في ساعات ليل يوم الأربعاء الموافق 11 أيار 2016، اعتدت قوات من شرطة الاحتلال على مواطنين من بلدة سلوان أثناء تشييعهم لجنازة المرحومة " جميلة إبراهيم عاصي الأعور" في مقبرة باب الرحمة الملاصقة للسور الشرقي للمسجد الأقصى، وذلك بحجة أن قطعة الأرض التي سيتم الدفن فيها هي أرض مصادرة بحسب ذرائع شرطة الاحتلال.
وكانت قوات من شرطة الاحتلال قد وصلوا إلى باب مقبرة باب الرحمة من مدخلها الجنوبي المطل على بلدة سلوان، وقام أفرادها بالانتشار في الموقع، وعندما وصلت الجنازة قام أفراد الشرطة بالاعتداء على المواطنين وإطلاق القنابل الصوتية باتجاههم، وأغلقت باب المقبرة ومنعت أغلب المشيعين من الدخول لمواراة المرحومة الثرى، وذلك بحجة أن القبر الذي سيتم الدفن فيه يقع في منطقة تعتبرها سلطات الاحتلال بأنها مصادرة، وبقي جسد المتوفية في النعش لمدة نصف ساعة لغاية أن تأكد ضابط شرطة الاحتلال من أن القبر لا يقع ضمن المنطقة المصادرة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تهاجم شرطة الاحتلال جنازة أهالي سلوان الذين يدفنون موتاهم في تلك المنطقة منذ مئات السنين، فقد قامت الشرطة بمنع دفن موتى في قبور جديدة وحتى قديمة في تلك المنطقة، كما وتمنع أي عملية ترميم للقبور بعد أن أعلنت أن تلك المنطقة بأنها مصادرة.
وكانت ما تسمى بسلطة الطبيعة الإسرائيلية قد اقتحمت في شهر آب 2015 الماضي المقبرة بهدف وضع اليد على قطعة أرض من المقبرة تبلغ مساحتها 7 دونم من أجل مصادرتها لصالح الخطط التهويدية التي تتمثل بما يُسمى بالحدائق التوراتية، وقامت بوضع علامات محيطة بالقطعة لتحديدها.
وتعود قضية هذا الجزء من مقبرة باب الرحمة الإسلامية إلى العام 1995م عندما أعلنت لجنة ما تُسمى بلجنة حماية الآثار في جبل الهيكل أن هذه الأرض تعود ملكيتها لصندوق "هعوقل" وهو صندوق يهودي يزعم أن كل ما هو حول المسجد الأقصى وأسفله عبارة عن آثار يهودية للهيكل المزعوم.
وفي عام 2004 قام عراب الاستيطان "آرييه كينغ" مع عدة جمعيات استيطانية بتقديم شكوى ضد شرطة الاحتلال وسلطة الآثار ورئيس الحكومة وسلطة الطبيعة الاسرائيلية لسماحهم للمُسلمين بدفن موتاهم في قطعة الأرض، مُطالباً إياهم بمنع بناء او استخدام تلك القطعة مُطلقاً، وعلى أثرها، فقد صدر قرار من محكمة الاحتلال يفيد بأن دولة الاحتلال ستقوم بمنع اي تغيير بقطعة الأرض وستمنع بناء قبور جديدة عليها، وأيضاً ستمنع الدفن فيها بتاتاً حتى وإن كان في قبور قديمة، إضافة إلى أنها ستهدم القبور الجديدة غير المُستخدمة والتي يقدر عددها بحوالي 30 قبر.
هذا وسبق ان منعت الشرطة الإسرائيلية المواطنين من استعمال مساحة من المقبرة لدفن موتاهم كالعادة جنوب شرق مقبرة باب الرحمة.
إن بلدية القدس تدعي مصادرة المقبرة لصالح دائرة الحدائق والتي تحاول تطبيق مخطط من شأنه إذا استمر ان يصادر معظم الأراضي الواقعة في محيط سور القدس من الخارج من اجل تحويلها إلى بساتين وحدائق عامة.
وعلية قامت الأوقاف الإسلامية برفع دعوى قضائية توجهت من خلالها إلى المحكمة العليا تطلب إيقاف كل الأعمال داخل المقبرة إلى حين صدر قرار بشأنها، كما منعت المحكمة من جميع الجهات بما فيها البلدية و دائرة الحدائق وحتى المقدسيين الذين لديهم الحق بدفن أمواتهم من إحداث أي تغيير داخل المقبرة.
و حول أحقية المقدسيين الفلسطينيين فإن هناك خرائط رسمية, وهذه المقبرة مسجلة رسمياً في دائرة الطابو وهي تشمل جميع المساحة المصورة، أما الحدود الرسمية للمقبرة فهي: يحدها شمالاً باب الأسباط وارض الحسيني والأنصاري و سور القدس الذي يحتوي على باب الرحمة الى الطرف من الجهة الغربية, والشارع السالك المؤدي الى باب المغاربة من الجهة الجنوبية و هو أيضاً يحيط به من الشرق.
يرى مركز أبحاث الأراضي في هذا الانتهاك الخطير لمقبرة عربية إسلامية وتاريخية, يعد مساسا بحرمة الأموات, و تعديا على كرامة ذويهم. مقبرة باب الرحمة هي مقبرة إسلامية يعود عمرها الى 1400 سنة مضت، هذه المقبرة تاريخيا كانت إسلامية وستبقى كذلك بإذن واحد احد. هذه المقبرة عمرها 1400 عام, ودليلنا على ذلك هو أضرحة الصحابة الأبرار أمثال عبادة بن الصامت و شداد بن اوس رضي الله عنهما, واللذان عايشا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم – هذا ما قاله المقدسي مصطفى توفيق أبو زهرة الذي كان مسؤول لجنة المقابر في القدس في عام 2008 عندما اعتدت قوات الاحتلال على قبرين في تموز 2008م.
هذا وكان مركز أبحاث الأراضي اعد تقريراً في عام 2015 بعد ان اعتدى الاحتلال على المقبرة للمزيد راجع التقرير بعنوان (سلطة الطبيعة التابعة للاحتلال الإسرائيلي تقوم بنصب سكك حديدية وأعمدة وأسلاك داخل مقبرة باب الرحمة الإسلامية لأهداف تهويدية).