لصالح المشاريع الاستعمارية الإسرائيلية يهدم الاحتلال الإسرائيلي البناء الفلسطيني بأشكاله، فهو يلاحق الفلسطينيين أينما وجدوا في المناطق المصنفة "ج"، حيث يعتبرها مخزون استيطاني حلالاً للمستعمرين وحرام على أصحابها الفلسطينيين، الاحتلال يطبق عنصريته هذه على أهالي القدس الذين يعيشون واقع أليم غارقون فيه بالغرامات المالية والضرائب إضافة إلى هدم مساكنهم ومنشآتهم صغيرة كانت أم كبيرة.
ففي صباح يوم الأربعاء الموافق 18 أيار 2016م هدمت بلدية الاحتلال مسكناً يقع في بلدة شعفاط شارع الرحمة، وذلك من أجل شق الشارع الاستيطاني الذي يحمل رقم 20 والذي يمر من أراضي شعفاط وبيت حنينا، ويربط بين مستوطنتي ( راموت وبسجات زئيف)، ويعود المسكن الذي تبلغ مساحته 150 مترمربع إلى المواطن راجح محمد صالح هوارين الذي كان يسكنه مع زوجته وأبناءه الخمسة، وبينهم قاصر أقل من 18 عام.
وأفاد المواطن راجح هوارين لباحث مركز أبحاث الأراضي :
قمت ببناء هذا المسكن في العام 2001، بعد أن قامت جرافات بلدية الاحتلال بهدم مسكني الذي كان قيد الإنشاء والذي كنت قد بنيته في منطقة تل الفول في بيت حنينا بحجة عدم الترخيص، فشرعت بعدها فوراً ببناء مسكني على قطعة الأرض التي كنت قد اشتريتها أنا وجيراني من مالكها الأصلي، وكنت قد استوضحت من خلال مكاتب بلدية الاحتلال عن تصنيف قطعة الأرض بحسب سجلاتهم، فأخبروني أنها أرض خضراء، أي يسمح البناء عليها، فقمت ببناء المسكن قبل أن أتقدم لرخصة بناء كوني كنت اريد أن أجد مسكن يأوي عائلتي قبل كل شيء، ومن ثم سأقوم بمتابعة إجراءات ترخيص للمسكن، وبعد الانتهاء من بناء المسكن تقدمت بطلب لبلدية الاحتلال من خلال المهندس "أكرم يغمور"، حيث قدم المخطط التفصيلي للبناء القائم ولقطعة الأرض القائم عليها، وكل شيء كان يسير بشكل جيد.
يضيف قائلاً
وفي عام 2002، أي بعد الانتهاء من بناء المسكن والتقدم للحصول على ترخيص للبناء، أبلغت بلدية الاحتلال مكتب المهندس "أكرم يغمور " أنها قامت بإلغاء ملف ترخيص المنزل، بحجة أنها ستقوم بإعادة تقسيم المنطقة من جديد، ومنذ ذلك الوقت لغاية العام 2012 لم نتسلم أي قرار أو إخطار من بلدية الاحتلال ولا غيرها.
وفي عام 2012، تسلمت أول إخطار من بلدية الاحتلال يقضي بهدم المسكن بحجة الإقامة في بناء غير مرخص، بالإضافة إلى أنه سيتم شق شارع استيطاني سيمر من مكان المسكن. فقمت بتوكيل المحامي سامي إرشيد لمتابعة الملف في محكمة بلدية احتلال القدس. وبعد ذلك بعام واحد، بدأت جرافات وآليات الاحتلال العمل في شق الشارع رقم 20 باتجاهنا.
يضيف قائلاً:
وفي تاريخ 16 كانون ثاني 2016 حضرت قوات كبيرة من شرطة الاحتلال ترافقهم جرافة، حيث شرعت بهدم مسكن عائلة المواطنة كفاية الرشق وعائلتها التي تقيم المسكن المقابل لمسكننا ولا يبعد عنه سوى 3 أمتار، لكن بعد أن شاهدنا كيف تعامل أفراد شرطة الاحتلال مع عائلة الرشق وكيف قاموا بالاعتداء عليهم، قمنا بإخلاء المسكن، وقمنا بنقل الفرش منه وتفريغه تحسباً لهدمه بأي لحظة، خاصة وأن ضابط الاحتلال ومسؤول في بلدية الإحتلال أخبروني أنهم ينوون هدم مسكني.
بعد ذلك عقدت محكمة الاحتلال جلسة في 10 شباط 2016، حيث أصدرت المحكمة قراراً يقضي بأن نقوم بإخلاء المسكن في نهاية 30 نيسان 2016، من أجل استكمال شق الشارع 20 الذي كان حينها قد توقف العمل به أمام مسكني مباشرة، وفي اليوم التالي للقرار أي بتاريخ 11 شباط 2016، تقدم المتعهد المسؤول عن تنفيذ الشارع بطلب إلى المحكمة يطالبهم بتقديم الموعد النهائي للهدم من أجل تسريع عملية هدم المسكن، وعلى أثر ذلك إستجاب قاضي المحكمة للطلب وقام بتعيين تاريخ 18 شباط 2016 موعداً نهائياً لهدم المسكن. وفي صباح اليوم الموافق 18 أيار 2016، وعند الساعة 05:30 فجراً، حضرت قوات كبيرة من شرطة الاحتلال وحاصرت المسكن وأغلقت المداخل المؤدية إليه من جميع الجهات، وكان برفقتهم جرافة جنزير، حيث شرعت الجرافة بهدم المسكن بشكل كامل، وقد استمر الهدم من الساعة 05:30 فجراً لغاية الساعة 07:15 دقيقة صباحاً.
صورة 1: المسكن قبل الهدم
الصور 2-4: مشاهد من عملية الهدم
الصور 5+ 6: شارع رقم 20 الاحتلالي الذي يجري إنشائه على حساب الأرض ومساكن الفلسطينيين
إن ما قامت به سلطات الاحتلال الإسرائيلي بعملية الهدم هذه والتي أدت إلى تهجير أفراد العائلة، يأتي ضمن انتهاكات للقانون الدولي والإنساني، وانتهاك حق من حقوق المواطنين الفلسطينيين الذي كفله القانون الدولي والمعاهدات الدولية وهو الحق في سكن ملائم، ضمن المواد التالية :
1_ المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة والتي تنص على أن 'تدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية.' تعتبر مخالفات جسيمة للاتفاقية .'.
2_ المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1948 تحرم تدمير الممتلكات، حيث تنص هذه المادة على ما يلي: 'يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات، أو بالدولة أو السلطات العامة، أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتماً هذا التدمير.
3_المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة تنص على أنه : 'لا يجوز معاقبة أي شخص محمي عن مخالفة لم يقترفها هو شخصياً.
كما حذرت الفقرة 'ز' من المادة 23 من اتفاقية لاهاي لعام 1907م من تدمير " ممتلكات العدو أو حجزها، إلا إذا كانت ضرورات الحرب تقتضي حتما هذا التدمير أو الحجز .
المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المؤرخ في 10 كانون الأول 1948 تنص على انه " لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفا " .
الصورة رقم 7: صاحب المسكن راجح هوارين
اعداد: