الاحتلال يطبق سياسة العقاب الجماعي على الفلسطينيين دون المستعمرين
في تمام الساعة الثانية عشر منتصف ليل الثلاثاء السادس من تشرين أول 2015م، اقتحمت أعداد كبيرة من شرطة الإحتلال حي أبو جمل الواقع في جبل المكبر وقامت بمحاصرة عائلة الشهيد غسان أبو جمل، حيث قامت بإخراجهم من مساكنهم بعد أن أحاطت المكان بأعداد كبيرة جداً من شرطة الاحتلال، وأجبرت جميع العائلات على مغادرة مساكنها تحت التهديد والصراخ بهم، وقامت بتجميعهم في منزل قريب من مساكنهم بطريقة مهينة.
وقام أفراد الشرطة باقتحام مساكن العائلة وقاموا بتدمير كل ما هو أمامهم، ولم يسلم منهم شيء يذك، حيث قاموا بتكسير الأبواب والنوافذ وتخريب فرش كل مسكن وتحطيم محتوياته .. ستة منازل تم الإعتداء عليها وتكسير محتوياتها بشكل كامل ومتعمد. كما قام أفراد شرطة الاحتلال بكتابة شعارات عنصرية على جدران المساكن ورسم نجمة داوود على الجدران.
ثم قامت وحدة المتفجيرات في شرطة الإحتلال بزرع المتفجرات داخل مسكن الشهيد غسان أبو جمل، وذلك بعد أن قامت بحفر ثقوب كبيرة في الجدران لزرع المتفجرات بداخلها، كانت قد وضعت علامات مكانهم في اقتحامات سابقة للمنزل. واستمرت تجهيزات تفجير المنزل عدة ساعات، والعائلات مُحاطة في غرفة واحدة تحت تهديد السلاح على مرأى عيون الأطفال والنساء.
وعند الساعة الخامسة فجراً، هز انفجار عنيف وقوي جبل المكبر بأسره، بسبب تفجير مسكن الشهيد غسان أبو جمل، أدت قوة التفجير إلى تدمير مسكن شقيقه معاوية أبو جمل بالكامل والمُلاصق لمسكن الشهيد غسان، وبهذا تكون قوات الاحتلال قد فجرت مسكنان للعائلة، على الرغم من أن قرار الهدم جاء لمسكن غسان وحده، لكن هذا يدل على مدى الحقد على العائلات جميعها، فقاموا بهدم مسكن شقيقه معاوية، كما تأثرت المساكن المُحيطة بقوة الانفجار، حيث تحطمت نوافذ المساكن المجاورة.
مشاهد من الدمار الذي أحدثته قوات الاحتلال بعد تفجير مساكن عائلة ابو جمل:
ثم انتقلت قوات الاحتلال إلى مسكن عائلة الشهيد محمد جعابيص، الواقع في حي جعابيص أيضاً في جبل المكبر، وقامت بإخلاء العائلات والاعتداء عليهم وتدمير ممتلكاتهم وسياراتهم وإطلاق القنابل الصوتية على المساكن المجاورة بشكل عشوائي. ثم قامت قوات الإحتلال بتجهيز مسكن الشهيد وزرع المتفجرات بداخله، وعند ساعات الفجر، قامت بتفجير المسكن مما أدى إلى إحداث أضرار كبيرة جداً بالمساكن المحيطة وخاصة مسكن شقيقه علي الذي يسكن تحته بطابق واحد.
وفي نفس التوقيت، حضرت قوات كبيرة جدا من شرطة الإحتلال (تم نقلها بالحافلات) إلى حي الثوري بهدف إغلاق غرفة الشهيد معتز حجازي الذي اغتيل العام الماضي بعد أن حاول تصفية الناشط الصهيوني المتطرف يهودا غليك والذي أصابه بجراح حرجة.
كما قام رئيس بلدية الإحتلال نير بركات بالحضور إلى حي الثوري في القدس المحتلة ليشرف شخصياً على عملية ضخ كميات كبيرة من الباطون إلى غرفة الشهيد معتز حجازي، وذلك تنفيذاً لقرار محكمة الاحتلال الصادر قبل عام، وقامت قوات الاحتلال بضخ كميات كبيرة من الباطون المسلح عبر نافذة الغرفة، وأحكمت إغلاق الغرفة من داخل المسكن ووضعت قرار الإغلاق على باب الغرفة.
قانون المحتل – عدواني عنصري:
"الاحتلال يطبق قانون هدم المساكن على الفلسطينيين دون المستعمرين كون ديانتهم يهودية، وهذا يثبت مدى العنصرية الصهيونية التي تنتهجها دولة الاحتلال في سياستها وتمييزها ضد الفلسطينيين."
إن قانون هدم المساكن لا يسري على المستعمر المغتصب لهذه الأرض، وإنما يطبق على الفلسطيني المالك الشرعي لها، فالمجرمين المستعمرين الذين قاموا بحرق عائلة دوابشة في بلدة دوما بنابس، وخطف وحرق الشهيد محمد أبو خضير في بلدة شعفاط بالقدس المحتلة، وقتلة الشهيد يوسف الرموني بالقدس المحتلة الذين قتلوه شنقاً وغيرهم ممن قاموا بتنفيذ أو شاركوا أو خططوا لاعتداءات أدت لاستشهاد فلسطينيين، بل وحالات الدهس المتعمدة والمتكررة والتي تتصاعد يوماً بعد يوم من قبل المستعمرين المتطرفين، والاعتداء على الأراضي والأشجار والمساكن الفلسطينية وحرقها، لم تراها حكومة الاحتلال، ولن يتم إصدار قانون بهدم مساكنهم، فالقانون لا يشملهم كون ديانتهم يهودية. وهذا بحد ذاته يثبت مدى العنصرية الصهيونية التي تنتهجها دولة الاحتلال في سياستها وتمييزها ضد الفلسطينيين، وحتى الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948م على الرغم من أنهم يحملون "المواطنة" الإسرائيلية، المواطنة التي كان يجب أن تعني المساواة تقابلها الدولة بالتمييز ضدهم، سواء باستهدافهم وقتلهم، وبتسريح عدد كبير منهم من أعمالهم، أو بسحب هوياتهم وإلغاء مواطنتهم، "دولة تتغنى بالديمقراطية، وتفوح منها رائحة العنصرية والكراهية".
إن سياسة العقاب الجماعي هي سياسة سلطات الاحتلال التي تتلذذ في تنفيذها وهي تهدم مسكناً فلسطينياً، أو تقمع عائلة من مسكنها وتشردها وتشتت شملها بتفريق أفرادها. هذه هي الهمجية التي تنتهجها قوات الاحتلال من أجل إرضاء اليمين المتطرف والمستعمرين المتطرفين الذين ينفذون أبشع الجرائم ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم … حيث سجل المستعمرون أسماءهم في الذاكرة السوداء لجرائم التاريخ التي يندى لها الجبين عند حرقهم عائلة دوابشة الفلسطينية في بلدة دوما بنابلس المحتلة في 31 تموز 2015م، والتي أودت بحياة الأم "رهام" والأب "سعد" وابنهما الطفل "علي"، وإصابة ابنهما احمد بجروح بالغة الذي لا زال يرقد في المشفى.
هذا ويرى مركز أبحاث الأراضي في عملية الهدم هذه وما سبقها من هدم مساكن عائلات أخرى في محافظات الضفة الغربية، بأنها مخالفة للقوانين والاتفاقيات الدولية، فاتفاقية جنيف الرابعة 1949: المــادة (33) تنص " لا يجوز معاقبة أي شخص محمي عن مخالفة لم يقترفها هو شخصيا، تحظر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير التهديد أو الإرهاب"، كذلك المادة (53) من اتفاقية جنيف الرابعة تنص: يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات، أو بالدولة أو السلطات العامة، أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتماً هذا التدمير.
اعداد: