جدا. وكما هو معروف للجميع فان قطاع غزة محاصر بشكل كامل حيث يوجد فقط 6 معابر للخروج من غزة باتجاه الأراضي المحتلة عام 1948 منها ما يستخدم لإدخال البضائع واخر لاستخدام المواطنين الفلسطينيين وموظفي المؤسسات الدولية والأمم المتحدة. بالإضافة لمعبر رفح مع الحدود المصرية.
بالنسبة للخروج من قطاع غزة باتجاه الأراضي المحتلة عام 1948 فان امر معقد وصعب بالرغم انه يوجد هناك حوالي 25 نوع من التصاريح التي تمنحها الإدارة المدنية للمواطنين الفلسطينيين للخروج من القطاع الا ان إجراءات الحصول على هذه التصاريح تخضع لفحص أمنى إسرائيلي مشدد الامر الذي تصبح فيه الموافقة على هذا الطلب شبه مستحيلة ومرفوضة في معظم الأحيان. ووفقا لإحصائيات الهيئة العامة للشؤون المدنية الفلسطينية للعام 2016 فقد تم تقديم 60,242 طلب للحصول على تصاريح بكافة أنواعها للخروج من قطاع غزة لم يتم الموافقة الا على 24,272 طلبا.
وعلى سبيل المثال لا للحصر تم تقديم 31,842 طلبا لتصاريح خاصة بالتجارة لم يتم الموافقة الا على 13,252 طلبا، وذلك حسب إحصائيات الهيئة العامة للشؤون المدنية الفلسطينية للعام 2016. ويوجد نوع اخر للتصاريح الخاصة بالمواطنين من قطاع غزة وهو تصريح الإقامة في الضفة الغربية
وهو تصريح جديد أصدرته إسرائيل للسماح للسكان الفلسطينيين في غزة بالبقاء في الضفة الغربية مؤقتا. والحصول على مثل هذا التصريح عملية ليست سهلة وليس كل المواطنين يستطيعون التقدم بطلب للحصول على تصريح إقامة من هذا القبيل. ومن الجدير بالذكر أن هذ النوع من التصاريح لم يكن موجود قبل عام 2007. حيث كان هناك تصريح دخول يسمح لسكان قطاع غزة بالوصول إلى إسرائيل أو المرور عبرها إلى الضفة الغربية لأغراض النقل والشحن التجاري.
ظاهرة الوساطة
كما ذكرنا سابقا يوجد هناك الية محددة ومتفق عليها بين الجانبيين لتقديم طلبات التصاريح. ويتم إصدار جميع أنواع التصاريح المذكورة أعاله مجانا، باستثناء تصاريح العمل التي يتم إصدارها لأغراض العمل سواء كان عمل عادي، او زراعي او تجاري. حيث اصدار هذا النوع من التصاريح يكلف مبلغا من المال يتقاضاه مكتب العمل الإسرائيلي من صاحب العمل الإسرائيلي (المشغل الإسرائيلي) الذي بدوره يتم خصمه من العامل الفلسطيني مقابل حصول الاخر على تعويض نهاية الخدمة بالإضافة الى تأمين صحي. واستنادا إلى آخر الإحصاءات، فقد بلغ عدد العمال الفلسطينيين في القدس والأراضي المحتلة عام 1948 والمستعمرات الإسرائيلية المقامة على أراضي الضفة الغربية حتى الربع الثالث من عام 2017 حوالي 128,700 عامل. منهم 69,600 عاملا يمتلكون تصاريح للعمل،43,500 عامل يعملون بدون تصريح في حين كان هناك 15,500 يحملون وثائق إسرائيلية أو جوازات سفر أجنبية (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2017)
مما تجدر الإشارة له ان جميع تصاريح العمل تصدر تحت اشراف مكتب العمل الإسرائيلي ويجب ان تسلم لمكتب العمل الفلسطيني بعد خصم الرسوم الضريبة عليها، ووفقا لقانون العمل الإسرائيلي يمنع بيع تصاريح العمل، ولا يسمح لصاحب العمل (المشغل الإسرائيلي) بتداول وبيع تصاريح عمل للعمال الفلسطينيين، الا انه في السنوات الأخيرة ظهرت ظاهرة الوساطة وهي قيام طرف إسرائيلي ثالث بتقديم طلبات للحصول على تصريح عمل بعد دفع الرسوم المطلوبة لمكتب العمل الإسرائيلي ثم يقوم ببيعها لشريك فلسطيني الذي بدوره يقوم ببيعها للعمال الفلسطينيين مقابل مبلغ كبير من المال ويختلف تكاليف التصاريح من مقاول (سمسار) الى اخر حسب نوع التصاريح ومدته، بالإضافة الى مناطق العمل وساعات العمل المسموح بها. وفي كتير من الأحيان يلجا العمال الفلسطينيين لتعامل مع هؤلاء السماسرة عندما يكونوا بحاجة ماسة للعمل ولا يجدون مشغل إسرائيلي مرخص وتتراوح تكاليف هذه التصاريح بين 1,800 – 2,500 شيكل شهريا لكل تصريح. اما بالنسبة لتصاريح العمل في المستعمرات الإسرائيلية المقامة على أراضي الضفة الغربية فيتراوح ثمن التصريح بين 1,250 – 1,500 شيكل. وبالرغم من ان طريق بيع هذه التصاريح غير قانونية الا ان هذه التصاريح قانونية لأنها صادرة عن مكتب العمل الإسرائيلي وتخول حاملها بالدخول والعمل في القدس والمناطق المحتلة عام 1948.
في الواقع إن نظام التصاريح المعمول به كان ولا يزال هدفه التحكم والسيطرة على حرية حركة وتنقل الفلسطينيين، وما وجد من انواع وتصنيفات مختلفة من التصاريح والتي تقييد حركة الفلسطينيين بناء على نوع التصريح الممنوح للحركة بين الضفة الغربية من جهة والقدس والاراضي المحتلة عام 1948 من جهة اخري ما هو الا دليل على هذا الامر فهي تمس الاحتياجات اليومية للمواطنين الفلسطينيين من صحة وعمل وتعليم وغيرها من نواحي الحياة، ولا ننسى الذل والاذلال الذي يعانيه المواطن الفلسطيني من اجراءات وممارسات على الحواجز العسكرية ونقاط العبور، بالإضافة الى المشقة والوقت الذي يمضيه العامل الفلسطيني على نقاط وحواجز التفتيش الاسرائيلية الذي قد يصل احيانا الى ساعات وخصوصا في ساعات الصباح.
المراجع
- معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج)
- الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطينيين, 2016
- الهيئة العامة للشؤون المدنية الفلسطينية, 2016
-
مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان (OHCHR), 2016
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)