مع أولى ساعات الفجر من يوم الاثنين الموافق 9 أيار 2016، اقتحم عشرات المستعمرين المتطرفين بحماية شرطة الاحتلال، عقاراً سكنياً يقع في حارة السعدية، إحدى الحارات الواقعة داخل أسوار البلدة القديمة، وذلك بذريعة أن العقار تعود ملكيته لهم.
العقار عبارة عن مبنى سكني مكون من ثلاثة طوابق، كل طابق تبلغ مساحته 60 مترمربع، ومُكون من عدد الغرف السكنية والتي تُطل نوافذها على أحياء البلدة القديمة والمسجد الأقصى، وكانت تسكن العقار عائلة اليوزباشي منذ عشرات السنوات، والتي كانت قد غادرت العقار قبل الاستيلاء عليه بفترة وجيزة، دون أن تعلن نيتها مغادرته لأهالي الحي.
وأفاد أهالي الحي لباحث مركز أبحاث الأراضي بالتالي: "عند ساعات الفجر، سمعنا أصوات وضجة في الحي، تبيين فيما بعد أنها أصوات لمستعمرين كانوا يتحدثون بصوت عالي، وعندما حاولنا معرفة ماذا يجري، أتضح لنا أنها عملية استيلاء على العقار الذي كانت تسكنه عائلة اليوزباشي، وكان برفقة المستعمرين عدد كبير من شرطة الاحتلال ومسلحون يتبعون لشركات الحراسة الإسرائيلية، الذين قاموا بتوفير الحماية للمستعمرين خلال اقتحامهم للعقار، وفور دخولهم للعقار من خلال فتح الباب الرئيسي بواسطة مفتاح، أقام المستعمرون صلوات تلمودية إبتهاجاً باستيلائهم عليه، واستمر تواجد شرطة الاحتلال في الحي لغاية ساعات الصباح، مع انتشار واسع لشركات الحراسة الإسرائيلية في الموقع وفي الحي."
وأضاف أحد سُكان الحارة والذي رفض أن يتم نشر إسمه : "إن عائلة اليوزباشي كانت تقيم في العقار منذ عشرات السنوات، وهي عائلة من أصول تركية، وأنها كانت قد غادرت العقار بكامل أفرادها دون أن تقول لأهل الحي أنها تنوي مغادرة العقار. ولكن مع استيلاء المستعمرين على العقار وهو خالي من سكانه بشكل مفاجئ، فهو يدل على أن هنالك عملية تسريب كانت قد جرت بين المالكين والجمعيات الاستيطانية، وهذه هي الحالة المتعارف عليها في معظم حالات تسريب العقارات، إذ يختفي المالك بشكل مفاجئ بعد أن يكون قد أتم عملية التسريب وتأمين خروجه من المنطقة وبعد أن يضمن أنه تلقى المبلغ الذي قد وافق عليه مقابل أن يقوم ببيع العقار لجمعيات الاحتلال الاستيطانية."
يذكر أن الجمعيات الاستيطانية التي تنشط في مدينة القدس المحتلة، تسعى منذ احتلال المدينة عام 1967 إلى الإستيلاء على أكبر عدد ممكن من العقارات داخل أسوار البلدة القديمة ومحيطها بشتى الطرق، متذرعة بعدة وسائل كي تستطيع من خلالها السيطرة على العقارات، ومن هذه الذرائع قانون أملاك الغائبين، وقانون الجيل الثالث، والوثائق التي تدعي من خلالها ملكية العقار للعائلات اليهودية قبل العام 1948 مستندة في ذلك إلى سجلات (حارس أملاك العدو )، والوقف اليهودي، وأيضاً من خلال شراء العقارات من سكانها عن طريق سماسرة يعملون مع تلك الجمعيات، حيث يقومون بإغراء المالكين بمبالغ مالية من أجل دفعهم للتنازل عن ممتلكاتهم لصالح تلك الجمعيات.
يرى مركز أبحاث الأراضي في هذه الأساليب التي تهدف إلى التحايل على القوانين لصالح الجمعيات الاستيطانية ما هي إلا أساليب غير قانونية وتعتبر لاغية حسب القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة والتي تعتبر أن القدس مدينة محتلة وأرض فلسطينية وأن البيع أو الشراء فيها من قبل مؤسسات الاحتلال حتى وان استوفت شروطها هي غير قانونية فلا يحق للمحتل إن يتملك في الأرض المحتلة وعلى أصحاب الأراضي والعقارات التمسك بحقهم ومقاضاة الجمعيات الاستيطانية مثل العاد وغيرها من الجمعيات الاستعمارية التي استولت على المساكن.
اعداد: