خلال السنوات القليلة الماضية، ازدادت هجمات المستوطنين الإسرائيليين بحق المجتمع الفلسطيني بشكل ملحوظ وأصبحت تشكل تهديد مستمرا على حياة الفلسطينيين اليومية، وخاصة أن هذه الهجمات لم تقتصر على الأراضي والممتلكات فقط، بل طالت المدنيين الفلسطينيين تحت ستار ما يسمى سياسة "دفع الثمن". وتُظهر هذه السياسة الممنهجة اختيار المستوطنين الإسرائيليين لأساليب العنف لمواصلة هجماتهم ضد الفلسطينيين في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة في محاولة منهم للضغط على الحكومة الإسرائيلية لعدم تقديم أية تنازلات فيما يتعلق ببناء المستوطنات واقامة الجدار ومصادرة الأراضي الفلسطينية. كذلك, مع غياب الردع الإسرائيلي لاعتداءات المستوطنين، ازدادت هذه السياسة الاسرائيلية الممنهجة عاما بعد عام، وأصبحت مصدر قلق من أن تسيطر جماعات المستوطنين على سدة الحكم وبالتالي الضغط على الحكومة الإسرائيلية لفرض مزيد من الحقائق المريرة على الأرض الفلسطينية.
وفي تحليل لمعهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج) لانتهاكات المستوطنين الاسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة خلال الربع الرابع من العام 2014, سجل معهد الابحاث التطبيقية 217 انتهاكا تمت على ايدي المستوطنين خلال هذه الفترة واستهدفت المدنيين الفلسطينيين والاراضي والممتلكات وحتى القطاع الزراعي والبيئي وكبدت الفلسطينيين خسارات كبيرة في الارواح والممتلكات. الرسم البياني رقم 1 يبين الانتهاكات التي سجلها معهد أريج خلال الفترة السابقة الذكر:-
وتنوعت انتهاكات المستوطنين حيث شملت القاء الحجارة على المنازل والممتلكات, وعطب عجلات السيارات للعديد من الفلسطينيين وعمليات الدهس التي استهدفت طلاب المدارس اثناء ذهابهم الى المدارس أو عودتهم منها واغلاق الطرق ومداخل المدن والقرى هذا بالإضافة الى اشعال النيران بأماكن العبادة المسيحية (الاديرة والكنائس) والاسلامية (المساجد والمقامات الاسلامية) وومارسة الشعائر الدينية والقيام بالاعمال الاستفزازية والاعتداء على الثروة الحيوانية وتدمير المحاصيل الزراعية التي تعتبر مصدر رزق للعديد من العائلات الفلسطينية التي تعمل في قطاع الزراعة ناهيك عن استهداف الاشجار المثمرة.
كما شملت انتهاكات المستوطنين كتابة الشعارات المسيئة للإسلام والديانة المسيحية وللفلسطينيين والعرب بشكل عام والدعوة للانتقام منهم في محاولة منهم لبث الخوب والرعب في صفوف المواطنين الفلسطينيين هذا بالإضافة الى الاعتداء على المدنيين الفلسطينيين بالأيدي والآلات الحادة وتوجيه الشتائم لهم وتعرضهم لشتى أنواع الاذى. وتجدر الاشارة الى أن معظم انتهاكات المستوطنين تمت على ايدي المستوطنين القاطنين في المستوطنات الاسرائيلية القريبة من التجمعات العمرانية الفلسطينية . فيما يلي بعض الامثلة على هذه المستوطنات: مستوطنات بيتار عيليت وافرات ونيكوديم ونيفيه دانييل واليعيزر في محافظة بيت لحم; ومستوطنات كرمي تسور وسويا ومعون ونيجوهوت وكريات اربع وكفار تفوح في محافظة الخليل; ومستوطنات ايتمار ويتسهار وشيلو وبراخا والبؤرة الاستيطانية ايش كوديش في محافظة نابلس; ومستوطنتي مسكيوت وروعي في محافظة طوباس; ومستوطنات بيساغوت وبيت ايل وتلمون في محافظة رام الله ومستوطنة أريئيل في سلفيت. الرسم البياني رقم 2 يبين تفاوت الانتهاكات الاسرائيلية بحسب نوعها في محافظات الضفة الغربية المحتلة:-
يظهر من الرسم البياني رقم 2 أن المدنيين الفلسطينيين كانوا على رأس قائمة المستهدفين في الضفة الغربية المحتلة من قبل المستوطنين حيث انه في الفترة الواقعة ما بين شهر تشرين أول 2014 وشهر كانون أول من العام 2014, سجل معهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج) 72 انتهاكا بحق المدنيين الفلسطينيين تليها 61 اعتداءا بحق المقدسات الاسلامية والمسيحية والمقامات والاماكن التاريخية وعلى مرأى جيش الاحتلال الاسرائيلي. كما استهدف المستوطنون الاسرائيليون الممتلكات الفلسطينية بأنواعها المختلفة بواقع 44 انتهاكا خلال الفترة السابقة الذكر.
تجدر الاشارة الى أن انتهاكات المستوطنين طالت الاشجار المثمرة الفلسطينية ايضا وخاصة أشجار الزيتون التي تعتبر مصدر دخل رئيسي للكثير من العائلات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة, حيث وانه في الفترة السابق ذكرها, تمكن المستوطنون من اقتلاع وتدمير وحرق ما يزيد عن 400 شجرة مثمرة من الزيتون وغيرها كان أغلبها في محافظتي نابلس وبيت لحم. وكانت درجة الدمار الذي لحق بالأشجار الفلسطينية كبيرة جدا ومتعمدة ايضا حتى لا يتمكن الفلسطينيين من علاج هذه الاشجار أو حتى استخلاص ما يمكن زرعه مستقبلا.
واضافة لما ذكر, فهناك بعض المحافظات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة تم استهدافها من قبل المستوطنين أكثر من غيرها, منها محافظة القدس التي تربعت على عرش باقي المحافظات الفلسطينية من حيث عدد الاعتداءات بواقع 78 انتهاكا في الفترة السابقة الذكر، تليها محافظة نابلس بواقع 34 انتهاكا ومحافظة الخليل بواقع 31 انتهاكا ومحافظة بيت لحم بواقع 27 انتهاكا؛ وتعتبر هذه المحافظات مرتعا للمستوطنات الاسرائيلية المتدينة ويقطنها المستوطنين ذات العقلية الدينية المتعصبة. الرسم البياني رقم 3
ملخص,
يبدو أن حكومة نتنياهو ليست جادة بشأن منع هجمات المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة ولا تبذل جهدا لردع هذه الهجمات التي انهكت الفلسطينيين جسديا ومعنويا وأصبحت تشكل عائقا كبيرا في حياتهم اليومية, بل ان صمتها هذا يشجع المستوطنين على مواصلة انتهاك حقوق الفلسطينيين في جميع محافظات الضفة الغربية المحتلة. واليوم، فإن الفلسطينيين غير قادرين على حماية أنفسهم من هذه الهجمات ولا يشعرون بالأمان في ظل تجاهل جيش الاحتلال الإسرائيلي من اتخاذ التدابير الفورية ضد هذه الهجمات، والتي غالبا تمر دون تعرض المستوطنين للمساءلة أوالعقاب.
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)